درس بعد

صلاة القضاء

درس قبل

صلاة القضاء

درس بعد

درس قبل

موضوع: صلاة القضاء


تاریخ جلسه : ١٤٠٢/١٠/١٨


شماره جلسه : ۵۱

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • إکمالُ الحوارِ حول قاعدة "من أدرک"

  • النقطة التالیة حول القاعدة

  • النقطة التالیة حول القاعدة

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

إکمالُ الحوارِ حول قاعدة "من أدرک"


لقد تسائلنا مسبقاً عن مدی دائرةِ القاعدة فهل تَخُصّ المعذورَ فحسب أم تَحُفُّ العالمَ العامدَ أیضاً؟

ونُجیبُ بأنّ عبائرَ الأعلام قد تَشتَّت في هذه الساحةِ:

1. فأحیاناً قد طرحوا التسائلَ هکذا: هل القاعدةُ تَخُصُّ الأوضاعَ الاضطراریّةَ -لا الوقت الاضطراريّ- لمَن طرئَه المانع کالغفلة أو العدوِّ أو النسیان أو المرض أو... بحیث لا تَنطبِقُ القاعدةُ تجاه المُتمکِّن أم تَتفعَّل حتی في حقِّ العالم العامد أیضاً.

2. و أحیاناً نظیرُ الجواهرِ، حیث اعتقدَ بأنَّ القاعدةَ توسِّعِ نطاقَ الوقت بحیث یُعدُّ الوقتُ اضطراريّاً قد أسّسَها الشارعُ للمُضطرِّ فحسب، فالقاعدةُ لا تَمُنّ علی العالم العامد إذ لا یصدقُ الاضطرارُ في حقّه، وقد نُشاهدُ نظیرَ هذه المسألةِ في الوقت الاضطراريّ للمشعر و عرفاتٍ.

ولکن قد اعترضنا مقالتَه بأنّ القاعدةَ لا تَبدو ظاهرةً في دَحوِ الوقت، بل تودُّ تنزیلَ الرکعةِ الواقعةِ في الوقت منزلةَ وقوعِ کلّ الصلاةِ في الوقت بلا تفکیکٍ بین الجاهل و الناسي و الغافل و العالم العامد و... فکافّةُ الأصنافِ تَندرِجُ ضمن امتنانِ القاعدةِ حتماً لأنها مطلقةٌ وفقاً لِوَعيِ جلِّ الأعلام.

بینما السیّدُ الخوئيُّ قد عاضدَ مقالةَ الشیخِ الحائريِّ -وکذا الجواهر- مستدلّاً بکلمةِ "الإدراک" بحیثُ إنّ هذه الکلمةَ تخُصُّ غیرَ العالمِ العامد، و بینَ یدَیکَ الآن بیاناتُه:

لفظة «أدرك» ظاهرة في التمكن المترتب على الطلب و الفحص فان الغريم لو طالب مديونه فظفر به يقال أدركه و أما لو صادفه بلا طلب لا يقال: أدركه فالادراك اُشرِبَ فيه عدمُ التمكّن الابتدائيِّ، و ان شئت قلت: في صورة التمكن من شيء لا يصدق عنوان الادراك فعليه يستفاد من هذه الكلمة الاضطرار و يترتب على ما ذكرنا أنه لو دار الامر بين الطهارة الترابية و ايقاع الصلاة في الوقت و الطهارة المائية و ادراك ركعة من الوقت يجب تقديم الاول اذ يكون المكلف في هذا الفرض فاقدا للماء و المفروض أن الفاقد يجب عليه التيمم (فلیسَ بمدرِکٍ للرکعةِ بل مدرکٌ لکل الصلاة بواسطةِ التراب). [1]

