درس بعد

الاوامر

درس قبل

الاوامر

درس بعد

درس قبل

موضوع: مادة الأمر و صیغته


تاریخ جلسه : ١٤٠٣/٢/٢


شماره جلسه : ۷۹

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • هل الدَّاعي قیدُ الوَضع أم قیدُ الموضوع له

  • الهَجَمات تجاه تَحقیقةِ المحقّق الآخوند

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

هل الدَّاعي قیدُ الوَضع أم قیدُ الموضوع له
لقد استَعرَضنا مقالةَ المحقّق الآخوند بأنّ الواضعَ قد حصَرَ استعمالَ الصیغة في "الطّلبِ الإنشائيّ" فحسب -مُضادّاً للقُدامی- فلو استُعمِلَت الهیئةُ بداع الجدِّ لأصبحَ الاستعمالُ حقیقیّاً و لکن لو استُخدِمَت الهیئةُ بسائر الدّواعي و البواعِث لأصبحَ مجازاً -أو غلطاً لمخالفتِها مع الوضعِ الحقیقيِّ-

وفي هذه الحَقل، قد صرّحَ المحقّقُ الاصفهانيّ أنّ الدّاعيَ الحقیقيَّ یُعدُّ قیداً في "شرط الوضع" لا في الموضوع له -بحیث إن غیرَ الدّاعي الحقیقيِّ سیَتسبَّبُ بالمجاز أو الغلط- و قد استَظهَرَ شارحُ الکفایة المحقّقُ القوچانيُّ هذه النّقطةَ أیضاً قائلاً:

«فاعلم: انّ تقييد الموضوع له به (الدّاعي) غيرُ صحيح:

1. لانّ الدّاعيَ على الاستعمال غيرُ داخل في المستعمل فيه كنفس الاستعمال و إلاّ فأخذُه (الداعي) في المستعمل فيه يحتاج الى داع آخر (و هکذا).

2. مع انّ الداعيَ ليس بقابل لتعلّقِ الانشاء به (بل هو مفهومٌ خارجيٌّ في قلبِ الإنسان) فكيف يكون مأخوذاً في الموضوع له القابلِ للانشاء؟ مع استلزام ذلك (دخول الداعي في الموضوع له) لكون الموضوع له خاصَّاً و هو خلافُ التَّحقيق (لأنَّ الموضوعَ له عامٌّ) فلو كان لابدَّ من ذلك القيد بدليلٍ فيكونُ قيدَ الاستعمال باشتراطه في الوضع، فلو لم يُستعمل كذلك (بداعِ الجدّ) لم يكن مجازاً و إن كان مخالفا للوَضع.»[1]

فالمحقّق القوچانيُّ -نظیرُ الاصفهاني- قد شرَح مقالةَ الکفایة بأنّ المتکلّم لو لم یُراعِ شَرطَ الوضع -بداعِ الجدّ- لأصبحَ مخالفاً للوضع -أو مجازاً لدی المصطلَحِ المسامحيِّ للمحقّق الآخوند و غیرِه- إذ المحقّق القوچانيّ یَنُصُّ بأنّ تقییدَ الموضوع له بالدّاعي -الجدّيّ- غیرُ صحیح.

و علی نسقِه قد تَحدّثَ المحقّقُ المشکینيّ أیضاً قائلاً:

«و حينئذ هل كون الداعي الطلب الحقيقي من شرط الوضع أو بالتزام مستقلّ أو من قبيل الفرض أو ليس واحدا منها غاية الأمر أنّها منصرفة إليه من جهة كثرة الاستعمال أو ليس لها ظهور فيه أصلا وجوه الظاهر هو الرابع لتحقّق الكثرة و منعه مكابرة و بُعد الأوّل و الثاني و عدم إيجاب الثالث ظهورا لفظيّا مع تسليمه مع أنّه موجود قطعاً.»[2]

و کذلک سائرُ الشُّرَّاحِ، بل و رافَقَهم الشّهید الصّدرُ أیضاً قائلاً:

«و قد ذكر في الكفاية في وجهه: أن داعي الطلب قد أخذ قيدا في الوضع لا في المعنى الموضوع[3] له على ما تقدم منه في معاني الحروف و الأسماء بالنسبة إلى قيد الآلية و الاستقلالية في اللحاظ. و قد برهنا هناك على بطلان هذا التفسير و ان الوضع ليس من الأمور الجعلية التي تكون قابلة للتقييد و الإطلاق بهذا المعنى.»[4]

