درس بعد

الاوامر

درس قبل

الاوامر

درس بعد

درس قبل

موضوع: مادة الأمر و صیغته


تاریخ جلسه : ١٤٠٢/٧/١٨


شماره جلسه : ۸

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • مناقشتنا في اعتراض السید الخوئيّ تجاه أستاذه

  • إکمال مقولة الکفایة

  • تتمیمة لمقولة المحقق الاصفهانيّ

  • تکمیل مبحث صاحب الکفایة

  • تنقیح مقولة صاحب الکفایة

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

مناقشتنا في اعتراض السید الخوئيّ تجاه أستاذه
و عقب الإمعان في عبارة السید الخوئيّ، نجده أنه لم یَزِد مقولةً مستجدةً و زائدة علی کلام المحقق الاصفهانيّ إذ لا تتفاوت روح کلام السید الخوئي عن کلام المحقق الاصفهانيّ في ملاحظة المعنی الحدثيّ و القیام بالغیر في القول المخصوص بحیث یُبرّر الاشتقاق، إذ إن السید قد أقرّ في الحیثیة الأولی بأن المراد من الأمر الاصطلاحيّ هو اللفظ البحت فبالتالي قد أثبت انعدام الانشقاق منه، ثم عقیب ذلک اعترف بتمامیة الاشتقاق في الحیثیة الثانیة، و هو عین تفکیر المحقق الاصفهاني و مقولته، و لهذا فلم یُحل السید عقدةَ الإشکال في المقام بهذا البیان.

و قد أسکب المرحوم الوالد (الشیخ محمد فاضل اللنکرانيّ) ملاحظات عدّة تجاه السید الخوئي، فقال:

1. أولاً لماذا قد حصر السید الخوئيّ البحث تجاه القول المخصوص في الحیثیة الثانیة (اللفظ البحت) حتی لا نتمکّن أن نشتقّ منه، بل نعتقد بأن الحیثیة الأولی هي التي تُمثّل النقاش و تُبرّر الاشتقاق من لفظ الأمر المصطلح و ذلک ببرکة لحاظ صدوره عن المتکلم و قیامه بالغیر، لا محض القول المخصوص الجامد.

2.. لو توجّهنا جیداً إلی مقولة المحقق الاصفهاني لألفیناه یقول بأن لفظ الأمر من الکیف المسموع و هو من الأعراض و بات واضحاً بأن العرض قائم و متقوّم بالغیر، لأن العرَض إذا وُجد وُجد في موضوعٍ مّا، فعلیه، لو تسجّلت لدینا عرَضِیّتُه فلا یُعقل ألّا نلحظ صدوره و قیامَه بالغیر بحیث نلاحظ محضَ القول المخصوص البحت، فإن هذا یعدّ فرضاً لا واقعیة له.

نعم لدی السید الخمیني الذي لا یعتقد بأن لفظ الأمر من زمرة الکیف المسموع العرَضي، بل یعتقد بأن الموضوع له هو معنی اسميّ منتزَع من شتی الهَیَئات، فیحقّ له أن یتّخذ الحیثیة الثانیة و یمیلَ إلی جامدیة القول المخصوص الاسميّ، و لکن حسب ذلک، لا یتمّ لدیه الاشتقاق من المعنی الاصطلاحيّ وفقاً للمفهوم الاسميّ.

1.   لو دقّقنا النظر في القرآن الکریم لعثرنا علی أن بعض الأعیان أو الأعراض قد اشتقّ منها رغم أنها تعدّ من المفهوم الاسميّ الذي یفتقد الحدثیة: یوم تبیضّ وجوه و تسودّ وجوه. و هذا بالرغم من أن البیاض و السواد یعدّ عیناً من الأعیان الخارجیة بلا نظرة حدثیة فیها، فلهذا لو قیل: البیاض، لقال الأصولي إنه جامد عدیم الاشتقاق.[1]

2.   أساساً نعتقد بأنه لا یمکن التفکیک ما بین الحیثیتین إذ حیثیة الصدور من الغیر و الانتساب للغیر معتبرة و مکنونة ضمن کافة المعاني الاشتقاقیة حتی في الضرب، حیث قد لوحظ انتسابه إلی المتکلم أو إلی الغیر (رغم أن ظاهره و قالبه جامدٌ) و لهذا نعتقد بأن الصراع في کیفیة تبریر الاشتقاق یحول حول الحیثیة الأولی لا الثانیة (الأمر الجامد البحت) و بالتالي فإن القول المخصوص یتمتّع بالاشتقاق علی کل حال.

