درس بعد

الاوامر

درس قبل

الاوامر

درس بعد

درس قبل

موضوع: مادة الأمر و صیغته


تاریخ جلسه : ١٤٠٢/١١/١٥


شماره جلسه : ۶۴

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • اعتراضیّةُ المحقّق الاصفهانيّ تجاه أستاذِه

  • تنویر مقالةِ المحقِّق الاصفهانيّ حولَ الجبر

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

اعتراضیّةُ المحقّق الاصفهانيّ تجاه أستاذِه

لقد استعرضنا أدلةَ الجبریّینَ بأنّ کافّة أفعالِنا قد سبَقَتها الإرادةُ بدایةً و حیث إنّ إرادتَنا تُعدّ من الممکنات فیَتحتّمُ:

1. إما أن تَعود الإرادة إلی إرادةٍ مُسبقَة و هکذا... ولکنّه یَستتبعُ التّسلسلَ المستحیل.

2. و إما أن تَنتهيَ الإرادةُ إلی إرادةٍ عدیمةِ النّهایة فهي تنحصرُ في إرادة الله تعالی فحسب، و بذلک سنَستَنتِجُ الجبرَ إذ إرادتُنا لم تَنبَع من اختیارِنا بل نابعةٌ من إرادة الله تعالی فحسب، و بالتالي لم نَعُد مُختارینَ في أعمالِنا إطلاقاً.

و قد تصدّی الشیخ الآخوند للإجابةِ عنهم إلا أنّه قد أخفقَ في هذا المضمار.

و أما المحقق الاصفهانيّ فقد خاضَ الصراعَ مُبتَدِأً بتفسیر مقالةِ أستاذه، فحینما بلغَ المحقّق إلی عبارتِه أستاذِه القائل:

إنما يَخرُج بذلك (بإرادة الله التکوینیّة) عن الاختيار لو لم يكن تعلقُ الإرادةِ بها (التکالیف) مسبوقةً بمقدِّماتها الاختيارية و إلا (فلو أصبحت مقدماتُ الإیمان أو الکفر اختیاریّةً) فلا بد من صدورها (المقدمات) بالاختيار (إذ المکلّف قد نالَ مرتبةَ العلم و القدرة و الإرادة معاً فتحقّق له الاختیارُ فلا جبرَ إذن) و إلا (لو لم تصدُرِ المقدمة باختیار المکلّف) لزِمَ تخلف إرادته عن مراده تعالى عن ذلك علوا ًكبيراً.

فاستَفتَحَ المحقّقُ إشکالیَّتَه قائلاً:

«و أمّا لابدّية صدور الفعل بالاختيار، و انقلاب الأمر على الجبري، فهو أجنبي‏ عن‏ جواب‏ هذا الاشكال‏ بالخصوص، و لا يصحّ حمل اللابدّية في المتن على اللابدّيّة من حيث فرض توسّط الإرادة، و ذلك لأنّ لازمَ عدمه (الاختیار) الخلفُ، لا تَخلّفُ المراد عن إرادته تعالى.[1]»

ولهذا فانعدام الاختیار یُعدّ مخالفاً للفرض لأنّا قد افترضنا بأن هذا الفعل قد سَبَقَته مقدّمةٌ اختیاریّة ولهذا فلو اعتقدنا بالجبر لأصبحَ مخالفاً للمُفترَض، لا أنّ انعدامَ الاختیارِ یَتسبّبُ تخلّفَ الإرادة عن المراد کما زعمه الشیخ الآخوند، فالحقّ مع المحقّق إذ قد افترضنا انسباق المقدمة الاختیاریة قبلَ العمل فبالتالي لا یَحِقُّ لنا اتّخاذُ الجبر فإنّه خلاف الفرض، ولهذا فالضمیرُ في إرادتِه -لزِمَ تخلّفُ إرادته عن مراده تعالی- یَعود إلی المُرید لا إلی الله تعالی.

نعم لو أرجعنا الضمیر إلی إرادة الله تعالی لتمّت مقولةُ الشیخ الآخوند حول التّخلّف بأنّ إرادتَه تعالی لا تَتخلّف عن مراده تعالی، بینما ظهورُ العبارة أنّ الضمیر یعود إلی إرادة المرید فیُصبُح الجبرُ مخالفاً للفرض وفقاً لتصریح المحقّق الاصفهانيّ.

 
تنویر مقالةِ المحقِّق الاصفهانيّ حولَ الجبر
وأمّا الحوارُ الرئیسيُّ قد حالَ حولَ أنّ الإرادةَ إمّا أن تَتولّدَ من إرادةِ الله تعالی فحسب فهو الجبر و إما أن تَنشأَ من إرادة المرید الماضیة و أیضاً هذه الإرادة الثانیة ستَنبَع من إرادة المرید المسبقة فنَقَع ضمن کارِثةِ التّسلسل، فما هي الإجابةُ؟

و قد تکفّلَ المحقّق الاصفهانيّ بالإجابة قائلاً:[2]

توضيحه: أن الاشكال:

1. تارة في وجوب الفعل بإرادة الباري.(فإنّ الله لو أرادَ شیئاً لتحقّق بتّاً)

