درس بعد

الاوامر

درس قبل

الاوامر

درس بعد

درس قبل

موضوع: مادة الأمر و صیغته


تاریخ جلسه : ١٤٠٢/١٠/٤


شماره جلسه : ۴۳

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • تنقیحُ مغزی الکلام النفسيّ في الجمل الإخباریِّة

  • مراجِعةٌ قصیرةٌ لمقالاتِ الأعلامِ الماضین

  • تنویرُ مغزی الکلام النفسيّ في الإنشائیات

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

تنقیحُ مغزی الکلام النفسيّ في الجمل الإخباریِّة
حتی الآن قد فسَّرنا الکلام النفسيّ في الإخباریّات بألوانِ الاحتمالات:

1. إن الکلام النفسيّ هو حصول تصویرٍ في جوف النفس بحیث یَنبَع عن الکلام اللفظيِّ، وقد ضربنا هذا المحتمل بثلاثِ إشکالاتٍ مضت.

2. الکلام النفسيّ هو الطلبُ الإنشائيُّ فحسب، ولکنَّه مرفوض أیضاً إذ الأشاعرةُ قد أقرّوا بالکلام النفسي في الجُملِ الإخباریة و الإنشائیّة معاً.

3. الکلام النفسيّ هو نفسُ مقالةِ المحقِّق الرشتيّ: أي الإقرارُ بالنسبة الحکمیّةِ في النفس والإذعانُ بصورتِها لا بنفسِها، فهذا المحتملُ معقولٌ بل یُطابِق مقالةَ الأشاعرةِ تماماً وفقاً لتأیید المحقّق الاصفهانيِّ أیضاً ولکنّهم وفقاً لهذا المحتملِ سیُواجِهُونَ باعتراضٍ وهو أنَّ هذه الصورةَ النفسیَّةَ تُصبِحُ حادثةً لا قدیمةً قائمةً بالذات، والآن نَستحضر لک عبارة الأشاعرة لکي تَتّضِحَ لک هذه النقطةُ:

إنّ المتكلمَ‏ من‏ قام‏ به‏ الكلام‏ لا من أوجدَ الكلامَ (مضاداً للمعتزلة) و لو فى محلّ آخر للقطع بان موجد الحركة فى جسم آخر لا يسمّى متحرّكا و ان اللّه تعالى لا يسمّى بخلق الاصوات مصوّتا و انا اذا سمعنا قائلا يقول انا قائم سمّيناه متكلّما و ان لم نعلم انه الموجد لهذا الكلام بل و ان علمنا ان موجده هو اللّه تعالى كما هو راى اهل الحق و حينئذ فالكلام القائم بذات البارى تعالى لا يجوز ان يكون هو الحسّى اعنى المنتظم من الحروف المسموعة لانه حادث ضرورة ان له ابتداء و انتهاء فان الحرف الثّانى من كل كلمة مسبوق بالاول مشروط بانقضائه فيكون له اول فلا يكون قديما و الحرف الاول ايضا لمّا كان له انقضاء لا يكون قديما لامتناع طريان العدم على القديم و المجموع المركب منهما ايضا لمّا كان له انقضاء لا يكون قديما و الحادث يمتنع قيامه بذات البارى تعالى.[1]

إذن فالأشعريُّ یری الکلامَ النفسيَّ من نمط الصفاتِ الثبوتیّةِ القائمةِ بالذات الإلهيّ ثمّ أوجدها بالأصوات و الحروف و... بینما المعتزلة قد حصرتِ الکلام النفسيَّ الإلهيَّ في الصفاتِ الفعلیّةِ الإلهیّة فحسب، فمعنی تکلّمِ الله هو إیجادُ الکلام في الخارج فقط.

4. الکلامُ النفسيّ هو نفسُ مقالةِ المحقّق الاصفهانيِّ بأنه صفةٌ قائمةٌ بالذات موجودةٌ بنفسِها لا بصورتِها فالنفسُ تُحقّقُ نفسَ الصفة الکلامیّةِ في باطنها وتُعطیها وجوداً نوریّاً في جوفِها، فلا تَخلُقُ تصویرَ الکلام فحسب، ثمَّ أیّدَ المحققُ الاصفهانيُّ هذا المحتملَ -للکلام النفسيّ- بأنه أمر معقولٌ من جانبِ الأشعريِّ إلا أنّ عقلَ الأشعريَّ لم یَتوصَّل إلی هذا الاحتمال فلم یَقصُدها أساساً بل ظاهرُ کلامِهم هو ما تفوّه به المحقّق الرشتيّ.