ونلاحظ علیه بأنّا لو راجَعنا اللغاتِ لما عَثرَنا علی مقالةِ السیّد الخوئيِّ أساساً، بل اللغاتُ تَنُصّ علی أنّ: أدرکَ أي وَصلَ، فإنّ مقاییسَ اللغةِ قد تحدّثَ حول مادة "درک" بأنّه أصلٌ واحدٌ و هو لحوقُ الشیئِ و وصولُه إلیه، فأدرَک الغلامُ: أي وصَلَ الغلامُ إلی مرحلة البلوغ، نعم إنّ کتابَ المصباح قد قیّده بالطلب: أدرکتَه: إذا طلَبتَه فلَحِقتَه، ولکنَّ هذا التقیید لم یَطرَحه الأکثَرون، نظراً لعدةِ نِقاط:

1. بالنسبة إلی الغریم الذي یُتابعُ المدیونَ فإنّه یُطلَقُ علیه أنّه أدرکه، ولکنّه لا یعني أن الغریمَ لو لم یطلُبِ المدیونَ ثمّ أدرکه عشوائیاً لا یصحَّ الإدراکُ بل یتِمّ استعمال الإدارک أیضاً -لصحةِ الحمل-

2. بل في بعض الروایات لم تُستخدَم کلمةُ الإدراک أساساً نظیر روایة عمار بن موسی: فإن صلّی رکعةً فقد أدرک الصلاةَ.

3. بل نُلاحظُ القرآنَ الکریم حیث قد استعمل الإدراکَ بمعناه الوسیع: لا الشمسُ یَنبغي لها أن تُدرِکَ القمرَ.[2] وکذا الآیة: لا تُدرکه الأبصار و هو یُدرک الأبصارَ.[3]

إذن نتخرّجُ بأنَّ القاعدةَ مُتراکمةُ الأطرافِ فتَمُنّ علی جمیع الأصناف نظراً إلی حکمةِ الامتنان، فبالتالي، إنّ القاعدةَ تُعدُّ حاکمةً علی أدلة الأداء و القضاءِ و علی أدلةِ الأوقات أیضاً ولکن لا بنحو الوقت الاضطراريِّ الذي زعمه الجواهر، بل هي في مقامِ بیان أصل الأداءِ في وقته الاختیاريّ.

 
النقطة التالیة حول القاعدة
وفي هذا المیدان لو استمسکنا بروایة عمار بن موسی فقط کما صنع ذلک السیّد الخوئيّ -فإن صلی رکعةً من الغداة- فهل صلاةُ الغداةِ تشتَمِلُ علی خصوصیةٍ وأغراضٍ خاصّةٍ تجاه القاعدة أم تُلغی الخصوصیةُ عن صلاةِ الغداة فتنطبقُ القاعدةُ علی کافّة الصلواتِ الیومیّة کما اتّجههُ الخوئي حیث أعلنَ قائلاً:[4]

و ذلك لما ورد في جملة من الأخبار من أن من أدرك ركعة من الوقت فقد أدرك الوقت (لم ترد إلا في معتبر المحقق فحسب) و هذه الرّوايات و إن لم تكن معتبرة سوى رواية واحدة وردت في إدراك ركعة من صلاة الغداة و أن من أدرك ركعة من الغداة فقد أدركها، إلّا أنّ من الظّاهر عدمَ خصوصيّة في ذلك لصلاة الغداة، وإنّما ذكرت في الرّواية لكونها مورد الابتلاء، لأنّ أكثر النّاس ينامون في وقتها و لا يدركون إلّا ركعة واحدة منها، و مع القطع بإلغاء الخصوصيّة يحكم بأن من أدرك ركعة فقد أدرك الوقت مطلقاً، فالحائض في ذلك و غيرها على حدّ سواء.

ثمّ قد تحدّثَ حول القاعدةِ في حیّزٍ آخرَ:

أن الدليل عليه (شمول القاعدة لکافة الصلوات الیومیة):

1. إما هو عدم القول بالفصل و القطع بعدم الفرق، إذ لا خصوصية لصلاة الغداة في هذا الحكم يقيناً.

