درس بعد

صلاة القضاء

درس قبل

صلاة القضاء

درس بعد

درس قبل

موضوع: صلاة القضاء


تاریخ جلسه : ١٤٠٢/٨/٩


شماره جلسه : ۲۰

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • دراسة مقولة المحقق الهمدانيّ تجاه القاعدة

  • استنتاجٌ حولَ بعض النماذج السالفة

  • جَولةٌ و حوار حول مسألة السکران

  • تعزیز مقولة صاحب الجواهر

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ
 
دراسة مقولة المحقق الهمدانيّ تجاه القاعدة
لقد استظهر المحقق الهمدانيّ الانصراف من روایات الغلبة، قائلاً: بأن الأحادیث منصرفة إلی الجنون و الإغماء من الأعذار الاتفاقیة لا مثل النوم أو السهو أو النسیان من الأعذار العادِیة الجاریة علی مقتضی الطبع (الإنسانيّ حیث تکثُر هذه الحوادث طیلةَ حیاته الاعتیادیة)[1]

فباالتالي قد عاینتَ عبارته حیث قد أخرج النوم و السهو و النسیان بعملیة الانصراف، فهو یشهد بأن القاعدة لا تحتضن هذه الموارد فلا تعذّ مما غلب الله علی العبد.

إلا أنّ أسلوبنا و وِجهة نظرنا في فهم الروایات هي نفس تصریح الشیخ الأعظم ضمن الرسائل قائلاً: ما يكون بسبب يسند عرفا إلى الشارع و هو الذي أريد بقولهم عليهم السلام: ما غلب‏ الله‏ عليه فالله أولى بالعذر‏[2]

فتفسیر الشیخ الأعظم یُعدّ أدقّ تفسیراً مقارنةً إلی بیان المحقق الهمدانيّ إذ الظهور الانصرافيّ هو أمر جزئيّ مفتقرٌ إلی القرائن ککثرة الاستعمال (استعمال الغلبة في الأعذار الاتفاقیة القهریة) بینما نحن لم نُحرز تحقّق الانصراف نظراً إلی خفاء مناشئه هنا.

استنتاجٌ حولَ بعض النماذج السالفة
و تلخیصاً لما مضی نقول بأن قاطبة الأعلام قد أطبقوا علی وجوب القضاء في النوم الغالب القهريّ الذي یستغرق کافة وقت الصلاة (أو سائر العبادات الأخری) ثم قد عدّینا الوجوب إلی النوم المتعارف المعتاد أیضاً بل قد وسّعنا حکم القضاء حتی شمل المریضَ الذي قد ابتلع الحبوب المنوّمة عمداً لکي لا یستیقظ کعادته الیومیة، فکل ذلک نظراً إلی إطلاق صحیحة زرارة المُعبّرة بأنه: نام عنها. فإنه یستوعب کافة المصادیق النومیة من القهري و الاختیاريّ أو الاعتیاديّ و غیره أو الاضطراريّ و غیره و سواء في ذلک المریض و غیره.

جَولةٌ و حوار حول مسألة السکران
وأما الذي یَسکُر قهراً أو عمداً في تمام الوقت فربما نَضمّه إلی حکم المغمی علیه أو النوم القهريّ، حیث إن صاحب الجواهر قد صرّح بأنه:

لو زال عقلُ المكلف بشيء يُزيل العقل غالبا و كان ذلك من قبله عالما بترتب الزوال عليه غيرَ مكرَه و لا مضطر كالمسكر و شربِ المُرقد (المُنوّم) وجب عليه القضاء لأنه أي الشرب مثلاً سبب في زوال العقل غالبا إذ هو (السبب) عند الفقهاء ما ترتب عليه الشيء غالبا بلا خلاف أجده (فحیث إن هذا الارتکاب مستند إلی الإنسان بالتحدید فلا یعدّ مغلوباً) بل في الذكرى نسبته إلى الأصحاب، لصدق اسم الفوات مع عدم شمول ما دل على الاسقاط عما تقدم له، بل قد يُشعر قوله عليه السلام: «كلما غلب اللّٰه عليه فهو أولى بالعذر»[3] بوجوب القضاء عليه، و في المنتهى: و يقضي السكران کلُ ما فاته و إن كان غائبا بالسكر (أي غائباً عقله عن توجه الخطاب إلیه و غالباً علیه السکر) و لا نعلم فيه خلافاً. و علله مع ذلك (الإجماع) بما أشار إليه المصنف من كونه السبب لذلك و نحوه (من صحة الانتساب إلیه) إلى أن قال (المنتهی): «و كذا البحث (وجوب القضاء) فيمن شرِب دواءً مرقداً و إن تطاول زمان الإغماء» إلى آخره.

