درس بعد

صلاة القضاء

درس قبل

صلاة القضاء

درس بعد

درس قبل

موضوع: صلاة القضاء


تاریخ جلسه : ١٤٠٢/١١/١٦


شماره جلسه : ۶۵

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • دراسةُ مسألة الصلاة حضراً و سفراً

  • استعراضُ أدلة الاتّجاهُ الثاني بأنّ المعیارَ هو مکانُ تعلّق الوجوب

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

دراسةُ مسألة الصلاة حضراً و سفراً
لقد ابتَدَأنا مسألةَ 50 فتَوَصَّلنا إلی الفقرة التالیة:

ويصلّي في السفر ما فات في الحضر تماماً، كما أنّه يصلّي في الحضر ما فات في السفر قصراً.[1]

و هذا الحکمُ إجماعيٌّ أیضاً ما بین العامّة و الخاصّة، ولهذا قد صرّح السیّد الحکیم قائلاً:

و قد قال عن المدارك: «أنه مذهب العلماء كافة الا من شذ» و كأنه يشير إلى المَزنِيّ من العامة كما قيل (الشهید في الذکر) و يشهد له صحيح زرارة أو حسنةٌ: «قلت له: رجل فاتته صلاة من صلاة السفر فذكرها في الحضر. قال (ع): يقضي ما فاته كما فاته، إن كانت صلاةَ السّفر أدّاها في الحضر مثلَها، و ان كانت صلاةَ الحضر فليَقضِ في السفر صلاةَ الحضر كما فاتته»[2]. و نحوه غيره.[3]

بل هو یوافق القاعدة الأولیّة التي تَستدعي تعلّقَ القضاءِ بنفس الفائتِ فلو فاتَته أربعُ رکعاتٍ لقضاها کما فاتَته و لو فاتَته رکعتانِ سفریّةٌ لقضاها کما فاتَته فالتشبیه الوارد في الحدیث هو من جهة نوع الفائت و کمیّةِ عدد الفائت.

و أما الفقرة التالیة فتَتحدّثُ حول تبدّل موضوع الصلاة حضراً و سفراً في نفس الوقت:

ولو كان في أوّل الوقت حاضراً وفي آخره مسافراً أو بالعكس، فالعِبرَةُ بحال الفوت (و هو الحضر مثلاً) على الأصحّ‌ (لا زمن تعلّق الوجوب أولَ الوقت) فيَقضي قصراً في الأوّل (لأن الصلاة قد فاتت حین سفرِه) وتماماً في الثاني (لأن الصلاة قد فاتَت في الحضر) لكن لا ينبغي ترك الاحتياط بالجمع.[4]

أساسُ النّقاشات یَتشعَّبُ إلی شُعَبَتَینِ:

· دراسة مسألة الأداء بحیث لم یصلِّ حضراً ثم سافرَ فصمّمَ علی تأدیةِ الصلاة بلا فوتٍ، أو بالعکس فما هو المناط؟

· دراسة مسألة القضاء بحیث لم یصلِّ في الوقت حضراً ثم سافرَ أو بالعکس فما هو المیزان؟

أما النقطةُ الثانیة فقد بَلَغت ثلاثةَ آراءٍ:

1. المشهور و قد ادُعي الإجماع أیضاً، أن المناطَ هو مکانُ زمنِ الفوت، فلو سافرَ ثم فاتتِ الصلاة لقضاها قصراً أینَما رَحَل، و بالعکس.

2. المعیار هو حالُ تعلُّق الوجوب بدایةَ الوقت فلو حضرَ البلدَ ثمّ سافرَ ففاتَتِ الصلاة لقضاها تماماً إذ الوجوب قد تعلّقَ بالتمام و بالعکس، وذلک وفقاً للشیخ الطوسي و السیّد المرتضی و الإسکافيّ -لا حال الفوت- فأوجبوا التّمام لو کان حاضراً رغم أنّ الصلاة قد فاتَت ضمن السفر.

