درس بعد

الاوامر

درس قبل

الاوامر

درس بعد

درس قبل

موضوع: مادة الأمر و صیغته


تاریخ جلسه : ١٤٠٣/٢/٣


شماره جلسه : ۸۰

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • دراسةُ مُعتقَدِ المحقّق الخوئيّ

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

دراسةُ مُعتقَدِ المحقّق الخوئيّ
لقد وَجَّهنا عدّة إشکالیاتٍ تجاهَ تحقیقةِ المحقّق الآخوند حولَ "إنشاءِ الطّلب" في صیغة الأمر.

و عموماً إنّ الأقدَمینَ کانوا یُعدِّدونَ معانيَ صیغةِ الأمر بحیث إنّ:

- فئةً منهم قد اختارَت الاشتراکَ اللفظيَّ في تلک المعاني.

- و فئةً منهم قد اعتَبرَت معنی "الطّلَبِ" حقیقةً و بقیّةَ المَعاني مجازیّةً.

بینما المحقّق الآخوند قد انتَهَجَ وحدةَ المعاني لصیغةِ الأمر -إنشاء الطلب- ثمَّ رافَقَه الآخرونَ کالمحقّقینَ النّائینيِّ و البروجرديِّ والخمینيِّ و المحقّقِ الوالدِ الأستاذ، إلا المحقّقَ الخوئيَّ فإنّه الوحیدُ -من أوساطِ المتأخّرینَ- الذي قد تَبنَّی تعدّدَ معاني صیغةِ الأم-ر وفقاً للقدامی- حیث قد اعتقدَ بأنّ حقیقةَ الإنشاء -في باب الوضع- هو إبرازُ الاعتبارِ النّفساني فإنّ المَولی حینَما یَهدِفُ إلی تحقُّقِ فعلٍ من جانبِ العَبد فبدایةً سیَعتبِرُ أبعادَ العملِ ثبوتاً -لدی نفسِه- علی ذمَّة المکلَّف ثمَّ سیُبرِزُه بصیغة "افعل" فبالتّالي قد وُضِعَت هذه الصّیغةُ کي یُعلِنَ المولی في الخارج عن اعتباراتِه النّفسانيّةِ الثّوتیّةِ، بحیث تُعدُّ الصیغةُ مصداقاً و طریقاً مُحدّداً لإظهارِ الاعتبار النّفسانيِّ فلو أرادَ المطلوبَ جدّیّاً لأصبحَ الاستعمالُ حقیقیّاً إذ قد أبرزَ الطلبَ الجديَّ و لو عَنی التّهدیدَ و أضرابَه - في التمني و الترجي و الاستفهام و... من سائر الإنشائیّاتِ- لأصبحَ الاستعمالُ مجازیّاً إذ قد أبرزَ غیرَ الطّلب الجديّ.

و أمامَک الآن نصُّ بیاناتِ المحقّق الخوئيّ:

«بيان ذلك أنّ الصيغة على هذا موضوعة للدّلالة على إبراز الأمر الاعتباريّ النّفسانيّ في الخارج، و من الطبيعي ان ذلك (الإبراز) يختلف باختلاف الموارد و يتعدد بتعدد المعاني، ففي كل مورد تستعمل الصيغة في معنى يختلف عن استعمالها في معنى آخر في المورد الثاني و يغايره، و هكذا، فان المتكلم:

1. تارة يقصِد بها إبرازَ ما في نفسه من اعتبار المادة على ذمة المخاطب. (بقصد الاعتبار و إیجاد الطّلب جدّاً)

2. و أخرى إبرازَ ما في نفسه من التهديد (لا علی ذمّة المکلف جدّیّاً بل یُبرزُ نفسَ التهدید).

