درس بعد

الاوامر

درس قبل

الاوامر

درس بعد

درس قبل

موضوع: مادة الأمر و صیغته


تاریخ جلسه : ١٤٠٢/١٠/٩


شماره جلسه : ۴۵

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • تفنیدُ مقالةِ الشیخ الآخوند

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

تفنیدُ مقالةِ الشیخ الآخوند
في الجَلَسةِ الماضیةِ قد استَنتَجنا من تصریح الشیخ الآخوند بأنه قد أفاضَ شقّاً خامساً من أنواعِ الإنشائیّات وهو أنّ الطلبَ یُنشَأُ في نفس الأمر ویُصبحُ منشأَ انتزاعِ الملکیّة و... فالناتجُ هو أنّ الطلبَ إمّا تکوینيٌّ بأن یَمدَّ یدَه فیَستَلِمَ شیئاً وإما طلبٌ مفهوميٌّ و إما طلبٌ لفظيٌّ، و إما طلبٌ مکتوبيٌ و إما طلبٌ إنشائيٌّ في نفس الأمر، ثمّ هاجَمناه بهَجَماتٍ عِدّةٍ ونُکمِلُها الیوم:

1. بأنّ مقالتَه یَنجرُّ إلی اتّحاد عملیّةِ الإنشاء مع نفسِ المُنشأِ إذ الآخوند قد اتَّخذَ الوجودَ الإنشائيَّ في عالمِ "نفس الأمر" شقّاً خامساً وهذا یعني أن لفظةَ "بعتُ" التي تُنشِأُ الملکیةَ قد اندمَجت مع نفس المُنشأ -الملکیّةِ- في نفس الأمر فأصبحا شیئاً موحّداً في ذاک الأفقِ، بینما ببرکةِ الوجدانِ قد وَجدنا تغایرَهما تماماً، فکما أنّ نفسَ الإخبارِ یَمتازُ عن المخبَرِ عنه فکذلک تَنفکُّ عملیّةُ الإنشاء عن نفس المُنشأِ.

2. أساساً إنَّ عملیّةَ الإنشاءِ أو الإخبارِ تُعدُّ أمراً عرفیّةً تماماً بلا عُلقةٍ للعقل ولهذا العقلاءُ یَرونَ الإنشاءَ من مُواصَفاتِ اللفظِ لا المعنی، بینما الآخوندُ قد أدرجَ الإنشاءَ ضمنَ عالمِ المعنی قائلاً: و أمّا الصيغ الإنشائيّة فهي- على ما حقّقناه في بعض فوائدنا- موجدةٌ لمعانيها في نفس الأمر أي‏ قصد ثبوت‏ معانيها و تحقّقها بها و هذا نحو من الوجود (وهو قسمٌ خامسٌ) و ربما يكون هذا (اللفظ الإنشائيّ) منشأً لانتزاع اعتبار مترتّبة عليه (اللفظ)- شرعا و عرفا- آثار. بینما المرتکزُ العقلائيُّ یأبی ذلک.[1]

3. وفقاً لتصریحِ الآخوند بأنّ الوجودَ الإنشائيَّ یَقعُ موضوعاً للملکیّةِ الاعتباریَّة، سیَتکَوَّنُ هنا وجودانِ للملکیّةِ: ملکيّةٍ إنشائیّةٍ و ملکیّةٍ اعتباریَّةٍ، بینما العرفُ حینما یَستَخدِمُ "بعتُ" لا یَخلُقُ سوی ملکیّةٍ مُنفردة، فالوجودُ الإنشائيُّ لا یُولّدُ ملکیّةً اعتباریّة أخری لکي یَتشکَّلَ وجودانِ لعنصرٍ فارد، فکنموذَجٍ لذلک لاحظ إخبارَ أو إنشاءَ الملکیّة من جانبِ الصبيِّ أو المجنونِ حیث إنهما کالعدمِ بلا أثرٍ لهما أساساً في الساحةِ العرفیّةِ، لا أنّ إنشائَهما یُنشأُ الملکیّةَ ثم تقعُ الملکیةُ مُنعدِمةً.

