درس بعد

الاوامر

درس قبل

الاوامر

درس بعد

درس قبل

موضوع: مادة الأمر و صیغته


تاریخ جلسه : ١٤٠٢/١١/١٦


شماره جلسه : ۶۵

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • فَذلَکَةُ مقالةِ المحقّق الاصفهانيّ في حَلِّ الجبر

  • الإجابة الثّانیة للمحقّق النائینيّ تجاهَ مُعضلةِ الجبر

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

فَذلَکَةُ مقالةِ المحقّق الاصفهانيّ في حَلِّ الجبر
لقد ناقَش المحقّق الاصفهانيّ شبهةَ الجبر بإجابةٍ بارعةٍ تماماً، بینما الشیخ الآخوند قد أخفَقَ في الإجابة وتَزحلَقَت خُطاهُ في وَرطةِ الجبر بحیث قد عبّر في النّهایة قائلاً: «قَلم به اینجا رسید و سر بشکست، قد انتهی الکلام في المقام إلی ما ربما لا یسعُه کثیر من الأفهام» فهذا التعبیر یُعرِبُ عن انتهاء التسائلاتِ في هذه المرحلة إذ لا یُطیقُ أحدٌ الإجابةَ الحاسمةَ سوی المعصومین علیهم السلام، إذن فمقولةُ الشیخ الآخوند ستُفضي إلی الجبر مؤکّداً، وهذا نظیرُ صعود جبرائیل(علیه السلام) إلی مستوی "قابَ قَوسَینِ" حیث لو صعدَ إلیها لاحترقَ تماماً وفقاً لتصریحِه للنبيّ الأکرم إذ قد عجزَ عنه نهائیّاً فکذلک النقاش حول الإرادة الأزلیّة و السعادة أو الشقاوة الذاتیّة.

بینما المحقّق الاصفهانيّ قد أجادَ في هذا الحقل هاتِفاً بأنّ المعیارَ هو تحقّق الفعل الاختیاريّ عن إرادةِ الفاعل فحسب فلا تَهُمُّنا نوعیّةُ الإرادة سواءٌ تَسَلسَلَت إلی الإرادات الاختیاریّة للبشر أم انتَهَت إلی الإرادةِ الذاتیّة الإلهیّة بحیث أصبحت ضروریّةً، فکلا الشِّقَّینِ لا یَمُسَّانِ الفعلَ الاختیاريّ لدی الفاعل بل سیَصدُر الفعلُ عن اختیار البشر علی أیّةِ حالة، و هذا هو المحورُ الرئیسيِّ لدرءِ الجبر، ثمّ نَقَض المحقّقُ علی الجَبرِيِّینَ بأنّ الإرادةَ الإلهیّةَ الذاتیّة تُمثّلُ عینَ ذاتِه تعالی بحیث یُعدّ کلاهما ذاتیّان وجوداً فلو اعتقدَ الجبريّ بأنّ الإرادةَ الذاتیّة عینُ الذاتِ الإلهيّ لاستتبَعَ أن یُصبحَ الفعلُ الإلهيّ ضروریّاً أیضاً لأنّ فعلَه تعالی نابعٌ أیضاً عن إرادةٍ ضروریّةٍ، بینما لا یَلتزِمُ الجبريُّ- المَعتُوه- بالجبر تجاه الله سبحانَه.

الإجابة الثّانیة للمحقّق النائینيّ تجاهَ مُعضلةِ الجبر
إنّ المحقّقَ النائینيّ قد خاضَ النقاشَ ضمن أجود التقریرات مُعتقداً بأنّ في النّفسِ عنصراً رابعاً ما بین الإرادة و حرکةِ العضلات و هو الاختیارُ أو الطّلب، فتَترتّبُ العناصرُ النفسانیّةُ بالشّکل التالي: التصوّر و التصدیق و الإرادة و الاختیار -الطلب- و انطلاقِ العَضَلات نحوَ المُتَطلَّب، و هذا الاختیار یُعدّ فعلاً من أفعال النفس لا صفةً من صفاتِ النّفس فبالتالي ستُصبحُ النسبةُ ما بین الفعل و الحرکة هي نسبةُ الفاعلِ إلی الفعل لا نسبةُ العلة و المعلول، حیث إنّ الفاعلَ یَنوي في نفسِه إنجازَ الفعل عملاً.

