درس بعد

صلاة القضاء

درس قبل

صلاة القضاء

درس بعد

درس قبل

موضوع: صلاة القضاء


تاریخ جلسه : ١٤٠٢/٩/١٢


شماره جلسه : ۳۴

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • هزازةُ الانصرافِ إلی الإغماء القهريّ

  • الردّیتان علی الظهور الانصرافي في المیدان

  • معالجةُ التعلیل الوارد ضمن روایات الغلبة

  • معارضة السید الخوئيّ تجاه المحقق الهمدانيّ

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

هزازةُ الانصرافِ إلی الإغماء القهريّ
لقد تَسائلنا مسبقاً: هل زوال القضاء یَخُصّ الإغماء القهريّ فحسب أم أن الإغماءَ الاختیاريّ یُحطّم القضاءَ أیضاً؟

لقد أثبتَ صاحبُ الحدائق و المحقّقيِ العراقيّ و الهمدانيّ وجوبَ القضاءِ بشأن الإغماء الاختیاري، حیث قد تشبّثوا بالانصراف، حیث قد استظهرَ ذلک المحقّقا العراقيِ و الهمدانيّ، نظراً إلی عبارة الإمام: المغمی علیه لا یَقضي.فإنها تَنصرِف صوبَ القهري لا الاختیاريّ عرفاً، و لهذا قد صرّح المحقق العراقيّ ضمن تعلیقةِ العروة: بأن القضاءَ لا يُترك؛ لانصراف العلّة من قوله: «ما غلب اللّٰه»[1] عن مثله (فإنه لا تَصدُق الغلبةُ القهريةُ في حق من تعمّد الإغماء بیدیه)

إذن إن هؤلاء الأعلام قد هتفوا بانصراف قاعدة الغلبة، لا بالانصراف من نفس أدلة القضاء -بأن القضاء یتوجّب لمن فاته العمل تلقائیاً لا عمدیاً- کما ادعاه الآخرون.

بینما السید الخوئي قد لاحظ شمولیةَ عنوانِ الإغماء لأنه یستنکرُ أساسَ قاعدةِ الغلبة فیُبرّر انتفاءَ القضاء بواسطة إطلاقات عنوان الإغماء للقهريّ و الاختیاريّ نظیرَ من شرِب عمداً مادّةً قد ألقته في عالم الإغماء حتى انقضى الوقت، بل لو شَکّ السید الخوئيّ في خروج الإغماء الاختیاري من أدلة انتفاء القضاء، لاستعانَ بعمومات عدم قضاء المغمی علیه.

الردّیتان علی الظهور الانصرافي في المیدان
1. إنّا نردَعَ الانصراف المذکور إذ المصداق المتعارَف -الإغماء القهريّ- لا یُولّد الانصراف بل الضابط هي کثرة استعمال الإغماء في القهريّ و أنّی لنا هذه الکثرة.

2. بل إن الإغماءَ الاختیاريّ هو المتعارَف -لا القهريّ الذي کان و لا یزال حالیاً أقلَّ مصداقاً من الاختیاريّ- و نظیر هذه المسألة هو مبحث رؤیةِ الهلال فإن العهد القدیم لم یَنل إلی الأجهزة المتطوّرة المتعارفة حالیاً حیث إن سلاحهم الوحید کانت هي العینَ البسیطة فحسب، فإن المتعارَف آنذاک لا یَخلُق انصراف الرؤیة إلی العین المجرّدة (فلیست القضیة خارجیةً مختصّةً لذلک الزمن) إذن فتَتِمّ مقولة السید الخوئيّ: بأن عنوانَ الإغماء مطلقٌ فحُذف عنه وجوب القضاء علی الإطلاق إذ قد سُئل الإمام عن المغمی علیه ثم أجاب علیه السلام بأنه لا یقضي.

