درس بعد

الاوامر

درس قبل

الاوامر

درس بعد

درس قبل

موضوع: مادة الأمر و صیغته


تاریخ جلسه : ١٤٠٢/١٠/٢٤


شماره جلسه : ۵۴

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • الدلیل التالي للأشاعرةِ الخائبةِ

  • التفکیکُ ما بین المَواضیعِ المطروحةِ

  • استشهادٌ علی تعدّد المواضیع في هذه الأبحاث

  • الرأي المختار في هذا المضمار

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

الدلیل التالي للأشاعرةِ الخائبةِ
لقد استمسَک الأشعريُّ -الفاشِل- لتسجیلِ الکلام النفسيِّ لله تعالی فحسب، بالدلیل التالي:

لقد کلّفَ الله تعالی العُصاةَ –سیّانَ الکفّارُ و المؤمنونَ- بأوامرِ الشریعةِ، فلو اندَمَجَ الطلبُ بالإرادةِ في تکلیف العُصاةِ من دون أن نُقرَّ بالکلام النفسيِّ -کصفةٍ ثالثةٍ في الله تعالی- في البَین، لاستَتبَعَ هذا الاتّحادُ بینهما أن یَنفَکَّ المرادُ عن الإرادَةِ الإلهیّةِ، إذ کیفَ یریدُ اللهُ عملاً من المکلَّفِ ولا یَتحقّقُ مرادُه فحیث إنّ تخلُّفَ المرادِ عن الإرادةِ الإلهیةِ یُعدُّ مُستحیلاً، ولهذا أَصرَرنا علی وجود صفةٍ ثالثةٍ في النفس الإلهيِّ یُغایرُ الإرادةَ الإلهیّةَ في الإنشائیات و هو الکلام النفسيِّ فحیث قد أثبتنا التغایرَ و من ثمَّ أثبتنا الکلام النفسيَّ في البین فلا نَقعُ في التخلّفِ المذکور.

و قد استعرَضَ السیّدُ الخمینيُّ أیضاً استدلالیّةَ الأشاعرةِ بالتقریب التالي:

و من متمسّكات الأشاعرة[1] لإثبات اختلاف الطلب و الإرادة أنّه يلزم بناءً على اتحادهما في تكليف الكفّار بالإيمان بل مطلق أهل العصيان إمّا أن لا يكون تكليف جدّي و هو فاسد بالضرورة، أو تخلّف مراد اللَّه تعالى عن إرادته و هو أفسد، و حيث لا بدّ في هذه التكاليف من مبدأ و لا يمكن أن يكون الإرادة، و ليس شي‏ء آخر مناسباً للمبدئية غير الطلب، فهو مبدأ. و بعبارة اخرى‏ لو كانت الإرادة الواجبة مبدأ للطلب اللفظي لزم حصول المطلوب بالضرورة لامتناع تخلّف مراده تعالى عن إرادته. و لمّا رأينا التخلّف علمنا أنّ المبدأ (للطلب) غيرها (الإرادة) و لم يكن غير الطلب صالحاً لها فهو المبدأ فيكون في سائر الموارد أيضاً كذلك. [2]
 
التفکیکُ ما بین المَواضیعِ المطروحةِ
قبلَ کلّ نقاشٍ، یُفترَضُ علینا بدایةً أنّ نُمیّزَ ما بین المواضیعِ المذکورة بین العلماء لکي یَتَّضِحَ خیطُ الأبحاث ویَزهَقَ بعضُ الأوهام الطارئةِ علی الأعلام، ولهذا نَعتقدُ بأنّ هنا ثلاثَ نقاشاتٍ:

1. النقاش حولَ مبحث اتحاد الطلب و الإرادة أو تغایرُهما.

2. النقاش حولَ تواجُدِ الکلامِ النفسيِّ واقعاً أو تخیُّلِه ذهناً.

3. النقاش حولَ شبهةِ الجبرِ و التفویضِ.

ألف) أما الأوّلُ فقد أسلفناه مسبقاً بأنّ مبحثَ التغایر أو الاتّحاد یَخُصُّ الإنشائیاتِ فحسب إذ الطلب و الإرادةُ تَنحدِرُ في الأوامر الحقیقیّةِ و الامتحانیّة و في تکلیفِ العصاة، فلا یُعقَلُ النقاشُ –حول التغایر أو الاتحاد- في الجملِ الخبریّةِ إذ لا طلبَ و لا إرادةَ فیها فلا موضوع لهما أساساً.

