درس بعد

صلاة القضاء

درس قبل

صلاة القضاء

درس بعد

درس قبل

موضوع: صلاة القضاء


تاریخ جلسه : ١٤٠٢/٩/١٨


شماره جلسه : ۳۷

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • معارضةُ السید الخوئيّ للمشهور

  • هجمَةٌ تجاهَ مقالة السیّد الخوئيّ

  • رفعُ الحَجب عن قاعدة الجَبّ

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

معارضةُ السید الخوئيّ للمشهور
لقد اعترض السید الخوئيّ علی المشهور بأنه کیف یستدلۀ الأعلام بالضرورة و الإجماع بینما لا مقتضيَ لتکلیف الکفار إذ المقتضي للتکلیف یتفرّع علی تکلیف بالأداء لیحدُث الفوت و ثم یَتوجّبَ القضاء، بینما الکافر لم یُکلَّف أداءً، إذن فلا فوت ولا قضاءَ موضوعاً، و أمامَک الآن نصُّ عبارتِه:

و يؤكّده أنّه لم يعهد من النبيّ‌ (صلى اللّٰه عليه و آله و سلم) مطالبةُ من أسلم بدفع زكاة المال أو الفطرة و نحوهما من الحقوق الفائتة حال الكفر، و عليه فلا تصل النوبة في المقام إلى الاستدلال لنفي القضاء بالأمرين المتقدّمين (الإجماع و الضرورة) بل إنّما يعلّل نفي القضاء بقصور المقتضي (و هي دلالةُ الدلیل علی تکلیفهم) حتى و لو لم يكن هناك إجماع و لا ضرورة، فإنّ‌ المقتضي للقضاء إنّما هو الفوت، و لا فوت هنا أصلاً بعد عدم ثبوت التكليف (الأدائيّ) في حقّه من أصله، فلم يَفته شيء كي يَتحقّقَ بذلك موضوعُ القضاء، إذ لا تكليفَ له حال الكفر إلّا بالإسلام فقط.

وفوتُ الملاك و إن كان كافياً في ثبوت القضاء (علی الکفار) إلّا أنّه لا طريق لنا إلى إحرازه إلّا من ناحية الأمر أو الدليل الخاص القاضي بالقضاء، ليُستكشفَ منه تماميّةُ الملاك كما في النائم (الذي قد فاته الملاک وفقاً للدلیل) و المفروض هو انتفاء كلا الأمرين في المقام، و لا غروَ في قصور الملاك و عدمِ تعلّق الخطاب به حال الكفر، فإنّه لأجل خِسّتِه و دَناءته، و كونِه في نظر الإسلام كالبهيمة، و في منطق القرآن الكريم أُولٰئِكَ‌ كَالْأَنْعٰامِ‌ بَلْ‌ هُمْ‌ أَضَلُّ‌...[1] و من هنا ورد في بعض النصوص و إن كانت الرواية غير معمول بها أنّ‌ عورة الكافر كعورة الحمار[2]. (فالکافر کالبهیمة التي لا تَتعقّل الخطابَ فکذلک الکفّار)

و الحاصل: أنّه لأجل اتّصافه بالكفر لا يليق بالاعتناء، و لا يستحقّ‌ الخطاب، فليست له أهلية التكليف، فهو كالصبيّ‌ و المجنون و الحيوان بنظر الشرع، فلا مقتضي للتكليف بالنسبة إليه، و سيظهر لذلك أعني استناد نفي القضاء إلى قصور المقتضي دون وجود المانع ثمرة مهمّة في بعض الفروع الآتية إن شاء اللّٰه. [3]
 
هجمَةٌ تجاهَ مقالة السیّد الخوئيّ
رغمَ أن مقالتَه حول "عدم إحراز فوتِ الملاک تجاه الکفّار" سدیدةٌ إلا أنا نلاحظ:

1. علی مقولته التالیة -حول انعدام المقتضي لتکلیف الکفّار- بأنّ الکفّار یتمتّعون بالشرائط العامّة للتکلیف و لهذا فیتعلّق بهم الخطاب شأناً فلیس کالمجنون و الصبيّ.