3. التخییر ما بین القصر و التمام حیث لا نَلحظُ مکانَ الفوت و زمانَه و کیفیّةَ تعلّق الوجوب، و ذلک وفقاً لمُعتقدِ صاحب العروة حیث هتفَ قائلاً:

«مسألة ١٣: إذا فاتته الصلاة وكان في أوّل الوقت حاضراً وفي آخرالوقت مسافراً أو بالعكس لا يبعد التخيير في القضاء بين القصر والتمام والأحوط اختيارُ ما كان واجباً في آخر الوقت (أي حال الفوت) وأحوط منه الجمع بين القصر والتمام.[5]»

و أما التعلیقات الواردة في هذا المیدان فهي کالتّالي:

«* التخيير بعيد، ومراعاة وقت الفوت أوجه، لكن لا يُترك الاحتياط بالجمع. (البروجردي).

* الأقوى أنّ‌ العبرة بحال الفوت، ولا ينبغي ترك الاحتياط بالجمع. (الخميني).

* والظاهر مراعاة وقت الفوت، والاحتياط بالجمع لا ينبغي أن يُترك. (اللنكراني).

* بل هو بعيد، ورعاية وقت الفوت وإن كانت لا تخلو من وجه وجيه، إلّا أنّ ‌الاحتياط بالجمع لا يُترك. (الروحاني).

* بل الأقوىٰ‌. (الفيروزآبادي، النائيني، محمدتقي الخونساري، جمال الدين الگلپايگاني، الإصطهباناتي، مهدي الشيرازي، محمدرضا الگلپايگاني، الأراكي).[6]»

و أما النقطةُ الأولی –أداءُ الصلاة مع تبدّل الموضوع حضراً و سفراً بلا فوتٍ للصلاة- فقد تَحدَّثَ السیّد الحکیم حولَها -و قد أیَّده السید الخوئيّ أیضاً_ قائلاً:

«يأتي -إن شاء الله تعالى- الخلاف في كيفية الأداء:

1. فقيل: بوجوب القصر.

2. و قيل: بالتمام.

3. و قيل: بالتخيير.

4. و قيل: بالتفصيل: بين سعةِ الوقت للتمام فيجب.

5. و ضيقِه فيجب القصر.

و الكلام هنا (في باب القضاء) مبني على القول الأول الراجع الى أن العبرة بحال الأداء (فقد حدَثَ النزاع في القول الثاني فحسب إذ لو أصبح المعیارُ حالَ الأداء فحینما تَفوتُ الصلاة علیه فماذا یَلحظَ؟ هل مکانَ الأداء أو حال تعلّق الوجوب نعمَ لا نزاعَ في التخییر) و الذي اختاره في الشرائع - و نسب الى المشهور، خصوصاً بين المتأخرين، و اختاره في الجواهر - أن العبرة في القضاء بحال الفوت، لأن الواجب حاله هو الفائت، لا الأول الذي قد ارتفع وجوبه في الوقت برخصة الشارع له في التأخير. و عن الشهيد -و نسبه في الجواهر الى ظاهرهم-: أن التمام إذا تعين في وقت من أوقات الأداء كان هو المراعى في القضاء و ان كان المخاطب به حال الفوت القصر. و فيه: أنه غير ظاهر. و كون الأصل التمام لا يجدي في إثبات ذلك، لاختصاصه بالأداء، و قد وجب الخروج عنه بما دل على وجوب القصر على المسافر.[7]»

و تحریراً أوسعَ لهذه الآراء نقول لو لم یُصلِّ حضراً ضمن الوقت ثم سافرَ مع امتداد الوقت و أرادَ تأدیةَ الصلاة، فثمةَ حمسةُ آراءٍ في هذا الحقل:

1. المعیار هو حالُ تعلُّق الوجوب بدایةَ الوقت فلو حضرَ البلدَ ثمّ سافرَ مع امتداد الصلاة لأدّاها تماماً رغمَ أنّه مسافرٌ حالیّاً إذ الوجوب قد تعلّقَ بالتمام و بالعکس، وفقاً للصدوق في المقنع و العلامة في المختلف نقلا عن العمّاني و الشهیدینِ ضمن الروض و الدروس و نُسبَ إلی کثیر من المتأخرین حیث قد أوجبوا القصرَ لتعلّق الوجوب حالَ سفرِه رغم أنّه حاضرٌ حالیّاً.

