درس بعد

الاوامر

درس قبل

الاوامر

درس بعد

درس قبل

موضوع: مادة الأمر و صیغته


تاریخ جلسه : ١٤٠٢/٧/٢٥


شماره جلسه : ۱۲

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • التجوّل ضمن بعض المؤیدات الواردة في مادة الأمر

  • الاتجاه الثاني: تبنّي المحقق العراقي و صاحب المنتقی الاشتراکَ المعنويّ في الأمر

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

التجوّل ضمن بعض المؤیدات الواردة في مادة الأمر
حتی الآن قد توصّلنا إلی رفض المحقق العراقي و صاحب المنتقی لکافة المؤیدات الواردة ضمن الکفایة، و قد أجبنا عن الاعتراضات الواردة.

و لکن علی صعید آخر إن تلک المؤیدات تواجه مشکلة و معضلة عامةً  و هي أن الآیتین (فلیحذر الذین، ما منعک ألا) تحتویان علی قرینة داخلیة قد سجّلت الوجوب، فإن التوبیخ الإلهيّ في: ما منعک ألا تسجد. قد بَرهن علی الأمر الوجوبي و کذلک الآیة: فلیحذر الذین. حیث قد صرّحت بالعذاب الألیم، و کذا عبارة: لولا أن أشقّ علی أمتي. فإن الوجوب یستفاد من تعبیر المشقة و لهذا قد نفاها النبيّ عن الأمة، إذن فکلها ممکتنفة بالقرائن، فکان لزاماً علی الکفایة أن یُحضرَ الوثائق المنسلخة عن القرائن.

إذن قد تحصّلنا علی الدلیل الأول ببرکة التبادر الحاقّيّ (لا التبادر الظهوري الإطلاقيّ) نظراً إلی انسباق الأمر إلی الوجوب، و اغترفنا الدلیلَ الثانيَ من صحة التوبیخ و المؤاخذة عرفاً نظراً إلی أن العرف یُعاتب بل یُعاقب علی إهمال الأمر فیما لو قال المولی: أمرتُکم و آمرُکم بکذا.

و أما الروایة السالفة في تطبیق الأمر علی الأمر الاستحبابيّ فنجیب بأن الإمام الکاظم(علیه السلام) لم یُطبّق أمرَ الآیة علی أمر نفسه (و الذي کان ارشادیاً) بل الإمام قد ذکر الآیة لأجل التقریب و التنظیر لا التطبیق، فأراد أن یُشبّه مخالفته بمخالفة الأمر الوجوبي تقریباً إذ النکتة في مخالفة الأمر الوجوبيّ متوفّرة أیضاً في مخالفة الأمر الإرشاديّ و هي: أن تصیبهم فتنة و بلاء، فهو تنظیر و تشبیه لوضعیة الراوي الذي قد اُبیدَت أمواله و خسر بشدة، فهذا المحتمل یعدّ ظاهراً في منظارنا.[1]
 
الاتجاه الثاني: تبنّي المحقق العراقي و صاحب المنتقی الاشتراکَ المعنويّ في الأمر
لقد سار المحقق العراقي و رافقَه صاحبُ المنتقی، مسارَ الاشتراک المعنوي في مادة الأمر، بحیث إن الأمر قد وضعَ جذراً للقدر الجامع بین الوجوب و الاستحباب (و هو الطلب العام).

و نستعرض الآن وجهة نظره، فقال:.... وجهان: أظهرهما الثاني: لصدق الأمر حقيقة على الطلب الصّادر من العالي إذا كان طلبه استحبابيّا حيث يقال له: انه أمرٌ و بالفارسية «فرمان» من دون احتياج في صحّة إطلاق الأمر عليه إلى رعاية عناية في البين (لکي یعدّ مجازاً في الندب) حيث إن ذلك كاشف عن كونه حقيقة في مطلق الطلب و إلّا لكان يحتاج في صدق الأمر و صحّة إطلاقه على الطلب الاستحبابي إلى رعاية عناية في البين، كما هو واضح. و ممّا يشهد لذلك بل يدل عليه أيضا صحة التقسيم إلى الوجوب و الاستحباب في قولك: الأمر امّا وجوبي و اما استحبابي، و هو أيضا علامة كونه حقيقة في الجامع بينهما. 

نعم‏ لا إشكال‏ في‏ ظهوره‏ عند إطلاقه (و عدم القرینة و القید) في خصوص الطلب الوجوبيّ بحيث لو أطلق و أريد منه الاستحباب لاحتاج إلى نصب قرينة على الرخصة في الترك، و من ذلك (بأن ظاهر الأوامر هو الوجوب لولا الترخیص) أيضا ترى ديدنَ الأصحاب «رضوان اللَّه تعالى عليهم» في الفقه في الأوامر الواردة عن النبي(صلى اللّه عليه و آله) أو الأئمة(عليهم السلام)، حيث كانوا يحملون الأوامر الواردة عنهم على‏ الوجوب عند خلوّ المورد عن القرينة على الاستحباب و الرخصة في الترك، حتّى انه لو ورد في رواية واحدة أوامرُ متعدّدة بعدّة أشياء كقوله: اغتسل للجمعة و الجنابة و مسِّ الميّت و نحوه، فقامت القرينة المنفصلة على إرادة الاستحباب في الجميع إلّا واحدا منها تريهم يأخذون بالوجوب فيما (المورد الواحد) لم تقم عليه قرينة على الاستحباب (فلا یعتنون بالقرینة السیاقیة بل القرینة الأقوی هي المحکّمة) بل و تراهم كذلك أيضا في أمر واحد كقوله: امسح ناصيتَك، حيث انّهم أخذوا بالوجوب بالنسبة إلى أصل المسح (في الوضوء) و حملوه على الاستحباب بالنسبة إلى الناصية مع انه امر واحد، و هكذا غير ذلك من الموارد الّتي يطلع عليها الفقيه، و من المعلوم أنه لا يكون الوجه في ذلك إلّا حيث ظهور الأمر في نفسه في الوجوب عند إطلاقه، و حينئذ فلا إشكال في أصل هذا الظهور.[2]

