درس بعد

صلاة القضاء

درس قبل

صلاة القضاء

درس بعد

درس قبل

موضوع: صلاة القضاء


تاریخ جلسه : ١٤٠٢/٩/١٩


شماره جلسه : ۳۸

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • شُبهَةٌ تجاهَ قاعدةِ الجبّ

  • إشکالیّةُ صاحبِ المدارک علی تکلیف الکفار في خصوص مسألة القضاء

  • ملاحظة السید الخوئيّ تجاه المحقق العراقيّ صیانةً عن صاحب المدارک

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

شُبهَةٌ تجاهَ قاعدةِ الجبّ
ما هو السبب في التبعیض ما بین المسلم و الکافر الذي قد مُحيَت عنه کافّةُ المرتَکَبات و التکالیف في قبل الإسلام، بینما المسلمُ الذي أهملَ العبادةَ 50 سنةً مثلاً یتوجّب علیه القضاء حتماً، ألیس الأمر معاکَسٌ؟

و الإجابةُ مُشرقةٌ إذ إنّ قاعدةَ الجبّ تُعدّ امتنانیّةً في حقّ الکفار لکي یَنجذبوا نحوَ الإسلام برغبةٍ و اشتیاق، إلّا أنّهم طیلةَ هذه السنینَ المُنقَضیةِ قد حُرموا عن مصالح العبادات الفائتة عنهم و اقتحموا المفاسدَ الشنیعةَ، بینما المسلمُ الأصیلُ قد نال الملاکاتِ الرفیعةَ و تفادی عن المفاسد الشنیعةِ لکي لا یُعاقبَ، و هذا الأمر یُعدّ توفیقاً و فضیلةً للمسلم.

إشکالیّةُ صاحبِ المدارک علی تکلیف الکفار في خصوص مسألة القضاء
لقد سرَد لنا السید الخوئيّ إشکالیةَ صاحب المدارک تجاه سقوط القضاء عن الکفار، قائلاً:

ثمّ‌ إنّ‌ صاحب المدارك (قدس سره)[1] بعد ما تعرّض لمسألة سقوط القضاء عن الكافر إذا أسلم قال: إنّ‌ هذا (أي نفسُ قاعدة الجب لا یشمل مبحثَ القضاء إذ إنّ إجراءها) يَستدعي أن لا يكون الكافر مكلّفاً بالقضاء، لا أنّه يكون مكلّفاً به و يَسقُطُ التكليف عنه بإسلامه (وفقاً للمشهور) و عليه فلو بنينا على تكليف الكفّار بالفروع كتكليفهم بالأُصول، كان اللازمُ استثناءَ الفرع المذكور (أي انعدامُ وجوبِ القضاء فقط) فانّ‌ البناءَ على سقوط القضاء بالإسلام يَستلزمُ عدم تكليف الكفّار بالقضاء حال كفرهم. (فقاعدة الجبّ تکشف عن أن الکافر لم یُکلّف منذ البدایةِ بالقضاء، فإنه مکلّف بکافة التکالیف إلا القضاء، إذن، دلیلُ القضاء یُخصِّص أدلةَ تکلیف الکفار بالفروع، لا أنه مکلّف بالقضاء ثم سقط عن ذمتِه وفقاً للمشهور)

و الوجه في ذلك: أنّ‌ التمكّن من القضاء غير ثابت في شيء من الأحوال لا في حال الكفر (لأنه لا تصح العبادة) و لا في حال الإسلام (حیث لا أمرَ له للقضاء ببرکة قاعدة الجبّ فلا قضاءَ إذن) فإنّه بعد الإسلام لا يجب القضاءُ عليه على الفرض (أي وفقَ القاعدة) و في حال كفره لا يتمكّن من الامتثال لبطلان عمله، فكيف يؤمر بالقضاء مع كونه تكليفاً بما لا يُطاق‌ (بل التکلیف بالعبادة أمرٌ لاغي)؟ و هذا الكلام متين جدّاً، لاستحالة الأمر بالقضاء، من جهة العجز (الکافر) عن الامتثال في كلتا الحالتين (حال الکفر و حال الإسلام) كما ذكره (قدس سره).