2. أو أنه الأولوية العرفيّةُ، نظراً إلى أنّ ما بعد طلوع الشمس من الأوقات التي يكره فيها الصلاة، بل قد ورد فيه النهي عن النبي (صلى اللّٰه عليه و آله) في حديث المناهي و غيره، فاذا ساغ الإتيان بجزء منها (الصلاة) فيه (الوقت المنهيّ) و ثبت الحكم في هذا الوقت و هو مُعرَض للكراهة بل لتوهم الحرمة، ففي غيره (غیر طلوع الشمس من سائر الأوقات) مما لا حزازة فيه أصلًا بطريق أولى كما لا يخفى. و لعل تخصيص صلاة الغداة بالذكر في الرواية‌ للتنبيه على هذه النكتة و رفع ما يتوهم من الحزازة من دون خصوصية لها في الحكم المزبور بوجه.[5]

ولکن نلاحظ علیه بأنّه لا أولویّةَ هنا بل هي أشبهُ بالقیاس إذ لا إلزامَ علی الشارع -حینما نَزّلَ الرکعةَ الخارجةَ منزلةَ الأداء في صلاة الغداة- أنّ یُنزّلَ سائرَ الصلواتِ الیومیةِ منزلةَ الغداة أیضاً بل الشارع تسهیلاً للنّائمینَ قد شرّع هذه القاعدةَ فلا أولویّةَ إطلاقاً، و العرفُ أیضاً لا یُعینُ هذه الأولویّةَ ما بین الصلوات، نعم إنّ الاستمساک بالإجماع و عدمِ القول بالفصل هو المناصُ الوحید لا بالأولویّةِ المُزَیَّفةِ.

وکذا لا تتِمُّ مقالةُ المرحومِ الوالد بأن المرجِعَ في فهم الخطاب الشرعيّ هو العرفُ فإنّه یُلغي الخصوصیةَ لصلاة الغداة، فتَنطبِقُ القاعدةُ لکافة الصلوات.

و لکن نطمِسُ علیه بأنّ الرؤیةَ العرفیّة تُمیّزُ ما بین خصوصیاتِ الصلوات فتری لصلاة الغداة خصلةً متمیّزةً، إذن فالسبیل الوحیدُ لتوسیع القاعدة هو الإجماع بعدم الفصل ما بین الصلوات، وکذا نَستَمسِکُ بعمل الفقهاء بکلّ الروایات الواردةِ في هذه القاعدة و منها التي قد عبّرت بکلمة "الصلاة" علی الإطلاق.

 
النقطة التالیة حول القاعدة
إنّ الوحیدَ البهبهانيَّ قد فسّرَ مغزی "الرّکعة" قائلاً:

و المراد «من أدرك الركعة» إدراك تمامها حتّى رفع الرأس عن السجدة الأخيرة، لأنّه المصطلح عليه عند المتشرعة، فعلى تقدير ثبوت الحقيقة الشرعيّة مطلقا، أو في زمان الصادقين عليهما السّلام و من بعدهما فالحكم ظاهر.

و على القول بنفيها فالقرينة الصارفة من المعنى اللغوي، تعيّن الاصطلاحي لغلبة الاستعمال و شيوعه إلى أن اعتقد الحقيقة الشرعيّة الفحول من المحقّقين، فالذهن ينصرف إليه لا إلى ما لم يعهد، و استعمال الشارع فيه أندر، فما في «الذكرى» من الاكتفاء بالركوع للتسمية لغة و عرفا و لأنّه المعظم[6]، فيه ما فيه و يضرّه و يعضدنا أصالة العدم، و أصالة البقاء، و استدعاء شغل الذمّة اليقيني البراءة اليقينيّة، و أنّ‌ مقتضى الآية و الأخبار الدالّة على الأوقات لزوم إدراك المجموع في الوقت، خرج ما خرج بالإجماع، و بقي الباقي. [7]

إذن إن المتوخَّی من لفظةِ "الرکعة" وفقاً للمشهور هو الرکوعُ بضمِّ السجدتین بحیث یضَعُ الجبهةَ في السجدةِ الأخیرةِ ضمن الوقت ولا یعتبر رفعُ الرأس فیها، فتتحقق الرکعةُ، بینما الشهید في الذکری قد احتمل أنّ المرادَ من الرکعةِ هو الرکوعُ فحسب:

1. إذ العرف و اللغةُ قد أطلقَت علی الرکعةِ لفظةَ الرکوع.

