درس بعد

الاوامر

درس قبل

الاوامر

درس بعد

درس قبل

موضوع: مادة الأمر و صیغته


تاریخ جلسه : ١٤٠٢/٩/١٨


شماره جلسه : ۳۷

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • استعراضُ الأسفار لخطبةِ حیدرِ الکَرّار(علیه السلام)

  • تشریحُ الأسفار لخُطبةِ حیدرِ الکرّار علیه السلام

  • تنقیحُ السیّد الخوئيّ للفِقرَة المذکورة

  • السیرُ مع اتّجاهِ الأسفار في شرح الخطبة

  • مقولة السید الخوئيّ حول المعرفة

  • إکمال تفسیرِ الأسفار للخطبة

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

استعراضُ الأسفار لخطبةِ حیدرِ الکَرّار(علیه السلام)
لقد استعانَ و استشهد مُلّاصدرا الشیرازي علی مقولته في الصفات الثبوتیّة الإلهیة بنور کلام أمیر المؤمنین علیه السلام، فقال:

و قد وقع في كلام مولانا و إمامنا مولى العارفين و إمام الموحدين(في أول خطبته علیه السلام) ما يدل على نفي زيادة الصفات لله تعالى بأبلغ وجه و آكده حيث قال في خطبة من خطبه المشهورة:

1. أوّل الدين معرفتُه.

2. و كمال معرفته التصديق به.

3. و كمال التصديق به توحيده.

4. و كمال توحيده الإخلاص له.

5. و كمال الإخلاص له نفي الصفات عنه لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف و شهادة كل موصوف أنه غير الصفة - فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه و من قرنه فقد ثناه و من ثناه فقد جزأه و من جزأه فقد جهله و من جهله فقد أشار إليه و من أشار إليه فقد حده و من حده فقد عده و من قال فيم فقد ضمنه و من قال على م فقد أخلى منه انتهى كلامه المقدس على نبينا و عليه و آله السلام و الإكرام.

و هذا الكلام الشريف مع وِجازته (و خلاصتِه) متضمّنٌ لأكثرِ المسائل الإلهية ببراهينها - و لنُشِر إلى نبذٍ من بيان أسراره و أُنموذجٍ من كنوز أنواره.[1]

 
تشریحُ الأسفار لخُطبةِ حیدرِ الکرّار(علیه السلام)
قوله علیه السلام: أوّل الدين معرفته: إشارة إلى أن معرفة الله تعالى و لو بوجه ابتداء الإيمان و اليقين فإن ما لم يتصور شيء لا يمكن التصديق بوجوده و لهذا قيل مطلب ما الشارحة مقدم على مطلب هل كتقدم البسيط على المركب.[2]

و تحریراً أوسع: إن معنی الأوّلیّة في الدین:

1. إمّا الأوّلیّة الابتدائیّة أي إن شروع الدّین یتحقّق بواسطةِ المعرفة، و قد اختار الأسفارُ هذا المعنی.

2. و إمّا الأوّلیّة بمعنی الأساس و العمود، و هو الظاهر من الخطبة.

بینما بعضُ الشروح قد ألفَقَ کلا المَعنیَین معاً بحیث إن الدّین یَبتدأ و یتأسّس علی المعرفة الإلهیّة.

و أما معنی الدّین فهو:

1. إما معناه الشهیرُ و المألوف، فیُصبحُ معنی الألف و اللام -في الدّین- بمعنی العهد بحیث قد أرشدَنا علیه السلام إلی العناصرِ التي شکّلتِ الدِینَ بأسرِه و هي: الاعتقادات و الأحکام و الأخلاق، فأساسُ هذا الدّین القیّم هي المعرفة الإلهیة.

2. وإما بمعنی الإطاعةِ، أي إنّ أوّلَ خطوةٍ للإطاعة بل أساسَها هي المعرفة الإلهیّة.

3. وإمّا بمعنی الجَزاء إذ قد ورد ضمن کتبِ اللغة و الروایة: کما تَدینُ تُدانُ، فالدّین القیّم بواسطة المعرفة الإلهیّة، یُثیبُ المرءَ علی اعتقاده و یُجازیه أوفرَ الجزاء.

4. وإمّآ بمعنی الإیمان وفقاً لتفسیر الأسفار، أي إن أساسَ الإیمانِ هي المعرِفةُ الإلهیّة -لا بمعنی الابتداء و لا بمعنی الدین المألوف- و هو الأدقّ معنیً إذ إن عمودَ الإیمان یتقوّم بالمعرفة فحسب.