و نَعترضُ طریقَ المحقّق الاصفهانيَّ بأنّ الأشعريَّ قد فسّرَ الکلامَ النفسيَّ بالصفة القائمةِ بالذات فلم یُقیِّدها "بنفسِها" لکي یُواجِهَ الإشکالَ بأنّ تواجدَ نفسِ الصفةِ في النفس لا یَقعُ مدلولَ اللفظِ، فبالتالي إن المحقق الاصفهانيّ لم یَستدلّ علی بطلانِ تفسیر المحقّق الرشتيّ بأنّ الکلامَ النفسيَّ هو الإقرارُ بالنسبة الحکمیّة المتصوّرةِ في النفس، ولهذا فینحصرُ مَرامُ الأشاعرةِ في هذه النسبةِ الحکمیّة ثمّ یُعترَضُ علیهم بأنها حادثةٌ.

فلو دافعَ المحقّقُ الاصفهانيُّ -بأن الکلام النفسيَّ یُعدّ قدیماً قائماً بالذات فیَجب افتراضُ وجودِ الصفةِ القدیمةِ لا صورتِها إذ الصورةُ تُعدّ من الکیفیّات النفسانیّة العارضیةِ فتُصبحُ زائدةً علی الذات، ولهذا افترضنا تواجدَ نفس الصفةِ لکي لا یَردَ الإشکال- لأجابَته الأشاعرةُ وفقاً لتصریح المحقّق الرشتيّ، بأنّا نَعتقدُ حضورَ صورة الصفة الکلامیّة ضمن النفس وفی نفس الحین نَعُدَّها قدیمةً أیضاً.

نعم، هذا التناقُضُ -صورةُ الصفة مع قِدَمِها- هو نفسُ الإشکالِ المُوجّهِ إلیهم بأنه کیف یعتقدُ الأشعريُّ بقِدَمِ الصفةِ وفی نفس الحین تُتصوَّر من الکیفیات العارضةِ فهذا یَستتبعُ زیادةَ الصفةِ علی الذات الإلهيِّ، ففي الحقیقةِ، هذا التهافُتُ هو ما نراه في کلامهم، بینما المحقّقُ الاصفهانيّ قد فسره وفقاً لمَبناه -حضور نفس الصفة الکلامیّة في النفس- ثمّ قالَ بأن الأشعريَّ لا یَستوعبُ عقلُه ذلک، إلا أنّ ظاهرَ کلامهِم هي النسبةُ الحکمیة التصوریّةُ فیَرِدُ علیهم الإشکالُ -حدوثُ هذه الصفة-.

مراجِعةٌ قصیرةٌ لمقالاتِ الأعلامِ الماضین
لقد أسلفنا مسبقاً بأنّ الذي یُقرّ باالکلام النفسيِّ فعلیه أن یُغایِرَ ما بین الطلب و الإرادة بینما الذي یَعتقد بتغایرهما لا یَلزمه الإقرارُ بالکلام النفسيّ کما سجّله السیدُ البروجرديّ و المحقّق النائینيِّ حیث قد صَدَّ طریقَ الآخوند القائلِ بأنّ الجملةَ الخبریّةَ لیست سوی النسبَةَ و الجملةَ الإنشائیّةَ لیست عدا الإرادةَ، بینما المحقّقُ النائینيُّ قد استحضَرَ وِجدانَه بأنه: لا ينبغي الإشكال في أنّ هناك وراء الإرادة أمر آخر (خلافاً للشیخ الآخوند) يكون هو المستتبعَ لحركة العضلات و يكون ذلك من أفعال النّفس، و إن شئت سمّه بحملة النّفس، أو حركة النّفس، أو تصدّى النّفس، و غير ذلك من التّعبيرات.(و هو الطلب)

فرغمَ أنّ هجمةَ النفس في الإنشائیاتِ تُساوِقُ الکلامَ النفسيَّ لأنها صفةٌ نفسانیّةٌ ما وراءَ العلم و الإرادة، إلا أن المحقّقَ النائینيّ قد تفطّنَ إلی مُستهدَفِ الأشاعرة من الکلام النفسيّ بأنه صفةٌ ذاتیّةٌ قائمةٌ بالنفس بینما تحریکُ النفس و... لیست صفةً ذاتیّةً.

