درس بعد

الاوامر

درس قبل

الاوامر

درس بعد

درس قبل

موضوع: مادة الأمر و صیغته


تاریخ جلسه : ١٤٠٣/٢/٣١


شماره جلسه : ۹۴

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • ممارسة الحوار حول الأوامر المرتبطة بالأجزاء و الشرائط

  • مواجهَةٌ لمغالَطَة المشهور

  • حَسمُ جَذر النّزاعات حول الإرشادیّة و المولویة

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

ممارسة الحوار حول الأوامر المرتبطة بالأجزاء و الشرائط
لقد أسلفنا أنّ المحقّق الهمدانيّ قد عدَّ الأوامر المستحبّة في زمرة الإرشادیات، بینما قد نقَضنا علیه بالنّواقض فاستَنتجنا بأنّ أغلبیَّتها مولویة تماماً إلا ما خرج، أي عکسَ مُعتقد المحقّق البروجردي، فإنّا لم نَعثُر علی مُبرِّر دالّ علی أغلبیّة الأوامر الإرشادیة.

ثمّ قد تَوصّلنا إلی الأوامر المبیِّنة للأجزاء و الشرائط حیث قد أدرجها المحقّق الهمدانيّ ضمن الإرشادیّات أیضاً کالنهي عن الغرر و... زاعماً بأنّ ارتکاب الغرریّة ضمن المعاملة حیث لا یَستدعي الحُرمة المولویّة إطلاقاً فبالتّالي قد استَنتَج أنّها إرشادیّة نحوَ بطلان العمل الغرريّ فحسب بحیث تُنبأنا أمثالُ هذه الأوامر بأنّ العقد الغرريّ لا یُثمر ثَمره في الخارج.

و علی هذا المِنوال قد صرّح المحقّق الخوئيّ قائلاً:

«و قد ذكرنا في موردها أنّ‌ الأوامر و النواهي الواردة في المركّبات قد انقلبت عن ظهورها الأوّلي إلى ظهور ثانوي في الإرشاد إلى جزئيّة شيء أو شرطيّته أو الإرشاد إلى مانعيّته أو الإرشاد إلى الفساد، و أظهر منها المعاملات كنهيه (صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم) عن البيع الغرري أو المنابذة و نحوهما، لأنّه ظاهر في الإرشاد إلى فساد تلك المعاملات، و أمره بترك الصّلاة في أيّام العادة أيضاً كذلك، لأنّه إرشاد إلى اشتراط الطّهارة في الصّلاة و فسادها في حالة الحيض، فلا ظهور لها في الأمر المولوي حتّى يستدلّ‌ به على كون العبادات محرمة ذاتيّة على الحائض».[1]

و نَعترض علی المحقّق الهمدانيّ -و بالتّبع علی المحقّق الخوئيّ-:

1. أوّلاً: لا نُرافِقُکم بأنّ کافّة الأوامر الآمرة بالجزئیة و الشرطیّة و المقدّمیّة و... تُعدّ إرشادیّةً -لو فَحصناها بأکملها- التّفحُّص- نظیر النّهي عن «أکل المال بالباطل» و عن «القمار» و عن «الرّبا» و... فإنّ امتلاک الآلات القماریّة و التّصرّف فیها و في الأموال الرّبویّة -بشتّی التّصرفات- یُعدّ محرّماً مولویّاً في الشّریعة جزماً إذ قد رَتّب المولی العقوبةَ علیها أیضاً ثمّ استَخرجنا منها الفساد و البطلان لاحقاً، فلا یَحقّ لأحد أن یَتفوَّه بأنّ نواهي الرّبا -النّاهیة عن المانعیّة- تُعدّ إرشادیةً بحتة فإنّه تعالی قد صرّح قائلاً: «وحرّم الرّبا» فبالتّالي إنّ حرمته مولویة حتماً، و لهذا لا یَتِّم اتّخاذ ضابط عامّ بأنّ «کل الأوامر المُرشدة إلی الجرئیة و الشرطیة و المانعیّة و... تُعدّ إرشادیة».

2. و ثانیاً: قد صرّح المحقّق الهمدانيّ بأنّ محور الإرشادیّة هو أن یَنکشف الملاک من ذات العمل -کالعدالة و الظلم- و أنّ محوریّة المولویّة تَحول حول أمر المولی بذلک العمل فسنَستنبط حینئذ مطلوبیّته أو مغبوضیَّته، بینما المحقّق الهمدانيّ بنفسه لم یُطبّق هذه الضّابطة في الأوامر الآمرة بالجزئیّة و الشّرطیّة، إذ إنّ منشأ استنباط الجزئیّة و الشّرطیّة و... هو أمر الشّارع بالضّبط و لهذا ستُعدّ کافّة الأوامر الآمرة بالجزئیة و المقدّمیّة و... مولویّة فإنّا لولا أمر المولی لَما أدرکنا الملاک إطلاقاً، فبالتّالي سیَتحتّم علی المحقّق الهمدانيّ أنّ یُقرّ بمولویة هذه الأجزاء و الشّرائط وفقاً لضابطه العام.

و لکنّ الرّأي الأجدر الذي یَصون عن النّقاشات هو أنّ المولی لو أعملَ مولویَّته -بالقرینة- في العمل لأصبح مولویّاً و إلا فإرشادیّاً، و بهذا الأسلوب ستَتآلف النّماذجُ الماضیة مع المولویّة و الإرشادیّة.

مواجهَةٌ لمغالَطَة المشهور
إنّ المشهور قد اتّخذ سبیلاً آخر لتفکیک المولویة عن الإرشادیة و هو أنّه یُلاحظ «آثارَ العمل» فلو رَتّب الشّارعُ الثّواب و العقاب المستقلّ لاستَکشف المولویّةَ عندئذ و لولا ترتیب الآثار الأخرویّة لَعُدّ العمل إرشادیّاً تماماً.

