درس بعد

صلاة القضاء

درس قبل

صلاة القضاء

درس بعد

درس قبل

موضوع: صلاة القضاء


تاریخ جلسه : ١٤٠٢/٨/٢٣


شماره جلسه : ۲۸

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • بسط تحقیقِ السید الخوئيّ حولَ أصل التفریع

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

بسط تحقیقِ السید الخوئيّ حولَ أصل التفریع
لقد صوّر السید الخوئيّ هذه المسألةَ بأنه لو افتقدنا الاستصحابَ في وجوب الجزئیة (السورة) لتفعّلت وقتَئذ قاعدةُ الاحتیاط و استَوجَبت ذلک الجزءَ حتماً نظراً إلی حدوث علم إجماليّ، إذ قد تحتّم طبیعيُ الصلاة علی کل حال، فتوجّب علیه التدارک عقیبَ الوقت، إنجازاً لحق المولویة (و تنحّیاً عن المخالفة الاحتمالیة) و قد أطنب السید الخوئيّ هذا التفریعَ بحیث قد میّز ما بین الاحتیاط ضمن الوقت و بین خارج الوقت، فهتفَ قائلاً:

و الذي ينبغي أن يقال هو التفصيل:

*بين تنجّز التكليف الموجِب للاحتياط في الوقت (و هو خارج عن محل النزاع).

*و بين حدوث المنجِّز خارج الوقت (بحیث قد عرَف عقیبَ فترة الصلاة أنه قد أخلّ بالجزئیة التي قد تحتّمت علیه ببرکة قاعدة الاشتغال حین الامتثال، فهذا الشقّ هي نقطةُ النقاش)

1. فعلى الثاني: (و هو مَنصبُّ النقاشات) كما إذا بنى في الوقت على وجوب القصر مثلاً في بعض الفروض الخلافية ثمّ‌ بعد خروجه (الوقت) انقدح في نفسه التشكيك في الدليل و تردّدٌ فيما هو وظيفته من القصر و التمام (ثم تبیّن أنه) كانت وظيفته حينئذ الجمع بين الأمرين احتياطاً، لأجل العلم الإجمالي المنجَّز الحادث بعد الوقت، يجب عليه الاحتياط بالنسبة إلى الصلوات الآتية (لا الماضیة) ما لم يستقرّ رأيه في المسألة على أحد الأمرين.

أقول: و نُمثّل له بنموذج فقهيّ آخر: کما لو توصّل استنباط المجتهد إلی وجوب قصر الصلاة ثم عقیبَ أیامٍ و سنینَ اجتهد مُجدّداً ضمن الأدلة فبدا استنباطه المستجد بوجوب التجمیع بین التقصیر و الإتمام حیث قد ارتاب بأنه هل یجب أن تُعادل هذه: 8 فراسخ، مسیرةَ یوم و لیلةٍ تماماً أم لا یُعتبر ذلک بل المیزان هو سلوک هذه الثمانیة بأية آلیةٍ سواءٌ طوت له الأرض أو بواسطة الصاروخ أو الطائرة أو انطلق بالفرس، فهو علی أیة حالة، یُعدّ مسافراً عرفاً.

و أمّا بالنسبة إلى الصلاة التي مضى وقتها فلا يجب الاحتياط عليه بقضاء الصلاة تماماً، لأنّه تابع لصدق الفوت و هو غير محرز، لاحتمال أن تكون الوظيفة هي التي أتى بها في الوقت و هي الصلاة قصراً فلم يفت منه شيء (وفقاً لصاحب الریاض) فما كانت وظيفته في الوقت قد أتى بها على وجهها على الفرض، و ما هو موضوع القضاء أعني فوت الفريضة غير محرز وجداناً، و مقتضى الأصل البراءة عنه، و لعلّ‌ نفيَ القضاء في هذه الصورة متسالم عليه و خارج عن محلّ‌ الكلام.[1]

