درس بعد

الاوامر

درس قبل

الاوامر

درس بعد

درس قبل

موضوع: مادة الأمر و صیغته


تاریخ جلسه : ١٤٠٢/٩/١٤


شماره جلسه : ۳۶

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • تعمیقُ الحوار حولَ آیةِ الرتق

  • مُلاحظتان تجاه صاحب المیزان

  • العود إلی عینیّة الصفات مع الذات

  • استعراضُ الأسفار لمقالةِ أمیر المؤمنین علیه السلام

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

تعمیقُ الحوار حولَ آیةِ الرتق
إن ظهور آیة الرتق: أولم یرَ الذین کفروا أنَّ اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضَ كٰانَتٰا رَتْقاً فَفَتَقْنٰاهُمٰا وجعلنا من الماء کل شیئ حيّ، أفلا یؤمنون. یَدعمُ القاعدةَ الرئیسیّة الفلسفیّة: أن بسیطَ الحقیقة هو کلُ الأشیاء. و أما وجه الترابط ما بین الآیة و القاعدة فقد نقّحَه الأسفارُ بأن الرتق هو الانسدادُ بحیث ینضمّ و یندمِجُ بعضُه إلی بعضه الآخر، و لهذا فإنّ الشیئَ الأوليّ المکنون في الذات الإلهيّ کان مُنسدّاً في ذاتِ الله ثم انفتَق و انشقّ من وجود الباري تعالی فاکتسبَ وجوداً مادیّاً دنیویّاً.

إذن فالآیة لا تتلخّص في المادیات بل تعُمّ المجرّدات المرموزةَ، و ذلک نظراً إلی تعبیرِها الکنائيِّ بحیث أرادت أن تُشیرَ من خلال کلمة "السماوات و الأرض" إلی مُطلق الوجود الذي قد غطّی کافةَ الوجودات العالميّةِ المُتناثرة من المجرّدات و المادّیات.

مُلاحظتان تجاه صاحب المیزان
1. لقد ترجَم صاحبُ المیزان لفظةَ "الرتق" بمعنی التصاق السماوات مع الأرضین ثُم انفَتَقت و تفتّحت، و هذا یدلّ بأنهما آنذاک کانتا شیئاً واحداً ثم انفصَلَتا، إلا أن هذه الترجُمة تُضادُّ ظاهر الآیةِ و الروایةِ و خلاف الروایة الواردة ضمن الکافي عن الباقر علیه السلام:

أنّه سُئل عن هذه الآیة فقال علیه السلام: فلعلّک تزعُم أنّهما کانتا رتقاً مُلتزِقَتان مُلتصِقتان ففُتِقَت إحداهما من الأخرى، فقال نعم، فقال علیه السلام: استغفر ربّک فانّ قول اللّٰه عزّ و جلّ: كٰانَتٰا رَتْقاً، كانت السّماءُ رتقاً لا تُنزِّل المطرَ و كانت الأرض رَتقا (منضمّةً بنفسها) لا تُنبِت الحبَّ فلمّا خلق اللّٰه الخلق و بثّ فيهٰا من كلّ دابّة فتق السّماءَ بالمطر و الأرض بنبات الحبّ.

فسیراً مع تفسیر الروایة المذکورة، قد صرّحت اللغاتُ بأن الرتق یعني المُنسد المجتمِع بنفسه، لا الانضمام بشیئ آخر، و لهذا فیَنحلُّ الرَتق لکل واحد أي قد رَتقَ سبحانه السماءَ رتقاً و رتقَ الأرض رتقاً لأنهما کانتا مُنسدتین و منضمّتین في وجود الله تعالی ثم تجزَّئت عن الوجود البسیط و ترکّبت تناسباً مع عالم الدنیا، نظیر قولک: کان زیدٌ و عمروٌ أدیباً، أي کلُ واحدٍ منهما یُعدّ أدیباً.

2. و الخطأ التالي الصادر من صاحب المیزان هو أنه قد زعمَ قائلاً: إن الآیة توَدّ الإجابةَ علی مُعتقد الکفّار الوَثنیّین بأن الله هو الخالق و لکنّ التدبیرَ بید الأصنام، بینما قد أجابَهم الله تعالی بأن الخلقةَ تُلازم التدبیرَ، فلا یَنفکّان، و لهذا قد خلقهم و أوجدهم بالرتق ثم فَتقَهم بالتدبیر، و إلیک نصَّ عبارته:

المراد بالذين‏ كفروا- بمقتضى‏ السياق‏- هم الوثنيون حيث يفرقون بين الخلق و التدبير بنسبة الخلق إلى الله سبحانه و التدبير إلى الآلهة من دونه و قد بين خطأهم في هذه التفرقة بعطف نظرهم إلى ما لا يرتاب فيه من فتق السماوات و الأرض بعد رتقهما فإن في ذلك خلقا غير منفك عن التدبير، فكيف يمكن قيام خلقهما بواحد و قيام تدبيرهما بآخرين.[1]