إکمال مقولة الکفایة
و كيف كان فالأمر سهل (في الطلب بالقول المخصوص) لو ثبت النقل و لا مشاحة في الاصطلاح و إنما المهم بيان ما هو معناه عرفا و لغة ليحملَ عليه فيما إذا ورد بلا قرينة و قد استعمل في غير واحد من المعاني في الكتاب و السنة و لا حجة على أنه (اللغويّ) على نحو الاشتراك اللفظي أو المعنوي أو الحقيقة و المجاز (و لا یهمنا المعنی المصطلح).

و ما ذكر في الترجيح عند تعارض هذه الأحوال (و ترجیح المجاز علی الاشتراک فیما لو دار الأمر بین اتخاذه مجازاً أو مشترکاً لفظیاً فالمجاز أولی، و لکن:) لو سلم و لم يعارض بمثله فلا دليل على الترجيح به[2] (إذ ربما یصبح الاشتراک خیراً من المجاز بجهة الأهمیة و الرؤیة الحقیقیة فیه، فوقتئذ تکاثر استخدام المجاز لا یعدّ مِیزة له) فلابد مع التعارض من الرجوع إلى الأصل (العمليّ) في مقام العمل نعم لو علم ظهوره في أحد معانيه (الطلبيّ مثلاً) و لو احتمل أنه كان للانسباق (التبادر الظهوريّ) من الإطلاق فليحمل عليه و إن لم يعلم أنه حقيقة فيه بالخصوص أو فيما يعمه (فمعرفة الظهور الاستعمالي رغم الجهل بالوضع الحقیقيّ یُغنینا لامتصاص المراد الجدي للمتکلم فإنا علی کل تقدیر نفتقر إلی استکشاف الظهور و الحجة) كما لا يبعد أن يكون (الانسباق)كذلك في المعنى الأول‏.[3]

تتمیمة لمقولة المحقق الاصفهانيّ
ربما یبدو من نهایة حوار المحقق الاصفهانيّ أنه قد عدل عن معتقده الأول (المشترک المعنويّ) إذ ستراه یوجّه إشکالاً تجاه ذلک و یسیر نحو الاشتراک اللفظيّ إلا أن الحق لیس کذلک کما سنوضّحه لاحقاً، و إلیک نص عباراته:

فاختلاف الجمع ينفي الاشتراك المعنوي و الحقيقة و المجاز، مضافاً إلى عدم العلاقة (المجازیة أو الجامع المعنويّ) الصحيحة بين الطلب و الفعل و الشي‏ء[4] مع اختصاص الاشتراك المعنوي (الذي قد تبنّیناه مسبقاً) بين الطلب و الشي‏ء بإشكال آخر: و هو أن الأمر مما لا إشكال- اجمالا- في اشتقاقه، و الجامع بين ما يقبل الاشتقاق و ما لا يقبله غير معقول ؛ إذ الشي‏ء- بما هو- غير قابل للقيام بشي‏ء حتى يكون قابلا لطروّ النسب عليه بذاته أو في ضمن معنى جامع (حتی یشتقّ منه).[5]

و لا يجري هذا الاشكال في الفعل، فإنه قابل للقيام (بالشیئ) مفهوما و مصداقا كما سمعت نظيره سابقا،كما لا يجري هذا الإشكال (اتخاذ المعنی الجامع) بناء على الحقيقة و المجاز؛ لأن لفظ الأمر قابل للاشتقاق اللفظي قطعا، و معناه المستعمل فيه- أعني الطلب- قابل للاشتقاق المعنوي و طروّ أنحاء النسب عليه جزما، و إن كان مجازيا (فإنهما متساهمان في قابلیة الاشتقاق).