أجل، إنّ الکافرَ یعدّ لَئیماً و مُجرِماً إذ قد کَفرَ بنِعَمِ اللهِ تعالی، و لأجل دَنائَتِه لا یَتساهم الکافر مع المسلم في الشئُونات الاجتماعیّة العامّة، و لهذا لا یحِقّ له -بل لا کَرامةَ له- أن یَترئَّسَ علی المجتمع الإسلاميّ، و ذلک نظراً إلی تشدیدِ الآیات و الروایات بشأنه، نعم إنّ حقوقَه الفردیّة مصونةٌ لدیه.

2. علی استشهاد السید الخوئيّ بالآیة التّالیة: أولئک کالأنعام بل هم أضلّ. إذ الآیةُ لم تَستأصِل أساسَ الخطابِ الشرعيّ عن الکافر، بل الشروط العامّة متفعِّلةٌ فيحقّه، إلا أنّ الکافر حیث قد أهملَ قوّةَ التّعقّل -وَعيَ الحقائق- فأدرَجَته الآیةُ ضمن زمرةِ البهائم من هذا البُعد، إذن فالآیة لا تُجدي نفعاً لمُعتقدِ السید الخوئيّ.

و أما الآیة التالیة: و مثلُ الذین کفروا کمثل الذي یَنعِقُ (یَصیحُ) بما لا یَسمع إلا دعاءً و نداءً صمٌّ بکمٌ عميٌ فهم لا یَعقلون. فلا تُدلّل علی انعدام التخاطب مع الکفّار و عدم تکلیفهم، بل الآیة تودّ إثباتَ عِنادِهم کالذي یصرُخُ فلا یُصغي ولا یُطیعُ أساساً، فالکافر حیث لا یَستمِع و لا یَتعقّل في شرائعِ الله تعالی فیُصبحُ بمثابةِ الصمِّ البکمِ العميِ، فلم تحذفِ الآیةُ أساسَ التکلیف من الکفار بحیث لا یستحیلُ التخاطبُ معهم کمستوی المجنون و الصبيّ، بل إن معنی هذه الآیة یُضاهي الآیةَ التالیة: و للذین کفروا عذابُ جهنّم... قالوا بلی قد جاءنا نذیر فکذّبنا و قلنا ما نزّل الله من شیئٍ... و قالوا لو کنّا نَسمعُ أو نَعقِل ما کنّا في أصحاب السعیر، فاعترفوا بذنبِهم... . فإن تعبیرَهم: لو کنا نسمع أو نعقل، یُعرِبُ عن عدم العمل و الامتثال، لا انعدام التخاطب و کذا التکلیف في حقّهم علی حدّ المجنون و الصبيّ.

أجل، إنّ تلفیقَ السیّد الخوئيّ ما بین وضعیّةِ الکافر و بین البهیمةِ، یُجدي لضربِ مقالةِ الذین یَعتقدون بالکَرامة الذاتیة للإنسان، حیث قد تشبّثوا بالآیة التّالیة: و لقد کرّمنا بني آدم. بینما قد غفلوا بأن الآیة لم تعبّر ب: خلقنا بني آدمَ مُکرَمینَ، لکي یُستفادَ من الکرامة الذاتیة، بل تکملةُ الآیة تُحدّد مَنویّها بأن الله تعالی قد کرّمَ بني آدم بالحمل في البرّ و البحر و رزق الطیّبات و سائرِ النِعَم، و من الجليّ أنّ هذا النمطَ من التکریم لا یُبرهنُ علی الکرامة الذاتیّة بحیث یَتشارک الکافر مع المسلم في شتّی الحقوق، بل تحدیدُ الحقوق و الحدود بیدِ الشارع و لهذا قد سلبَ کرسيَّ الرئاسةِ عن الکافر حیث یقول سبحانه: و لن یجعلَ اللهُ للکافرین علی المؤمنین سبیلاً. حتی لو کان الکافر أدقَّ و أحرصَ و أضبطَ من المسلمین في العلمیّة والمدیریّة.

بل أساساً إن عنصرَ الکَرامة لا یُعدّ دلیلاً شرعيّاً للأحکام، فصحةُ الوقف للکفّار لا یُبرهنُ کرامتِهم بل یَسوغُ الوقف للحیوانات أیضاً لأجل العمومات: الوقوفُ بحسب ما یوقفُها أهلُها.