2. و اخرى في وجوب الفعل بإرادة الفاعل.(بحیث لو أرادَ المرید شیئاً لتحقّقَ بتّاً)

3. و ثالثة في وجوب نفس الإرادة. (بحیث تُعدّ الإرادةُ ضروریّةً فحسب لا أنّ الفعلَ ضروريٌّ کي یَستتبِعَ الجبرَ)

· و الأول ما توهمه الأشعري، و قد عرفت أنّ الفعل لم يتعلّق به إرادةُ الباري بما هو هو (کي یَحدُثَ الجبر) بل به بمبادِيهِ الاختيارية.(فالمکلّف یختارُ الأعمالَ بإرادتِه بواسطة إحدی المقدّمات الاختیاریّة)

· و الثاني مندفع بأنّ وجوب الفعل بالإرادة يؤكد إراديَّتَه. (فلو أراد الفاعلُ فعلاً مّا لأصبحَ الفعلُ واجباً حتماً و لَتحقّقَ بتّاً و هذا لا إشکالَ فیه)

و دعوى لزوم بقاء الارادة على حال بحيث لو شاء فعل، و لو لم يشأ لم يفعل فاسدة؛ لأنّ الإرادة ما لم تبلغ حدّا يستحيل تخلّف المراد عنها لا يمكن وجود الفعل؛ لأنّ معناه صدور المعلول بلا علّة تامّة، و إذا بلغت ذلك الحد امتنع تخلّفها عنه، و إلّا لزم تخلّف المعلول عن علّته التامّة.

· و أما الثالث (بأن نفسَ الإرادة تُعدّ ضروريّةَ التّحقّق) فبيانه: أن الإرادة من الممكنات، فلا بدّ من استنادها إلى‏ الإرادة الواجبة بالذات (تعالی) فليس فعل العبد بإرادته، حيث لا تكون إرادتُه بإرادتِه، و إلا لتسلسلت الإرادات (ولهذا قد ثبتَ الجبرُ في الإرادةِ)

و فيه: أنّ الفعل الاختياريَّ ما كان نفسَ الفعل بالإرادة (فنفسُ الفعل اختیاريٌّ) لا ما كان إرادتُه بالإرادة (فلا یَهمُّنا منشأُ الإرادةُ) فإنّ القادر المختارَ مَن إذا شاءَ فعلَ، لا مَن إذا شاءَ شاءَ، (فالمعیارُ هو أنّ الفاعلَ لو شاءَ شیئاً لفعلَه سواء أصبحتِ الإرادةُ ضروریةً أم لا إذ المیزانُ في تحقّق الاختیار لیست هی الإرادةَ ولهذا فضروریّتُها لا یُخرجُ الفعلَ عن الاختیار لأنّ المفترَض أنّ الفعلَ یُعدّ اختیاریّاً، فبه الکفایة) و إلا (لو کان المعیارُ هو إذا شاءَ شاء) لم يكن فعلٌ اختياريٌّ في العالَم حتى فعلِه- تعالى عما يقول الظالمون- (بینما أفعالُ الله تُعدّ اختیاریةً فهذا یَکشف عن المعیار هو اختیاریة الفعل فلا نَعبأُ بکیفیّة الإرادة) إذ المفروض أن اختيارية فعله- تعالى- لصدوره عن العلم و الإرادة، و لو كانت إرادته -تعالى- (متوقّفاً) بإرادته (الأخری) للزم أن لا يكون إرادته عين ذاته- تعالى- إذ لابدَّ من فرض إرادة أخرى ( لأنّ إرادتَه تعالی مسبوقة بإرادة أخری فتَتَسلسل) حتى تصح إرادية الأولى، فيلزم زيادةُ (الإرادة) الثانية على الاولى المتّحدة مع ذاته تعالى. (إذن فمجرد مسبوقیّة الإرادة من الفعل لا یعني أنّ الفعل یُعدّ اختیاريّاً بل حقیقة الفعل الاختیاريّ هو وجود الإرادة و العلم و الرضا فحسب سواء أصبحتِ الإرادةُ واجبةً أم لا فإنّ المُفتَرَضَ أنّ إحدی المقدمات اختیاریةٌ فیصبحُ الفعل اختیاریّاً)

· توضيحه: أن الإشكال:

- إن كان في أصل وجوب الإرادة ففيه: أن إرادته- تعالى- واجبة بالذات، فالامر فيها أشكلُ. (إذ ستتوقّف إرادتُه علی إرادته).