3. و ثالثةً إبرازَ ما في نفسه من السخرية أو التعجيز أو ما شاكل ذلك (من سائر المعاني فبالتّالي قد تَکاثَرَتِ الاستعمالاتِ بتکثّر المعاني و ذلک وفقاً لمعنی المُبرَزِ)

فالصيغة على الأول (اعتبار المادّة جدیّاً) مصداق للطلب و البعثِ الاعتباريّين (فیَعتبرُ بعثاً علی عاتق المکلف) و على الثاني مصداق للتهديد كذلك، و على الثالث مصداق للسخرية، و هكذا و من الواضح انها في كل مورد من تلك الموارد تبرز معنى يباين لما تبرز في المورد الثاني و يغايره، ثم بعد ان كانت الصيغة تستعمل في معان متعددة كما عرفت، فهل هي موضوعة بإزائها على نحو الاشتراك اللفظي، أو موضوعة لواحد منها (أي الطلب الجدّيَّ) و يكون استعمالها في غيره مجازاً و جهان: الظاهر هو الثاني، و ذلك لأن المتبادر من الصيغة عند إطلاقها هو إبراز اعتبار الفعل على ذمة المكلف في الخارج، و اما إرادة إبراز التهديد منها أو السخرية أو الاستهزاء أو نحو ذلك فتحتاج إلى نصب قرينة و بدونها لا دلالة لها على ذلك و من الطبيعي ان ذلك علامة كونها موضوعة بإزاء المعنى الأول، دون غيره من المعاني.»[1]

و نلاحظ علیه:

1. أوّلاً: إنّه قد فسّرَ معنی الصّیغةِ وفقاً لمنهَجِه -إبراز الاعتبار النّفسانيّ- فحسب بینما صنادیدُ الأصولیّینَ کالمشهور لا یَخضَعُونَ لهذا التّفسیر بل یَرونَ الإنشاءَ "إیجادَ المعنی باللفظ" فالصِّیغةُ توجِدُ المعنی اعتباراً.[2]

2. و ثانیاً: إنّ مقالةَ المحقّق الآخوند یُلائِم الارتکازيَّ العقلائيَّ حیث قد ارتَکَز لدیهم أنّ المتحدِّثَ في الآیة «فأتوا بسورة من مثله» قد "أنشأَ الطّلبَ بداعي التعجیز" بلا استعمالٍ في ذاک المعنی أساساً، ففي هذه النّقطة قد رافقَ الحقُّ مع المحقّق الآخوند حیث قد استَنکرَ الاستعمالاتِ المتبعثِرةِ بتکثّرِ المعانيّ -کما زعمه المحقّق الخوئيّ-

3. و ثالثاً: إنّ مقالتَه - أنّ الصيغة موضوعة للدّلالة على إبراز الأمر الاعتباريّ النّفسانيّ في الخارج- لا تَنسجِم مع مبناه بأنّ الصیغةَ تُعطي معنیً حرفيّاً جزئیّاً، فإنّه في هذا الحقل قد فسّرَ الصیغةَ بالمعنی الاسميّ قائلاً: «للدّلالة على إبراز الأمر الاعتباريّ النّفسانيّ» بحیث إنّ المُبرِزَ قد استَعملَ الصّیغةَ في معنی "الطلب الجديّ" أو معنی "التّهدید" أو... بینما هي أسامٍ استقلاليَّةٌ تماماً، فکیفَ یَعتبِرُ الصّیغةَ الجزئیّةَ مصداقاً لمعانٍ اسمیّةٍ مستقلّةٍ کالتّهدید والتعجیز و... .