ونلاحظ علیه بأنّ نفس الإشکال واردٌ في الأداء أیضاً إذ کما التکلیف بالقضاء مما لا یُطاق فکذلک الأداء أیضاً، فلا خصوصیّةَ في إسقاط وجوب القضاء فقط، بل یُفترَض علی صاحب المدارکِ أن یلتزم بسقوط الأداء أیضاً نظراً لاتّحاد المناط، کما صنع ذلک السید الخوئيّ حیث قد أنکر أساس التکلیفِ أداءً و قضاءً.

ثم یُکمل السیّدُ الخوئيّ قائلاً:

و ما ذكره بعضُهم من جوازِ تكليف الكافر بالقضاء، و فائدتُه (إیجاب القضاء) تسجيل العقوبة عليه (الکافر) فهو من عجائب الكلمات التي لا يَنبغي الإصغاءُ إليها، لعدم تماميّته على مسلك العدلية (المعتقدةِ بعدالة الله و حِکمتِه) و إلّا لصحّ‌ التكليف بالطيران إلى السماء تسجيلاً للعقوبة على تركه، و هو كما ترى.[2]

و قد تصدّى‌ بعضُ الأكابر(قدس سره)[3] لتصحيحِ الأمر بالقضاء في حال الكفر بما حاصله: أنّ الأمر المذكور (بالقضاء) وإن كان ممتَنِعاً بعد خروج الوقت الذي هو حالُ القضاء إلّا (أنّا نصحّح تکلیفَ الکافر بالقضاء ب) أنّه (الأمر) ممكن في حال الأداء وقبل انقضاء الوقت، فيؤمر في الوقت أوّلاً بالإسلام وبالصلاة المشروطة بالإسلام أداءً (بنحو شرط الواجب لا شرط الوجوب) كما ويؤمر في نفس الحال بالقضاء على تقدير الترك (الأداء) فيقال له: أسلم، وإذا أسلمتَ أدّ الصلاة، وإن لم تفعل فاقضها (فشُرّع القضاء في ظرف زمان الأداء شریطةَ أن یُسلمَ ذاک الحین:) فكما أنّه يكون مأموراً في الوقت بالأداء أمراً فعليّاً (لتوفّر الشرائط العامّة في حقّ الکافر المکلّف بالفروع) كذلك يكون في ذلك الحين (الأدائيّ) مأموراً بالقضاء أمراً فعلياً على تقدير الترك (بنحو الشرط المتأخر).

و المفروض قدرته على الامتثال، بأن يسلم فيصلّي أداءً، وعلى تقدير الترك قضاءً، ولكنّه بسوء اختياره فوّت على نفسه كلا الأمرين، فلم يسلم ولم يصلّ لا في الوقت ولا في خارجه (فلم تتفعّل في حقه قاعدة الجبّ) فترك القضاء وعدم القدرة عليه ممّا يستند إلى اختياره، حيث إنّه لم يُسلم في الوقت، فيصحّ عقابه على ترك القضاء كما صحّ عقابه على ترك الأداء، نظراً إلى استناد كلا الأمرين إلى اختياره، وذلك لأجل‌ عدم اختياره الإسلام في الوقت (أجل، لو أسلَم لمنّت علیه قاعدةُ الجبّ و رفعت القضاء إلا أن المفترَض أنه لم یُسلِم و لهذا سیُعاقَب).