و أما معنی المعرفة فهو:

1. إمّا بمعنی التصور و التصدیق و العلم بواجب الوجود وفقاً لِقِیلةٍ.

2. و إما بمعنی إدارک البسائط فمن أدرک الحقائق البسیطة عُدّ عارفاً، خلافاً لکلمةِ العلم لأنها تَخُصُّ إدراکَ المرکَّبات، و لهذا لا یُقال: علمتُ الله -لأنه سبحانه عدیمُ المادّة- بل یقال: عرَفتُ اللهَ إذ المعرِفةُ تعُمّ الأمورَ البسیطةَ أیضاً -إضافةً إلی المادّیات نظیرُ: الذین آتیناهم الکتابَ یعرِفونه کما یعرفون أبنائَهم- إذن، فالتمایز ما بین مادّتيِ المعرفة و العلم هو نفس التّمایز ما بین مادّتيِ الفهم و الفقه.

1. و قیلَ: تُستعمَلَ المعرفةُ في الإدراک التصوريّ و یُستخدَمُ العلمُ في الإدراک التصدیقيّ رغمَ أن هذه الاستعمالات تُضادّ صناعةَ المَنطق.

2. و قیلَ: العلم هو إدراک الشیئ أوّلاً ثم لو نسيَ و تعرّف علیه ثانیةً لسُمّيَ معرفةً لأنه قد عرَفَه جیّداً.

تنقیحُ السیّد الخوئيّ للفِقرَة المذکورة
إذا علمت ذلك فمعنى الأوّل في اللّغة ابتداءُ الشّي‏ء، ثم قد يَكون له ثانٍ، و قد لا يكون، كما يقول: هذا أول ما اكتسبتُه، فقد يكسب بعده شيئا، و قد لا يكسِب، و استدلّ الزّجاج عليه بقوله تعالى حكايةً عن الكفار المنكرين للبعث، إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولى‏. فعبّر بالُاولى و ليس لهم غيرُها.

و الدّين الطاعة و الانقياد و العبادة و الاسلام، قال سبحانه: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ‏. و تقول: دِنت دِيناً أى أسلمت و دان الرّجلُ إذا أطاع، قال الطريحي: الدّين وضع إلهي لاولي الألباب يتناول الاصول و الفروع.

و المعرفة: العلم و قيل: هي إدراك البسائط و الجزئيات، و العلم إدراك المركبات و الكليات، و من ثم يقال: عرفت اللّه، و لا يقال: علمته، و قيل هي عبارة عن الادراك التصوري، و العلم عبارة عن الادراك التّصديقي، و قيل: هي إدراك الشّي‏ء ثانيا بعد توسّط نسيانه فلذلك يسمّى الحق سبحانه بالعالم، دون العارف، قيل: و هذا أشهر الأقوال في تعريف المعرفة.

أقول: و على هذا فاستعمال‏ المعرفة في‏ المقام‏ (في الخطبة) نظرا الى سبق إدراك ذاته سبحانَه في عالم الذَّر، أو عند أخذ الميثاق من العقول المُجرَّدة، فافهم‏.

و التّوحيد: جعل الشّي‏ء واحدا أى الحكم بوحدانيته، و قد يطلق على التّفريق بين شيئين بعد الاتصال، و على الاتيان بالفعل الواحد منفردا، و في الاصطلاح إثبات ذات اللّه بوحدانيّته، و وحدانيّته بمعنى أنّه لا ثاني له في الوجود، و بمعنى أنّه لا كثرة فيه مطلقا لا في عين الذّات، لانتفاء التركيب و الأجزاء، و لا في مرتبة الذّات لانتفاء زيادة الوجود، و لا بعد مرتبة الذّات لانتفاء زيادة الصّفات، و قد يقصد بها معنى أنّه لم يفته شي‏ء من كماله، بل كلّ ما ينبغي له فهو له بالذّات و الفعل.

 و الاخلاص: مصدر من أخلص الشّي‏ء إذا جعله خالصا ممّا يشوبه، يقال: خلُص الماء اذا صفا من الكدر، و كلّ شي‏ء صفا عن شوبه و خلص يسمّى خالصاً.[3]

و مُرافقةً مع السید الخوئيّ في تفسیر المعرفة، نقول بأن الله تعالی يُطلَق علیه العالم، دون العارف، ولهذا لم نجد في الأدعیة کدعاء الجوشن، إطلاقُ عبارةِ: یا عارف، إلا في روایةِ: و لا یَعرِفُک إلا اللهُ و أنا.[4].

