درس بعد

صلاة القضاء

درس قبل

صلاة القضاء

درس بعد

درس قبل

موضوع: صلاة القضاء


تاریخ جلسه : ١٤٠٢/٨/٢٢


شماره جلسه : ۲۷

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • التسائل الرئیسيّ في هذا المیدان

  • هجمة السید الخوئيّ تجاه المحقق الهمدانيّ

  • جودةُ مقالة المحقق الهمدانيّ

  • غرابة مقالة السید الحکیم في هذا الحقل

  • المقولة التالیة السائدة للمحقق الهمدانيّ

  • إستغراب و استیحاش السید الخوئيّ تجاه مقولة المحقق الهمدانيّ

  • تحقیق السید الخوئيّ حول أصل التفریع

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

التسائل الرئیسيّ في هذا المیدان

لو أحرزنا الجزئیة:

1. بالاستصحاب ثم أخلّ المکلف بذاک الجزء فهل یُسمَح له إجراءُ استصحاب عدم الإتیان بالمأمور به ضمن الوقت نظراً لإهمال الجزئیة، أم لا مسرح للاستصحاب؟

2. بقاعدة الاشتغال (أي بالدلیل العقليّ) فهل یتوجّب علی المخلّ بالجزئیة أن یحتاط بحیث نَستنتج من هذه القاعدة وجوبَ الجزئیة أم لا یتوجّب التدارک و الاحتیاط؟

و نجیب بأنه لا شجار بین الأعلام بأن قاعدة الاشتغال تستوجب الجزئیة، فبالتالي یتحتّم علیه القضاء، إلا أن المناقشات قد ارتکزت علی إمکانیة انعکاس الاستصحاب تجاه المخلّ بالجزئیة (الثابتة بالدلیل العقليّ)، فقد زعم البعض بأن إجراء الاستصحاب یُعاني من إشکال:

الأصل المثبت، فإن "الفوت" -الذي قد أثبته الاستصحاب و الذي هو موضوع القضاء- قد انتُزع و استُخرج من عدم الاتیان و إهمال المکلف تجاه الجزئیة، إذن فالملازمة من نمط الملازمة العادیّة أو العقلیة، و هذا یُولّد الأصل المثبت (لموضوع عقلي و هو الفوت) فلو صلّی مُخلّاً بالجزئیة ثم ارتاب في صحة الصلاة و سُقمها بأنه هل تحقق المأمور به بهذه الوضعیة أم لا، فلا یُسمح له إجراء استصحاب عدم الإتیان لتسجیل الفوت.

و قد طمس علی هذا الإشکال المحققُ الهمدانيّ مُجیباً بأنه لیس هناک عنصران: الفوت و عدم الإتیان بل هما من سنخ واحد باختلاف التعابیر فقط، لا أن نحسَب الفوت أمراً وجودیاً و نعُدّ: عدم الاتیان أمراً عدمیاً فإن هذه دقة فلسفیة، و إلیک الآن نصَ عبارته:

إن الفوت یتّحد مع الترك، و لا فرق بينهما إلّا في مجرّد التعبير، فاستصحاب عدم الإتيان يكفي لإثبات وجوب القضاء. [1]
 
هجمة السید الخوئيّ تجاه المحقق الهمدانيّ
و نستخضر الآن إشکالیةَ السید الخوئي حیث قال:

و في هذا الكلام ما لا يخفى، فانّ‌ الفوت عنوان وجودي يُساوق التعبير بالذهاب من الكيس، و ليس هو بحسب المفهوم متّحداً مع الترك (الاتیان) الذي هو أمر عدمي، و إن كان (الترک) ممّا يتحصّل (الفوت) منه و يتسبّب بالترك إليه (الفوت) و لذلك لا يصدق الفوت بقول مطلق بالترك في مقدار (قلیل) من الوقت و إنّما يصدق ذلك باعتبار فوت وقت الفضيلة، و أمّا الصدق (الفوت) بقول مطلق فهو يتوقّف على ذهاب الوقت كلّه، و هذا بخلاف عنوان الترك و عدم الإتيان فإنّه يصدق حتى في أثناء الوقت (الفضیلة) فيقال: تركت الصلاة، أو لم آتِ بها، و لا يقال: فاتتني الصلاة (لو ترک مقداراً من الوقت) فاستصحاب العدم لا يُجدي لإثبات عنوان الفوت (الوجوديّ لأنه أصل مثبت)[2]

 
جودةُ مقالة المحقق الهمدانيّ
و نعمَ ما اعتقده المحقق الهمدانيّ، إذ:

1. أولاً: إن المیزان في معرفة المفاهیم هو النظر المتعارِف و إن العقلاء لا یُفکّکون ما بین الفوت و عدم الاتیان حقیقةً، رغم أن التعابیر متفاوتة، و نظیر ذلک هو اتحاد الموت و الحیاة فإن الموت بالرؤیة الشرعیة الحقیقیة یعد أمراً وجودیاً (یقول یا لیتني قدّمت لحیاتي) فلا ینعدم الإنسان بالموت، نعم ربما یری العرفُ الموتَ أمراً عدمیاً إلا أنهما في عالم الواقع یُعدّان أمرین وجودیّین وفقَ الأنباء الشرعیة.