2. و أما على الأوّل: أعني ثبوتَ المنجِّز في الوقت و وجوبَ الاحتياط بقاعدة الاشتغال و العلم الإجمالي (و رغم ذلک قد أهمل الجزء ضمن الوقت ثم عقیبَ الوقت قد توجّه إلی ترک الجزئیة):

الف) فبناءً على وجوب الاحتياط شرعاً المستفاد ذلك من الأخبار كما التزم به بعضهم (فیصبح احتیاطاً شرعیاً) فلا ينبغي الشكّ‌ في وجوب القضاء حينئذ (خارج الوقت) لأنّ‌ الوظيفة الشرعية ظاهراً هو الاحتياط من دون فرق في ذلك بين الشبهة الحكمية كالقصر و التمام و الظهر و الجمعة، و الموضوعية كما في صورة تردّد الساتر بين الطاهر و النجس و قد أخلّ‌ بما هو وظيفته (الأعم من الواقعیة و الظاهریة) في أمثال ذلك على الفرض فلم يعمل بالاحتياط (الشرعيّ) و لم يأت في الوقت إلّا ببعض الأطراف، فلم يكن قد امتثل الفريضة الواجبة عليه في مرحلة الظاهر أعني الجمع بين الصلاتين الذي هو مصداق الاحتياط الواجب عليه ظاهراً (و شرعاً) فقد فاتته الفريضة الظاهرية وجداناً، فيشمله لا محالة عموم أدلّة القضاء المأخوذ في موضوعها عنوان فوت الفريضة و هو أعم من فوت الفريضة الواقعية و الظاهرية بلا إشكال (حیث إن وظیفته الظاهریة قد تعلقت بالاحتیاط بینما قد أهمل الاحتیاط).

و من هنا (شموله للفوت الظاهري أیضاً) لم يستشكل أحد في وجوب القضاء فيما لو صلّى في ثوب مستَصحَبِ النجاسة (لإهماله وظیفته الظاهریة و هي التنحيّ عن النجاسة) مع أنّ‌ فوت الفريضة الواقعية غير محرز هنا (و هذا یشهد بأن الفوت یستوعب الواقعيَ و الظاهريّ) لاحتمال طهارة الثوب واقعاً و عدم إصابة الاستصحاب للواقع، و ليس ذلك إلا لأجل أنّ‌ وظيفته الظاهرية بمقتضى الاستصحاب كان هو الاجتناب عن الثوب المذكور و إيقاع الصلاة في ثوب طاهر و لكنّه أخلّ‌ بذلك ففاتته الفريضة الظاهرية، فيندرج لذلك تحت عموم أدلّة القضاء، و لا فرق بين الاستصحاب و بين قاعدة الاحتياط بعد البناء على وجوبه شرعاً كما هو المفروض، لكون كلّ‌ منهما حكماً ظاهرياً مقرّراً في ظرف الشكّ‌.