نعم التحقيق: أن الجامع بين جميع المعاني: إن كان مفهومَ الشي‏ء إذ لا جامع بينها أعمَ منه (الشیئ)، فهو- مع أنه خلف؛ لأن المفروض الوضع لما يعمّه لا لنفسه-(فالشیئ یشمل نفسه و هو مصداق لنفسه لو کان هو الجامع) لم يصح التصريف و الاشتقاق؛ لعدم قبول الشي‏ء للقيام بشي‏ء (لأن الشیئ بما هو شیئ فلا یقوم بشیئ فلا یقبل الاشتقاق، بینما الفعل یقوم بشیئ و یصح منه الاشتقاق) مع أن الأمر بمعناه الحقيقي قابل للاشتقاق، لكنه لا دخل له بعدم معقولية الجامع بين المعنى الحدثي و الجامد، بل نفس المعنى الجامع لا يقبل الاشتقاق بنفسه.

و إن كان الجامع مفهوما آخر فعدم معقوليته بديهي؛ إذ لا جامع أعم من مفهوم الشي‏ء (لکي ینطبق علی کل المعانيّ).

لكن عدم قابلية بعض المصاديق للاشتقاق لا يدل على عدم قبول الجامع، كما أن عدم قبول الجامع لا يدل على عدم قبول بعض المصاديق، كما في الوجود و الشي‏ء مثلا، فإنّ الوجود جامع لجملة الماهيات الموجودة، و هو قابل‏ للاشتقاق، و مصاديقه متفاوتة (فلا تقبل الاشتقاق) و الشي‏ء جامع لكل شي‏ء، و هو غير قابل للاشتقاق حيث لا قيام له بشي‏ء، بخلاف مصاديقه فإنها مختلفة (و مستعدة للاشتقاق). لكن الذي يُسهّل الخطب هو عدم القول بمعنى آخر غيرِ هذه المعاني المذكورة في الأمر (فلا نتکلّف للعثور علی سائر المعاني)، و لا أعمَ فيها من الشي‏ء (لکي یرد الإشکال الأعلی) و لو بني على الوضع (وضع الأمر) لجامع يجمع الطلب و غيره (کالإرادة مثلاً) لكان هو المتعين[6] و حينئذ يرد عليه ما عرفت (بانعدام القدر الجامع بین المشتقات و الجوامد، و لهذا فینجرّ معتقد المحقق الاصفهانيّ إلی الاشتراک اللفظي وفقاً لمعتقد أستاذه ). فافهم و استقم.[7]

فبالأخیر، یبدو أنه تساهم مع معتقد الآخوند، إلا أنا وفقاً للتقریرات الماضیة قد أحرزنا بأن مادة الأمر ینفرد في معنی واحد و هي الإرادة و الطلب، و لهذا لو قیل أمَرَه بکذا، لعنی به أنه أراد ذلک، بل هو المتبادِر من کافة الاستعمالات، و لهذا نلفت الأنظار إلی الآیات الکریمة المتربطة بالمقام، حیث یقول سبحانه: و یسئلونک عن الروح قل الروح من أمر ربي. أي من الإرادات الإلهیة المطویة حقیقتُها تجاهَنا و أما تفسیره بالفعل فإنه یعدّ مصداقاً لتلک الإرادة المکنونة و المکتومة، و کذا قوله سبحانه: و قضي الأمر.  أي قد تحقق ما أراده الله، و هو یستلزم تبعاً الفعلَ و الغرض فإنهما قد تحققا أیضاً ضمن انقضاء الأمر.

و بالنهایة فإنا لسنا متفرّدین في هذه المقولة، بل قد اصطفاه صاحب منتقی الأصول أیضاً.