فبالتّالي؛ إنّ العارف مَن یفهَمُ الواقع بدِقّة -اللهم عرّفني نفسَک، أي بالتدقیق في مراتبِ وجودِک لا أصل الاعتقاد بوجود الربّ فإنه معتقدٌ بالله تعالی- بخلاف العلم، فذلک نظیرُ الفارقِ ما بین الفقه و العلم؛ فإن الله عالم و لیس بفقیهٍ و لا بعارفٍ.

السیرُ مع اتّجاهِ الأسفار في شرح الخطبة
و قوله علیه السلام: و كمال معرفته التصديقُ به، و ذلك لأن من عرَف معنى واجبِ الوجود أنه الوجود المتأكّد الذي لا أتمَّ منه (أي واجب في وجوده و تامّ)، الذي يفتقر إليه الممكنات و الوجودات - الناقصة الذوات المصحوبة للنقائص و الأعدام و القصورات، فقد عرف أن لابد أن يكون في الوجود موجود واجبُ الوجود و إلا لم يوجد موجود في العالم أصلا - و اللازم باطل بالضرورة فكذا الملزوم فحقيقة الوجود إذا عرفت على وجه الكمال هو أن يكون معلوما بالعلم الحضوري الشهودي إذ قد ثبت فيما سبق أن الصورة العلميّة في الوجود لابدّ و أن يكون نفسَ حقيقته المعلومة بخلاف سائر الماهيات (فبین الوجود و الماهیة تمایز، إذ الماهیة لها وجودان ذهنیاً وخارجیاً کالإنسان، بینما حقیقةُ الوجود لیس له عنوان تصوريّ بل له عنوان تصدیقيّ) فإنها قد يكون العلم ُبها غير وجودها العينيّ فلا يمكن أن يُعرفَ حقيقةُ كل وجود إلا بعينه الخارجي إذ ليس للوجود وجود ذهني كالماهيات الكلية (و هو فرق جوهري بین الوجود و الماهیّة فإنّ حقیقةَ الوجود لیس تصوریّاً بل هو متواجِد خارجاً و هو مما نُصدّق به، لا محضُ التصور) فكلّ من عرف حقيقة الوجود لأي موجود كان على وجه الكمال فلابدّ أن يعرف كنه ذاته - و كنه مقوماته إن كان له مقومات كالوجودات المجعولة و على أي تقدير لا بد أن يعرف - أن حقيقة الوجود و مبدأه و كماله موجودة لأن ما هو و هل هو في نفس الوجود أمر واحد بلا تغاير بينهما فمن عرف الوجود أي وجود كان بحقيقته عرف أنه موجود لأن ماهية الوجود إنيته كما أشرنا إليه فثبت أن كمال معرفته أي معرفة الوجود المتأكد الواجبي عين التصديق به.[5] (إذن، فواجب الوجوب موجودٌ تصدیقاً فلولا واجبُ الوجود لما وُجدت شتّی الموجودات، و لهذا یُذعنُ المرء بوجود الله- لا محض التصور- إذ هو علم حضوريّ و شهوديّ في النفس لأنه معلوم بالذات و لهذا یقول الإمام ما رأیتُ شیئاً إلا و رأیت الله قبله و معه و بعده...)

مقولة السید الخوئيّ حول المعرفة
ربما صدرَت زلّةٌ من السید الخوئيّ حیث یقول في هذا الحقل: ثمّ إنّ معرفتَه سبحانه قد تكون ناقصة، و قد تكون تامة، أمّا النّاقصة فهو إدراك أنّ للعالم صانعا مدبّرا، و أمّا التّامة فقد أشار اليها بقوله: "و كمال معرفته التّصديق به" أى الاذعان بوجوده و وجوبه، لأنّ التّصور للشّى‏ء إذا اشتدّ يصير إذعانا و حكماً بوجوده، إذ من ضرورة كونه صانع العالم و إلهَهُ أن يكون موجودا في نفسه فان ما لم يكن موجودا في نفسه، استحال أن يصدر عنه أثر موجود، فهذا الحكم اللّاحق هو كمال معرفته و تصوّره.