وتنقیحاً أحری لمَنويّ الأشعريِّ نقول بأنهم بدایةً قد طبّقوا الکلامَ النفسيَّ علی الذاتِ الإلهيّ ثم طبقوه علی الإنسانِ في جملاتِه الخبریّة و الإنشائیّة فإنّها تُعدّ کلاماً نفسياً لأن هذه الجُمَل تَستَبطنُ الإقرارَ الباطنيَّ بالنسبة الحکمیّة بتصویرها لا بوجودها، فهذا الإقرارُ یُعدّ کیفاً انفعاليّاً أو کیفاً فعلیّاً من مخلوقات النفس، ولهذا سیَدُلّ علیه اللفظُ إلا أنّه لیس بقدیمٍ ذاتيٍّ -مُضادّاً للأشاعرة-.

إذن ثمةَ تمایزٌ ما بین النسبة الحکمیّة التي هي متعلقُ الإقرارِ النفسيِّ وبین نفس إقرار النفس، وذلک وفقاً لتصریح المحقّق الاصفهانيّ:

و على أيّ حال فلا ربط له بنفس الإقرار النفسيّ و الكلام‏ في‏ النسبة (الحکمیة) المتعلّق‏ بها الإقرار الّذي هو فعل من أفعال النّفس، و ما نقول بدلالة الجملة عليه بنفسها أو بضميمة أمر آخر نفس النسبة و هي لها شئون من كونها متصوّرة و مرادة، و متعلّقاً لإقرار النّفس بها، و ما يجدى الأشعري و يكون التزاماً بالكلام النفسيّ، كون الحكم و الإقرار المزبور مدلولًا للجملة و قد عرفت استحالته (لأنه وجود محض)

وفي نهایة المَطاف لو افترضنا الکلام النفسيَّ من نمطِ فعل النفس و مخلوقها في الباطن لتعقّلناه تماماً و لکنه یُواجِهُ مُعضَلَتین:

1. أنّ الکلام النفسيَّ سیُعدّ حادثاً.

2. ولا یقع مدلولاً للکلام اللفظيِّ لأنه وجودٌ محضٌ فلا یدل علیه اللفظ نظیر العلم الحضوريّ.

ولهذا قد اکتشفنا أن هذا المُفترَضَ -المحقّق الاصفهانيّ- لیس مرادَ الأشاعرةِ إذ قد صرّحوا بأن الکلامَ النفسيَّ یقعُ مدلولَ الکلام اللفظيّ وقدیميٌّ ذاتيٌّ.

ولکن قد استَشکَلنا علیهم وفقَ ظاهرِ مقولتِهم بأنّ الکلام النفسيّ یُساوي النسبةَ الحکمیّة المتصوَّرةَ في النفس لا بوجودها فهذا معقولٌ أیضاً ولکنّهم قد عَجَزوا عن تسجیلِ قِدَم الکلامِ النفسيِّ و ذاتیّتِه بهذا المعنی.

تنویرُ مغزی الکلام النفسيّ في الإنشائیات
منذ قلیل قد تحدّثنا حول الجملة الإخباریة والآن سنُناقِشُ حقیقةَ الجملة الإنشائیة، فقد تشکّلت عدةُ مبانٍ حول حقیقتِها إذ:

1. المشهورُ یَعتقد بأنّ الإنشاء هو إیجاد المعنی باللفظ في عالم الاعتبار.

2. والمحقّق الآخوند یُقرّ بأنه إیجاد المعنی باللفظ في نفسِ الأمر لا في عالم الاعتبار.

3. و المحقّقُ الاصفهانيّ یری أن الإنشاءَ هو وجودُ المعنی باللفظ لا الإیجاد.

4. والسیّد الخوئيّ یراه إبرازَ الاعتبار النفسانيِّ.

والأشاعرة تَعتقدُ بأن وراءَ الإرادة و الطلب یوجَدُ عنصرٌ ثالث یسمی بالکلام النفسيِّ.

------------------
[1] شرح المقاصد للتفتازنيّ جلد 4 ص147


الملصقات :


نظری ثبت نشده است .