و بالجملة فالحكم بوجوب القضاء فيما نحن فيه (السکران) حيث لا يدخل فيما تقدم مما دل على سقوط القضاء (کالمغمی علیه و المجنون المقهور) واضح الوجه، و يكفي فيه (القضاء) ما يفهم من الإجماع المنقول و نحوه، أما لو دخل (السکران) تحت اسم بعض ما تقدم كالمجنون و المغمى عليه فيُشكِل الوجوب (القضاء) فيه (السکران) بأنه لو سلّم شمول «من فاتته» له (السکران کما قاله الذکری) وجب الخروج عنه بما دل على سقوط القضاء عن المجنون مثلاً، و دعوى انصرافه (عنوان المجنون) إلى غير ذلك (السکران بحیث لا یشمل السکران) ممنوع (لأنه عدیم العقل أیضاً و لا کثرةَ في استعمال المجنون في غیر السکران بل قد تکاثر الاستعمال في السکران سواء سکَر اختیاراً أو قهراً) لكنّ طريقَ الاحتياط غير خفي.
 
تعزیز مقولة صاحب الجواهر
و نحن أیضاً ننتَهِج نهج صاحب الجواهر بأن السکران مندرج ضمن عنوان المجنون و... إذ إن مجرد صدق الفوت في حقّ السکران لا یستدعي حتماً أن نستوجب علیه القضاء إذ السکران یعدّ ممن قد غلب الله علیه، کما استنتجه الجواهر أیضاً، نعم إن الفوت الحادث بلا غلبة الله یستوجب القضاء حتماً.

فبالتالي إن مقولة الجواهر تدعَم تفسیرنا لمعنی الغلبة الذي قد بسطناه مسبقاً بأن زوال العقل حتی رغم سوء الاختیار سیَتمّ انتسابه إلی الله عرفاً فإنه سبحانه قد غلب علیه العذرَ و المرض حتی لو نشأ الفعل بسوء اختیاره، فکذلک الحکم تجاه المغمی علیه الذي قد سبّب لنفسه الإغماء فإن نفس هالة الإغماء و ذاته یعدّ من النسبة الغلبیة الإلهیة، فسواء عمد أم سها في ارتکاب الإغماء فإنه من زمرة المغلوبین[4]

و أما الاحتیاط الوجوبي الذي طرحه الجواهر فسائدٌ و سدید إذ إنا أیضاً نُراعي جانب الاحتیاط:

1. رعایةً للاجماع المنقول في السُکر العمديّ و لکن لا إجماع بشأن الإغماء العمديّ إذ لم یُطرَح هذا الموضوع في الآونة القدیمة حیث لم یُمکن لأحدٍ آنَذاک أن یُغميَ نفسه بواسطة الطب القدیم و لهذا لم یُبحث حکم هذا المورد ضمن کلماتهم فبالتالي لا یُسجّل الإجماع الشرعيّ في هذه النقطة، و لکن للاحتیاط الوجوبيّ فیه رحب و سعة.

2. و مرافقةً لفُتیا المشهور بوجوب القضاء علیه، فرغم أن السکران یعدّ موضوعاً و حکماً ممن غلب الله علیه إلا أن اتخاذ مسار الاحتیاط وفقاً للجواهر و السید الخمیني هو المسار المستقیم.

3. و ثمةَ منشأ ثالث للاحتیاط و هي هیمنة ارتکاز المتشرعة في أن الذي قد تعمّد الإغماءَ یعدّ خارجاً عن روایات الغلبة موضوعاً، و بالنهایة فلا نتشبّث بعملیة الانصراف لإخراج العامد لکي یُواجِه الإشکالَ السالف ضمن الجواهر، بل منذ البدایة نستمسک بارتکاز المتشرعة المُعتقدةِ بلزوم القضاء تجاه المتعمِّدِ للإغماء، فلو أبی أحد عن تواجد هذا الارتکاز لأجبناه بأن احتمال وجود الارتکاز علی الأقل، سوف یَستوجِب علینا الإفتاء بالاحتیاط الوجوبيّ کما صنعه الجواهر و السید الخمینيّ بشأن السکران، و نحن أیضاً نسیر إثرَ مسارهما السائدِ.