بینما التصوّر لا یَخضَعُ للشدّة و الضعف فلا مراتبَ له، فبالتالي إن تعابیر الأسفار تعدّ أدقّ تعبیراً.

 
إکمال تفسیرِ الأسفار للخطبة
قوله علیه السلام: و كمال التصديق به توحيده، إشارة إلى البرهان على نفي تعدد الواجب من جهة النظر في نفس حقيقة الواجب الذي هو الوجود الصرف الذي لا يشوبه عموم و لا تشخص.....إذ لو فرض تعدد أفراد الواجب يلزم أن يكون الحقيقة الواحدة حقيقَتَينِ و هذا من المستحيلات التي لا يمكن تصوره فضلا عن تجويز وقوعه كما مر تحقيقه فثبت أن معرفة ذاته التي هي عين التصديق بوجوده شاهدة على فردانيته -و وحدانيته كما قال تعالى شَهِدَ اَللّٰهُ أَنَّهُ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ فذاته شاهدة على وحدانيته (لا الشهادة المُصطلَحةِ لدی البشر بل إنّ وجوب ذاته هو الشاهد وفقاً لتعبیر الدعاء التالي: یا من دلّ علی ذاته بذاته)-و أما وجه عطف قوله وَ اَلْمَلاٰئِكَةُ وَ أُولُوا اَلْعِلْمِ‌ على كلمة الله الدال على شهادتهم أيضا على وحدانيته فبيانه كما مرت الإشارة إليه من أن وجود كل موجود سواه متقوم بوجوده تعالى بحيث لا يمكن معرفة شيء من هذه الوجودات بكماله - إلا بحضور هويته و شهوده و هو مستلزم لحضور ما يتقوم به أعني الوجود الحق بقدر ما يمكن حضور المفيض للمفاض عليه و قد علمت أن حقيقة الحق شاهدة على توحيده فكذلك وجود غيره.

و قوله علیه السلام: و كمال توحيده الإخلاص له، يعني الزوائد و الثواني إذ لو كان في الوجود غيره سواء كان صفة أو شيئا آخر لم يكن بسيطا حقيقيا لما مر سابقا أن بسيط الحقيقة لا يسلب عن ذاته ما هو كمال وجودي إلا النقائص و الأعدام إذ جهة سلب الوجود غير جهة ثبوت الوجود فلو سلبت عن ذاته حقيقةٌ وجوديةٌ يلزم التركيب في ذاته مع أنه بسيط الذات و هذا خلف.[6]

إذن فالمراد من الإخلاص لیس الخلوص في مقام العمل فحسب کما قیل، بل إن أمثال هذه العبائر تسعی لإخلاص مُعتقدِ الإنسان أیضاً، و لهذا قد فسّره السید الخوئيّ بأسلوب آخر، قائلاً:

و كمال توحيده الاخلاص له، أى جعله خالصا عن النّقايص أى سلب النّقايص عنه ككونه جسما أو عرضا أو نحوهما ممّا هو من صفات النّقص، هذا، و قيل: إن المراد بالاخلاص إخلاص العمل له، و على هذا فاللّام للتّعليل قال سبحانه:وَ ما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ‏.[7]

----------------------------
[1] الحکمة المتعالیة في الأسفار العقلیة الأربعة، قم - ایران، مکتبة المصطفوي، جلد: ۶، صفحه: ۱۳۵
[2] الحکمة المتعالیة في الأسفار العقلیة الأربعة، قم - ایران، مکتبة المصطفوي، جلد: ۶، صفحه: ۱۳۶
[3] منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج‏1، ص: 318
[4] و تشییداً لمقالة الأستاذ نُعلّل ذلک بأن سبب هذا التعبیر ربما لأجل قرینة الضمیر المنفصل فلا یقال: علمتُکَ، بل لا من القبیح فصلاحةً أن یقول: قد علِمَکَ الله و أنا، و لهذا إن أمثال هذه العبائر تعدّ مجازیّةً.
[5] الحکمة المتعالیة في الأسفار العقلیة الأربعة، قم - ایران، مکتبة المصطفوي، جلد: ۶، صفحه: ۱۳۸
[6] الحکمة المتعالیة في الأسفار العقلیة الأربعة، قم - ایران، مکتبة المصطفوي، جلد: ۶، صفحه: ۱۴۰
[7] منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج‏1، ص: 321


الملصقات :


نظری ثبت نشده است .