2. المیزانُ هو زمنُ تعلّق الأداء بحیث متی ما صمّمَ علی تأدیةِ الصلاة فلیَلحَظ مکانتَه الحالیّة، فلو ابتَغَی الصلاةَ أثناءَ السفر لقصَّر حتماً و بالعکس، وذلک وفقاً للشیخ المفید و السیّد المرتضی و الشیخ الطوسيّ و ادّعی ابنُ ادریسَ الإجماعَ و لفتوی کثیرٍ من المتأخرین.

3. التخییر وفقاً للشیخ في الخِلاف فلو حضرَ ثمّ سافرَ في آخر الوقت لتخیّرَ عندئذ و بالعکس.

4. التفصیلُ بین سعة الوقت الأدائيّ فعلیه الإتمام و بین ضیق الوقت فعلیه التقصیر -فإنّه أیضاً یُوافق التّخییرَ من بعدٍ مّا- وذلک وفقاً للشیخ في النهایة و الصدوق في الفقیه.

5. التوقّف و الاحتیاط بین الجمع بین القصر و الإتمام.

و أمّا صاحبُ الجواهر فقد شیّدَ الاتّجاهَ الثانيَ بأنّ الضابطَ هو الوقت الأدائيّ بحیث علیه أن یَلحَظَ مکانتَه الحالیّةَ حضراً أو سفراً، ثم احتاط في الجمع.

فحیث قد أشرنا إلی مقالة السیّد الحکیم فإنّه قد بنی النزاعَ -حولَ تحدید معیار القضاء- علی القول الثاني –المعیار هو زمن تعلّق الوجوب- فحسب بحیث سیقَعُ النقاش بأنّه لو أصبح المعیارُ حالَ تعلّق الوجوب –القول الثاني- فحینما تَفوتُ الصلاةُ علیه فأیَّهما یَلحظَ؟ هل مکانَ الأداء أو حالَ تعلّق الوجوب أیضاً، نعمَ لا نزاعَ في التخییر فلو اعتقدنا بالتخییر حینَ الأداء فکذلک القضاء.

و لکن نلاحظ علیه بأنه لا یَنهَضُ النزاعُ أساساً حتی وفقَ القول الثاني فمن اعتقدَ بأنّ المعیارَ في الأداء هو زمنُ تعلّق الوجوب الأدائيّ حضراً و سفراً فسیُمکنُه أن یَعتقدُ بأنّ معیارَ القضاء هو فوت زمنِ الأداء أیضاً، فلا یتحقّق صراعٌ إطلاقاً، فبالتالي لو حضرَ حالَ الأداء ثم سافرَ لتوجّب علیه في آخر الوقت أن یؤدّیَها تماماً نظراً إلی المعیار، فکذلک القضاء إذ الفائتُ هو نفسُ زمنِ الأداء، إذن فحال القضاءُ یُتابعُ حال الأداء بحیث یَتلازَمان بالضّبط، ولهذا سیَتّضِحُ أیضاً التّشبیهُ في دلیل "فاقض ما فات کما فاتَ" فإنّه من جهةِ کیفیة الأداء حضراً أو سفراً.

 
استعراضُ أدلة الاتّجاهُ الثاني بأنّ المعیارَ هو مکانُ تعلّق الوجوب
لقد طرَح السیّد الخوئيّ دلائِلَ الاتّجاه الثاني قائلاً:

«يستدلّ لوجوب التمام في المقام (المعیار هو مکانُ بدایةِ الوقت):

1. تارة بأنّ الفائت هو ما خوطب المكلّف به في الحال الأوّل (الوقت) و هو الصلاة تماماً، فإنّه لو كان قد صلّى في تلك الحال لكانت صلاته تامّة، فيجب عليه أن يقضيَها حينئذ كما هي فاتته.