2. و ثانیاً: أساساً إن الواسطة الحائلة ما بین الفوت و الترک تعدّ من الوسائط الخفیة غیرِ المُنجلیة، إذن فهما إلی الاتحاد و الاندماج أسرع و عن الأصل المثبت أبعد.

3. و ثالثاً: إنا قد برّرنا سالفاً -ضمن أبحاث الاستصحاب- حجیةَ الأصل المثبت (لتسجیل القضاء بعنوان الفوت) فلا تَعترینا إشکالیة الأصل المثبت.

 
غرابة مقالة السید الحکیم في هذا الحقل
و لقد تخیّل السید الحکیم بأن سنخ الاستصحاب المذکور هو من موارد الاستصحاب في الشبهة المفهومیة بحیث نشُکّ: هل الجزء الثابت مندرج ضمن مفهوم الصلاة بحیث لا تَصدق الصلاة مفهوماً لمن أهمل الجزئیة، لکي یُحکم أخیراً بوجوب القضاء، و لکن علی کل تقدیر فإن الاستصحاب في الشبهة المفهومیة مرفوض و مدحوض، و بین یدیک الآن صراحة مقالته:

نعم قد يشكل التمسك بالعموم (القضاء) فيما لو كان وجوبُ الجزء بقاعدة الاشتغال، لعدم إحراز موضوعه و هو ترك المأمور به (و ذلک وفقاً لصاحب الریاض) و استصحاب عدم الإتيان به، من قبيل الاستصحاب الجاري في المفهوم المردد، الذي ليس بحجة، كما أشرنا إليه في هذا الشرح مكررا.[3]

و نُزیل وهمَ السید الحکیم بأنا لا نتحدث حول مفهوم الصلاة أساساً بل بؤرةُ النقاش تحول حول الفعل الخارجي إذ المفترَض أن المکلف قد أخلّ المکلف بالجزئیة الثابتة بالدلیل العقليّ (قاعدة الاشتغال) ثم توجّب علیه واقعاً تدارکُ ذاک الجزء، فأساس التسائل هو أنا لا ندري: هل امتثل الواجبَ بهذا العمل الخارجي الناقص أم لم یمتثل بل علیه أن یعیدها وفقاً لقاعدة الاستصحاب.

و المستحصل من هذه المحادثات بأسرها، أن هناک تلازماً و ترابطاً عرفیاً و شرعیاً (أي اقض ما فات) ما بین ترک الجزء (أو الصلاة الأدائیة) و بین وجوب القضاء، و حیث إن موضوع القضاء هو الفوت، إذن فهو محرز بالاستصحاب (و کذا بقاعدة الاشتغال) فیتحتّم القضاء بکل وضوح، و لا نمیّز في وجوب القضاء بین ترک الجزء الثابت بالدلیل الشرعي أو إهمال الجزء الثابت بالدلیل العقليّ، إذ المعیار هو صدق امتثال المأموربه، تنحّیاً عن صدق الفوت.

المقولة التالیة السائدة للمحقق الهمدانيّ
و عقیب هذه المحاورات الطریفة، قد هتف معنا أیضاً المحقق الهمدانيّ بنقطة سدیدة أخری، قائلاً:

إنّ‌ الأمر بالقضاء عند الفوت كاشف عن تعدّد المطلوب و كون الواجب في الوقت أمرين، أحدهما: طبيعي الصلاة و الآخر: إيقاعها في الوقت، و إلّا فمع وحدة المطلوب لا وجه للأمر بالقضاء (إذ قد سقط مطلوب الوحید للمولی بإخلال المکلف) و بعد سقوط الأمر بالمطلوب الآخر (في الوقت) بخروج الوقت نشك في ارتفاع الأمر المتعلّق بالطبيعي، للشك في مطابقة المأتي به للمأمور به فيستصحب بقاؤه (المطلوب الأول) فيجب الاحتياط في القضاء لعين الملاك (الذي قد کشفه الخطاب) الموجِب له في الأداء، و هو تعلّق الأمر بطبيعي الصلاة المفروض فيه الشك في سقوطه بدون الإتيان بجزء أو شرط. [4]

