درس بعد

الاوامر

درس قبل

الاوامر

درس بعد

درس قبل

موضوع: مادة الأمر و صیغته


تاریخ جلسه : ١٤٠٢/١٠/١٦


شماره جلسه : ۴۹

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • مُعالجةُ مقالةِ السید الخوئيّ

  • إشکالیّاتٌ عِدَّة علی اتّجاه السیّد الخوئيّ

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

مُعالجةُ مقالةِ السید الخوئيّ
لقد تبنّی السیّدُ الخوئيُّ -حول حقیقةِ الإنشاء- بأنَّه إبرازُ الاعتبار النفسانيِّ و نراه قد استَخدَمَ هذه المنهجیَّةَ في الفقه کثیراً، فهذا الإبرازُ في إطارِ الإخبار هو نفسُ إظهارِ الحکایة و في نطاقِ الإنشائیّاتِ إظهارُ الإرادة النفسانیّةِ، و أمامَک نصُّ عبارتِه:

إذا عرفت ذلك فنقول: قد ظهر ممّا قدّمناه أنّ الجملة الإنشائية- بناءً على ما بيّناه من أنّ الوضع عبارة عن التعهد والالتزام النفساني- موضوعة لابراز أمر نفساني خاص (کما اعتقده المحقق الهمدانيّ) فكل متكلم متعهد بأ نّه متى ما قصد إبراز ذلك يتكلم بالجملة الإنشائية، مثلًا إذا قصد إبراز اعتبار الملكية يتكلم بصيغة بعت أو ملكت، وإذا قصد إبراز اعتبار الزوجية يبرزه بقوله: زوّجت أو أنكحت، وإذا قصد إبراز اعتبار كون المادة على عهدة المخاطب يتكلم بصيغة إفعل ونحوها، وهكذا، ومن هنا قلنا إنّه لا فرق بينها وبين الجملة الخبرية في الدلالة الوضعية والابراز الخارجي، فكما أ نّها مبرزة لاعتبار من الاعتبارات كالملكية والزوجية ونحوهما، فكذلك تلك مبرزة لقصد الحكاية والاخبار عن الواقع ونفس الأمر.

ثمَّ رفض مُعتقَدَ المحقّقِ الاصفهانيِّ حولَ "تنزیل اللفظ منزلةَ المعنی ذاتاً" بأنّ حقیقةَ الإنشاءِ لا یَنحصِرُ في مسلک التنزیل، فإنّ خصوصیاتِ المعنی کالحسن و القبح المعنائيِّ، تَسري إلی اللفظ حتی وفقاً لغیر مسلک التنزیل، إذ الذي یُعدّي خصالَ المعنی إلی اللفظ هي الدلالة بحیث إنّ علقةَ الدلالة ما بین اللفظ و المعنی تُشکّلُ ترابُطاً حکیماً ما بینهما فتتعدّی مواصفاتُ المعنی إلی اللفظ أیضاً، فلا ینحصرُ تفسیرُ الإنشاء علی فکرةِ التنزیل، نعم وفقاً لفکرة التنزیل یُعدُّ وجودُ اللفظ عینَ وجود المعنی فتَتَسرّی الخصوصیات أیضاً ولکن هناک سُبلٌ أخری أیضاً کالدلالة کما بیَّنّا ذلک.

ثم استَشکلَ السیّد الخوئيُّ علی المحقق الآخوند قائلاً:

فتحصّل‏ ممّا ذكرناه: أ نّه لا وجه لما ذكره المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) من أنّ طبيعي المعنى في الإنشاء والاخبار واحد، وإنّما الاختلاف بينهما من ناحية الداعي إلى الاستعمال، فانّك عرفت اختلاف المعنى فيهما، فانّه في الجملة الخبرية شي‏ء (مبرزٌ لقصد الحكاية والاخبار عن الواقع) وفي الجملة الانشائيّةِ شي‏ء آخر (مبرِزٌ للإرادةِ في الاعتبارات كالملكية والزوجية فلیس الإنشاء و الإخبارُ مُتّحِدَینِ في طبیعيِّ المعنی).