فملخَّصُ مقالةِ المحقق العراقيّ أنه لو أسلم حین الوقت لتوجّب علیه الأداء، ثم یأتي الشارع و یُفعّل القضاء علیه أیضاً بنحو الواجب المشروط بالإسلام، لا أن أصل الوجوبَ معلّقٌ علی الإسلام لکي یندرج النقاش ضمن مبحث "الواجب المعلّق" فلم یَقُل الشارع: إذا أسلمتَ توجّب القضاء[4] بل الوجوبَ فعليٌّ و صحةُ الواجب مرتهِنٌ علی الإسلام و علی إهمال الأداء، إذن یقعُ ظرفُ الواجب -القضاء- في المُستقبل بینما الوجوب حاليٌّ -و لهذا لم یَعترض السید الخوئيّ علی المحقق العراقيّ بأن إجابتَکم هي من مبحث الواجب المعلّق-

ملاحظة السید الخوئيّ تجاه المحقق العراقيّ صیانةً عن صاحب المدارک
و يندفع: بأنّ الأمر بالأداء قبل انقضاء الوقت وإن صحّ بناء على تكليف الكفّار بالفروع كتكليفهم بالأُصول، فيعاقب على تركه لأجل قدرته على الامتثال باختياره الإسلام، إلّا أنّ الأمر بالقضاء قبل انقضاء الوقت ليس كذلك (فلا یَتشابه الأمر الأدائيّ بالقضائيّ).
1. إذ لو أُريد به (الأمر القضائيّ) الأمرُ الإنشائيّ المجعولُ على نحو القضية الحقيقية للموضوع المفروض وجوده (لو ترک الأداء) الثابت ذلك في حقّ كلّ مكلف كجعل وجوب القضاء على تقدير الفوت، ووجوب الحج على تقدير الاستطاعة ونحو ذلك، فواضح أنّ مثل هذا الأمر (الإنشائيّ) لا أثر له (للأمر الإنشائيّ الذي لم یتفعّل حالیّاً، إذ موضوع القضاء هو الفوت فکیف یتفعّل الأمر القضائيّ الآن، بینما لم یَفته شیئٌ فلا موضوع للقضاء).
2. و إن أُريد به (الأمر القضائيّ) الأمرُ الفعليّ فهو غيرُ ثابت في الوقت جزماً، إذ فعليّتُه بفعليّة موضوعه وهو الفوت، ولا فوت قبل انقضاء الوقت، فلا موضوع للقضاء ما دام الوقت باقياً، فلا أمر به حينئذ إلّا بنحو القضية الشرطية (و هي نفس الإنشائیة) وعلى سبيل الفرض والتقدير، وقد عرفت أنّه لا أثر له ما لم يتحقّق ذلك التقدير خارجاً (بتحقق الفوت) والمفروض أنّ هذا التقدير غير محقّق بالإضافة إلى الكافر، حيث لا قضاء عليه بعد خروج الوقت (لأنه قد أسلم و جرت علیه قاعدة الجبّ) كما مرّ. (فکنموذجٍ آخر: إن وجوبَ الحجّ هو من النمط الإنشائيّ فلو توفّرت الاستطاعة لتحقق الموضوعُ وتَفعّلَ الوجوب)
و على الجملة: فهو أثناء الوقت غير مأمور بالقضاء إلّا بالأمر المشروط والشرط (الفوت) غير متحقّق في الكافر إذا أسلم على الفرض. فلا معنى للأمر بالقضاء قبل الوقت (لعدم الفعلیّة) ولا موضوعَ له بعده(لأنه قد أسلم).
نعم، لو فرض قيام الإجماع على أنّ الكافر يعاقب على ترك القضاء كما يعاقب على ترك سائر الواجبات أمكن توجيهه بأنّ هناك مصلحة إلزامية في الوقت دعتِ المولى إلى الأمر بالأداء، ويشترك في هذا الأمر كلّ من المسلم والكافر، لأنّ كليهما مأمور بالأداء، للقدرة على الامتثال بأن يُسلم الكافر ويُصلّي، وبعد خروج الوقت تحدُث مصلحةٌ إلزامية أقوى تدعو إلى الأمر بالقضاء خارجَ الوقت، وهذا الملاك الحادث مشترك فيه أيضاً بين المسلم‌ والكافر، لكنّ الكافرَ لا يتمكّن من استيفائه من جهة كفره، فيكون قد فوّتَه هو على نفسه من جهة عدم اختياره الإسلام في الوقت.
و حينئذ فإن أسلم بعد الوقت فقد تدارك الملاك المذكور بالإسلام فلا قضاء عليه، وأمّا إذا لم يسلم كان قد فوّت الملاك المذكور على نفسه، وكان الفوت حينئذ مستنداً إلى اختياره فصحّ عقابه عليه.
و على الجملة: فالأمر بالقضاء وإن لم يمكن في حقّه ولكنّه حيث فوّت هذا الملاك على نفسه اختياراً صحّ عقابه، لاندراجه تحت كبرى الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار.