- و إن كان (الإشکال) في وجوبها بالغير- و انتهائها إلى الغير- ففيه: أن المانع من الانتهاء (و انتساب الفعل) إلى الغير ليس إلا لزومَ كون الفعل بجميع مقدماته- أو بهذه المقدمة الأخيرة- صادراً عن اختيارٍ (بحیث سیُصبح الفعل اختیاریاً حتی لو تعلّقتِ الإرادة بالغیر) فيَنتَقِضُ بإرادة الباري؛ إذ ليست إرادته من أفعاله الاختياريّة، مع أنه موجِبٌ لعدم كون الإرادةِ عينَ ذاته للزوم التّعدد، بل يشكل حتى على القول بعدم كون إرادته عين ذاته للزوم التسلسل. (فالمعیارُ الأساسيّ للاختیار هو أنّ الفاعل لو شاءَ لفعلَه ولکي لا ینتسب الفعلُ إلی الغیر فیتوجّبُ أن تکون إحدی مقدماته اختیاریةً بحیث لا یَنتسِبُ الفعل إلی الغیر، بلا دخل بنوعیة الإرادة)

فهذه المحادَثةُ هي فذلکةُ مقولةِ المحقق الاصفهانيّ بحیث قد مَنَحنا المیزانَ في اختیاريّةِ الفعل بلا علاقةِ بنوعیّة الإرادة، بینما الشیخ الآخوند قد اقتصَرَ علی ذکر مقدّمات الفعل الاختیاریّة بلا إعطاء الضابطة، حیث قال: قلت العقاب إنما بتبعة الكفر و العصيان التابِعَينِ للاختيار (الإنسانيّ) الناشئ عن مقدماته الناشئة عن شقاوتِهما الذاتية (الإنسانیة. بینما المحقّق الاصفهانيّ قد أضاءَ لنا المناطَ العامّ بأن الفعل علی أیّةِ حالة سیَصدُر عن الاختیار حتی لو أصبحتِ الإرادةُ واجبةً و بلا اختیار إذ أفعال الله تُعدّ اختیاريّةً فهي ناشئةٌ عن إرادتِه تعالی و في نفس الحین تُعدّ الإرادةُ عینَ ذاتِه تعالی بحیث لا یَستتبِع الجبرَ في أفعالِه و لا الاضطرارَ في أعمالِه إذ المحور هو الفعل الاختیاريّ رغم أنّ إرادتَه ناشئةٌ عن عینِ ذاتِه الواجبة و الضروریّة، فلا یَلتزِم أحدٌ بجبریّة الله تعالی زاعماً بأنّ إرادتَه ضروریّةٌ بضروریّة ذاتِه المقدّس.

فبالتالي رغمَ أنّ إرادةَ المُمکناتِ تئولُ إلی إرادةِ الواجب الوجود إلا أنّه لا ضیرَ لکي تتولّدُ الأفعال الاختیاریةُ من جانب الإنسان إذ المحور هو ألّا یَنتسِبَ الفعل إلی الغیر –الله تعالی- سواءٌ اقتَبسنا إرادةَ البشرِ من الله أو من إرادتِه نفسِه إذ لا نَلحظ سنخیّةَ الإرادةِ بل علینا أن نُراقِبَ بأنّ إحدی تمهیداتِ الفعل قد صدرت باختیارِه لأنّ الفاعلَ المختارَ لو شاءَ لفعلَ، فهو المیزان القویمُ في قَصفِ إشکالیّة الجبر، ثم یُکمل المحقّق حوارَه قائلاً:

«(لقد نشأ إشکالُ الجبر:) مضافاً إلى أنّ الحاجة إلى مراديّة الإرادة من جهة أنّ الإرادةَ من مقدّمات الفعل، فلو لم تكن بإرادته (الفاعل) لم يكن الفعل بإرادته و حينئذ (سیتولّد الإشکال مُجدّداً) فيُشكِل: بأن هذا الإشكال لا اختصاص له بالإرادة (الإلهیّة) بل يجري في علمه و قدرته و وجوده (تعالی) حيث إنّها ممّا يتوقّف عليه الفعل (الإلهيّ) و ليست تحت قدرته و اختياره.

و يسري هذا الإشكال في فعل الواجب تعالى؛ حيث إنه يتوقف على ذاته و صفاته، مع أنه ليس شي‏ء منها من أفعاله الاختيارية، فإنّ وجوب الوجود بالذات يقتضي كونه بلا علّة، لا كونه موجدا لذاته و صفاته. فمناط المقهورية و المجبورية- و هو عدم كون الفعل بجميع مقدماته تحت اختيار الفاعل- مشترك‏ بين الواجب و الممكن من دون دخل فيه للوجوب و الإمكان.»

و لأجلِ تَسلیس مقالة المحقّق نقول: إنّ وجود الله تعالی لیس اختیاریاًّ فالإرادةُ النابعة عن وجوده تعالی ستصبِحُ عدیمةَ الاختیار أیضاً، بینما لا یَلتزِم العقلُ السلیم بأنّ فعل الله عدیمُ الاختیار، إذن لو عزَمنا علی توسعةِ إشکال الجبر لاحتوی کلَّ الأفعال علی الإطلاق بینما الضابط هو صدور الفعل اختیاریاً رغم أن الإرادةَ و الوجود و القدرة و... واجبةً ذاتاً فرغمَ أنّ إرادتَه تعالی عینُ ذاته و لکنه لا یُهدِمُ اختیاریّة الفعل الإلهي فکذلک تجاهَ البشر الممکن)

---------------
[1] نهاية الدراية في شرح الكفاية، ج‏1، ص: 284
[2] نهاية الدراية في شرح الكفاية، ج‏1، ص: 285



الملصقات :


نظری ثبت نشده است .