درس بعد

الاوامر

درس قبل

الاوامر

درس بعد

درس قبل

موضوع: مادة الأمر و صیغته


تاریخ جلسه : ١٤٠٢/٩/١٩


شماره جلسه : ۳۸

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • دوامُ السیر مع خطبة أمیر المؤمنین(ع)

  • إنهاءُ الحوار من کتاب الأسفار

  • لَمعةٌ أساسیّةٌ حول الأسفار

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

دوامُ السیر مع خطبة أمیر المؤمنین(ع)
لحدِّ الآن قد طرحنا مرحلةَ المعرفة الإلهیّة ثمّ تصديقِ الله ثمّ توحيده ثمّ الإخلاص له، و الآن سنَعرُجُ إلی المرحلة الخامسة، و قد شرحها الأسفار قائلاً:

قوله علیه السلام: و كمالُ الإخلاص له نفيُ الصفات عنه، أراد به نفيَ الصفات التي وجودُها غيرُ وجود الذات (إذ الصفةُ تغایرُ الموصوف) و إلا فذاته (البسیط) بذاته مصداقٌ لجميع النعوت الكمالية و الأوصاف الإلهية من دون قيام أمر زائد بذاته تعالى (بخلاف الإنسان الذي تَزید صفاتُه علی ذاته فربما یقدِر و ربما یعجَز فهي لیست من ذاتِ الإنسان)، فرضِ أنه صفة كمالية له، فعلمه و قدرته و إرادته و حياته و سمعه و بصره كلها موجودة بوجود ذاته الأحدية مع أن مفهوماتها متغايرة و معانيها متخالفة فإن كمال الحقيقة الوجودية في جامعيتها للمعاني الكثيرة الكمالية مع وحدة الوجود.

إذن، فیتلخّصُ الإخلاصُ في الزهد القلبيِّ الاعتقاديّ -لا العمليّ- إخلاصاً عن کافّة الصّفات المَشینة و النواقص و... وفقاً لتفسیر ابنِ میثم، و قد أشار السید الخوئيّ أیضاً إلی کیفیّة انعدام الصفات السلبیّة عن الذات الإلهيّ.[1]

فرغم أن عبارةَ "نفيَ الصفاتِ عنه" ظاهرٌ في نفي کافّةِ الصفات عن الباري، إلا أن الإمامیّةَ وفقاً لسائر الأدلة الأخری، قد أطبَقَت علی أن الصفاتِ الذاتیّة تعدّ عینَ الذات فلا تَتفکّکُ عنه، فنَستَتِجُ أن مَنويَ الإمام هي حذفُ الصفات العارضیة الزائدة أو السلبیّةِ عنه الباري.

بل نترقّی فنقول: إنّ حملَ الصفات الذاتیّة علی ذات الله کالعلم أو القدرةِ یُعدّ مسامحيّاً لدی أذهان البشر إذ قوّة التخیّل لدی الإنسان متوقّف علی تصویر صورةٍ مّا، لکي یُصدِّقَها، بینما قد شرحنا مسبقاً عینیّةَ الصفات الذاتیّة مع الذات الإلهيّ بلا اثنَینِیّة في البین فالله هو العلم و القدرة و الحیاة بتمامِها، إذن أمثال هذه التعابیر تعدّ مسامحيّةً من باب ضیق الخناق.

 
إنهاءُ الحوار من کتاب الأسفار
قوله علیه السلام: لشهادة كلّ صفة أنها غير الموصوف و شهادة كل موصوف أنه غير الصفة، إشارة إلى برهان نفي الصفات العارضة سواء فرضت قديمة كما يقوله الأشاعرة (بأن صفاتِه زائدةٌ علی ذاته و لکنها قدیمة) أو حادثةً، فإن الصفة إذا كانت عارضة كانت مغايرة للموصوف بها و كلٌ متغايران في الوجود، فكلٌ منهما متميز عن صاحبه بشيء و مشارك له بشيء آخر و ذلك لاشتراكهما في الوجود (فنفي الصفات التي ذکرها الإمام هي الصفات الزائدة العارضیّة لأنها تُغایر الوجودَ لا الصفاتُ الذاتیّة التي هي عینُ وجوده تماماً) و محالٌ أن يكون جهةُ الامتياز عينَ جهة الاشتراك و إلا لكان الواحد بما هو واحد كثيرا بل الوحدة بما هي وحدة بعينها كثرة هذا محال - فإذن لا بد أن يكون كل منهما مركبا من جزء به الاشتراك و جزء به الامتياز فيلزم التركيب في ذات الواجب و قد ثبت أنه بسيط الحقيقة هذا خلف و إليه الإشارة بقوله.[2]

