درس بعد

صلاة القضاء

درس قبل

صلاة القضاء

درس بعد

درس قبل

موضوع: صلاة القضاء


تاریخ جلسه : ١٤٠٢/١١/٩


شماره جلسه : ۶۱

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • النَقضُ القَويّ تجاهَ السیّد الخُوئيّ

  • معالَجةُ مقالةِ السیّد الخوئيّ التّالیة

  • دراسةُ النسبة ما بین "قاعدة الغلبة" و بین دلیل "الصلاة لا تسقط بحال"

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

النَقضُ القَويّ تجاهَ السیّد الخُوئيّ
لقد أسلفنا بأنّ جمّةً وسیعةً من الأعلام قد أوجبوا القضاء لفاقد الطهورین اتّکالاً علی إطلاق: مَن فاتَته فریضةٌ فلیَقضِها. ثمّ قد نَقَّحَه السید الخوئيّ بأنّ "الفریضة" تُطلَقُ علی الفریضة الشأنیة أیضاً بحیث لو فاتته الفریضةُ الشأنیّةُ بملاکِها لاستدعی القضاءَ، فلا ینحصر القضاءُ بفوت الفریضة الفعلیّة فحسب و من الجليّ أنّ فاقد الطهورین قد حظِیَ بالملاک الشأنيّ –قبل افتقادِه للطهارة- فبالتالي، سیَصدُق الفوت و یَتوجّبُ القضاءُ حتماً.

و قُبیلَ الاعتراض علی السیّد الخوئيّ، من الضروريّ أنّ نعرِفَ أنّ هذه المقولةَ قد ابتَنَت علی مَنهَجِ المشهور القائل: بأنّ السبیلَ الوحیدَ لاستکشافِ الملاک هو الأمرُ، و هو صوابٌ تماماً، إلا أنّه:

1. أولاً: مفترُضَنا هو أنّ فاقدَ الطهورینِ قد زالَ أمرُه الأدائيّ إجماعاً فلا أمرَ لکي نَستَنبطَ بقاءَ الملاک، فمن أینَ استَخرَج السیّدُ الخوئيّ ملاکَ فاقد الطهورینِ؟ بل إنّه قد أقرَّ في حقلٍ آخرَ بأنّ فاقدَ الطهورین عدیمُ الملاک، حیث تَجاهرَ قائلاً:

«الملاك ليس لنا إليه سبيل إلّا وجود الأمر و التكليف، و مع سقوطهما لا كاشف عن الملاك و لا علم لنا بوجوده فمن أين تُحرز أن صلاة فاقد الطهورين مشتملة على الملاك، و لعلها كصلاة الحائض و النّفساء و الصبي ممّا لا ملاك فيها.[1]» بینما هنا قد أحرزَ الملاک رغمَ انعدام الأمرِ و التکلیف لفاقد الطهورین، فهذا تهافتٌ مُستَغرَبٌ تماماً.

2. ثانیاً: لو افترَضنا أنّا قد أحرزنا ملاکَ فاقد الطهورین، إلا أنّ أدلةَ القضاء تبدو ظاهرةً (انصرافاً) في فوت التکلیف الفعليّ وفقاً لتصریح العلامة و جامع المقاصد کما مضی، فلا تَحتَضِن فوتَ الملاک الشأنيِّ، نعم في بعض النّسخ لم تَرِد کلمة "الفریضة" بل قالت: فلیقضِ ما فاتَه من الصلاة. و هو أیضاً ساطعٌ في التکلیف الفعليّ فحسب.

3. وثالثاً: إنّا لا نَتدخّل في ملاکات الشارع إطلاقاً، إذ لسنا مکلَّفین بها، و قد أجادَ السیّد الخوئيّ في صعیدٍ آخر ّبأنّ دأبَ الشارع في دائرةِ التّقنین هو ألّا یُحیلَ المکلّفَ إلی الملاکات بل یأمره و ینهاه فحسب –فلربما ذکر الشارع له حِکَمَ الأحکامِ إجمالاً- فلو فاتَک لَلَزِمَک القضاء، نعم ربما نَقَّحنا المناط المنصوص العلّة القطعیّة، فإن هذا التنقیح یوازِنُ استکشافَ الأمر المولويّ قطعاً و بحکم العقل بتّاً، فرغمَ ذلک لا نغوصُ في الملاکات و لا نتوصّلُ إلی مقاصد الشریعة التي لو طبّقناها لَحطَّمَتِ الدینَ تحطیماً، وهذا النّمط من التفکیر مُسدَّدٌ لدی صَّنادیدِ العلماء تماماً.