نعم إنّ مقدّمات الإرادةِ کالتصوّر و التصدیق و الإرادةِ تُعَدّ عدیمةَ الاختیار إلا أنّ عنصرَ الاختیارِ الذي هو معلولُ الإرادة سیَظَلُّ علی ذاتِه الاختیاريّ فبمجرّد أنّ المقدّمات -العلل- هي عدیمةُ الاختیار لا یَستدعي أن یُصبِحَ المعلول -الاختیار- عدیمَ الاختیارِ أیضاً، إذن فعنصرُ الاختیار هو الذي یَتسَبَّب بتحرّک العضَلاتِ نحوَ المُتطلَّب.

ثمّ استدَلَّ المحقّق النائینيّ علی تواجدِ الاختیار بأنّا نَستَشعِر في جوفِنا بأنّ للنّفس سلطنةً تامةً علی تحریک العضلاتِ بحیث تُعدّ مالکةً لإیجاد الحرکاتِ العَضَلانیّة فلو أصبحَ الاختیارُ -الذي هو معلولُ الإرادةِ- غیرَ اختیاريٍّ أیضاً لتَحَرَّکت أعضاءُ البدن بلا اختیارٍ و لا شُعورٍ أساساً بینما نَجد وجداناً بأنّ نفسیَّةَ الفاعل تُعدّ مختارةً و مُهیمِنَةً علی تحرّک العَضَلات تکویناً فلا نَتعقّل جبریّةَ الأفعال وفقاً لهذا التقریب بل الفعل یَستنِد إلی اختیار فعلِ النّفس بحیث لا علیّةَ ما بین الفعل و الفاعل لکي یَلتَصِقَ الفعلُ بالإرادة دوماً ولا یَنفَکَّ عنها لیَتولَّدَ الجبرُ بل المریدُ فاعلٌ فحسب، فبالتالي، قد تَسَجَّل الاختیارُ کعنصرٍ رابع، و هذا هو أساسُ مقالةِ المحقّق النائینيّ في هذه الساحة.

ثمّ استدلّ المحقّق علی أنّ النسبةَ فاعلیّةٌ لا علیّةٌ، بأنّ في فاعلیّة العمل نَفتَقِرُ إلی المرجّح کالتصور و التصدیق و الشّوق النفسانيّ بحیث ستَختارُ النفسُ إنجازَ ذاک العمل بلا علیّةٍ في البین.

إن قلت: إنّ الاختیارَ مقهورٌ مثلُ الإرادة إذ سنَنقُل الکلامَ إلی من هذا الاختیار إلی الاختیار المسبَق فیَتسلسل -وفقاً لتسلسل الإرادات- حتی یَنتَهي إلی الاختیار الذاتيّ وهو اختیار الله فحسب فعادَت إشکالیّةُ الجبر کما طُرِح حول الإرادة.

قلت: إنّ عنصرَ الاختیار ولیدُ خلقةِ النّفس البشريّ فبالتالي لا نَفتقِرُ إلی إرجاعِ اختیار البشر إلی الاختیار الذاتيّ الإلهيّ –إلی علةٍ خارجیّة عن النفس- بل کافّة أفعالِ البشر عالقةٌ علی فاعلیَّة النفس فحسب، ویَدعَمُ ذلک أنّ قاطبةَ أفعالِه الصادرة تَنتَسِبُ عرفاً إلی نفسِ الإنسان نظراً لفاعلیَّتِه.

نعم من حیث قدرة النفس علی الفعل یَنتَسِب العملُ إلی الله تعالی أیضاً عقلیّاً، إلا أنّ المحورَ هو الفعلُ المباشريّ و هو الإنسان، و من خلاله سیَتلألأ معنی "الأمرِ بین الأمرین" حیث إنّ المعلولَ –المخلوق أو الفعل- لا یَقَعُ معلولاً لعِلَّتَینِ فعلّةُ الفعل المباشريّ هو الإنسان نظراً لصدق الانتساب العرفيّ رغمَ أنّ البشرَ لا استقلالَ له في الفعل إذ جذرُ القدرةِ قد نبعَ من الله تعالی، ولکنّ عدمَ الاستقلالیّة لا یُنتِجُ الجبرَ في الأفعال بل المیزانُ هو مَنشأُ الفعل الصادر الذي یَخلُقُه النفس البشريّ الحائزُ للاختیار ببرکةِ إفاضة القدرة من الله تعالی: فنَفَختُ فیه من روحي.