إلا أن تفسیرَه یُضادّ ظاهرَ الآیة القائلةِ بأن کل واحدةٍ من السماوات و الأرض قبلَ الخلقة کانت رَتقاً ثم فتقَهما فأصبحتا حادِثَتینِ ذاتَ فعّالیّة، فلم یَنطرِح موضوعُ التدبیر ضمن الآیة بل المتبادَرُ من مجموع الآیة هي مسألةُ الخلقة و الإیجاد من خلال تعبیره تعالی: بالرتق و الفتق، فإنهما من نمط الخلقة لا من نمط التدبیر و التنظیم.

العود إلی عینیّة الصفات مع الذات
و انطلاقاً من قاعدة: إنّ بسیطَ الحقیقة هو کلُ الأشیاء. نقول بأن الله کلُه الوجودُ بل هو کلُ حقائقِ الوجودات أیضاً و لکن لا بحدودِها الظاهري و نواقصها و شوائبِها، بل هو تعالی یُعدّ مَبدءاً لحقائقِها، و أما تلک النواقص و الحدود فهي من مُتطلَّبات هذه الحیاة الدنیّةِ المادّیة، ذاتِ الأجزاء و الترکیب، و لیس کذلک حقیقتُها، و لهذا نحن قد رکّزنا الأذهان إلی ما قبل خلقةِ المادّیات بحیث کان وجودُها رتقاً و مندرجاً آنذاک ضمنَ وجودِ الله تعالی؛ فبالتالي لا ضیرَ لکي نعتقدَ بأن وجودَ الله تعالی قد احتوی علی حقائِقها الوجودیّة النوریّة المقتَبَسَة من أصل وجود الله النوريّ.

و قد استدل الأسفار علی عینیة الصفات الذاتیة مع الذات الإلهيّ، قائلاً:

الأول أن هذه الصفات الكمالية كالعلم و القدرة و غيرهما لو كانت زائدة على وجود ذاته لم يكن ذاته في مرتبة وجود ذاته مصداقا لصدق هذه الصفات الكمالية فيكون ذاته بنفس ذاته عاريةً عن معاني هذه النعوت فلم يكن مثلا في حد ذاته بذاته عالما بالأشياء قادرا على ما يشاء و التالي باطل لأن ذاته مبدأ كل الخيرات و الكمالات فكيف يكون ناقصا بذاته مستكملا بغيره فيكون للغير فيه تأثير فيكون منفعلا من غيره و إنه فاعل لما سواه فيلزم تعدد جهتي الفعل و الانفعال و هو محال فكذا المقدم و أما لوازم الماهيات فهي ليست أمورا كمالية حتى يلزم من لزومها للماهية - أن يستفيد الماهية منها كمالا فيلزم الإفادة و الاستفادة الموجبتان لتكثر الجهتين في الذات الواحدة بل هي أمور اعتبارية من توابع الماهية.[2]

استعراضُ الأسفار لمقالةِ أمیر المؤمنین(علیه السلام)
و قد وقع في كلام مولانا و إمامنا مولى العارفين و إمام الموحدين ما يدل على نفي زيادة الصفات لله تعالى بأبلغ وجه و آكده حيث قال في خطبة من خطبه المشهورة -: أول الدين معرفته و كمال معرفته التصديق به و كمال التصديق به توحيده و كمال توحيده الإخلاص له و كمال الإخلاص له نفي الصفات عنه لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف و شهادة كل موصوف أنه غير الصفة - فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه و من قرنه فقد ثناه و من ثناه فقد جزأه و من جزأه فقد جهله و من جهله فقد أشار إليه و من أشار إليه فقد حده و من حده فقد عده و من قال فيم فقد ضمنه و من قال على م فقد أخلى منه انتهى كلامه المقدس على نبينا و عليه و آله السلام و الإكرام.

و هذا الكلام الشريف مع وِجازته (و ملخّص) متضمّنٌ لأكثر المسائل الإلهية ببراهينها - و لنُشِر إلى نبذ من بيان أسراره و أنموذج من كنوز أنواره.[3]

--------------------
[1] الميزان في تفسير القرآن، ج‏14، ص: 278.
[2] الحکمة المتعالیة في الأسفار العقلیة الأربعة، قم - ایران، مکتبة المصطفوي، جلد: ۶، صفحه: ۱۳۳.
[3] الحکمة المتعالیة في الأسفار العقلیة الأربعة، قم - ایران، مکتبة المصطفوي، جلد: ۶، صفحه: ۱۳۵.


الملصقات :


نظری ثبت نشده است .