و لکن نظراً إلی مقولة صاحب الجواهر القادمة ربما نعتقد بالاحتیاط الاستحبابيّ لأنه یقول:

و أما لو لم يكن عالما بالاسكار مثلا أو كان مكرها أو شربه لضرورة دعت اليه أو كان مما لا يسكر غالبا كما لو أكل غذاء مؤذيا فآل إلى الإغماء لم يقض كما صريح بالأخير في المنتهى و التحرير، و ذكر الأولين في البيان ظاهرا في الأول و صريحا في الثاني، و صرح بالثالث جماعة على ما قيل كسابقيه، لكن لا يخفى أنه يشكل الحكم هنا بسقوط القضاء عمن لم يندرج منهم فيما تقدم مما استدل على سقوط القضاء عنه (بقاعدة الغلبة) كالمجنون و نحوه بناءً على صدق الفوات على من لم يخاطب بالأداء، اللهم إلا أن يؤخذ بعموم قوله (عليه السلام): «كلما غلب اللّٰه عليه فهو أولى بالعذر» الذي قال الصادق (عليه السلام)[5]: «إنه من القواعد (الأبواب) التي يفتح كل باب منها ألف باب» لكن في شموله للبعض مناقشة واضحة، نعم يتم الحكم بسقوط القضاء بناء على عدم شمول اسم الفوات لمن لم يكن مخاطبا بالأداء و على فرض انحصار دليل القضاء فيه (في من خوطب بالأداء). [6]

نعم لو خُلّینا و القاعدةَ (الغلبة) لأوصلتنا إطلاقات الروایات إلی انعدام الحکم واقعاً عن المتعمّد للإغماء (لأنه حین الاعتلال لم یخاطب بخطاب الأداء فلا یصدق الفوت في حقه) إلا أن قرینةَ الارتکاز المحتملة تُخرجه عن موضوع القاعدة منذ البدایة، و بالختام و نظراً إلی انعدام الإجماع تجاه الإغماء العمديّ و لکي لا یتضارب مُعتقدنا مع فتوی الفقهاء بالقضاء سوف نُفتي و نُرجّح الاحتیاط الاستحبابيّ.[7]

--------------------------
[1] مصباح الفقیه ج15ص402.
[2] فرائد الاصول، ج‏1، ص: 200.
[3] الوسائل - الباب - ٣ - من أبواب قضاء الصلوات - الحديث ٣.
[4] و لکنه کلام مشوب و مشبوه إذ الشیخ الأعظم یصرّح بعکس ذلک، قائلاً: مع إمكان أن يقال بأن ما ألزمه المكلف على نفسه من المشاق خارج عن العمومات لا ما كان السبب فيه نفس المكلف فيفرق بين الجنابة متعمدا فلا يجب الغسل مع المشقة و بين إجارة النفس للمشاق لأن الحكم في الأول تأسيس من الشارع و في الثاني إمضاء لما ألزمه المكلف على نفسه فتأمل. فرائد الاصول، ج‏1، ص: 200.
[5] الوسائل - الباب - ٣ - من أبواب قضاء الصلوات - الحديث ٩.
[6] صاحب جواهر، محمدحسن بن باقر. محقق و معلق محمود قوچانی, و علی آخوندی, و عباس قوچانی, و رضا استادی. مصحح ابراهیم میانجی. نويسنده جعفر بن حسن محقق حلی. ، جواهر الکلام (ط. القدیمة)، جلد: ۱۳، صفحه: ۱۲، ، بیروت - لبنان، دار إحياء التراث العربي.
[7] و أیضاً نظراً إلی عدم صدق الفوت لمن لا یُمکنه التخاطب حین الإغماء، فحیث لم یُکلف بالأداء فلا یکلف بالقضاء أیضاً للملازمة العرفیة و الشرعیة.

الملصقات :


نظری ثبت نشده است .