درس بعد

الاوامر

درس قبل

الاوامر

درس بعد

درس قبل

موضوع: مادة الأمر و صیغته


تاریخ جلسه : ١٤٠٢/٩/١٣


شماره جلسه : ۳۵

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • مُحادثةٌ حول اندماج الصفات الذاتیة مع الذات الإلهیة

  • مقالةُ ملاصدرا حول الصفات الإلهیة

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

مُحادثةٌ حول اندماج الصفات الذاتیة مع الذات الإلهیة
لقد سجّلنا في ثنایا الأبحاث المسبقة أن الصفاتِ الإلهیةَ مندمجةٌ مع الذات الإلهيّ لأنه تعالی بسیطُ الحقیقة فلأجل محضانیّته یُعدّ تعالی کلَ الأشیاء و الموجودات.

ثم إن هذه النِقاط بأسرِها تُعدّ من الغوامض الإلهیة لا یَستوعِبُه عقلُ کلِ فرد، إذ یَشُقّ علی العقل أن یُدرکَ بساطة الموجود الذي لا شائبة فیه و لا ترکیب بحیث تستدعي هي البساطةُ الإلهیة أن یُحسَبَ وجودُ الله تعالی کلَ الوجودات و الموجودات لأنه تعالی هو عین الوجود الکامل و إلیه یَئول کلُ الکمال.

و علی ضوئه قد ورد ضمن دعاء السحر: اللهم إني اسئلکم من بهائک بأبهاهُ و کلُ بهائکَ بَهیيٌّ، اللهم إنی اسئلک من جمالک بأجمله و کلُ جمالک جمیل.... ولولا الإمعانُ في معنی البساطة و الصرفیّة الإلهیّة لما أدرکنا مَغزی هذه المأثورات العالیةِ المضامین لأنها قد لاحظت عینَ وجودِه و کماله المستجمِع لکل الصفات الراقیة ثم عبّرت بهذه التعابیر الرائعة.

أما مُصطلَحُ "الوجود المطلق" فقد أطلقه الحُکماء لکي یُبرّئوا اللهَ تعالی عن شوائبِ العدم و النقصان لأنهم قد افترضوا أنه تعالی یَکتَنفُ تمام الوجودات، و لهذا قد ورد في حقّه تعالی: هو الله الذي لا إله إلا هو، فهو تمام الوجود المتکامِل.

و کما تری، إن هذه التعابیر الطریفة هي قمّةُ طاقةِ الألفاظ القاصرة عن تبیین کُنهِ ذاته المُتعال.

و سیراً في هذا المسار سنَستَعرِضُ تصریحاتِ الأسفار ضمن العنوان التالي:

مقالةُ ملاصدرا حول الصفات الإلهیة
إن العرفاء قد اصطلحوا في إطلاق الوجود المطلق -و الوجود المقيد على غير ما اشتهر بين أهل النظر فإن الوجود المطلق عند العرفاء عبارةٌ عما لا يكون محصورا في أمر معين محدوداً بحدّ خاص، و الوجود المقيد بخلافه كالإنسان و الفلك و النفس و العقل و ذلك الوجود المطلق هو كل الأشياء على وجهٍ أبسطَ، و ذلك لأنه فاعلُ كلِ وجودٍ مقيد و كمالُه و مبدأُ كل فضيلة أولى بتلك الفضيلة من ذي المبدإ فمبدأ كل الأشياء و فياضها يجب أن يكون هو كل الأشياء على وجه أرفع و أعلى فكما أن السواد الشديد يوجد فيه جميع الحدود الضعيفة السوادية -التي مراتبها دون مرتبة ذلك الشديد على وجه أبسط و كذا المقدار العظيم يوجد فيه كل المقادير التي دونه من حيث حقيقة مقداريتها لا من حيث تعيناتها العدمية من النهايات و الأطراف فالخط الواحد الذي هو عشرة أذرع مثلا يشمل الذراع من الخط و الذراعين منه و تسعة أذرع منه على وجه الجمعية الاتصالية و إن لم يشتمل على أطرافها العدمية التي يكون لها عند الانفصال عن ذلك الوجود الجمعي و تلك الأطراف العدمية ليست داخلة في الحقيقة الخطية التي هي طول مطلق حتى لو فرض وجود خط غير متناه لكان أولى و أليق بأن يكون خطا من هذه الخطوط المحدودة - و إنما هي داخلة في ماهية هذه المحدودات الناقصة لا من جهة حقيقتها الخطية - بل من جهة ما لحقها من النقائص و القصورات و كذا الحال في السواد الشديد - و اشتماله على السوادات التي هي دونه و في الحرارة الشديدة و اشتمالها على الحرارات الضعيفة فهكذا حال أصل الوجود و قياس إحاطة الوجود الجمعي الواجبي الذي لا أتم منه بالوجودات المقيدة المحدودة بحدود يدخل فيها أعدام و نقائص خارجة عن حقيقة الوجود المطلق داخلة في الوجود المقيد و إليه الإشارة في الكتاب الإلهي – أولم یرَ الذین کفروا[1] أَنَّ اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضَ كٰانَتٰا رَتْقاً فَفَتَقْنٰاهُمٰا وجعلنا من الماء کل شیئ حيّ، أفلا یؤمنون- و الرتق إشارة إلى وحدة حقيقة الوجود الواحد البسيط (حیث کانت السماوات مندمِجةً و مسدودةً) و الفتق تفصيلُها (و فتحُها) سماءً و أرضاً و عقلاً و نفساً و فلكاً و ملَكاً (فإنّ کل هذه الأشیاء کانت راسخةً في وجود الله ثم فکّکها تعالی عن بعضها البعض و منحها وجوداً ) و قوله تعالى: وَ جَعَلْنٰا مِنَ اَلْمٰاءِ كُلَّ شَيْ‌ءٍ حَيٍّ. و هل الماء الحقيقي إلا (معنی) رحمتَه التي وسِعت كل شيء و فيضَ جوده المارّ على كل موجود (أي قد خلَقَنا من رحمته الواسعة و من وجوده الفیّاض فحسب) و كما أن الوجود حقيقةٌ واحدة سارية في جميع الموجودات على التفاوت و التشكيك بالكمال و النقص (فکل الموجودات الکمالیةِ نابعةٌ عن وجود الله تعالی فلیست الموجودات الناقصة هي عین الله لأنه تعالی کمالٌ مطلق و لهذا قد أثبتنا أن الله عدیمُ الماهیة تماماً فلا حدّ له، و معنی سرایتِه هو أن الشیئَ المتواِجِد کقطرةٍ ضمن الوجود الحقیقيّ البسیط الإلهيّ) فكذا صفاته الحقيقية التي هي العلم و القدرة و الإرادة و الحياة سارية في الكل سريانَ الوجود على وجه يعلمه الراسخون فجميع الموجودات حتى الجمادات حية عالمة ناطقة بالتسبيح شاهدة لوجود ربها عارفة بخالقها و مبدعها كما مر تحقيقه في أوائل السفر الأول و إليه الإشارة بقوله وَ إِنْ مِنْ شَيْ‌ءٍ إِلاّٰ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ لٰكِنْ لاٰ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ لأن هذا الفقه و هو العلم بالعلم لا يمكن حصوله إلا للمجرّدين عن غواشي الجسمية و الوضع و المكان.[2]

