درس بعد

الاوامر

درس قبل

الاوامر

درس بعد

درس قبل

موضوع: مادة الأمر و صیغته


تاریخ جلسه : ١٤٠٢/٩/١٢


شماره جلسه : ۳۴

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • مواصَفاتُ صرفِ الوجود هي عینُ ذاتِه الوَدود

  • مَغزی عینیّةِ الصفات مع الذات و تفسیرُها

  • السببُ في عینیّة الصفات الذاتیّة مع ذاته تعالی

  • دِراسةُ عینیّةِ الصفات مع الذات الإلهيّ وفقاً لأصالة الوجود و أصالة الماهیة

  • النکتة المرموزة في هذا المضمار

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

مواصَفاتُ صرفِ الوجود هي عینُ ذاتِه الوَدود
لقد تحدّث السید الخمینيّ حولَ صفات الباري تعالی قائلاً بضمونه:

إن الصفاتِ الثبوتیّةَ الإلهیة تُعدّ عینَ ذاته تعالی و ذلک وفقاً للتحقیق الفلسفيّ، إذن فکافةُ الصفات الثبوتیة تَئول إلی عنوان خاص وهو الوجود المطلق أو صرفُ الوجود، و لکنّ هذا الإرجاعَ لا یُمکن إذ یَلزم أن یکون هذا الثبوت الواحد حاکیاً عن سلب الصفات السلبیة، فوجوب الوجود حاک عن کل الصفات السلبیة، و ذلک من باب أن المتناقضان لا یجتمعان، فإنه تعالی واجب فوجوبه یُناقِضُ الإمکان، فعلینا أن نحفَظ کثرةَ المفاهیم الواردة بشأن الله تعالی لا أن نُرجِعَها إلی عنوان خاص، و کذلک الصفاتُ السلبیة الواردة بشأنه تعالی حیث یجب أن نحفظ تلک المفاهیم المتعدّدة نظیر: لیس بظلّام و لیس بممکن و هکذا، فلا یصح إرجاع الصفات المتکاثرة إلی عنوان واحد.[1]

و نعتقد بأنه الحق إذ إن تلک العناوینَ المطروحة ضمن کلمات العلماء تُعدّ مصادیقَ تلک المفاهیم الواردة بشأنه تعالی فکلّ کلمةٍ مأثورة من جانبهم علیهم السلام تحظی بمعناها المتمیّز، فلا داعيَ لإرجاعها إلی عنوان واحد محدّد إذ خصلةُ معنی الإمکانیة غیرُ معنی الظلمِ و معنی القدرة غیر العلم وهکذا.

مَغزی عینیّةِ الصفات مع الذات و تفسیرُها
و الآن نَتسائل: ما هو معنی أن صفاتِه عینُ ذاته تعالی؟

لقد أجاب الأسفارعنه قائلاً:

بيانٌ تفصيلي: واجب الوجود و إن وصف بالعلم و القدرة و الإرادة و غيرها كما سنُبيّن، لكن ليس وجود هذه الصفات فيه إلا وجود ذاته بذاته فهي و إن تغايرت مفهوماتها -لكنَّها في حقه تعالى موجودة بوجود واحد (فلیس العلم أو القدرة أو... من قبیل أجزاء الله تعالی، عکسَ الإنسان الذي فِکره مکنونٌ في مُخّه و قدرتُه مُدَّخرةٌ في یدیه و هکذا) كما قال الشيخ في التعليقات: من أن الأول تعالى لا يتكثّر لأجل تكثر صفاته (بل یظل واحداً رغم تلوّن الصفات) لأن كل واحدة من صفاته إذا حُقّقت - تكون الصفة الأخرى بالقياس إليه (مُندمِجَتان معاً) فيكون قدرتُه حياتَه (فلا یَنفکّان عن بعضهما بل مندجان معاً بخلاف الإنسان الذي عجبُه غیرُ قدرته و علمُه غیرُ قدرته و هکذا) و حياتُه قدرتَه و تكونان واحدةً فهو حيّ من حيث هو قادر و قادر من حيث هو حي و كذا في سائر صفاته. (و هذا لا یَجري في المُمکنات فلا یقال: هو عالم لأنه قادر، بل یقال: إن اللهَ قادر لأنه حيّ فکافة الصفات الذاتیة عینُ ذاته تعالی)