و باختصار، من المبرَم أن ننفيَ الصفات المُتواجِدَةِ في المخلوقین لأنها حادثةٌ و کذا الصفات السلبیة لأن الله کمالٌ محض -حتی لو کانت قدیمةً- إذ بسیطُ الحقیقة من جمیعِ الجهات یُعدّ عدیمَ الترکیب حتی ترکیباً وصفیّاً و موصوفیّاً، أجل، إنّ المُمکناتِ الماديةَ تتمتّع بأجزاءٍ مادیّة و الممکناتِ العقلیةَ کالمَلَک تتمتّع بأجزاءٍ عقلیّة، بینما الباري تعالی هو منعدمُ الترکّب و الجزئیّة لأنهما یَتَطلّبانِ الفقرَ و الحاجةَ بینما الباري تعالی بریئٌ عن الأجزاء المادیة و العقلیة إطلاقاً، فکلُّ هذه البیانات وفقاً للأسفار الذي استَحکمَت مقالتُه بخطبة الإمام علیه السلام.

فمَن وصفه فقد قَرَنه إلى قوله فقد جهله، أي من وصفه بصفة زائدة فقد قرنه بغيره في الوجود و إذا قرنه بغيره فقد جعل له ثانيا في الوجود و كلما فرضه ثاني اثنين فقد جعله مركبا ذا جزءين بأحدهما يشاركه في الوجود و بالآخر يباينه - فكلامه ع إذ هو منبع علوم المكاشفة و مصدر أنوار المعرفة نص على غاية تنزيهه تعالى عن شوب الإمكان و التركيب فيلزم من هذا التنزيه و التقديس أن لا موجود بالحقيقة سواه و هذه الممكنات من لوامع نوره و عكوس أضوائه و قد مرت الإشارة إلى أن غاية التوحيد توجب أن يكون الواحد الحقيقي كل الأشياء فهو الكل في وحدته و لهذا عقب هذا الكلام الذي في نفي الصفات.[3]

بقوله علیه السلام و من أشار إليه فقد حده إلى آخره، أي من أشار إليه بأي إشارة كانت حسية أو عقلية بأن قال هاهنا أو هناك أو كذا و كذلك فقد جعله محدودا بحد خاص و من حده بحد معين فقد عده أي جعله واحدا بالعدد لا بالحقيقة و قد ثبت أن وحدته الحقة ليست مبدأ الأعداد و واحد الأفراد و الآحاد و هو محال.

و على هذا يجب أن لا يكون محصورا في شيء و لا يخلو عنه شيء فلا يكون في أرض و لا في سماء و لا يخلو عنه أرض و لا سماء كما ورد في الحديث لو دليتم بحبل على الأرض السفلى لهبط على الله و لهذا قال علیه السلام: و من قال فيم فقد ضمنه و من قال على م فقد أخلى منه، تصديقا لقوله تعالى هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مٰا كُنْتُمْ‌ و قوله مٰا يَكُونُ مِنْ نَجْوىٰ ثَلاٰثَةٍ إِلاّٰ هُوَ رٰابِعُهُمْ وَ لاٰ خَمْسَةٍ إِلاّٰ هُوَ سٰادِسُهُمْ‌ و قوله تعالى وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ اَلْوَرِيدِ و قوله في الحديث القدسي: كنت سمعه و بصره و يده و قول النبي ص: إنه فوق كل شيء و تحت كل شيء قد ملأ كل شيء عظمته فلم تخل منه أرض و لا سماء و لا بر و لا بحر و لا هواء و قد روي أنه قال موسى: أ قريب أنت فأناجيك أم بعيد أنت فأناديك فإني أحس حسن صوتك و لا أراك فأين أنت فقال الله أنا خلفك و أمامك و عن يمينك و شمالك أنا جليس عند من يذكرني و أنا معه إذ دعاني و أمثال هذا في الآيات و الأحاديث كثيرة لا تحصى.[4]