ب) و أمّا الکلام النفسيُّ فإنّه مبحثٌ عامٌّ یرتبِطُ بمبحثِ التغایر أو الاتّحاد، فحینما نخوضُ في الإنشائیّاتِ یُعبّرُ عن الکلام النفسيّ بالطلب، بینما لو دَخلنا دائرةَ الإخبارات لسُمِّيَت تلک الصفةُ النفسانیّةُ المدلول علیها بالکلام اللفظيِّ بالکلام النفسيّ، إذن فهو سیّالٌ في کلا المَبحثَین.

إلا أنّ الاعتراض یتوجّهُ الشیخَ الآخوندَ حیث قد رأی أساسَ النزاعِ لفظیّاً فأدمَجَ مبحَثَ الکلامِ النفسيّ بمبحثِ التغایر و الاتحاد، وهذا یَبدو من ظاهر عباراتِه، حیث یقول:

فإذا عرفت المراد من حديث العينية و الاتحاد ففي مراجعة الوجدان عند طلب شي‏ء و الأمر به حقيقة كفاية فلا يحتاج إلى مزيد بيان و إقامة برهان فإن الإنسان لا يجد غير الإرادة القائمة بالنفس صفة أخرى قائمة بها يكون هو الطلب غيرها سوى ما هو مقدمة تحققها عند خطور الشي‏ء و الميل و هيجان الرغبة إليه و التصديق لفائدته و هو الجزم بدفع ما يوجب توقفه عن طلبه لأجلها|، و بالجملة لا يكاد يكون غير الصفات المعروفة و الإرادة هناك صفة أخرى قائمة بها يكون هو الطلب فلا محيص‏ عن اتحاد الإرادة و الطلب و أن يكون ذلك الشوق المؤكد المستتبع لتحريك العضلات في إرادة فعله بالمباشرة أو المستتبع لأمر عبيده به فيما لو أراده لا كذلك مسمى بالطلب و الإرادة كما يعبر به تارة و بها أخرى كما لا يخفى و كذا الحال في سائر الصيغ الإنشائية و الجمل الخبرية فإنه لا يكون غير الصفات المعروفة القائمة بالنفس من الترجي و التمني و العلم إلى غير ذلك صفة أخرى كانت قائمة بالنفس و قد دل اللفظ عليها [3]

بینما المحقّقانِ النائینيُّ و البروجرديُّ قد اعتقدا بالتغایُرِ وفي نفس الحین قد استَنکَرا الکلامَ النفسيّ أیضاً، إذن فلیسَ النزاعُ لفظیاً –في کشفِ المراد من الکلام النفسي و المراد من الطلب و الإرادة- بل نمطُ هذه المناقشاتِ عقليٌّ و خارجيّ، إذ الأشعريُّ الذي یَعتقِد التغایرَ قد بَرهَنَ مقالتَه بأنّ هناک صفةً حقیقیةً أخری في النفس تُغایرُ الطلبَ و الإرادةَ ثمَّ سمّاه بالکلام النفسيّ، یشهَدُ لعقلیّةِ البحثِ فهمُ السیّدِ البروجرديّ حیث یُصرّحُ بأنَّ الأشاعرةَ قد بَرهنوا لمُبتَغاهُم بالبرهان العقليِّ -لا أنه نزاع لفظيّ- نظیرُ استدلالِهم باستحالةِ تکلیفِ العصاة لأنّه یَنجرّ إلی تخلّفِ ارادة الله عن مراده ولهذا قد استَخرَجُوا الکلام النفسيّ کي لا یَتورَّطوا في الاستحالة فطرحوا هذه الأبحاثَ بأجمعِها.

 
استشهادٌ علی تعدّد المواضیع في هذه الأبحاث
وحیثُ إنَّ السیّد البروجرديّ و النائینيّ و غیرهما من الإمامیّةِ قد أقرّوا بالتغایر بین الطلب و الإرادة ثمّ طمَسُوا علی وجودِ الکلام النفسيّ، فهذا یُعرِبُ عن اثنینیّةِ موضوعِ النزاع بحیث لا یُعدّ الصراعُ لفظیّاً فحسب.