معالَجةُ مقالةِ السیّد الخوئيّ التّالیة
إن السیّد قد استوجبَ القضاءَ أیضاً في صعیدٍ آخر عبرَ الاستدلالِ بالروایات و بقیاسِ الأولویّة قائلاً:

«و الّذي يمكن أن يقال: إنّ فاقد الطهورين مأمور بالقضاء، و ذلك لصحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام): «أنّه سئل عن رجل صلّى بغير طهور أو نَسِيَ صلوات لم يُصلِّها أو نامَ عنها، قال: يَقضيها إذا ذكرها في أي ساعة ذكرها من ليل أو نهار»[2] و ذلك (وجوب القضاء) بتقريبين:

1. أحدهما: أنّ قوله: «أو نسي صلوات» ذكر تمهيداً لبيان مطلق ترك الصلاة، و ليس لخصوص تركها لنسيانها موضوعية في حكمه بوجوب القضاء، لأنا نقطع بأن ترك الصلاة متعمداً عصياناً أيضاً مورد للقضاء، فلو كان للنسيان خصوصيةٌ فقد تَرَك ذكرَ ما (التّعمّد) لا إشكال في وجوب قضائه (فبقرینة أنّ المتعمّد یلزَمه القضاء سنَفهَم عدمَ الخصوصیة للنسیان) فهو (النسیان) إنّما ذُكر تمهيداً لبيان أنّ مطلقَ ترك الصلاة يوجب القضاء (و خاصةً أن إجابةَ الإمام مطلقٌ) و كأنّه جعل عدم الترك عمداً و عصياناً مفروغاً عنه في حقّ المكلّف المسلم (حتی لفاقد الطهورین) إذ كيف يعصي اللّٰه و لا يأتي بفريضة متعمداً، فاقتصر على ذكر الشق المحتمل وقوعه في حقّه و هو النسيان، فتدلّنا الصحيحة على وجوب القضاء في كل مورد ترك فيه الصلاة عمداً أو نسياناً أو لغيرهما من الأسباب، و أنّ الصلاة ذات ملاك مطلقاً إلّا في موارد خاصّة علمنا بعدم وجوب القضاء فيها كالحائض.

2. ثانيهما: أنّ مقتضى إطلاق الصحيحة أن من صلّى بلا طهور وجب عليه القضاء‌ بلا فرق في ذلك بين تمكّنه من الطهور و بين عدم تمكّنه، فتدلّنا الصحيحة على أنّ فاقد الطهورين لو صلّى من دون طهارة لوجب عليه قضاؤها، فلو وجب القضاء فيما لو صلّى فاقدُ الطهورين من دون طهور لوجب عليه القضاء فيما لو لم يصلّ (أصلاً) بطريق أولى، إذ لا يحتمل أن يكون ترك الصلاة موجباً لسقوط القضاء بخلاف الإتيان بها، نعم الأحوط أن يضم الأداء أيضاً فيأتي بالصلاة في الوقت من دون طهور ثمّ يقضيها خارج الوقت إذا حصل على طهور.[3]»

· و نلاحظ علی استدلاله الأول بأنّ السائلَ هو الذي ذکر مسألةَ النّسیان لا الإمام، فحتّی لو افترَضه الإمامُ فکیف نُلغي خصوصیّة النسیان إلی مطلقِ ترک الصلاة بحیث نُفتي بوجوب القضاءِ في کافةِ تروکاتِ الصلاة ثمّ نأتي و نُخصّص الصّبا و الحیضَ من القضاء فلا قضاءَ فیهما؟ إذن فهذه الکبری –التعدّي من النسیان إلی مطلق ترک الصلاة- تُواجِهُ خللاً فادحاً إذ لا تُستَنبَط من الروایة، نعم قد قام الدلیل علی وجوب القضاء علی المتعمّد، ولکنه لا یُعدُّ قرینةً –لکي نُلغي خصوصیّة النسیان- علی وجوب القضاء لمطلقِ ترک الصلاة، بل یَنقُضُه بأنّ عبارةَ "نسي صلواتٍ لم یُصلها" تُعدّ قرینةً لبیّةً علی أنّ المکلّف قد استطاع امتثالَ الصلاة فترکَه نسیاناً، إذن قد افترضتِ الروایةُ توفّر قدرة المکلّف، بینما فاقد الطهورین قد انسلبَت عنه القادرة و عجزَ نهائیّاً عن الصلاة فکیفَ یُقاسُ بمطلق تروکات الصلاة.