ثم استشکل السیّد الخوئيّ علی الدلیل الأول قائلاً:

«و فيه ما لا يخفى، فانّ الخطاب (الأدائيّ) في الحال الأوّل قد سقط و تبدّل بالخطاب بالقصر بسبب ترخيص الشارع في التأخير، و مجرّد الفرض و التقدير و هو أنّه لو كان صلّاها في تلك الحال لكانت تماماً لا يستوجب انطباق عنوان الفوت عليه، فالقصر إذن هو الفائت المتمحّض في الفوت (لأنه قد سافرَ أثناءَ الوقت فتبدّل الموضوع) دون غيره.[8]»

و لکن نلاحظ علیه بأنّ خطابَه في السفر بأن "صلِّ قصراً" معلَّقٌ علی امتثال الصلاة قصراً ضمن الوقت بینما المفترَض أنّه قد أهملَ القصرَ ففاتَتِ الصلاة فلم یَمُت الخطاب الأدائيّ ضمن الحضر، ولهذا لو أهملَ القصرَ لَتفعّلَ الخطاب الأول الأدائيّ، نعم لو امتثلَ القصرَ لزال الخطاب الأوّل إذ تبدّل الموضوع من الحضر إلی السفر ثمّ امتثلَها، بینما المفترَض أنّه أهملَ القصرَ فبالتالي علیه الإتمام نظراً لبدایة الوقت.

و أما دلیلُهم الثاني فهي الروایة التالیة:[9]

2. «و أُخرى بما رواه الشيخ (قدس سره) بإسناده عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام): «أنّه سئل عن رجل دخل وقت الصلاة و هو في السفر فأخّر الصلاة حتّى قدم فهو يريد أن يصلّيها إذا قدم إلى أهله، فنسي حين قدم إلى أهله أن يصلّيها حتّى ذهب وقتها، قال: يصلّيها ركعتين صلاة المسافر، لأنّ الوقت دخل و هو مسافر، كان ينبغي أن يصلّي عند ذلك»[10] فانّ مقتضى تعليل القضاء قصراً بوجوبه عليه عند دخول الوقت أنّ الاعتبار في القضاء بحال الوجوب لا حال الأداء، فيدلّ التعليل على وجوب القضاء تماماً في عكس الفرض، و هو ما لو كان حاضراً في أوّل الوقت ثمّ سافر.

و يندفع بأنّ السند و إن كان معتبراً، إذ ليس فيه من يغمز فيه ما عدا موسى ابن بكر، و هو ثقة على الأظهر كما نبّه عليه سيدنا الأُستاذ (دام ظله) في المعجم.[11] لكنّ الدلالة قاصرة، لقرب احتمال كونها ناظرة إلى وقت الفضيلة دون الإجزاء، فتكون من أدلّة القائلين بأنّ الاعتبار في الأداء في من كان أوّل‌ الوقت حاضراً ثم سافر أو بالعكس بحال تعلّق الوجوب لا حال الامتثال و عليه فتكون أجنبية عمّا نحن فيه. على أنّها معارضة بالنصوص الناطقة بأنّ الاعتبار في القضاء بحال الفوت الذي لا يكاد يتحقّق إلّا بلحاظ آخر الوقت دون أوّله، فإنّه من تبديل الوظيفة لا فواتها كما ستعرف.»

-------------------
[1] تحریر الوسیلة، تهران - ایران، مؤسسة تنظیم و نشر آثار الإمام الخمینی (قدس سره)، جلد: ۱، صفحه: ۲۳۵
[2] الوسائل باب: ٦ من أبواب قضاء الصلوات حديث: ١.
[3] مستمسک العروة الوثقی، قم - ایران، دار التفسير، جلد: ۷، صفحه: ۶۶
[4] تحریر الوسیلة، تهران - ایران، مؤسسة تنظیم و نشر آثار الإمام الخمینی (قدس سره)، جلد: ۱، صفحه: ۲۳۵
[5] العروة الوثقی و التعلیقات علیها، قم - ایران، مؤسسة السبطين عليهما السلام العالمية، جلد: ۸، صفحه: ۶۵
[6] العروة الوثقی و التعلیقات علیها، قم - ایران، مؤسسة السبطين عليهما السلام العالمية، جلد: ۸، صفحه: ۶۴
[7] مستمسک العروة الوثقی، قم - ایران، دار التفسير، جلد: ۷، صفحه: ۶۸
[8] موسوعة الإمام الخوئي، ج‌16، ص: 129
[9] موسوعة الإمام الخوئي، ج‌16، ص: 130‌
[10] الوسائل 8: 268/ أبواب قضاء الصلوات ب 6 ح 3، التهذيب 3: 162/ 351.
[11] معجم رجال الحديث 20: 31/ 12767.



الملصقات :


نظری ثبت نشده است .