2. ولکون الرکوع هو المُعظمَ في الصلاة -الرکنُ الأساسيّ- وعلی هذا المنوال، بمجرد أن یَرکَعَ الراکعُ فقد أدرک الرکعةَ في الوقتِ بلا حاجة إلی السَجدتینِ.

ولکن نلاحظ علیه بأنّ جمهرةً من الأعلامِ قد صرّحوا بأنّ لفظةَ "الرکعةَ" قد حظیَت بالحقیقةِ الشرعیّةِ أو المتشرعیّة في الرکعةِ الکاملة مع السجدتین، لا محض الرکوع، فهو المعیار إذن، نعم من استشکل في صغری الحقیقةِ الشرعیّة أو المتشرعیّةِ فقد برَّرَ الروایةَ بأنّها تَملِکُ قرینةً صارفةً إلی المعنی المُصطلحِ الحاصل بغلبة الاستعمال إذ قد تَکثّرَتِ الروایاتُ حول الرکعةِ من دون أن تَقصُدَ الرکوع بل هدفُها تمامُ الرکعة، کما في روایات الشک بین الرکعات، إذن فهذا المعنی یُعدُّ مصطلحاً روائيّاً غالباً.

ونحن في هذه الحلبةِ نقول:

1. إنّ هذا المِنهاجَ في اعتبارِ غلبةِ الاستعمال، یُرافِقُ نَهجَنا بأنّ الظنَّ یُلحقُ الشیئَ بالأعمِّ الأغلب، فلفظةُ "الرکعة" قد غَلبت بمعنی الرکعةِ التامةِ لا الرکوع.

2. کما أنّا ندعَم الحقیقةَ الشرعیة أو المتشرعیّةَ في غلبةِ هذا المعنی، فلو شککنا في روایةٍ بأنّ "الرکعة" هل استُعمِلَت بمعنی الرکوع فحسب أم بالمعنی الأوسَعِ، لَتفَعّلت قاعدة "الظنَّ یُلحقُ الشیئَ..."فنَحملُ الکلمةَ علی الرکعة التامةِ وفقاً لتنصیص الوحید البهبهانيِّ، ولهذا قد فشِلَت أدلةُ الشهید المذکورة، إذ هذه القاعدةُ تُحدِّدُ منشأً الظهورِ الاستعماليِّ في مرحلة المعنی لا في مرحلةِ المراد الجديِّ فلا تُولّدُ الانصرافَ، لأنّا لا نشک في الإطلاق و عدمه بل الشک في المراد الاستعماليِّ.

3. نعم لو تنزّلنا واعتقدنا بعدم تحقّقِ الحقیقة الشرعیّة و عدم اعتبارِ قاعدة الظنّ، و عَکَفنا شاکّینَ في معنی الرکعة، لعُدّ هذا الشک من الدوران بین الأقلّ -الرکعةُ التامةُ- و الأکثر -الرکوع فقط- فنَتّخِذُ القدرَ المحتومَ وهي الرکعة التامة، اتّکالاً علی أصالة الاشتغال وعدم کونها أداءً.

-------------------
[1] مباني منهاج الصالحین، جلد: ۳، صفحه: ۲۹.
[2] سورة یس، الآیة 40.
[3] سورة الأنعام، الآیة 103.
[4] موسوعة الإمام الخوئي، ج‌7، ص: 444‌
[5] موسوعة الإمام الخوئي، ج‌11، ص: 234‌
[6] ذكرى الشيعة: ٣٥٦/٢.
[7] بهبهانی، مصابیح الظلام في شرح مفاتیح الشرائع، جلد: ۵، صفحه: ۵۱۷.


الملصقات :


نظری ثبت نشده است .