1. فقد استدلَّ السیّد البروجرديّ علی التغایرِ بأنّ الإرادةَ لا تُنشَأ إذ لا تَتَقبّلُ الإنشاءَ –إیجادُ المعنی باللفظ- أساساً، بینما الطلب یَخضَعُ للإنشاء و الإیجاد، وهذه بَرهنةٌ صلِبَةٌ لإثباتِ التغایر بین الطلب و الإرادة، نعم إنّا قد استَشکلنا علی استدلاله مسبقاً، ولکنّه أصوليٌّ بارعٌ وقد تَبَنّی هذه النظریةَ علی أيِّ تقدیر.

2. وکذلک المحقّقُ النائینيّ فقد استدلَّ للتغایر بأنّ الآمرَ حینَ إصدارِ الأوامرِ یَتصوّرُ في أفقِ نفسِه شیئاً ثمَّ یَشتاقُه ثمّ یُصدّقُه ثمّ یُریدُه فیتولّدُ عنصر ثالثٌ نُسمِّیه بالطلبِ المتحقّقِ بحملة النفس و التحریک نحوَه، إذن فمرحلةُ الطلب تَتعقَّب مرحلةَ الإرادة، ولهذا ربما یُریدُ المرءُ شیئاً ولکنّه یَتهاوَنُ فلا یَطلُبُه و لا یتحرک نحوَ مُتَطلَّبِه.

3. وکذلک المحقّق الاصفهانيّ حیث قد أثبتَ التغایرَ ما بینهما ثمّ سجّلَ وجودَ صفةٍ نفسانیّة بالبراهینِ العقلیّةِ فأقرَّ بالکلام النفسيِّ ثبوتاً ثمّ قالَ بأنّ عقلَ الأشعريَّ لا یَعي هذه البراهینَ أساساً، ثمَّ ردّه بأنّه لا دلیلَ علی الکلام النفسيّ في عالم الإثباتِ إذ الصفاتُ و الکیفیَّاتُ النفسانیّةُ في أفقِ النفس مُحدودةٌ تماماً فلا یوجَدُ عنصرٌ ثالثٌ نفسيّ یُسمّی بالکلام النفسيّ، فحکمُ النفسِ بوجود نسبةٍ حکمیةٍ إمّا علمٌ فهو وجودٌ نوريٌّ في النفس و إمّا غیرُ العلم فیُعدُّ من أفعالِ النفس الحادثةِ لا من الصفات القدیمة.

4. و قد تَسایرَ السیدُ الخوئيّ أیضاً مع المحقّق الاصفهانيّ تماماً، إلا أنّه لم یَنسِب مقالتَه إلی أستاذِه.

 
الرأي المختار في هذا المضمار
و أمّا نحنُ فقد انتَهَجنا نهجَ المحقّق الاصفهانيّ حول الکلام النفسيِّ حیث قد ناقَشنا کافّةَ أدلةِ الأشاعرَةِ فطَمَسناها بأسرِها، ولهذا لم نَعثُر علی دلیلٍ مُقنِعٍ یَفي بمُتَطلّبِهِم، نعم إنّا نَتعقّلُ تواجُدَ الکلام النفسيِّ في عالم الثبوت وفقاً لصراحةِ المحقّقَینِ الاصفهانيّ والرشتيّ، إذ العقل یُبرهنُ علی إمکانیّةِ وجودِه في الإخبارات و الإنشائات، ولکنّه عدیمُ الواقعِ الخارجيَ أساساً، ولعلّ تعبیرَ السیّد الخوئيِّ بأنه مجردُ وهمٍ وخیال فلا واقع له، یُشیرُ إلی ذلک، إلا أنّا لا نُنزِّلُه إلی مرحلة الفرض –قد افترَضَه الفارضُ- فحسب بل الکلام النفسيّ یُعدّ معقولاً ثبوتاً.

-------------------
[1] المطالب العالية 8: 11- 19.
[2] الطلب و الإرادة، ص: 28
[3] كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 66

الملصقات :


نظری ثبت نشده است .