فبالتّالي قد استحسَنَ السیدُ الخوئيُّ مَدرَکَ المدارک في أن تکلیف الکافر یُعدّ من التکلیف بما لا یُطاق، و قد بسطَه السیّد قائلاً بأنّ أثناءَ الوقت لا أمرَ بالقضاء إذ لا فوتَ و أما خارجُ الوقت فقد أسلمَ فلا موضوع للقضاء أیضاً، إذن فلا یتوجّه أيُّ خطابٍ قضائيّ إلی الکافر، إلا أنّ السید قد استثنی من ذلک مسألةَ الإجماعِ بأن الکافرَ یُدانُ علی إهمال القضاء فإنّه قد فوّت الملاکَ اللزوميّ بسوء الاختیار، و یبدو بارزاً أن المسلم و الکافر مندرجان ضمن ذاک الملاک اللزوميّ، إذن، یتفاوَت المسلمُ عن الکافر في باب الخطابات فلا یتعلّق الخطاب بالکافر -خلافاً للمحقق العراقيّ الذي قد فعّل الخطاب للکافر منذ البدایة- إلا أنّ الملاکات تستبطِنُهما معاً فیُعاقَب من باب الإجماع لا من خطاب: باب اقض ما فات کما زعمه المحقق العراقيّ.

و إنّا أیضاً نستحسنُ ردّیّةَ السید تجاه المحقق العراقيّ، إذ خطاب القضاء لم یتفعّل بحقّ الکافر منذ البدایة، إلا أّنّا نلاحظ علی السید في نقطة کشفِ الملاک فإنّ مقالتَه حول استکشاف الملاکات الإلزامیة لا تَتلائم مع مبناه إذ هو قد صرّح کراراً بأن السبیل الوحیدَ للعثور علی الملاک هو توفّر الخطاب الشرعيّ -علی عقوبة الکافر- فلولا الخطابُ لما تعرّفنا إلی الملاک، فکیف توصّل السیّد إلی الملاک اللزوميّ و استَنتَج العقاب بلا توفّر الخطاب، إللهم إلا أن یُحامي السیّد عن نفسِه بأن الإجماعَ -علی عقوبتِه- قد أوصلني إلی الملاک اللزوميّ، فسوف تتِمّ مقولتُه الأنیقة. و لکنّه مستبعَد إذ لم نشاهد السیّد مُستکشِفَ الملاک بواسطةِ الإجماع، لأنه یَحصر الملاک في الخطاب الشرعيّ فقط.

-----------------------
[1] المدارك ٢٨٩:٤.
[2] خوئی، سید ابوالقاسم. ، موسوعة الإمام الخوئي، جلد: ۱۶، صفحه: ۹۹، 1418 ه.ق.، قم - ایران، مؤسسة إحياء آثار الامام الخوئي
[3] المحقّق آقا ضياء الدين العراقي(قدس سره)في شرح تبصرة المتعلمين 1: 186.
[4] أساساً إن الکافر لو أسلم لزال عنه وجوب القضاء


الملصقات :


نظری ثبت نشده است .