ب) و أمّا بناءً‌ على وجوب الاحتياط بحكم العقل بمناط قاعدة الاشتغال و العلم الإجمالي لا بحكم الشارع كما هو الصحيح (و إنما الأخبار تعدّ إرشادیة نحو الاحتیاط) و قد بينّاه في محلّه فاللازم حينئذ هو القضاء أيضاً، و ذلك لأنّ‌ المفروض تنجّزُ الواقع في الوقت، و بعد الإتيان بأحد طرفي العلم الإجمالي كالقصر يشكّ‌ في سقوط التكليف المتعلّق بطبيعي الصلاة و مقتضى الاستصحاب بقاؤه (الوجوب المتعلِق بکليّ الصلاة) بناءً‌ على ما هو الصواب من جريانه في القسم الثاني من استصحاب الكلّي (نظیر الشک في بقاء الحصة الطویلة کالحدث الأکیر عقِب اضمحلال الحصة القصیرة کالحدث الأصغر حیث علیه أن یستصحب کليّ الحدث) فإنّ‌ المقام من هذا القبيل، إذ لو كان المأمور به هو القصرَ فقد سقط بالامتثال قطعاً (لأن القصر هو الفرد القصیر) و إن كان هو التمام فهو باقٍ‌ يقيناً (و هو الفرد الطویل) فيَستصحب شخصَ الوجوب المضاف إلى طبيعي الصلاة، فإنّ‌ الحصّة من الطبيعي (الصلاة) المتحقّقة في ضمن الفرد (صلاة القصر أو الإتمام) تكون ذاتَ إضافتين حقيقيتين: إحداهما (إضافةُ حصةٍ من الطبیعيّ) إلى الفرد و الأُخرى (إضافة نفس الحصة) إلى الطبيعي (الصلاة) فالحصّة من طبيعي الإنسان الموجودة في ضمن زيد تضاف مرّة إلى الفرد فيقال: هذا زيد، و أُخرى إلى الطبيعة فيقال: هذا إنسان، و كلتا الإضافتين على سبيل الحقيقة، و لا يعتبر في استصحاب الكلّي في القسم الثاني أكثر من إضافة الحصّة إلى الطبيعة كما تقرّر في محلّه[2].
و على هذا فالحصّة المتشخّصة من الوجوب الحادثة في الوقت (و هي صلاة الإتمام) و إن كانت باعتبار إضافتها إلى الفرد مشكوكةُ الحدوث، لتردّد الحادث بين القصر و التمام حسب الفرض لكنّها (نفس الحصة) بالقياس إلى طبيعي الصلاة متيقّنة الحدوث مشكوكة الارتفاع، فيستصحب بقاؤها (حصة الوجوب المتشخّصة و المتعلقة بطبیعي الصلاة) بعد تمامية أركان الاستصحاب (و حیث قد فاتته الفریضة الظاهریة فعلیه أن یمتثل و یستدرکَ الطرفَ الثاني من العلم الإجماليّ). [3]

و بهذا البيان يندفع ما قد تكرّر في بعض الكلمات في هذا المقام و أمثاله من المنع عن جريان الاستصحاب لكونه من استصحاب الفرد المردّد و لا نقول به إذ لا نعقل معنى صحيحاً لاستصحاب الفرد المردّد، حيث إنّه لا وجود للمردّد خارجاً (لأن أصل وجوده متردد فکیف یستصحب) كي يجري استصحابه أو لا يَجري، فانّ‌ الوجود يساوق التشخّص. 
فكلّ‌ ما وجد في الخارج فهو فرد معيّن مشخّص لا تردّد فيه (بینما المستصحب مفقود هنا إذ الفرد المستصحب متزلزل بین الفرد القصیر الزائل و بین الفرد الطویل المردد بقائه) غاية الأمر أنّ‌ ذلك الفرد المعيّن قد يكون ممّا نعلمه و قد لا نعلمه، فالتردّد إنّما يكون في أُفق النفس، لا في وجود الفرد خارجاً الذي هو الموضوع للأحكام، (و إنا قد تعرّضنا مسبقاً لخمسةِ فوارق ما بین الاستصحاب الفرد المردد و الکليّ)

وجه الاندفاع: أنّ‌ المستصحب كما عرفت إنّما هو شخص الوجوب الحادث الذي هو فرد مشخّص معيّن (فکلي الوجوب متوفّر و قد تعلق بطبیعي الصلاة و لهذا نشک في بقاء الوجوب الذي قد تعلق بطبیعي الصلاة فیستصحب) لكن لا باعتبار إضافته إلى الفرد (المحدّد) لعدم العلم به بعد تردّده بين القصر و التمام، بل باعتبار إضافته إلى الطبيعة (أي قد تعلّق الوجوب بکلي الصلاة) و هو بهذا الاعتبار متيقّن الحدوث (ذلک الوجوب الکليّ) مشكوكُ البقاء. (فعقیب امتثال القصر نشک في بقاء الطبیعيّ، فیستصحب الکلي لا نفس الفرد المردّد)

و كيف كان فهذا الاستصحاب و هو من القسم الثاني من استصحاب الكلّي جارٍ في المقام، و بمقتضاه يحكم ببقاء الوجوب المتعلّق بطبيعي الصلاة، و لا يكاد يحرز فراغ الذمّة عن هذا الواجب إلّا بالإتيان بالطرف الآخر للعلم الإجمالي (ضمن الوقت لأن مفترضنا هو الشق الأول) فما لم يؤت به كانت الفريضة الشرعيّة الظاهرية الثابتة ببركة الاستصحاب باقيةً بحالها، فاذا كان الحال كذلك حتّى خرج الوقت فقد فاتته الفريضة الظاهرية وجداناً، من دون حاجة إلى إثبات ذلك بالأصل.