إستغراب و استیحاش السید الخوئيّ تجاه مقولة المحقق الهمدانيّ
و أنت خبير بأنّ‌ صدور هذا الكلام من مثله عجيب، فإنّ‌ الأمر بالقضاء لازم أعم لتعدّد المطلوب فكما يمكن فيه أن يكون لأجل ذلك يمكن أن يكون لأجل مصلحة أُخرى دعت المولى إلى الأمر به عند الفوت مع فرض وحدة المطلوب في الوقت (فرغم أن المطلوب واحد إلا أن المولی نظراً إلی مصلحة أخری قد أمر بالقضاء کمصلحة الأهمیة أو التنبیه و التأدیب للعبد الغافل، لا لأجل تعدد المطلوب) فلا ملازمة إذن بين وجوب القضاء و بين تعدّد المطلوب كي يكون ثبوت الوجوب كاشفاً عن ذلك.(تعدد المطلوب).

و لکن نلاحظ علیه أن الحق الحقیق یرافق المحقق الهمدانيّ إذ رغم الإمکانیة الذاتیة لوجود مصلحة أخری، إلا أن العرف -الذي هو المِقیاس- یری أن الأمر بالتدارک قد صدر لأجل فوت العمل السابق لا لأجل مصلحة مستجدة مختلفة، و لهذا قد ورد: اقض ما فات کما فات (و المتدارک ینسجم مع الفائت عرفاً) و هذا نظیر الوقوف الاضطراري ضمن نسک الحج بحیث یُعدّ بدیلاً اضطراریاً عن نفس الوقوف الاختیاريّ الفائت، إذن فالأمر بالقضاء یُلازم تعدد المطلوب.

فبالتالي، نودّ أن نرتقيَ و نقولَ بأنا أغنیاء عن إجراء الاستصحاب حتی، إذ مع توفّر و سلامة الدلیل الأول بمطلق الصلاة، أجل، لو شکّ في انطباق المأمور به الأوليّ (أصل وجوب الصلاة) علی المأتيّ به لتحتّم علیه أن یَستصحب الوجوب المطلق.

تحقیق السید الخوئيّ حول أصل التفریع
و الذي ينبغي أن يقال هو التفصيل بين تنجّز التكليف الموجب للاحتياط في الوقت (و هو خارج عن محل النزاع)، و بين حدوث المنجّز خارج الوقت

فعلى الثاني كما إذا بنى في الوقت على وجوب القصر مثلاً في بعض الفروض الخلافية ثمّ‌ بعد خروجه انقدح في نفسه التشكيك في الدليل و تردّد فيما هو وظيفته من القصر و التمام، فكانت وظيفته حينئذ الجمع بين الأمرين احتياطاً، لأجل العلم الإجمالي المنجّز الحادث بعد الوقت يجب عليه الاحتياط بالنسبة إلى الصلوات الآتية ما لم يستقرّ رأيه في المسألة على أحد الأمرين. (فحصل الاحتیاط خارج الوقت کما لو توصل المجتهد بقصر الصلاة ثم قضی الوقت فاجتهد في الأدلة ثم لم یکشف دلیلاً ثم استنتج الجمع بین القصر و الإتمام کما أن 8 فراسخ هل یجب أن یعادل مسیرة یوم و لیلة أم لا و لکن نعتقد بأنه لو طوت له الأرض أو ذهب بالفرس فهو یعد مسافراً ). 

و أمّا بالنسبة إلى الصلاة التي مضى وقتها فلا يجب الاحتياط عليه بقضاء الصلاة تماماً، لأنّه تابع لصدق الفوت و هو غير محرز، لاحتمال أن تكون الوظيفة هي التي أتى بها في الوقت و هي الصلاة قصراً فلم يفت منه شيء. فما كانت وظيفته في الوقت قد أتى بها على وجهها على الفرض، و ما هو موضوع القضاء أعني فوت الفريضة غير محرز وجداناً، و مقتضى الأصل البراءة عنه. و لعلّ‌ نفي القضاء في هذه الصورة متسالم عليه و خارج عن محلّ‌ الكلام.