و قال أبو طالب المكي مشيته تعالى قدرتُه و ما يدركه بصفة يدركه بجميع الصفات إذ لا اختلاف هناك و سيأتي زيادة توضيح لهذا المقام بوجه يظهر لك مزلة بعض ..... كما أن ذاته بذاته مع كمال فردانيته و أحديته يستحق هذه الأسماء من العلم و القدرة و الحياة من غير أن يتكثر و يتعدد حقيقة أو اعتباراً و حيثيةً لأن حيثية الذات بعينها حيثية هذه الصفات - كما قال أبو نصر الفارابي: وجودٌ كلُه وجوبٌ كلُه علمٌ كله قدرةٌ كلُه حياةٌ كله لا أن شيئاً منه علم و شيئا آخر منه قدرة ليَلزمَ التركيبُ في ذاته و لا أن شيئا فيه علم و شيئا آخر فيه قدرة ليلزم التكثر في صفاته الحقيقية (کما في الإنسان المرکّب و المتشکّلِ من هذه الصفات بدرجةٍ محدّدة) فكذا صفاته الإضافية لا يتكثر معناها و لا يختلف مقتضاها و إن كانت (الصفاتُ الإضافیة کالخالقیة و الرازقیة) زائدةً على ذاته فمَبدئيتّه بعينها رازقيّتُه (أي إن حیاتَه تعالی مبدءٌ لصفة الرزق) و بالعكس و هما بعينهما جودُه و كرمه و بالعكس و هكذا في العفو و المغفرة و الرضا و غيرها إذ لو اختلف جهاتُها (الإضافیة) و تكثرت حيثياتها لأدّى تكثّرُها إلى تكثّر مباديها- و قد علمت أنها عين ذاته تعالى.[2]

و کنَموذجٍ آخر: یا من سبقت رحمتُه غضبَه. فإن السبقَ لا یستتبعُ التکثّر و الغیریة في صفاته تعالی، أجل، من زعمَ لله التقدّم و التأخّر ما بین الغضب و الرحمة لحقّ له أن یتصوّر السباق و الرُتَب ما بین الصفات الإلهیة، و لکنه مزعومةٌ مهزوزة، إذ إن أمثال هذه التعابیر ربما صدرت من باب ضیق الخناق و قصورِ الألفاظ عن تبیانِ کُنهِ ذاته و صفاته تعالی، و ربما عَنی بالسبق المذکور التوسعةَ و الاستیعابَ التام وفقاً للآیة التالیة: ربّنا وسِعتَ کلَّ شیئ رحمةً وعلماً.

السببُ في عینیّة الصفات الذاتیّة مع ذاته تعالی
ربما یَتسائل البعض بأنه ما هو السبب الذي استدعی الحکماءَ لکي یُطبّقوا الصفاتِ علی عین الذات و یُدمِجوها معاً؟

لقد أجاب السید الخمینيّ عنه قائلاً:

إن صرفَ الوجود صرفُ كلّ كمال و جمال، لا تشُذّ عنه حيثيّةٌ كمالية بل يرجع كلّ كمال و جمال إلى حقيقة الوجود بحسب الخارج، و إلّا (لولا العینیّة في الصفات) يلزم الأصلان (أي لأصبح تعالی شیئینِ فیُعارض التوحید و الأحدیّة ثم یستتبعُ الشرک) أو الاصول، و التركيب في ذاته، و الخلف في صرافة الوجود، و الإمكان في الوجود الواجبي، إلى غير ذلك ممّا يطول ذكرها و ذكرُ البراهين عليها.

و لُبّ الإجابة هي أن صِرفَ الوجود یُعدّ کلَ الوجود الکامل و هو کلُ الجمال الزاهر أیضاً، إذن فعنصرُ الصِرفیّة و المحضیّة هي التي تَستدعي و تُسبّب الاندماجَ مع صفاته الذاتیة بخلاف الإنسان قد ترکّبَ تَحدّد بالماهیّة إذ الإنسان غیرُ الجدار و غیرُ المَلَک و البقرِ، فهذه الحدود قد میّزته عن الغیر، بینما الله سبحانه لا حدودَ له لأنه وجودٌ مطلقٌ بلا ماهیة أساساً إذن فالقدرة و الوجود عینُ ذاته تعالی.