و ما سردناه من المحقق الاصفهانيّ في باب المشتقات، فقد أبدع مبنی مستجد فیها، فلا یجدر للطالب أن یجتاز تلک البیانات النیّرة بکل سهولة، بل هي جدیرة بتحقیق أوسع

تکمیل مبحث صاحب الکفایة
الظاهر (من خلال ملاحظة استعمالات العرب) اعتبارُ العلو في معنى الأمر فلا يكون الطلب من السافل أو المساوي أمرا و لو أطلق عليه كان بنحو من العناية كما أن الظاهر (من الاستعمالات) عدم اعتبار الاستعلاء فيكون الطلب من العالي أمرا و لو كان مستخفضا لجناحه، و أما احتمال اعتبار أحدهما فضعيف و تقبيح الطالب السافل من العالي المستعلي عليه و توبيخه بمثل أنك لم تأمره إنما هو على استعلائه لا على أمره حقيقة بعد استعلائه و إنما يكون إطلاق الأمر على طلبه بحسب ما هو قضية استعلائه و كيف كان ففي صحة سلب الأمر عن طلب السافل و لو كان مستعليا كفاية.

هل يعتبر فيه باعتبار معناه الاشتقاقي- أعني الطلب- علوّ الآمر، أو استعلاؤه، أو هما معا، أو أحدهما على سبيل منع الخلو، أو لا يشترط شي‏ء منهما؟ لكل وجه، و التحقيق أن يقال: إن حقيقة الأمر بنفسه تغاير حقيقة الالتماس و الدعاء، لا أن المغايرة بينهما باعتبار كون الطالب عاليا أو مستعليا أو غيرهما.

تنقیح مقولة صاحب الکفایة
حینما یتلفّظ المتحدّث بعبارة: أمَرتُک بکذا. فإنها تحتضن و تستبطن ثمانیةَ لحاظات أو عناوینَ متلوّنة في داخلها: 1. عنوان البعث: لأنه یوجّهه المستمِعَ نحوَ المقصود. 2. عنوان التحریک: إذ صیغة الأمر تتسبّب بالتحریض و التشویق نحوَ المراد.  3. عنوان الإیجاب: بحیث یضع الآمر مُتطلّبَه علی ذمة المکلّف.  4. عنوان الإلزام[8]: بنحوٍ یُلزمُ الواجبَ علی رقبته فلا ینفکّ عنه. 5. عنوان التکلیف: فیُحدث الآمرُ تکلیفاً شرعیاً و مطلوباً لازماً تجاه المکلف.  6. عنوان الحکم: و ذلک بلحاظ قطعیة المطلوب و إتقانه لدی الآمر. 7. عنوان الطلب: إذ الصیغة تکشف عن مجرد الطلب و الإرادة بحیث لم یلحظ فیه العلوّ و الاستعلاء بل یعدّ طلباً و مراداً مطلقاً (الشامل للدعاء و الالتماس و الأمر) من الداني إلی العالي و کذا من المساوي إلی المساوي.  8. عنوان الأمر: و هو الدُستور و الطلب الشدید الذي یتوفّر فیه العلوّ و الاستعلاء بخلاف سائر العناوین الماضیة.

و هذه النقطة الممیَّزَة قد أطرحت أیضاً ضمن کتاب نهایة الدرایة.[9]