· ونلاحظ علی استدلاله الثاني بألّا أولویّةَ في المیدان إذ فاقد الطهورین قد عجزَ عن الطّهارة نهائیّاً بینما الناسي و الجاهل و الغافل و النائم قد أهملوا الصلاة بوصفِهم قادرینَ علی الامتثال فأهملوها، فکیف تتکوّن أولویّةُ القضاء لفاقد الطهورین العاجز أولویةً علی القادرین، وحیث إنّا قد اعترضنا علی أساسِ وجوب القضاء لفاقد الطهورین جذریّآً فلا یختلف الشّقّان المذکوران من السید الخوئيّ بأنّ القضاءَ واجبٌ في فرض عدم الطهارة و واجب -بالأولویة- لو لم یُصلِّ أصلاً.

وحسماً للحوار نُؤکّد مُجدّداً بأنّ هناک دلیلاً قد رفضَ وجوبَ القضاء نهائیّآً –لا أنّا لا نَمتلک دلیلاً علی عدم القضاء و الترخیص- وهو قاعدة الغلبة، إذ فاقد الطهورین یُعدّ من مصادیق القاعدة وفقاً لبَیاناتِنا السالفة بأنّ الشیخ الأعظم قد فسّر الغلبةَ بالعمل –العنصر- الذي یَنتسِب إلی الله تعالی. نظیرالمغمی علیه أو المجنون و... حیث قد تَجاهرَ الإمام بأنّه: لیس علی صاحبه شیئ. بل لو أغمي علیه أیاماً بل شهوراً بل سنةً فلا قضاءَ علیه أیضاً، فبالتالي، إنّ الذي یُسافر إلی النقاط النائیّة کالقُطب لأندرجَ ضمن حالاتِ فاقدِ الطهورین أیضاً.

 
دراسةُ النسبة ما بین "قاعدة الغلبة" و بین دلیل "الصلاة لا تسقط بحال"
لقد أسلفنا مسبقاً بأنّ نطاقَ قاعدة الغلبة موسّعةٌ للغایة -کلّ ما غلب الله علی العبد فالله أولی بالعذر- بحیث تَحکُمُ علی "دلیل الصلاة لا تَسقط" –لو افترضناه دلیلاً مأثوراً- و علی قاعدة المیسور أیضاً و علی سائر أدلة القضاء، فبالتالي، إنّ العاجز عن الطهارات الثلاث کفاقد الطهورین یُعدّ مغلوباً من قبلَ الله تعالی فلا تَنتَسِبُ وضعیّتُه الحرجة –وترکُه للصلاة- إلی الإنسان، ولهذا فلا أداءَ له وفقاً للإجماع و طبعاً لا قضاء أیضاً إذ لا فوتَ، و نتیجةً لذلک سیَخُصّ دلیل "الصلاة لا تسقط بحال" بمواردِ غیر الغلبة بحیث یَنطبِق علی من أمکنَه إجراءُ قاعدة المیسور و... فلا تسقُط عنه الصلاة، إذن لا تعارضَ ما بین الحاکم –قاعدة الغلبة- و المحکوم –الصلاة لا تسقط بحال مع افتراض أنّه دلیل مأثور- إذن لم نَعثُر علی دلیلٍ یَستوجبُ القضاءَ لفاقد الطهورین إلا ارتکازُ المتشرعة فإنّه یُعدّ حصناً حصیناً في المضمار إذ أکثرُ القُدامی و جلُّ المتأخرین قد استوجبوا القضاءَ، ولکن لکي لا نَتَصادَم مع هذا المُرتکز، علینا في النّهایة أن نحتاطَ وجوبيَّاً في قضاء فاقد الطهورین.

--------------------
[1] موسوعة الإمام الخوئي، ج‌10، ص: 218‌
[2] الوسائل 8: 253/ أبواب قضاء الصلوات ب 1 ح 1.
[3] موسوعة الإمام الخوئي، ج‌10، ص: 219‌

الملصقات :


نظری ثبت نشده است .