و قد عرفت آنفا أنّ‌ الفوت المأخوذ في موضوع وجوب القضاء أعم من فوت الفريضة الواقعية و الظاهرية. فالمقام نظير ما لو شك في الوقت في الإتيان بالفريضة (حیث قد شکّ في تکمیل الفریضة و عدمه) فوجب عليه ذلك استصحاباً إلّا أنّه لم يُصلّ‌ نسياناً أو عصياناً، فإنّه لا إشكال في وجوب القضاء عليه حينئذ مع أنّ‌ فوت الفريضة الواقعية غير محرز، و إنّما المحرز هو فوت الفريضة الظاهرية الثابتة بمقتضى الاستصحاب (في الوقت و کذا خارج الوقت قد توجّب القضاء بالاحتیاط العقليّ أیضاً فالفوت قد أحرز بإهماله للاحتیاط العقليّ) فاذا كان هذا المقدار ممّا يكفي للحكم بوجوب القضاء هناك كفى في المقام أيضاً لوحدة المناط. (و لهذا یصدق ما فات علی تفویت الوظیفة الظاهرية و من الواضح أن الوظیفة تعدّ أعم من الحکم الظاهري کالدلیل العقليّ و من الواقعي کالدلیل الشرعيّ)

و قد تحصّل من ذلك: أنّه لا فرق في وجوب القضاء بين ما إذا كانت الجزئية أو الشرطية ثابتة بدليل شرعي أو بحكومة العقل من باب الاحتياط مع فرض ثبوت المنجّز في الوقت، و أمّا مع حدوثه في خارجه فلا يجب القضاء. و لعلّ‌ هذا كما سبق هو المتسالم عليه بين الأصحاب و خارج عن محلّ‌ الكلام. [4]

--------------------
[1] لقد خالفه صاحب الجواهر کما أسلفنا مقالته، قائلاً: ثم لا فرق في ظاهر المتن بين عدم الفعل رأسا و بين الإخلال بالشرائط التي لم يقم دليل على سقوط القضاء مع الإخلال بها، و لعله كذلك (أي وجوب القضاء في الإخلال بالأجزاء و الشرائط) سيما على القول بكون الصلاة اسما للصحيح، لشمول ما دل على وجوب القضاء لمن لم يصل و لو للأصل (الاستصحاب حیث قد توجّبت علیه الصلاة یقیناً فیَستصحب عدمَ الإتیان بالمأمور به الیقینيّ) بل الظاهر شمول اسم الفوات له (لأنه قد اُمر بالصلاة بضمّ السورة بینما قد فاته المأمور به الظاهريّ) خلافا للرياض في أحكام الخلل: من عدم القضاء بالإخلال في الجزء أو الشرط الثابت من قاعدة الشغل (لأنه ربما انطبق المأمور به مع المأتيّ به فلا یصدق الفوت بتّاً) و إن أوجبنا عليه الإعادة في الوقت.
[2] مصباح الأُصول ١٠٥:٣ و ما بعدها.
[3] خوئی، سید ابوالقاسم. ، موسوعة الإمام الخوئي، جلد: ۱۶، صفحه: ۸۳، 1418 ه.ق.، قم - ایران، مؤسسة إحياء آثار الامام الخوئي.
[4] خوئی، سید ابوالقاسم. ، موسوعة الإمام الخوئي، جلد: ۱۶، صفحه: ۸۴، 1418 ه.ق.، قم - ایران، مؤسسة إحياء آثار الامام الخوئي.


الملصقات :


نظری ثبت نشده است .