رفعُ الحَجب عن قاعدة الجَبّ
و أما قاعدة الجبّ، فإن معنی "إمحاء ما قبل الإسلام" هو أن الأحکامَ التي قد شرَّعها الإسلام کوجوب قضاء الصلاة و... قد مُحِقَت عن ذمّة الکافر، فرغم أن الأدیان الماضیة کالیهودیّة قد استوجبت علیه أحکاماً إلا أنه حین قدومه إلی شرف الإسلام لتحطَّمَت عنه الأحکامُ التکلیفیّة و الوضعیّة تماماً، و أما حرمةُ القتل و قبحُ الظلم و شناعةُ أکلِ الناس عدواناً، و التي تعدّ من الأحکام العقلیّة فقد کُلّف الکافر بها بِتاتاً، و في هذا المضمار نستعرض مقالة السید الخوئيّ:

لا يخفي عليك أنّ‌ محلّ‌ الكلام في تكليف الكفّار بالفروع إنّما هي الأحكام المختصّة بالإسلام (والتي جاء بها الإسلام فحسب)، و أمّا المستقلات العقلية التي يشترك فيها جميع أرباب الشرائع كحرمة القتل و قبح الظلم و أكل مال الناس عدواناً فلا إشكال كما لا كلام في تكليفهم بها. فما في الحدائق[4] من الاستدلال لتكليف الكفّار بالفروع بقوله تعالى وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ‌ (البنات المولودة التي کانت تُدفن حین ولادتها) سُئِلَتْ‌. بِأَيِّ‌ ذَنْبٍ‌ قُتِلَتْ‌[5] (حیث إن القاتل هو الکافر و سوف یُسئل عن هذه الجریمة و یُعاقب) ليس كما ينبغي، لكونه خروجاً عمّا هو محلّ‌ الكلام (إذ الکافر یُعدّ مکلّفاً بالمستقلات العقلیة بتاتاً).

و نلاحظ علیه بأن مجرّدَ ورود حکم عقليٍّ بقبح القتل و... لا یَجعلُ الحکمَ إرشادیّاً محضاً، بل ربما یُدرکه العقلُ تماماً إلا أنّ المولی أیضاً یتدخّل ضمن المیدان و یُعملُ مولویّتَه بحیث یُرتّب علیه الثواب أو العقاب، و لا ضیرَ في ذلک، إذ الشارع قد أسّسَ ملاکاً مولويّاً فائقاً علی حکم العقل کحرمةِ القتل فمَن ارتکبَ جریمةَ القتل لحقّ علیه الجزاء الدنیويّ وفقاً لحکم العقل و کذلک یُدانُ بالعقوبةِ الأخرويّةِ وفقاً لتحریم الشارع -سواءٌ الکافر و المسلم- و لهذا قد استوجبَ الشارع علیهما التوبةَ الفوریّةَ و إلا لاستحقَّا العقاب حتماً، بینما لو أسلم الکافر لجبّ الإسلام مُرتکَباتِه السالفة تماماً، و کنَموذَجٍ آخر: إن غصبَ حقوق الناس یُعدّ قبیحاً عقلياً و محرّماً شرعیّاً لحرمة الغصب و ذلک ببرکة الحکم المولويّ الذي قد أفِیضَ علی الحکم العقليّ، فلیس بإرشاديّ بحت لکي لا یُعاقبَ، و لهذا فلو أسلم الکافر لأهدَم الإسلامُ اقتحاماتِه الماضیة. إذن فکلام صاحب الحدائق في هذه الحُلبة هو المسار المستقیم.

---------------------
[1] الأعراف ١٧٩:٧.
[2] الوسائل ٣٥:٢ /أبواب آداب الحمام ب ٦ ح ١.
[3] خوئی، سید ابوالقاسم. ، موسوعة الإمام الخوئي، جلد: ۱۶، صفحه: ۹۵، 1418 ه.ق.، قم - ایران، مؤسسة إحياء آثار الامام الخوئي
[4] [لم نعثر عليه. ثم إنّ‌ صاحب الحدائق (قدس سره) ممن يرى عدم تكليف الكفار بالعبادات، راجع الحدائق ٣٩:٣، ٢٨١:٦].
[5] التكوير ٩٨:٨١.


الملصقات :


نظری ثبت نشده است .