و امتداداً لهذه الإشکالیَّاتِ قد نهجَ المحقّقُ الاصفهانيُّ منهجةً قد حقَّقَها بنفسه ثمَّ استَشکلَ علی أستاذه وفي النّهایةِ مَجَّدَ تحقیقَه تمجیداً، ولهذا قد ابتَدَأَ التعلیقةَ علی الکفایةِ قائلاً:

بل التحقيق أنّ "وجودها وجود معانيها في نفس الأمر" بيانُه أنّ المراد من ثبوت المعنى باللفظ:

1. إمّا أن يُرادَ ثبوته (المعنی) بعين ثبوت اللفظ بحيث يُنسب الثبوتُ إلى اللفظ بالذات و إلى المعنى بالعرض (فهنا وجودان: وجودٌ یَنتسِبُ إلی اللفظ و وجودٌ یَنتَمي إلی المعنی، ولکن من زاوِیَتینِ مختلِفَتَین)

2. و إمّا أن يُراد ثبوتُه منفصِلًا عن اللفظ بآليّةِ اللفظِ بحيث يُنسَبُ الثبوتُ إلى كلّ منهما بالذات (فهنا وجودٌ منفرد).

لا مجالَ للثاني إذ الوجود المنسوب للماهيّات بالذات لابدَّ من أن يكون في أحد الموطنين من الذهن و العينَ، و وجودُ المعنى بالذات في الخارج يتَوقَّف على حصول مطابِقَة في الخارج، أو مطابِقِ ما يُنتزَعُ عنه، و الواقع خلافُه إذ لا يوجد باللفظ مُوجَداً آخرَ يكون مطابِقاً للمعنى أو مطابقاً لمنشإ انتزاعِه (فبِعتُ لا خارجَ له) و نسبة الوجود بالذات إلى نفس المعنى مع عدم وجود مطابقه أو مطابق منشائه غير معقول

و وجوده في الذهن (یتحقّق) بتصوُّرِه لا بعليّة اللفظ لوجوده الذهني (فلا نحتاج إلی سببٍ خارجيّ) والانتقال من سماع الألفاظ إلى المعاني لمكان الملازمة الجعليّة بين اللفظ و المعنى مع أنّ ذلك ثابت في كلّ لفظ و معنى و لا يختص بالإنشائي فالمعقول من وجود المعنى باللفظ هو الوجه الأوّل، و هو أنّ ينسب وجود واحد إلى اللفظ و المعنى بالذات‏ في الأول و بالعرض في الثاني، و هو المراد من قولهم إنّ الإنشاء: قولٌ قصِدَ به ثبوتُ المعنى في نفس الأمر، و إنّما قيَّدُوه بنفس الأمر، مع أنَّ وجودَ اللفظِ في الخارج وجود للمعنى فيه أيضاً بالعرض (أي معنیً في نفس الأمر) تنبيهاً على أنّ اللفظ بواسطة العلقة الوضعيّة (هو) وجود المعنى تنزيلاً في جميع النَشَئَات (حتی في الأحلامِ حیث لا صوتَ ولکن فیها وجودٌ تنزیليٌ للمعنی) فكأنّ المعنى ثابتٌ في مرتبة ذاتِ اللفظ بحيث لا ينفكّ عنه في مرحلة من مراحل الوجود (لکثرةِ استعماله في اللفظ فکأنما قد اندّکا في بعضهما) و المراد بنفس الأمر: حدُّ ذاتِ الشي‏ءِ (ففي ذات الألفاظ قد اُدرجَ المعنی) من باب وضع الظاهر موضع المضمر.