دِراسةُ عینیّةِ الصفات مع الذات الإلهيّ وفقاً لأصالة الوجود و أصالة الماهیة

ربما یتسائل البعض: هل تَبتني عینیةُ الصفات مع الذات الإلهيّ علی أصالة الوجود فحسب کما یبدو من ظاهر عبارة السید الخمینيّ حیث قد أصبحت أصالةُ الوجود مبرهَنةً و مسلَّمةً لدیه تماماً؟

الإجابة: کلّا إذ صاحبُ الأسفارِ قد سرَد أدلةً متعددةً عن الحُکماء حول العینیّة ثم ناقشَها و ناقضَها أجمعَ، ثم تولّی بنفسه للإجابة عنها وفقاً لِکلتا الأصالتَینِ، و لهذا فلا یَبتني الحوارُ علی أصالة الوجود فحسب.

و کذلک الشیخ الإشراق حیث انتهَج نهجَ أصالةِ الماهيّة، بینما أغلبیة الحُکماء قد ساروا نحوَ أصالة الوجود و هو الحق لدینا أیضاً، و علی أيّ تقدیرٍ، فإنه وفقاً لأصالة الماهیة أیضاً لا یَنتُج تغایرُ الصفات مع الذات الإلهيّ، إذ إن الماهويَّ أیضاً یُقرّ بأنه تعالی وجودٌ محض و ذات بسیط فیَستَنتِج أنه تعالی هو کلّ الأشیاء و أن صفاته الکمالیة هي عینُ ذاته تعالی فلا ترکّب فیه.

النکتة المرموزة في هذا المضمار
ثمةَ نقطةٌ فذّةٌ بشأن هذه الأبحاث المُستَعصِیة، قد تجاهرَ بها الأسفارُ قائلاً:

الفصل في أن واجب الوجود تمام الأشياء و كل الموجودات و إليه يرجع الأمور كلها:

هذا من الغوامض الإلهيّة التي يُستصعَب إدراكه إلا على من آتاه الله من لدنه علماً و حكمةً (نظیر المعصوم أو تالي تلوه) لكن البرهان قائم على أن كلَّ بسيط الحقيقة (کالباري تعالی الذي هو صرف الوجود بحتاً) كل الأشياء الوجودية إلا ما يتعلق بالنقائص و الأعدام (لأنها تعارض الوجود البسیط التام) و الواجبُ تعالى بسيط الحقيقة واحد من جميع الوجوه فهو كل الوجود كما أن كلَه (تعالی) الوجودُ (فخیث إنه محض الوجود فهو یُحاذي و یُضاهي کلَ الصفاتِ التامة تماماً).[3]

أما بيان الكبرى فهو أن الهوية البسيطة الإلهية لو لم يكن كلَ الأشياء لكانت ذاتُه متحصِلَةَ القوام من كون شيء و لا كون شيء آخر فيتركب ذاته و لو بحسب اعتبار العقل و تحليله من حيثيتين مختلفتين و قد فُرض و ثبت أنه بسيط الحقيقة، هذا خلفُ المفروضِ أنه بسيط إذا كان شيئا دون شيء آخر كأن يكون ألِفاً دون ب - فحيثية كونه ألفا ليست بعينها حيثية ليس ب و إلا لكان مفهومُ ألف و مفهوم ليس ب شيئا واحدا (فیلزم الترکبَ في الشیئ الواحد، بینما البساطة الإلهیة تَستدعي الوجود المحض و هذا الوجود المحض یَستتبع العینیة وفقاً لهذا الترتیب) و اللازم باطل لاستحالة كون الوجود و العدم أمرا واحدا فالملزوم مثله فثبت أن البسيط كل الأشياء.[4]

-------------------
[1] شرح المنظومة ج2 ص 110
[2] الحکمة المتعالیة في الأسفار العقلیة الأربعة، قم - ایران، مکتبة المصطفوي، جلد: ۶، صفحه: ۱۲۱
[3] الحکمة المتعالیة في الأسفار العقلیة الأربعة، قم - ایران، مکتبة المصطفوي، جلد: ۶، صفحه: ۱۱۰
[4] الحکمة المتعالیة في الأسفار العقلیة الأربعة، قم - ایران، مکتبة المصطفوي، جلد: ۶، صفحه: ۱۱۲


الملصقات :


نظری ثبت نشده است .