و في امتدادِهم أیضاً تَجِد الشَّیخَ التّبریزيَّ قائلاً:

«و غاية ما يمكن أن يقال: إنه اشتَرَط في وضع صيغة الأمر لإنشاء الطلب، كون الداعي و الغرض حصول ما يمكن أن ينبعث به المطلوب منه نحو الفعل و إيجاد المادة، و هذا نظير اشتراط قصد الإنشاء و الإخبار، أو قصد اللحاظ الآلي و الاستقلالى في وضع الحروف و الأسماء، و بالجملة فاختلاف الدواعي في إنشاء الطلب أمرٌ و اختلاف المستعمل فيه لصيغة الأمر أمر آخر، و قد اشتبه أحدهما بالآخر، و على ما ذكرنا يكون استعمالها في غير موارد البعث و التحريك من استعمال اللفظ في معناه (إنشاء الطّلب) و لكن بغير الوضع، فيكون مجازاً.»[5]

الهَجَمات تجاه تَحقیقةِ المحقّق الآخوند
1. لقد اعتَرَض المحقّقُ الخوئيُّ بأنّ نظریّةَ الکفایةِ -إنشاء الطّلَب- سیُلائِمُ منهجَ المشهور في باب الإنشاء -إیجاد المعنی باللفظ- بحیث سیُنشأُ المتکلّمُ المعنی و الطّلبَ باللفظ، بینما نظریَّتُه لا تَنسَجِم مع بقیّة المناهِج کمنهجیّةِ المحقّقِ الاصفهانيّ بأنّ الإنشاءَ هو تنزیلُ اللفظِ منزلةَ المعنی، أو مع المحقّق الخوئيِّ بأنّ الإنشاء هو إبرازُ الأمر النّفسانيّ فسوفَ یَتغیر المُبرَز بتغیّرِ الدّواعي فلا یَظلُّ المعنی واحداً -إنشاء الطّلب-[6] فمن المُفترَضِ علی صاحبِ الکفایة أنّ یَطرَحَ نظریّةً موافقةً مع کافّة المسالک.

و تکملةً لهذه الإشکالیّةِ بإمکانِنا أنّ نقولَ بأنّ منهجَ صاحب الکفایة لا یَنسَجم مع المشهور حتّی، لأنّه قد صرَّح بأنّ الموضوعَ له هو الطّلبُ الإنشائيّ فسیُنتِجُ اللازمَ الباطلَ: بأنَّ صیغةَ "افعَل" هو إنشاءُ و إیجادُ الطَّلَبِ الإنشائيِّ -وفقاً للمشهور- إذ الکفایة قد افترَضَ موضوعَ الصّیغةِ هو "الطلب المُنشأ" فیُنتج إنشاءَ الطلب الإنشائيّ، و هو لغوٌ عدیمُ التّعقُّل إذ لا حاجةَ کي تُنشأَ الصِّیغةُ "الطلبَ الإنشائيَ" و توجِدَه کرَّتینِ[7]فبالتّالي إنّ لازمَ مقالتِه هو "إنشاءُ الإنشاءِ".

2. لو افتَرَضنا أنّ صیغةَ "افعل" وُضِعَت للطلب الإنشائيِّ فیَلزَمنا أنّ نُسريَ هذا المعنی في باقي الصّیغ الإنشائیّة المعاملیَّةِ "کبِعتُ و اشتَریتُ" فهل یلتَزمُ المحقّق الآخوند بالملکیّة الإنشائیّة المُستفادةِ من الصیغةِ -أي إنشاءُ الملکیّة الإنشائیّة-؟ بینما الفقهاءُ لا یُقرُّونَ بذلک إطلاقاً بل یُصرّحونَ بأنّ صیغَتَيِ "بعتُ و اشتریتُ" قد استُخدِما في معناهما الحقیقيِّ -البیع و الشّراء- إلا أنّهما في مقامِ الإنشاء و لکن هذا لا یَعني أنّ المتکلّمَ قد أنشَأ ملکیّةً إنشائیةً، کلا، لأنَّ الملکیّةَ عنصرٌ عقلائيٌّ تَرتَهنُ علی تحقّق موضوعِها -التّلفّظ بِبعتُ- فلو تَفوَّهَ بالموضوعِ لاعتبَرَ العقلاءُ الملکیَّةَ تماماً، فبالتّالي إنّ المتکلّم لم یُنشأ الملکیّةَ -التي هي مفادُ الصیغةِ- الإنشائیّةَ.