4. و رابعاً: لو لاحَظنا المعیارَ العرفيَّ لما وَجدنا توقُّفَ إنشاءِ الصّیغةِ علی اعتبار الشخص في نفسِه بل لا یَصدُق بالنسبةِ إلی الله تعالی فإنّه سبحانَه لا یُضاهینا بأن یُلاحظَ شیئاً في نفسه في البدایةِ ثمّ یُبرزُه في نفسِ النبيّ أو الإمام، بل أساسُ اعتبارِه هو عینُ نُطقِه بالصّیغةِ -بعتُ- بلا حاجةٍ إلی اعتبارِ النّفس أوّلاً فإنّ الإنشاءَ لا یَتوقّفُ دوماً علی قصد الاعتبارِ في جوف النفس، بل ربما أنشأَ الشّخصُ عقداً من دونِ أن یَلتفِتَ في باطنِه إلی القصد، إذن فاستحضارُ النیّةِ و القصد لا یُعدّ رکناً في الإنشائیّات و اعتبارِ الأشیاء، فلو تلفّظَ بلفظةِ "بعتُ" لتکوّنَ البیعُ تلقائیّاً بلا قصد الإیجاد في النفس الباطنيّ.

5. و خامساً: إنّ محضَ الإبراز و الإعلانِ لا یَعني أنّ المتحدِّثَ قد استَعملَ اللَّفظَ في معنیٍ جدیدٍ کي تَتزایدُ الاستعمالاتُ بل عملیّةُ الإظهارِ تُعدّ من تَجلیّاتِ المَعنی المَقصود الذّهنيِّ -لا من نفس الاستعمال- فتکثّرُ المُبرِزاتِ لا یُسبّبُ تکاثرَ الاستعمالات.