و نُزحزِح مقالة المشهور:

1. أوّلاً: لو بَنی المشهور معیارَه علی تواجد الثّواب و العقاب، فلِمَ لم یَعترِف المشهور بوجود الثّواب المستقلّ في «مقدمة الواجب» فإنّ هؤلاء الأعلام -نظیر المحقّق الآخوند و...- قد اتَّخذوا وجوبَها شرعیّاً غیریّاً -رغمَ تسلّم الوجوب العقلي أیضاً- فیُفترَض علیهم أن یُقرّوا أیضاً باستقلالیّة الثّواب و العقاب فیها، بینما لم یَلتزِموا بها في المولویّة و الإرشادیّة و استَنکروا الاستقلالیّة.

2. و ثانیاً: إنّ المشهور قد تَزحلَقوا في مغالَطة جلیّة ستَتّضِح باستعراض مقالة المحقّق الخوئيّ قائلاً: «أنّ‌ الأوامر و النواهي الواردة في المركّبات قد انقلبت عن ظهورها الأوّلي إلى ظهور ثانوي في الإرشاد إلى جزئيّة شيء أو شرطيّته أو الإرشاد إلى مانعيّته أو الإرشاد إلى الفساد، و أظهر منها المعاملات كنهيه (صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم) عن البيع الغرري أو المنابذة و نحوهما، لأنّه ظاهر في الإرشاد إلى فساد تلك المعاملات»[2]

و قد عایَنتَه حینما أراد أن یُسجِّل إرشادیّة تلک الأوامر فقد استدلّ بأنّها ظاهرة في الإرشاد، و هذه مصادرة بالمطلوب بکلّ وضوح.

3. و ثالثاً: إنّا نَتسائل المشهورَ: کیف أصبحت الأوامر الآمرة بالجزئیّة و الشّرطیّة و... إرشادیةً عقلیّةً بینما لو لم یکن المولی آمِراً بها لَما کنّا نَتوصّل إلیها في الشّریعة إطلاقاً، فمجرّد أنّ الشّارع لم یُرتِّب الثواب و العقابَ الاستقلاليّ علیها لا یُنتج إرشادیَّتها العقلیّةَ -کما زعمه المشهور- بل المِحور الرّئیسيّ هو «إعمال المولویة و عدمه».

و لکي نَتخَطّی هذه التَّبِعات -الضّارّة بالمبنی الأصوليّ- قد سلکنا سِلکاً مُتمیّزاً و هو «إعمال المولویّة» فعلینا أن نُمحّص شتّی القرائن کي نری المولی: هل أعمل مولویَّته في ذاک العمل المحدّد أم لا.

و نظراً للنّواقِض المسبقة لم نَضع المعیارَ وجودَ الثواب و العقاب کضابط للمولویة و الإرشادیّة فإنّ الشّارع بإمکانه أن یُعمل مولویّتَه حتی في الأعمال الغیریة و الجزئیة و الشرطیّة و المانعیّة -و بالطّبع سیَلحقُه الثّواب و العقاب الأخرويّ أیضاً-.

حَسمُ جَذر النّزاعات حول الإرشادیّة و المولویة
و في هذا الحَقل، لکي نَحسم الشِّجار نقول: أساساً إنّ الأجزاء و الشرائط لا تَمتلک حکماً مولویّاً کي یَتشعّب حکمُها إلی المولويّ و الإرشاديّ فإنّ مَقسَمهما هو الحکم الشّرعي بینما الأجزاء و الشّرائط و الموانع و... لا تَمتلک حکماً کي تَتقسَّم إلیهما و إنّما الشّارع قد بیَّن جوانب المرکّب قائلاً: «تلک الصلاة المُفترَضة، في أوَّلها التّکبیر و في آخِرها التسلیم و... ، فبالتّالي لم یَحکم الشّارع بشیئ إطلاقاً بل قد وضّح کیفیّةَ تأدیة المرکّب و التّنحي عن الموانع و المُبطلات.

فرغمَ ورود صیغة الأمر و النهي تجاهَها -ارکَع و اسجُد و...- إلا أنّها تُعدّ ظاهريةً صوريّةً تماماً -أي إرشادیة لغویّة- إذ لا حکم لأوامر الغیریّة و الضّمنیّة و الإرشادیّة و أقرانِها، و حیث إنّها صوریّة فلا أرضیّة کي یُقال بأنّ المولی قد أعمل مولویَّته فیها، فإنّ المولی یُعمل المولویّةَ في الأحکام الکلیّة کأقیموا الصّلاة و الصّیام و... فحسب.

فبالتّالي لو أمر المولی بالکیفیة المحدّدة أو بجزء خاصّ لأصبح ذاک التّحدید صغرَی لحکم العقل بلزوم الامتثال بالطریقة التي قد بیَّنَها الشّارع.

و بالختام نَعتقد بأنّه قد طَرأ خلط للأعلام بین الإرشاديّ اللغويّ الصّوريّ و بین الإرشاديّ المصطَلَح الذي یُقابل الحکم المولويّ في الحکم، بینما الإرشاديّ اللغويّ هو الظاهريّ الصوريّ الذي یتوفّر في الأوامر الآمرة بالجزئیّة و الشّرطیّة و المقدّمیّة و ... .
 
---------------------
[1] موسوعة الإمام الخوئي. Vol. 7. ص332 قم - ایران: مؤسسة إحياء آثار الامام الخوئي.

[2] نفس المصدر الماضي.

الملصقات :


نظری ثبت نشده است .