وممّا يؤكّد ما ذكرناه: أ نّه لو كان معنى الانشاء والاخبار واحداً بالذات والحقيقة، وكان الاختلاف بينهما من ناحية الداعي، كان اللازم أن يصح استعمال الجملة الاسمية في مقام الطلب كما يصح استعمال الجملة الفعلية فيه، بأن يقال: المتكلم في الصلاة معيد صلاته‏، كما يقال إنّه يعيد صلاته أو إنّه إذا تكلم في صلاته أعاد صلاته، مع أ نّه من أفحش الأغلاط، ضرورة وضوح غلطية استعمال "زيد قائم" في مقام طلب القيام منه، فانّه ممّا لم يعهد في أيّ لغة من اللغات.نعم، يصح إنشاء المادة بالجملة الاسمية، كما في جملة أنت حر في وجه اللَّه أو هند طالق، ونحو ذلك.[1]

ثم عرَجَ السیّد الخوئيُّ إلی الکلام النفسيِّ المجلّد التالي حیث قد هاجمَ حقیقةَ الکلامِ النفسيِّ بأنّه لا واقعَ لهذا الکلام لا وفقَاً لمَنهَجِ المشهور و لا وفقاً لمَنهجِ إبرازِ الأمر النفسانيِّ، و إلیکَ مقالتَه في هذا المیدان:

بعد ذلك نقول: ان مدلول الجمل الإنشائية على كلتا النظريتين ليس من سنخ الكلام النفسيّ عند القائلين به:

1. اما على نظرية المشهور فواضح، لما عرفت من ان الكلام النفسيّ عندهم (الأشاعرة) عبارة عن 1.صفة قائمة بالنفس في مقابل سائر الصفات النفسانيّة، 2.و قديم كغيرها من الصفات الأزلية، و بطبيعة الحال إن إيجاد المعنى باللفظ فاقد لهاتين الركيزتين معاً: أما الرّكيزة الأولى فلأنه (إیجاد المعنی باللفظ) ليس من الأمور النفسانيّة، ليكون قائماً بها. و اما الثانية فلفرض انه حادث بحدوث اللفظ، و ليس بقديم.

2. و اما على نظريتنا فأیضاً الأمر كذلك، فإن إبراز الأمر الاعتباري ليس من الأمور النفسانيّة أيضاً، فالنتيجة لحدّ الآن أنه لا يعقل في موارد الجمل الخبرية، و الإنشائية ما يصلح‏ ان‏ يكون‏ من‏ سنخ‏ الكلام‏ النفسيّ‏، و من هنا قلنا أنه لا يخرج عن مجرد وهم و خيال، فلا واقع موضوعي له.[2]

إذن فنَجمَعُ الآراءَ المُستخَلَصةَ ضمنَ الأرقامِ التّالیةِ:

1. المشهور: إیجاد المعنی باللفظ في عالمِ الاعتبار.

2. المحقّق الآخوند: إیجاد المعنی باللفظ في نفس الأمر

3. المحقّق الاصفهانيّ: اللفظُ وجودٌ تنزیليٌّ للمَعنی.

4. السیدُ الخوئي: إظهارُ الاعتبار النفسانيِّ. وکذلک الشیخُ الحائريُّ، و قد استَحضَرنا عَبائِرَهم بأسرِها مسبقاً فلاحِظها.
 
إشکالیّاتٌ عِدَّة علی اتّجاه السیّد الخوئيّ
1. إنّ السیّدَ الخوئيَّ قد بنی نَظرِیَّتَه في بابيِ الوضعِ و الإنشاءِ علی "قصدِ الاعتبارِ الشخصيِّ في النّفس" حیث قد عبّرَ عن الوضعِ بالتعهد ما بین الطرفین، سواءٌ قد تَعاهَدَه و اعتبرَه المولی العرفيُّ أو اللهُ سبحانَه، إذن فلو خلَقَ الإنسانُ في نفسه اعتباراً شخصیّاً ثمّ أبرَزَه عبرَ الکلماتِ لأصبحَ هذا الإبرازُ هو نفسَ الإنشاءِ، بینَما نُلاحظُ علیه بأنّ توقُّفَ الإنشاء علی الاعتبار الشخصيّ لا یَصدُق بالنسبةِ إلی الله تعالی فإنّه سبحانَه لا یُضاهینا بأن یُلاحظَ شیئاً في نفسه في البدایةِ ثمّ یُبرزُه في نفسِ النبيّ أو الإمام، نعم ربما یَحدُثُ ذلک الاعتبارُ الشخصيُّ في نفوس العقلاء حیث یتصوّرونَ الشیئَ ثم یَشتاقونَه ثم یُصدّقونه ثمّ یُریدونَه ثمّ یُنشأوُنَه بالألفاظ خارجاً، ولکنّ هذا الأسلوبَ الإنشائيَّ لا یَتوقّفُ دوماً علی قصد الاعتبارِ في جوف النفس، بل ربما أنشأَ عقداً من دونِ أن یَلتفِتَ في باطنِه إلی القصد، إذن فاستحضارُ النیّةِ و القصد لا یُعدّ رکناً في الإنشائیّات و اعتبار الأشیاء فلو تلفّظَ بلفظةِ "بعتُ" لتکوّنَ البیعُ تلقائیّاً بل قصد الإیجاد في النفس الباطنيّ.