فحصادُ الکلام ضمن المقام أنّ حرکةَ العضَلات لم تَقَع معلولةَ الإرادة بل معلولةَ عنصر الاختیار المخلوق من قِبَلِ النفس الإنسانيّ فإنّ الاختیارَ صفةٌ رابعةٌ ضمنَ النّفس رغمَ أنّ التصور و التصدیق و الإرادةَ تُعدُّ صفاتٍ عدیمةَ الاختیار إلا أنّها لا تَقدَح بعنصرِ الاختیار، ثمّ یُشیر المحقّق النائینيّ إلی نُقطةٍ لافِتةٍ للنظرِ -تَنسَجِم مع مُعتقدِ المحقّق الاصفهانيّ بأن الفعل الصادر من الاختیار- قائلاً: [1]

«فالحق فيه أيضاً ان هناك مرتبة أخرى بعد الإرادة تسمى‏ بالطلب و هو نفس الاختيار و تأثير النّفس في حركة العضلات وفاقا لجماعة من محققي المتأخرين و منهم المحقق صاحب الحاشية(قده) و البرهان عليه أن الصفات القائمة بالنفس من الإرادة و التصور و التصديق كلها غير اختيارية فان كانت حركة العضلات مترتبة عليها من غير تأثير النّفس فيها و بلا اختيارها فيلزم أن لا تكون العضلات منقادة للنفس في حركاتها و هو باطل وجداناً فان النّفس تامة التأثير في العضلات من دون ان يكون لها مزاحم في سلطانها و ملكها و للزم أن تصدق شبهة امام المشككين في عدم جواز العقاب بان الفعل معلول للإرادة و الإرادة غير اختيارية و ان لا يمكن الجواب عنها و لو تظاهر الثقلان كما ادعاه و اما الجواب عنها بان استحقاق العقاب مترتب على الفعل الاختياري أي الفعل الصادر عن الإرادة و ان كانت الإرادة غير اختيارية فهو لا يسمن و لا يغنى من جوع، بداهة أن‏ المعلول‏ لأمر غير اختياري غير اختياري، و تسميَتُه إرادياً -من جهة سبقه بالإرادة من غير اختيار- لا يوجب عدم كون العقاب ظلما و تعديا في حق العبد المسكين العاجز المقهور في إرادته التي لا تنفك عن الفعل بل (یُعدّ العقاب ظلماً ف) يلزم أن يكون الباري جل و علا مقهوراً في أفعاله فان الإرادة التي هي علة تامة لوجود المعلولات عين ذاته،‏ و من البديهي أن ذاته تعالى و تقدس غير اختيارية له تبارك و تعالى (و الحاصل) أن علية الإرادة للفعل هادم لأساس الاختيار و مؤسس لمذهب الجبر بخلاف ما إذا أنكرنا علية الصفات النفسانيّة من الإرادة و غيرها للفعل و قلنا بأن النّفس مؤثرة بنفسها في حركات العضلات من غير محرك خارجي و تأثيرها المسمى بالطلب انما هو من قبل ذاتها فلا يلزم محذور أصلا و يثبت الأمر بين الأمرين كما هو المذهب الوسط و بهذه النظرية الدقيقة المثبتة للأمر بين الأمرين كما صرحت به روايات أهل البيت عليهم السلام يستدل على الحق فيهم و معهم فانه مما أعيا إدراكه عقول الفلاسفة و ذوي الأفكار»

و لکن نُلاحظ علی البداهة المذکورة بأنّه لو أصبحتِ الإرادةُ –العلة- ذاتیّةً و ضروریةً کإرادة الله تعالی لما استَتبعَ قهریّةَ الاختیار أیضاً فلا نُسلّم الکبری التالیة: بأنّ العلیّةَ -الإرادة- القهریّة یَتسبّبُ بقهریّةِ المعلول -الاختیار- بل رغمَ ضروریّةِ الإرادة و قهریّتِها إلا أنّ الأفعالَ المعلولة للإرادة تُعدّ اختیاریّة مؤکّداً نظیرُ إرادةِ الباري تعالی حیث إنّ إرادتَه ضروریّةٌ مع اختیاریةِ الأفعال.

فهذا التغایرُ ما بین قهریّةِ العلة و اختیاریّةِ المعلول لا یَضرِبُ السّنخیّةَ ما بین العلة و المعلول ، إذ بمجرّد أن یَختارُ النفسُ هذا الطرفَ أم ذاک الطرف ستتعلّقُ الإرادةُ بنفس الاختیار أیضاً بحیث یُریدُ المختارَ الذي انتخَبَه النفس، فلا تتخالَفُ الإرادة مع الاختیار من هذا البُعد.

--------------
[1] أجود التقريرات، ج‏1، ص: 90



الملصقات :


نظری ثبت نشده است .