و أما على الأوّل أعني ثبوت المنجّز في الوقت و وجوب الاحتياط بقاعدة الاشتغال و العلم الإجمالي. (و مع ذلک أهمل الجزء)

1. فبناء على وجوب الاحتياط شرعاً المستفاد ذلك من الأخبار كما التزم به بعضهم فلا ينبغي الشكّ‌ في وجوب القضاء حينئذ، لأنّ‌ الوظيفة الشرعية ظاهراً هو الاحتياط من دون فرق في ذلك بين الشبهة الحكمية كالقصر و التمام و الظهر و الجمعة، و الموضوعية كما في صورة تردّد الساتر بين الطاهر و النجس و قد أخلّ‌ بما هو وظيفته في أمثال ذلك على الفرض فلم يعمل بالاحتياط و لم يأت في الوقت إلّا ببعض الأطراف، فلم يكن قد امتثل الفريضة الواجبة عليه في مرحلة الظاهر أعني الجمع بين الصلاتين الذي هو مصداق الاحتياط الواجب عليه ظاهراً فقد فاتته الفريضة الظاهرية وجداناً، فيشمله لا محالة عموم أدلّة القضاء المأخوذ في موضوعها عنوان فوت الفريضة و هو أعم من فوت الفريضة الواقعية و الظاهرية بلا إشكال. 
و من هنا لم يستشكل أحد في وجوب القضاء فيما لو صلّى في ثوب مستصحب النجاسة، مع أنّ‌ فوت الفريضة الواقعية غير محرز هنا، لاحتمال طهارة الثوب واقعاً و عدم إصابة الاستصحاب للواقع، و ليس ذلك إلا لأجل أنّ‌ وظيفته الظاهرية بمقتضى الاستصحاب كان هو الاجتناب عن الثوب المذكور و إيقاع الصلاة في ثوب طاهر و لكنّه أخلّ‌ بذلك ففاتته الفريضة الظاهرية، فيندرج لذلك تحت عموم أدلّة القضاء. 
و لا فرق بين الاستصحاب و بين قاعدة الاحتياط بعد البناء على وجوبه شرعاً كما هو المفروض، لكون كلّ‌ منهما حكماً ظاهرياً مقرّراً في ظرف الشكّ‌. و أمّا بناءً‌ على وجوب الاحتياط بحكم العقل بمناط قاعدة الاشتغال و العلم الإجمالي لا بحكم الشارع كما هو الصحيح، و قد بيناه في محلّه فاللازم حينئذ هو القضاء أيضاً، و ذلك لأنّ‌ المفروض تنجّز الواقع في الوقت، و بعد الإتيان بأحد طرفي العلم الإجمالي كالقصر يشكّ‌ في سقوط التكليف المتعلّق بطبيعي الصلاة و مقتضى الاستصحاب بقاؤه، بناءً‌ على ما هو الصواب من جريانه في القسم الثاني من استصحاب الكلّي. 
فإنّ‌ المقام من هذا القبيل، إذ لو كان المأمور به هو القصر فقد سقط بالامتثال قطعاً، و إن كان هو التمام فهو باقٍ‌ يقيناً، فيستصحب شخص الوجوب المضاف إلى طبيعي الصلاة، فإنّ‌ الحصّة من الطبيعي المتحقّقة في ضمن الفرد تكون ذات إضافتين حقيقيتين، إحداهما إلى الفرد و الأُخرى إلى الطبيعي. 
فالحصّة من طبيعي الإنسان الموجودة في ضمن زيد تضاف مرّة إلى الفرد فيقال: هذا زيد، و أُخرى إلى الطبيعة فيقال: هذا إنسان، و كلتا الإضافتين على سبيل الحقيقة، و لا يعتبر في استصحاب الكلّي في القسم الثاني أكثر من إضافة الحصّة إلى الطبيعة كما تقرّر في محلّه[5]. و على هذا فالحصّة المتشخّصة من الوجوب الحادثة في الوقت و إن كانت باعتبار إضافتها إلى الفرد مشكوكة الحدوث، لتردّد الحادث بين القصر و التمام حسب الفرض لكنّها بالقياس إلى طبيعي الصلاة متيقّنة الحدوث مشكوكة الارتفاع، فيستصحب بقاؤها بعد تمامية أركان الاستصحاب. [6]

------------------------
[1] مصباح الفقيه (الصلاة): ٦٠٢ السطر ٣٣.
[2] خوئی، سید ابوالقاسم. ، موسوعة الإمام الخوئي، جلد: ۱۶، صفحه: ۸۰، 1418 ه.ق.، قم - ایران، مؤسسة إحياء آثار الامام الخوئي.
[3] حکیم، محسن. نويسنده محمد کاظم بن عبد العظیم یزدی. ، مستمسک العروة الوثقی، جلد: ۷، صفحه: ۴۷، 1374 ه.ش.، قم - ایران، دار التفسير.
[4] مصباح الفقيه (الصلاة): ٦٠٢.
[5] مصباح الأُصول ١٠٥:٣ و ما بعدها.
[6] خوئی، سید ابوالقاسم. ، موسوعة الإمام الخوئي، جلد: ۱۶، صفحه: ۸۳، 1418 ه.ق.، قم - ایران، مؤسسة إحياء آثار الامام الخوئي.


الملصقات :


نظری ثبت نشده است .