وتنویراً لمقالتِه النبیلةِ، نقولُ بأنّ اللفظَ یُعدّ وجوداً لفظیّاً لذاک المعنی المکنونِ ولهذا لا یَجمعُ اللفظُ وجودینِ في نفسه کما زعمه الآخوندُ و المشهور حیث قالوا بأنّ الإنشاءَ هو إیجاد المعنی باللفظ، فقد تصوّروا للمعنی وجوداً و للفظ وجوداً آخرَ، بینما هو غیر معقول، بل یَنصُّ المحقق الاصفهانيّ بأنّ وجود اللفظ یَتنزّلُ منزلةَ المعنی فیتجلّی وجودٌ اللفظيٌّ ذاتاً ووجودٌ معنائيٌّ عَرَضاً، وعلی ضوئه قد اتّضحَ لک أن حقیقةَ الإنشاءِ نفسُ الوجودِ التنزیليِّ للفظِ منزلةَ المعنی، بینما المشهور و الآخوند قد ظنّا أنّ للفظِ وجوداً ذاتیّاً و أنّ للمعنی وجوداً عرضیّاً ولکنّا قد بَرهَنّا مسبقاً بأنّ في باب الألفاظ لیس هناک وجودان، لأنه غیرُ معقول، بل المعقولُ ما حرّرناه للتّوّ، و هذه هي حقیقةُ الإنشاء أعني: أنّ اللفظَ یتمتّعُ بوجود تنزیليٍّ للمعنی، فحینئذ لا یَتفاوَت الحالُ بأن نعتقدَ بأنّ الإنشاءَ یَنجلي في الکتابة أو الخارج أو الذهن أو نفس الأمر أو...، ثمّ إنّ المحقّقَ یُکملُ الحوارَ قائلاً:

فان قلت: هذا الطلبُ (التنزیليّ باللفظ) جار في جميع الألفاظ بالنسبة إلى معانيها من دون اختصاصٍ بالإنشائيّات.

قلت: (نعم من جهة أنّ اللفظَ منزّلٌ منزلةَ المعنی فلا تَمایزَ بینهما، إلا أنّ) الفرق أنّ المتكلّم:

1. قد يتعلّق غرضُه بالحكاية عن النسبة الواقعة في موطنِها باللفظ المنزَّل منزلتُها.

2. وقد يتعلّق غرضُه بإيجاد نفس هذه النسبة المتعلّقةِ بالملكيّةِ، و هيئة بعث وجود تنزيلي لهذه النسبة الإيجاديّة القائمة بالمتكلّم و المتعلّقة بالملكيّة: 1. فقد يقصد وجود تلك النسبة خارجاً بوجودها التنزيلي الجعلي اللفظي فليس وراء قصد الإيجاد بالعرض و بالذات أمر آخر و هو الإنشاء. 2. و قد يقصد زيادة على ثبوت المعنى تنزيلًا الحكاية عن ثبوته في موطنه أيضا، و هو الإخبار، 3. و كذلك في صيغة افعل و أشبهها، فانّه يقصد بقوله اضرب ثبوت البعث الملحوظ نسبته بين المتكلّم و المخاطب و المادّة فيوجد البعثَ في الخارج بوجوده الجعلي التنزيلي اللفظي (لکلمة اضرب) فيترتّب عليه إذا كان من أهله، و في محلّه ما يترتّب على البعث الحقيقي الخارجي مثلًا، و هذا الفرق بلحاظ المقابلة بين المعاني الخبريّة و الإنشائيّة فلا ينتقض باستعمال الألفاظ المفردة في معانيها (کالماء) فانّها كالإنشائيّات من حيث عدم النّظر فيها إلّا إلى ثبوتها خارجاً ثبوتا لفظيّاً، غاية الأمر أنّها لا يصحّ السكوتُ عليها بخلاف المعاني الإنشائيّةِ المقابلة للمعاني الخبريّة (فکلاهما یصح السکوتُ فیهما) و هذا أحسن‏ ما يتصوّر في‏ شرح‏ حقيقة الإنشاء و عليه بحمل ما أفاده أستاذنا العلّامة لا على أنّه نحو وجود آخر في قبال جميع الأنحاء المتقدمة (فلیسَ شقّاً خامساً إذن) فانّه غير متصوّر.[2]

ففي الختام، إنّ ظاهرَ مقولةِ االآخوند عدیمُ التعقُّل، إذ لفظةُ "بعت" وجود واحد: لفظيٌّ أولاً وبالذات، ومعنائيٌّ ثانیاً وبالعرض بالمعنی، فلیس هناک وجودان، نعم إنّ الوجوداتِ الخارجیّةَ ربما تتمتّعُ بوجودین: خارجيٍّ و ذهنيٍّ في آنٍ واحد، إذ إنَّ زید، له وجودٌ مطابقيٌّ للخارج و مطابقيٌّ في الذهن ، بینما الوجودات الذهنیّةُ و کذا الإنشائیّاتُ تَحظی بوجود فارد هو تصوّرها الذهنيٌّ فحسب.