--------------------------
[1] خوئی ابوالقاسم. محاضرات في أصول الفقه (الخوئي). Vol. 2. ص123 قم - ایران: انصاريان.
[2] و قد استَشکلنا علی منهجیَّتِه مسبقاً و نشیرُ إلیها الآن:
1. إنّ السیّدَ الخوئيَّ قد بنی نَظرِیَّتَه في بابيِ الوضعِ و الإنشاءِ علی "قصدِ الاعتبارِ الشخصيِّ في النّفس" حیث قد عبّرَ عن الوضعِ بالتعهد ما بین الطرفین، سواءٌ قد تَعاهَدَه و اعتبرَه المولی العرفيُّ أو اللهُ سبحانَه، إذن فلو خلَقَ الإنسانُ في نفسه اعتباراً شخصیّاً ثمّ أبرَزَه عبرَ الکلماتِ لأصبحَ هذا الإبرازُ هو نفسَ الإنشاءِ، بینَما نُلاحظُ علیه بأنّ توقُّفَ الإنشاء علی الاعتبار الشخصيّ في نفسِه لا یَصدُق بالنسبةِ إلی الله تعالی فإنّه سبحانَه لا یُضاهینا بأن یُلاحظَ شیئاً في نفسه في البدایةِ ثمّ یُبرزُه في نفسِ النبيّ أو الإمام، نعم ربما یَحدُثُ ذلک الاعتبارُ الشخصيُّ في نفوس العقلاء حیث یتصوّرونَ الشیئَ ثم یَشتاقونَه ثم یُصدّقونه ثمّ یُریدونَه ثمّ یُنشأوُنَه بالألفاظ خارجاً، ولکنّ هذا الأسلوبَ الإنشائيَّ لا یَتوقّفُ دوماً علی قصد الاعتبارِ في جوف النفس، بل ربما أنشأَ الشّخصُ عقداً من دونِ أن یَلتفِتَ في باطنِه إلی القصد، إذن فاستحضارُ النیّةِ و القصد لا یُعدّ رکناً في الإنشائیّات و اعتبار الأشیاء فلو تلفّظَ بلفظةِ "بعتُ" لتکوّنَ البیعُ تلقائیّاً بلا قصد الإیجاد في النفس الباطنيّ.
2. إنّ نَهجَه یَصطدِمُ مع المُرتَکزَاتِ العرفیّة في أفقِ الوضع و الإنشاء، إذ المحورُ هي الرؤیةُ المتعارَفةُ بینما العرفُ لا یُنشأُ بهذا الأسلوب إذ حینما یَتفَوَّهُ ب"بعتُ" فلا یتعاهدُ مع الطرفِ المقابلِ ولا یُبرزُ أمراً نفسانیّاً مقصوداً في الذهن بل وفقاً لمیرزا النّائینيِّ -حیث قد رَفضَ السببیّةَ و المسبَبیّةَ للألفاظ- إنّ الألفاظَ تُعدُّ موضوعاً لتحقّق اعتبار الملکیة بحیث تُوفِّرُ ظرفَ المعنی فحسب، لا أنّ الواضع قد تعاهَدَ مع الناس حین الوضع ثمَّ أبرزَ أمرَه النفسانيَّ خارجاً، إذن فالعرفُ لا یُجبرُ المُنشأَ لکي یَعتبِرَ أمراً شخصیّاً في نفسه مع مخاطبِه، نعم أحیاناً یَعتبر المعتبرُ أمراً في نفسه ثمّ یقصدُه ثمّ یُبرِزُه.
3. إنَّ سنخیّةَ الإنشاءِ و الخبرِ تُعدُّ من أوصاف اللفظِ کلیتَ و لعلَّ و صیغةُ افعل أو فَعلَ أو زیدٌ قائمٌ، بینَما وفقاً لمُعتقدِ السیّد الخوئيِّ ستُصبحُ هویّةُ الإنشاءِ و الإخبارِ من أوصاف المعنی لأن السیّدَ قد أوحَدَ ما بینهما في نقطةِ "إبرازِ الأمر النفسانيِّ" فکلا المنشأُ و المخبرُ مُبرزانِ لمعنی محدّدٍ باطنيٍّ إلا أنّ المُنشأَ یُبرزُ الإرادةَ و المخبرَ یُبرزُ الحکایةَ.
4. لو دقّقنا في تفسیرِ المشهور بأنّ الإنشاءَ هو "إیجادُ المعنی باللفظ" للاحظنا موافقتَه للمعنی اللغويِّ فإنّهم قد فسّروا الإنشاءَ و الإخبارَ بهذه الصِّیاغةِ، بینَما منهجةُ السیّد الخوئيِّ لا تُرافِقُ المعنی اللغويَّ في الإنشاء و الإخبار، فبالتالي، إنّا وفقاً للمشهور نجِدُ إیجاداً للمعنی بواسطةِ اللفظ بینما السیّدُ قد استَنکَرَ الإیجادَ من أساسِه بحیث یری الإنشاءَ و الإخبارَ إبرازاً فحسب.
5. إنّ الباءَ الجارّةَ في تعریف المشهور "إیجادُ المعنی باللفظ" لیسَ باءَ السبَبیَّةِ کي یُزعمَ منه الإیجادُ التکوینيُّ للمعنی ثمّ یَعتريَ الإشکالُ علی المشهور کما زعمه السیّد الخوئيُّ أیضاً، بل الباءُ للاستعانةِ -أو السببیةِ بمعنی جزءِ العلّة- فإنّ المشهورَ یَعتقدُ بأنّ العقلاءَ بعونِ اللفظِ یُهیِّأوُنَ ظرفَ المعنی في عالم الاعتبارِ لا الإیجاد بلون العلیّةِ التامّةِ في الخارج کما زعمه المعترضون، إذن فطاقةُ الموجِدِ اللفظيُّ هو بحدِّ المقتضي للموضوع -جزءِ العلّةِ- في عالم الاعتبار وذلک نظراً إلی البرهانِ العقليِّ الشهیرِ بأنَّ اللفظَ لا یُعدُّ في سلسلة عللِ خلقِ المعنی، فبالتالي، ثمّةَ تمایزٌ ما بین الخبر و الإنشاءِ حیث إنّ المخبرَ لا یُولّدُ شیئاً بل یَقُصّ ما حادثَ بینما المُنشأُ یَخلُقُ اعتباراً و یُنشأُ موضوعَ الحکم الشرعيّ کالملکیة و... .

الملصقات :


نظری ثبت نشده است .