2. إنّ نَهجَه یَصطدِمُ مع المُرتَکزَاتِ العرفیّة في أفقِ الوضع و الإنشاء، إذ المحورُ هي الرؤیةُ المتعارَفةُ بینما العرفُ لا یُنشأُ بهذا الأسلوب إذ حینما یَتفَوَّهُ ب"بعتُ" فلا یتعاهدُ مع الطرفِ المقابلِ ولا یُبرزُ أمراً نفسانیّاً مقصوداً في الذهن بل وفقاً لمیرزا النّائینيِّ -حیث قد رَفضَ السببیّةَ و المسبَبیّةَ للألفاظ- إنّ الألفاظَ تُعدُّ موضوعاً لتحقّق اعتبار الملکیة بحیث تُوفِّرُ ظرفَ المعنی فحسب، لا أنّ الواضع قد تعاهَدَ مع الناس حین الوضع ثمَّ أبرزَ أمرَه النفسانيَّ خارجاً، إذن فالعرفُ لا یُجبرُ المُنشأَ لکي یَعتبِرَ أمراً شخصیّاً في نفسه مع مخاطبِه، نعم أحیاناً یَعتبر المعتبرُ أمراً في نفسه ثمّ یقصدُه ثمّ یُبرِزُه.

3. إنَّ سنخیّةَ الإنشاءِ و الخبرِ تُعدُّ من أوصاف اللفظِ کلیتَ و لعلَّ و صیغةُ افعل أو فَعلَ أو زیدٌ قائمٌ، بینَما وفقاً لمُعتقدِ السیّد الخوئيِّ ستُصبحُ هویّةُ الإنشاءِ و الإخبارِ من أوصاف المعنی لأن السیّدَ قد أوحَدَ ما بینهما في نقطةِ "إبرازِ الأمر النفسانيِّ" فکلا المنشأُ و المخبرُ مُبرزانِ لمعنی محدّدٍ باطنيٍّ إلا أنّ المُنشأَ یُبرزُ الإرادةَ و المخبرَ یُبرزُ الحکایةَ.

4. لو دقّقنا في تفسیرِ المشهور بأنّ الإنشاءَ هو "إیجادُ المعنی باللفظ" للاحظنا موافقتَه للمعنی اللغويِّ فإنّهم قد فسّروا الإنشاءَ و الإخبارَ بهذه الصِّیاغةِ، بینَما منهجةُ السیّد الخوئيِّ لا تُرافِقُ المعنی اللغويَّ في الإنشاء و الإخبار، فبالتالي، إنّا وفقاً للمشهور نجِدُ إیجاداً للمعنی بواسطةِ اللفظ بینما السیّدُ قد استَنکَرَ الإیجادَ من أساسِه بحیث یری الإنشاءَ و الإخبارَ إبرازاً فحسب.

5. إنّ الباءَ الجارّةَ في تعریف المشهور "إیجادُ المعنی باللفظ" لیسَ باءَ السبَبیَّةِ کي یُزعمَ منه الإیجادُ التکوینيُّ للمعنی ثمّ یَعتريَ الإشکالُ علی المشهور کما زعمه السیّد الخوئيُّ أیضاً، بل الباءُ للاستعانةِ -أو السببیةِ بمعنی جزءِ العلّة- فإنّ المشهورَ یَعتقدُ بأنّ العقلاءَ بعونِ اللفظِ یُهیِّأوُنَ ظرفَ المعنی في عالم الاعتبارِ لا الإیجاد بلون العلیّةِ التامّةِ في الخارج کما زعمه المعترضون، إذن فطاقةُ الموجِدِ اللفظيُّ هو بحدِّ المقتضي للموضوع -جزءِ العلّةِ- في عالم الاعتبار وذلک نظراً إلی البرهانِ العقليِّ الشهیرِ بأنَّ اللفظَ لا یُعدُّ في سلسلة عللِ خلقِ المعنی، فبالتالي، ثمّةَ تمایزٌ ما بین الخبر و الإنشاءِ حیث إنّ المخبرَ لا یُولّدُ شیئاً بل یَقُصّ ما حادثَ بینما المُنشأُ یَخلُقُ اعتباراً و یُنشأُ موضوعَ الحکم الشرعيّ کالملکیة و... .

--------------------
[1] محاضرات فى أصول الفقه ( طبع موسسة احياء آثار السيد الخوئي )، ج‏1، ص: 100
[2] محاضرات في أصول الفقه ( طبع دار الهادى )، ج‏2، ص: 24

الملصقات :


نظری ثبت نشده است .