3. إنَّ القرینة المقابَلَة ما بینَ الإخبارِ و الإنشاءِ تَرسِمُ لنا مُقایسةً هنا: فکما أنّ الأصولیّینَ لم یُدرِجوا لفظةَ "الإخبارِ" في الموضوع له الخبريِّ فلیَکُن کذلک في بابِ الإنشائیّاتِ، بینما صاحبُ الکفایةِ قد أدرَجَ لفظةَ "الإنشاء" ضمنَ موضوع الصِّیَغ الإنشائیّةِ، و الحالُ أنّه قد صرَّحَ في مبحثِ "التّمایز ما بین الإنشاء و الإخبار" في بابِ الوضع، بأنّهما لا یَختلِفانِ إلا في نقطةٍ واحدةٍ و هي أنّ المتکلّمَ في الإخباریّات یقصد الحکایةَ و في الإنشائیّاتِ یَقصد الإیجادَ، بینما هو -بالتّحدید- في باب الصّیغ قد أدخلَ لفظةَ "الإنشاءِ" في تعریفِ الإنشائیّاتِ، فمَنهجُه هنا لا یَتناسَقُ مع نوعِ تفریقِه بینهما في بابِ الوضع.

4. و أهمُّ الاعتراضاتِ هو أنّ بیاناتِ المحقّق الآخوند في باب الصّیغ لا تَنسجِم أیضاً مع بیاناتِه ضمنَ المبحث الأوّل حیث هناک قد أدمَجَ ما بین الطّلب والإرادة مفهومیّاً و خارجیّاً -ثمَّ فرَّقَ بینهما بغلبةِ الانصراف قائلاً: بأنّ الإرادةَ تَنصرف إلی الإرادة الحقیقیّة و لکنّ الطّلبَ یَنصرِف إلی الطّلب الإنشائيِّ- فنَستَشکِلُ علیه بأنّه وفقاً لاتّحادِ الطّلبِ و الإرادةِ هل یَلتزِمُ المحقّق الآخوند بأنّ صیغةَ "افعل" تدلّ علی "الإرادة الإنشائیّة" نظیر الطّلب الإنشائيِّ، بینما نَجِد مواردَ لیس فیها إرادةٌ أساساً -کالهازِل- فلو لم تَتوفّرُ إرادةٌ في الأمر فکیفَ سیَتحقّق الطّلبُ الإنشائيّ من صیغةِ "افعل" إذ لم تَتحقّق إرادةٌ، و خاصةً لو دَعمنا اعتراضَنا بإشکالیّة المحقّق البروجرديّ بأنّ الإنشاءَ یَتعلق بالاعتباریّات المحضةِ کالملکیّة و لکنّ الأمور الحقیقیّةَ کالإرادةِ و الطّلبِ حیث إنّهما نابعانِ عن شوق النفس المؤکَّد قهراً فلا یَتعلّق الإنشاءُ بالإرادة عقلائیّاً، إذ الطّلب و الإرادةُ من نمطِ الأمور الحقیقیّة التي لا تَتعلق بها إرادةٌ إطلاقاً فبالتّالي إنّ العقلاءَ لیست لدیهم إرادةٌ إنشائیّة لأنّها قهریّةٌ.

5. إنّ هیئةَ "افعل" ملحَقٌ بالمعنی الحرفيِّ -وفقاً للمشهور- فکان لزاماً أنّ یُفسّرَ المحقّق الآخوندَ "صیغةَ افعل" بالمعنی الحرفيّ بینما قد فسّرَها بالمعنی الاسميّ الاستقلاليّ -إنشاءُ الطّلب- أجل هذه الإشکالیةُ مبنائيَّةٌ بحیث لا یَتلائَم مع مسلک المشهور نظیر الإشکالیة الأولی.