و نلاحظ علیه بأن عبارته تُعاني من التهافت إذ الاعتقاد بالوضع للجامع لا یتلائم مع الاعتقاد بظهور الأمر في الوجوب أو الاستحباب فقط و ذلک لأن المحقّق العراقيَ یُطبّق الأمر الوارد ضمن الجملة علی خصوص الوجوب أو الاستحباب، و هذا مما یُناقض عملیةَ وضع الأمر للجامع بینهما علی حدّ سواء.[3]

و إلیک الآن مقولةَ صاحب المنتقی المُتابع للمحقق العراقيّ في هذا الحقل:  و لكن الإنصاف: أن صحة التقسيم إلى الإيجاب و الندب انما يكون بلحاظ ما للأمر من معنى عرفي (الموضوع له) لا بلحاظ ما يستعمل فيه اللفظُ حالَ التقسيم (إذن یعدّ الأمر الندبيّ أمراً حقیقةً و من إحدی حصص الأمر و الطلب واقعاً) و عليه، فهو دليل على كون اللفظ موضوعا للأعم من الطلب الوجوبيّ و الندبي (أي الاشتراک المعنويّ) و لكن‏ يُعارض‏ هذا الدليلَ‏ (وضع الأمر للجامع) بدواً صحةُ مؤاخذة العبد بمجرد مخالفة الأمر، فانه ظاهر في ظهور الأمر في الوجوب، و يمكن الجمع (بین ظهور المقسَم و مادة الأمر في الجامع و بین صحة المؤاخذة و ظهور الأمر في الوجوب) بالالتزام بوضع لفظ الأمر للأعم مع الالتزام بأنه يَنصرف (و یُبادر إلی الوجوب ظهوراً) مع عدم القرينة إلى الطلب الوجوبيّ و الإلزامي و ينسبق إليه. فيُتَحفّظ على‏ظهور كلا الأمرين المزبورين -أعني التقسيم و المؤاخذة- و تكون النتيجة موافقةً لمدعى صاحب الكفاية و إن خالفناه في المدعى و الموضوع له. فتدبر. [4]

و نلاحظ علیه بأنه أولاً إن وضع الأمر للجامع یستدعي و یتطلّب قرینةً علی تحدید إحدی أفراده (الوجوب أو الاستحباب) في قالَب الجملة فالتضاد و الاضطراب في کلامه هو قوله: فلو لم تکن قرینة علی أحدهما لانصرف الأمر إلی الوجوب ؛ بینما المعتقد بالجامع بحاجة إلی تواجد القرینة، و حیث لم تنهض قرینةٌ علی عدم الاستحباب فکیف یُحمل الأمرُ علی الوجوب. ثم إن صاحب المنتقی یَهدف من کلمة الانصراف، إلی الانسباق الذهني و التبادر الحاقّيّ لا الانصراف الظهوري المصطلح.[5]

و لکن ربما نُبرّر مقولته بأن الجامع لو تحدّد تعییناً ضمن فرد واحد فحسب لاحتاج ذلک إلی تواجد قرینة محدّدة و لکن لو ظهر الأمر و انطبق ضمن فرد ظهوراً لا بالتعیّن لتمّت مقولة صاحب المنتقی هنا إذ الانصراف یُهیّأ الظهور (و هذا هو مراده) إلا أنا نتسائل: من أین نبعَ هذا الانصراف الظهوريّ، و الحال أنه لم تتوفر کثرةٌ في استعماله للوجوب، بل ربّ مورد واحد یُصحّح توبیخَ المولی تجاه عبده رغم عدم الکثرة الاستعمالیة !
 
----------------
[1] إن تطبیق الإمام هو الحجة لدینا بأن الأمر یطلق علی المستحب أیضاً.
[2] نهاية الأفكار، ج‏1، ص: 161.
[3] و لکن هذه الملاحظة لا ترد علی العراقي إذ لا تهافت بین الوضع للجامع في المقام التصوري ضمن عالم الثبوت، ثم الانصراف أو التبادر في الأمر إلی حصة من ذاک الوضع (الوجوب) في المقام التصدیقيّ ضمن عالم الإثبات من باب الظهور و المراد الجديّ، فلا تناقض إذن. 
[4] منتقى الأصول، ج‏1، ص: 377.
[5] قد فسّره الأستاذ هکذا ثم استشکل علیه بذلک الإشکال، بینما مستهدف صاحب المنتقی هو الانصراف المصطلح الظهوري و به یزول التهافت.

الملصقات :


نظری ثبت نشده است .