لَمعةٌ أساسیّةٌ حول الأسفار
إنّ التجوّلُ و الانغمار في مقولة الأسفار لا یَعني تبریرَ کافّة مقالاتِ الفلاسفة بل إن الأسفار کشتّی الکتب الأخری قد واجَهَ اعتراضاتٍ بل هجَماتٍ عدیدةٍ، و ذلک لأن عبائرَ الحُکماءِ ربما تُوهم باعتقاداتٍ مُزیَّفَة، فمعنی اتحادِ الموجودات مع الله تعالی لا یستتبعُ اندماجه تعالی مع النواقص و الشوائب أیضاً، بل مقصودُهم أن الوجودَ الحقیقيّ المُتکامِل الإلهيّ قد أُفِیضَ علی شتّی الموجودات فتَواجَدَت بنحو وجودٍ غیر حقیقيّ إذ الوجود الحقیقيّ هو بسیط الوجودِ الصرِف، و أما النواقص و المعاییب العارضة علی الموجودات فقد نشأت من هذه النشأةِ الدنیویّةِ الحادثة إذ کلّ ممکن حادث و ناقصٌ بَتّاً، و لهذا قد قال تعالی: لیس کمثله شیئ، فکل المُماثِلات تُغایر المُتمثَّلَ به في أصل الوجود القدیم الکامل التامّ، رغم أن أصل الوجود نابعٌ عن الله تعالی، إذن، من المُستحیل أن یُماثِل شیئٌ وجودَ الله تعالی إذ لا شریک له أساساً، و من هنا قد اتّضح لک أن السنخیّةَ المطروحةَ ضمن الفلسفة هي علی سنخ هذه الآیةِ و علی نسق خطبة أمیر المؤمنین علیه السلام إذ إنّا نسیرُ إثرَ مسار الکتاب و العترة فحسب فلا ندعَم علمَ الفلسفة بأسرِه إلا المطالبَ المشحونةَ من جانب الشرع، و أما علم الفلسفة یُعدّ ذَریعةً للتّعقّل في أمثال هذه المتنون الاعتقادیة العمیقة و لا یُدرک الإنسان مغازاها إلا بالبراهین العقلیّة السلیمة، فمن تلک المتون: یا مَن دلّ علی ذاته بذاته. و کذا الآیة: شهد الله أنه لا إله إلا هو... ، إذن، فذاته هو الذي قد نفی الصفاتِ الزائدةَ عن ذاته، فوَعيُ هذه البیانات الطریفة تفتقر إلی الاستدلالات العقلیة فإن الإمام علیه السلام قد صرّح قائلاً:

يا هشام: ما بعث اللّه أنبياءه و رسله الى عباده الا ليعقلوا عن اللّه فأحسنهم استجابة أحسنهم معرفة، و أعلمهم بأمر اللّه أحسنهم عقلا، و أكملهم عقلا أرفعهم درجة في الدنيا و الآخرة. يا هشام: ان للّه على الناس حجتين: حجة ظاهرة و حجة باطنة، فأما الظاهرة فالرسل و الأنبياء و الائمة عليهم السلام، و أما الباطنة فالعقول.[5]

--------------------
[1] منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة.[1]
[2] الحکمة المتعالیة في الأسفار العقلیة الأربعة، قم - ایران، مکتبة المصطفوي، جلد: ۶، صفحه: ۱۴۰
[3] الحکمة المتعالیة في الأسفار العقلیة الأربعة، قم - ایران، مکتبة المصطفوي، جلد: ۶، صفحه: ۱۴۱
[4] الحکمة المتعالیة في الأسفار العقلیة الأربعة، قم - ایران، مکتبة المصطفوي، جلد: ۶، صفحه: ۱۴۱
[5] التعلیقة علی کتاب الکافي، قم - ایران، مطبعة الخيام، صفحه: ۳۴


الملصقات :


نظری ثبت نشده است .