6. إنّ المحقّق الآخوندَ قد حاولَ -منذ البدایة- إخراجَ الدّواعي عن دائرةِ الاستعمالِ و الموضوعِ له بینما في النّهایة قد أربَطَ الدّواعيَ بصحةَ الاستعمال بحیث لو استَعملَ المتکلِّمُ الصیغةَ بداعي الجدّ لأصبحَ الاستعمالُ حقیقیّاً، فهو بالتّحدید قد صرّح بدایةً أنّ مختلفَ المعانيِ و الدّواعي لا تَرتبطُ بالاستعمال و لا المستمعل فیه و لا الموضوع له، بینما هو قد کرَّ علی ما فرَّ منه، فأقرَّ -بحصیلةِ مُعتقَدِ القُدامی- بأنّ الدّواعيَ تُعدُّ رکناً في تحقیقِ الحقیقةِ و المجاز.

--------------------
[1] قوچانی علی. تعلیقة القوچاني علی کفایة الأصول. Vol. 1. ص177 قم - ایران.
[2] آخوند خراسانی محمدکاظم بن حسین. کفایة الأصول (حواشي المشکيني). Vol. 1. ص101 تهران - ایران: اسلامیه.
[3] أصالة التطابق تجري بلحاظ ما هو المدلول التصوري للفظ لا المداليل التصورية الالتزامية الخارجة عنه و المقتنصة في طول المداليل التصديقية التي هي ظهورات حالية كما في المقام و لعل الأولى ان يقال بان النسبة الإرسالية و الدفعيّة تتناسب سنخا و مفهوما مع الإرادة و الطلب فتجري أصالة التطابق بلحاظ المدلول التصوري للفظ ابتداء.
[4] صدر محمد باقر. بحوث في علم الأصول (الهاشمي الشاهرودي). Vol. 2. ص51 قم - ایران: مؤسسة دائرة معارف الفقه الاسلامي.
[5] دروس فی مسائل علم الأصول (مرحوم تبریزی)، ج1، ص314
[6] أقول: ما ذكره صحيح، على ما هو المعروف بينهم، من أنّ الانشاء هو ايجاد المعنى باللفظ قبالا للاخبار الموضوع لثبوت النسبة أو نفيها، فانّه عليه يمكن أن يدّعي أنّ الصيغة موضوعة لانشاء الطلب و ايجاده، و تستعمل فيه دائما و ان كانت الدواعي تختلف باختلاف الموارد، و أمّا على المختار من أنّ الانشاء عبارة عن ابراز الاعتبار النفساني، على ما تقدّم تفصيله في مقام الفرق بين الخبر و الانشاء، فلا يصحّ ما ذكره، اذ بعد كون الصيغة موضوعة لابراز أمر نفساني، فلا محالة يختلف المبرز - بالفتح - باختلاف الموارد، فتارة يكون المبرز هو اعتبار المادة في ذمّة المخاطب، و اخرى يكون هو التهديد، و ثالثة يكون التعجيز، الى غير ذلك من المعاني المذكورة، فالصيغة مستعملة في هذه الامور و مبرزة لها، الاّ أنّها مستعملة في معنى واحد، و كانت هذه الامور من الدواعي.
فالصحيح ما عليه المشهور، من أنّ الصيغة قد استعملت في معان كثيرة، من التهديد و التسخير و التعجيز و غيرها، فالامر دائر بين أن تكون الصيغة مشتركة بين هذه المعاني أو انّها حقيقة في ابراز المادة على ذمّة المخاطب مجاز في غيره، الظاهر هو الثاني. (خوئی ابوالقاسم. مصباح الأصول. Vol. 1. ص285 قم - ایران: مکتبة الداوري.)
[7] و لکنّ مقصودَ المحقّق الآخوند أن موضوع له في "افعل" هو الطلب الإنشائي المفهوميّ بالحمل الأوّليّ فحینما یود المتکلم إنشاءَ الطلب في الخارج فإنه في الحقیقة سیُلبِسُه لباسَ الوجودِ و یُولّدُ الطلبَ الإنشائيَّ في عالَم الوجودِ بالحمل الشّایع فلیس هنا إنشائان أو تحصیل الحاصل أو... إطلاقاً.





الملصقات :


نظری ثبت نشده است .