معالجةُ التعلیل الوارد ضمن روایات الغلبة
إن عُمدة النقاش هو التعلیل التالي: کلُّ ما غلب الله علی العبد فالله أولی بالعذر. فقد استدلّ البعض بأن هذا التعلیل یستدعي وجوب القضاء (المعلول) في الإغماء الاختیاري إذ لا تَصدُق الغلبة (العلّة) فیه، و المعلول یدور مَدارَ علته، فکل ما صدقتِ الغلبةُ علیه عرفاً لزال عنه وجوب القضاء أیضاً و إلا فلا، و حیث إن الإغماء الاختیاري لا یصدق الغلبة فیه فلا یجب القضاء إذن، و لهذا فروایات الغلبة تُقیّد الروایات المطلقة في وجوب القضاء.

بل إنّ‌ صاحب الحدائق (قدس سره) قد تعدّى ببرکة روایات الغلبة إلی باب الحیض و النفساء فجعل العلّة المذكورة مقيِّدة للمطلقات الواردة في باب الحيض و النفاس، فالتزم بثبوت القضاء في الحیض العمديّ أخذاً بعموم العلة و عدم صدق الغلبة فیهما[2]، و بالتالي، فإن نصوص المقام کقاعدة الغلبة قاصرة عن شمول السبب الاختياري، فيشمله عموم أدلّة القضاء السالم عن المخصِّص.

و قد ناقش المحقق الهمدانيّ في استدلال صاحب الحدائق قائلاً: لو کانت العلةُ منحصرةً لتمّ کلام الحدائق بأن العلةَ تقیّد جمیعَ عموماتِ القضاء و الانحصار یستدعي أن کل ما لم یکن مغلوباً فلا قضاء فیه إطلاقاً - و ذلک نظیرُ باب مفهوم الشرط حیث لو أصبح الشرط منحصراً لأتیح اتخاذ المفهوم الکليّ و إلا فلا- إلا أن الانحصارَ لیس ظاهراً، إذ لعل نفيَ القضاء کان لأجل علة أخری غیر علة الغلبة، فربما نشاهد شخصاً متعمّداً قد حذف القضاء عنه بسبب آخر -لا الغلبة- و لهذا لا یصح الدخول من باب العلیة بل الصواب هو الانصراف الذي یمسَح القضاءَ من الإغماء القهريّ دون الاختیاري.

معارضة السید الخوئيّ تجاه المحقق الهمدانيّ
و قد هاجمه السید الخوئيّ قائلاً:

أقول: ما أفاده (قدس سره) من عدم دلالة التعليل على السببية المنحصرة و إن كان صحيحاً، فلا ينعقد للقضية مفهوم بالمعنى المصطلح كما في الشرط و نحوه، فلا ينافي ثبوت الحكم في غير مورد العلّة بمناط آخر كاحترام شهر رمضان مثلاً[3] لكن لا ينبغي الشك في دلالته على أنّ‌ طبيعي الإغماء لا يكون بنفسه موضوعاً لنفي القضاء، و إلّا (لو کان الموضوع هو الإغماء البحت) لكان التعليل بغلبة اللّٰه من اللغو الظاهر، فاذا ورد دليل آخر تضمّن التصريح بأنّ‌ موضوع الحكم هو الطبيعي على إطلاقه و سريانه كان معارضاً لهذا الدليل لا محالة.

و بعبارة اخرى: أنّ‌ حيثية الإغماء ذاتية بالإضافة إلى الإغماء نفسه، و حيثية استناده إلى غلبة اللّٰه سبحانه حيثية عرضية، فلو كان المقتضي لنفي القضاء هو طبيعي الإغماء أعني الحيثية الذاتية لم يحسن العدول عنه في مقام التعليل إلى الجهة العرضية. فإذا فرضنا أنّ‌ العالم يجب إكرامه لذاته (لأجل علمه فقط) لم يحسن حينئذ تعليل الوجوب المذكور بأنّه شيخ أو هاشمي أو من أهل البلد الفلاني (فنکشف أنه العلم لیس علة تامة للإکرام و کذلک ما غلبة الله فإنها لیست علة منحصرة و لکن التعلیل بالغلبة یقول بأن طبیعي الإغماء لیس موضوع نفي القضاء بل لو اندرج ضمن الغلبة لنتفی القضاء حینئذ) و نحو ذلك. [4]