و تتمیماً لهذه المقالة نقول: بأن تعابیر الأسفار رغم أنها لم ترِد بعینِها ضمن الروایات إلا أنها مُصطادةٌ من بیانات العترة الطاهرة حیث إنهم علیهم السلام قد أشاروا إلی ألطاف حقیقته تعالی، فبالتالي إن هذه العبارات تُعدّ إشاراتٍ إلی حقیقته تعالی.

و أما ظاهر الآیة: و جعلنا من الماء کل شیئ حيّ. فالقدر المتیقّن هو الماء الظاهري المحسوس و السماواتُ التي فوق رُؤوسِنا حیث قد ورد أنها لم تمطُر ثم شاء الله أن تمطُر فمطرت، إلا أن الأسفار یودّ التوصّل إلی نکتةٍ خاصة، تفوق الظاهرَ المحسوس و هي أن الآیةَ تستبطن أعمقَ البواطنِ نظیر الآیة: ن و القلمِ و ما یسطرون. حیث قد فسروها بقلم التشریع لا القلم الظاهريّ لأنه لا یتلائم مع شأنیة الباري تعالی و منزلة القرآن الکریم، فکذلک آیةُ الرتق و الفتق حیث قد أشارت إلی اتحاد وجود العالم مع وجود الباري تعالی اتحاداً رتقاً ثم فکّک وجودَها انفکاکاً فتقاً، ولهذا قد ورد: کان الله و لم یکن معه شیئٌ. فلم یقل: لم یکن في ذاته شیئٌ. فهذه المعیّةُ تعني أنه لم یتواجد أيُّ شیئ حتی الزمن فکانت رَتقاً ثم فتقَها و أوجدها بکشف الستار عنها، فبالتالي قد تولدت عن الوجود المطلق.

و أما السبب الذي استدعانا أن نفسّر السماواتِ بالعالم مع ما احتَواه من المجردات و المادیات فلأجل أن تعبیر الآیة یُعدّ کنائیّاً قاصداً المظاهرَ الأساسیةَ في العالم من المادّة و المجرّد، فإنه تعالی قد شاء إبداعَ کلِ شیئ و إیجاده و لکنّ الوجود کان رتقاً منسدّاً ثم فتحه و فتقَه ثم تحققت سائر الموجودات من هذا الوجود المطلق الإلهيّ.

-------------------
[1] فإن الله یلومهم بأنهم کیف لم یعلموا و لم یتدبروا
[2] الحکمة المتعالیة في الأسفار العقلیة الأربعة، قم - ایران، مکتبة المصطفوي، جلد: ۶، صفحه: ۱۱۷



الملصقات :


نظری ثبت نشده است .