---------------
[1] ربما نبرّر هذا الاشتقاق من البیاض و السواد بأنا نری أحیاناً أن الواضع یلحظ الصفة و الحالة في الکلمة فیُولّد منها صیغاً متبعثرةً نظیر المصدر الصناعيّ الذي یلحظ المستعمل أو الواضع جهة الوصفیة نظیر الانسانیة و النباتیة و... و في البیاض قد لاحظ هکذا أیضاً فصنع له فعلاً و أشرب فیه معنی مزیداً ببرکة باب الثلاثي المزید، فکلمة: تبیضّ، یعطي معنی: تلبّس و تلوّن بالبیاض، فمن هذه الزاویة لا محذور في عملیة الاشتقاق. 
[2]  و أما موقفنا نحن تجاه هذه الموارد، فحیث قد اتخذنا و انتحلنا المعنی الطلبيّ المستخدم في کافة استعمالات مادة الأمر، فلا نشک في کیفیة وضعه، نعم لو تحیّرنا فرضاً تجاه مجازیته أو حقیقیّته فنلتجأ عندئذ إلی أصل عقلائيّ مصطاد من قاعدة: الظن یُلحق الشیئ بالأعم الأغلب(في الموضوعات). فلو لاحظنا الأعم الأغلب في استعمالات الأمر لألفینا أن عملیات المجاز هي المطرّدة و المتکاثرة في الاستعمالات لا الاشتراک، فبضمّ هذه القاعدة نکتشف الرجحانیة و التفوّق للمجاز.
[3] كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 63، و لکن نلاحظ علیه بأن معرفة الوضع الحقیقي لکلمة مّآ، تُعیننا في للتمسک بأصالة الحقیقة فنکشف الظهور اللفظي ببرکة هذه الأصالة، فلا یصح أن نقول بأن عدم معرفة الوضع الحقیقيّ لا یجدي نفعاً لنا، أو لا یهمّنا في مقام الاستظهار، بل الأمر عکس ذلک.
[4] هذه المقولة صدرت بالرغم من أن هذا المحقق بالتحدید قد أجاب عن أن هذا الاختلاف لا یضرب المشترک المعنويّ، إلا أنه ربما قد ذهل عن ذلک هنا.
[5] إلا أنا قد صوّرنا الجامع الانتزاعي مسبقاً و وفقاً للمحقق النائینيّ فلا محذور في ذلک، بل إن المحقق الاصفهانيّ قد أشرب المعنی الحدثي أو الوصفي في الشیئ الجامد بلحاظات متعدّدة و متلوّنة، فراجع کلامه.
[6] ألیست هذه المقولة تضاهي و تشبه منظار المحقق النائیني الذي قد أدرجت کافة المعاني ضمن جامع واحد، بحیث لا یرد علیه إشکال اختلاف الجمع فیه لأنا قد أجبنا علیه مسبقاً و کذلک المحقق الاصفهاني قد أجاب علیه، و بالأخص أنا نحظی بالجامع الانتزاعي الذي یُبرّر اجتماع الطلب المشتق و الشیئ الجامد فلسنا مضطرین لاتخاذ الجامع الذاتيّ لکي یرد الإشکال علیه.
[7] نهاية الدراية في شرح الكفاية، ج‏1، ص: 258
[8] إن إلزام شخص و جبره علی صنع عملٍ محدّد بحاجة إلی بذل العلو أو إبراز الاستعلاء، إذ سنخ العلو عبارة عن وصفٍ یمنحه العقلاء لشخص محدّد فیعتبرونه عالیاً لدیهم لکي یُنفّذ إلزاماته علی الآخرین أو علی مجموعته تحت یدیه، فالإلزام العاليّ یتجلّی إما بالمنصب و إما بالقول و إما بالشهرة و... فلو لم یعدّ عالیاً لما اعتنی بإلزاماته أحد. 
[9] نص عبارة النهایة: أن الصيغة و ما شابهها إذا سيقت لأجل البعث و التحريك ينتزع منها عناوين مختلفة كل منها باعتبار خاص و لحاظ مخصوص. فالبعث بلحاظ أنه يوجهه بقوله نحو المقصود، و التحريك بلحاظ التسبيب بالصيغة- مثلا- إلى الحركة نحو المراد، و الإيجاب بلحاظ إثبات (لغةً) المقصود عليه، و الإلزام بلحاظ جعله لازما و قريناً بحيث لا ينفك عنه، و التكليف بلحاظ إحداث الكلفة و إيقاعه فيها، و الحكم بلحاظ إتقان (تحکیم) المطلوب، و الطلب بلحاظ إرادته القلبية أو الكشف عنها حقيقة أو إنشاء، و عنوان الأمر بلحاظ كون البعث من العالي، كما يشهد له مرادفه بالفارسية، فإن معناه في الفارسية ما يعبر عنه ب (فرمودن)، و لذا لم يتكلم أحد من أهل العلم في اقتضاء سائر العناوين للصدور عن العالي. فالتحقيق- كما يساعده العرف و الاستعمالات الصحيحة الفصيحة-: أن صدور البعث عن العالي مقوم لعنوان الأمرية . و ليعلم أن هذا البحث لغوي لا اصولي؛ إذ الكلام في البعث الصادر عن الشارع، و اما استحقاق العقاب على المخالفة فهو أثر الوجوب، و التكلّم فيه صحيح في الاصول.

الملصقات :


نظری ثبت نشده است .