ثم استنتجَ المحقّقُ ثلاثَ نتائجَ قائلاً:

و ممّا ذكرنا في تحقيق حقيقة الإنشاء تعلم أنّ تقابل الإنشاء و الأخبار ليس تقابل مفاد كان التامّة و مفاد كان الناقصة نظراً إلى الإنشاء إثبات المعنى في نفس الأمر و الإخبار ثبوت شي‏ء لشي‏ء تقريراً و حكايةً، و ذلك لأنّ طبع الإنشاء كما عرفت لا يزيد على وجود المعنى تنزيلًا بوجوده اللفظي، و هو قدر جامع بين جميع موارد الاستعمال فانّ القائل [بعت‏] اخباراً أيضا يوجد معنى اللفظ بوجوده العرضي اللفظي، و الحكاية غير متقوّمة بالمستعمل فيه بل خارجة عنه فهي من شئون الاستعمال، بل الفرق أنّهما متقابلان بتقابل العدم و الملكة تارةً، و بتقابل السلب و الإيجاب أخرى، فمثل "بعت‏" و أشباهه من الجمل المشتركة بين الإنشاء و الأخبار يتقابلان بتقابل العدم و الملكة لأنّ المعنى الّذي يوجد بوجوده التنزيلي اللفظي قابل لأنْ يحكى به عن ثبوته في موطنه فعدم الحكاية و التمحض فيما يقتضيه طبع الاستعمال عدم ملكة و مثل "افعل‏" و أشباهه المختصة بالإنشاء عرفاً يتقابلان تقابل الإيجاب و السلب إذ المفروض أنّ البعث الملحوظ نسبة بين أطرافها نظير البعث الخارجي غير البعث الملحوظ بعنوان الماديّة في سائر الاستعمالات كما سمعت منّا في أوائل التعليقة فمضمون صيغة اضرب مثلًا غير قابل لأن يحكى به عن ثبوت شي‏ء في موطنه بل متمحض في الإنشائيّة و عدم الحكاية حينئذ من باب السلب المقابل للإيجاب.

و ممّا ذكرنا ظهر أنّ إبداء الفرق بينهما بأنّ مفاد الإنشاء يوجد و يحدث بعد أن لم يكن، و مفاد الأخبار يحكى عمّا كان أو يكون، غير تامّ أيضا فانّ وجود المعنى باللفظ و حدوثه به مشترك بين الإنشاء و الاخبار و إنّما يزيد الاخبار عليه المورد القابل بجعله حاكياً و مرآة لثبوت المضمون في موطنه كما أنّه اتّضح من جميع ما ذكرنا أنّ الإنشاء لا دخل له بإيجاد شي‏ء في النّفس و إن كان معقولًا لكن إيجاده خارجي بنحو التنزيل و بالعرض لا بالحقيقة و بالذّات لأنّ إيجاده في النّفس و إن كان معقولًا لكن إيجاده باللفظ غير معقول فلا يكون معنى إنشائيّاً.

-------------------
[1] ولکن ربما نصونُ مقالة الآخوند بأنّه یودّ إثباتَ أنّ الإنشاءَ متفرّعٌ علی المعنی الکامن في نفس الأمر ثم یأتي المتحدّثُ و یُنشأُ تلک المعانيَ المکنونةَ من نفس الأمر إلی عالم الخارج ولهذا استخدم کلمةَ "تحقّقها" أي وقوعُها خارجاً ولهذا إنّ الجارَ و المجرورَ "في نفس الأمر" متعلّقٌ بکلمة "معانیها" مما یعني أنّ نفسَ المعاني مُختبِأةٌ ضمن عالم نفس الأمر، فأبانَها اللفظ و حقّقها خارجاً، ولهذا لا یتکوّنُ شقّ خامسٌ من کلام الآخوند.
[2] نهاية الدراية في شرح الكفاية ( طبع قديم )، ج‏1، ص: 191


الملصقات :


نظری ثبت نشده است .