فاذا بنينا على دلالة النصوص المذكورة على أنّ‌ العلّة في نفي القضاء عن المغمى عليه هي غلبة اللّٰه في الوقت كما هو المفروض فطبعاً نستكشف من ذلك أنّ‌ طبيعي الإغماء بذاته لا يستوجب نفي القضاء، فإنّه و إن احتمل وجود علّة أُخرى للنفي أيضاً لما عرفت من عدم ظهور التعليل في الانحصار لكن ظهوره في عدم ترتّب الحكم على الطبيعي غير قابل للإنكار، فلا محيص من رفع اليد عن المطلقات لأجل هذه النصوص الدالّة على أنّ‌ الموجب لنفي القضاء إنّما هي غلبة اللّٰه تعالى.

و الصحيح في الجواب عن الوجه المذكور هو ما أشرنا إليه سابقاً من عدم وجود نصّ‌ صحيح يدلّ‌ على التعليل و يتضمّن الملازمة بين غلبة اللّٰه في الوقت و نفي القضاء، لضعف الروايات التي استدلّ‌ بها لذلك سنداً أو دلالة على سبيل منع الخلو، فانّ‌ عمدتها رواية الصدوق (رحمه اللّٰه) عن الفضل بن شاذان[5] و هي ضعيفة السند و إن عبّر عنها المحقّق الهمداني[6] و صاحب الحدائق[7] (قدس سرّهما) بالصحيحة، و ذلك لضعف سند الصدوق (رحمه اللّٰه) إلى الفضل بكلا طريقيه كما مرّت الإشارة إليه.

فالجواب الحقّ‌ هو إنكار وجود النصّ‌ الصحيح الدالّ‌ على ذلك (الغلبة) فتبقى المطلقات سليمة عن المقيّد، و إلّا فمع الاعتراف به لا مناص من التقييد كما عرفت، فتحصّل من ذلك: أنّ‌ الأقوى نفي القضاء عن المغمى عليه مطلقاً، سواء أ كان ذلك بفعله أم كان بغلبة اللّٰه و قهره كما عليه المشهور، عملاً بالمطلقات (نفي القضاء عن المغمی علیه) السالمة عن المقيّد.[8]

و نلاحظ علی السید الخوئي بأنه قد تقبّل أساسَ مقالةِ المحقق الهمدانيّ في قاعدة الغلبة بأن العلةَ لیست منحصِرةً، فلا معنی لکي یَعترِضَ علیه بأن طبیعيَ الإغماء هو موضوعُ نفيِ القضاء بل إن موضوع نفي القضاء هو الإغماء المغلوب وفقاً لمسلک المحقق الهمدانيّ الذي قد تسلمه السید أیضاً فإن السید الخوئيّ قد أقرّ بأن طبیعي الإغماء لیس موضوعاً لنفي القضاء و لا سبیل لنا لضربِ القضاء إلا من طریق الغلبة، فحیث إن السید قد تقبّل الانحصار أیضاً فلا أرضیةَ لاستشکاله علی المحقق الهمدانيّ.

-------------------
[1] وسائل الشيعة: الباب (٢٤) من أبواب من يصحّ‌ منه الصوم، ح ٦، و الباب (٣) من أبواب قضاء الصلوات، ح ٣.
[2] الحدائق ١٢:١١.
[3] لعلّ‌ المذكور لا يتناسب مع المورد، لأنّ‌ المورد هو عدم القضاء لا القضاء.
[4] خوئی، سید ابوالقاسم. ، موسوعة الإمام الخوئي، جلد: ۱۶، صفحه: ۹۳.
[5] الوسائل ٢٦٠:٨ /أبواب قضاء الصلوات ب ٣ ح ٧، علل الشرائع: ٢٧١، و قد تقدّمت في ص ٧٤.
[6] مصباح الفقيه (الصلاة): ٥٩٩ السطر ٢٣.
[7] الحدائق ٥:١١.
[8] خوئی، سید ابوالقاسم. ، موسوعة الإمام الخوئي، جلد: ۱۶، صفحه: ۹۳، 1418 ه.ق.، قم - ایران، مؤسسة إحياء آثار الامام الخوئي


الملصقات :


نظری ثبت نشده است .