درس بعد

صلاة القضاء

درس قبل

صلاة القضاء

درس بعد

درس قبل

موضوع: صلاة القضاء


تاریخ جلسه : ١٤٠٢/٩/١٤


شماره جلسه : ۳۶

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • الانغمار إلی مبحثِ تکلیف الکفّار

  • التطرّق إلی قاعدة تکلیفِ الکفّار بالفروع

  • استنکافُ السید الخوئيّ عن تکلیف الکفّار بالفروع

  • التلویح إلی قاعدة الجبّ

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

الانغمار إلی مبحثِ تکلیف الکفّار
ثم قد عرَج السید الخمینيّ إلی مسألة الکفّار قائلاً:

والكافر الأصلي في حال كفره، دون المرتدّ، فإنّه يجب عليه قضاء ما فاته في حال ارتداده بعد توبته، وتصحّ‌ منه وإن كان عن فطرة على الأصحّ‌، [1]

و تنقیحاً لهذه المسألة نقول: من وُلِد کافراً بدایةَ الأمر ثم بلغَ و تعقّل، لاندرج ضمن قاعدةِ: "الکفّار مکلَّفون بالفروع کما أنهم مکلّفون بالأصول" فإنها قد استوجَبَت علیه الإعادةَ ضمن الوقت لفعلیّة الخطابات الأولیّة في حقّهم-نظیر: أقم الصلاةَ و أتموا الصیامَ و...- و أوجبتِ القضاءَ خارجَه أیضاً وفقاً لعمومات القضاء -و کذا المرتدّ وفقاً للتحقیق الحقیق- غیرَ أن أعمالَ الکافر العبادیّة فترةَ الکفر تُعدّ عدیمةَ الصحة نهائیّاً رغم أن التکلیفَ قد وقع علی عاتقه تماماً، و لکن لو أسلَمَ لتفعّلت في حقه قاعدةٌ امتنانیّةٌ أخری و هي "الإسلام یَجُبّ ما قبلَه" أي إن الإسلام یَهدِم و یَمحو الجرائمَ و القضاء الواجبَ المتعلّق بذمّته قبلَ الإسلام -و کذا المرتدّ وفقاً للتحقیق الحقیق-

إذن فالمُستهدَفُ السَیِديِ الیزديّ[2] و الخمینيّ من الکافر الأصلي هو ما حرّرناه للتَّوّ.

التطرّق إلی قاعدة تکلیفِ الکفّار بالفروع
و قبل الخوض ضمن تلکُما القاعدَتین، علینا أن نتسائل بدایةً:

1. هل الکفار مکلفون بالفروع وفقاً للرأي الشهیر الصائب أم لا کما عن السید الخوئيّ و المحقق النراقيّ؟

2. وما هو دور قاعدة الجبّ هنا؟

3. و هل المرتدّ مندرج ضمن قاعدة الجب أم لا بل حکمُه القتلُ وفقاً للآیات الکریمة؟

4. وما هو دور الإسلام أو الإیمان في صحة العبادات، أم لا یُعتبران في الصحة بل في القبول؟

و نُجیب تَتراً بأن المشهورَ المُتدنّي إلی الإجماع، قد تسلموا قاعدةَ تکلیف الکفار بالفروع، بینما الفیض الکاشانيّ و صاحبُ الحدائق و السیدُ الخوئيّ قد رفضوها نهائیّاً، و لکنّا ضمن الأبحاث السالفة قد استَعرَضنا الآیاتِ و الروایاتِ المِثالیّة لتسجیل للقاعدة، نظیر الآیات التالیة:

1- یاأیها الناسُ اعبدوا ربکم الذي خلقکم و الذین من قبلکم لعلّکم تتّقون.[3] فلم تُفکّک ما بین المسلم و الکافر.

2- یاأیهاالناس اتّقوا اللهَ و کونوا مع الصّادِقینَ.[4] فإن الخطاب بامتثال التقوی یَتضمّن کافةَ الفروعات الشرعیة، و أساساً لم یرد أيُّ دلیلٍ یُرخّص التقوی في حقّ العِباد بحیث یُسوِّغ للکفّار اقتحامَ الجرائمِ البَشِعة و انتهاکَ المحرّمات المَشینة، کلا، بل عامةُ البشر مُلزمونَ بتنفیذ التقوی علی الإطلاق.

3- فَلاٰ صَدَّقَ‌ وَ لاٰ صَلّٰى.[5]

4- وَ وَيْلٌ‌ لِلْمُشْرِكِينَ‌، اَلَّذِينَ‌ لاٰ يُؤْتُونَ‌ الزَّكٰاةَ‌ وَ هُمْ‌ بِالْآخِرَةِ‌ هُمْ‌ كٰافِرُونَ‌.[6]

5- و لله علی الناس حِجّ البیتِ مَن استطاعَ إلیه سبیلاً. فإنها قضیّة حقیقیة تَستبطِن الرجلَ و المرأة، و الکافرَ و المسلم، و الدانيَ و النائيَ.

6- وَ إِذَا قِيلَ لَهُم أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءَامَنُوٓا أَنُطعِمُ مَن لَّو يَشَآءُ ٱللَّهُ أَطعَمَهُۥ إِن أَنتُم إِلَّا فِی ضَلَٰلٍ مُّبِينٍ.[7] و قد ثبت بأن الإنفاق من الأرزاق الإلهیّة یَحتوي علی الزکاة و الصدقة و ردّ المظالم و شتّی الوجوهات الشرعیّة فإن صیغةَ الأمر الظاهرةِ في الوجوب قد صبّت علیهم حکماً تکلیفيّاً قطعیّاً بلا مفرٍّ عنه. -و کذا المرتدّ وفقاً للتحقیق الحقیق-

استنکافُ السید الخوئيّ عن تکلیف الکفّار بالفروع
لقد أبی السید الخوئيّ تکلیف الکفّار بالفروع قائلاً:

و أمّا بناءً‌ على ما هو الصحيح من عدم تكليفهم بذلك فلا وجه للاستدلال بهما (بالإجماع و الضرورة) و يشهد لما ذكرناه ما ورد من أنّ‌ الناس يؤمرون بالإسلام ثمّ‌ بالولاية[8] فإنّ‌ ظاهر العطف ب‍ «ثمّ‌» هو عدم تعلّق الأمر بالولاية إلّا بعد الإسلام، فإذا كان هذا هو الحال في الولاية و هي من أعظم الواجبات و أهمّ‌ الفروع (فبطریق أولی لا یتوجه إلیهم سائر الفروعات کالصلاة و الزکاة) بل إنّه لا يُقبل عمل بدونها كما ورد في غير واحد من النصوص[9] فما ظنّك بما عداها (الولایة) من سائر الواجبات كالصلاة و الصيام و نحوهما.

و يؤكّده أنّه لم يعهد من النبيّ‌ (صلى اللّٰه عليه و آله و سلم) مطالبة من أسلم بدفع زكاة المال أو الفطرة و نحوهما من الحقوق الفائتة حال الكفر، و عليه فلا تصل النوبة في المقام إلى الاستدلال لنفي القضاء بالأمرين المتقدّمين (الإجماع و الضرورة) بل إنّما يعلّل نفي القضاء بقصور المقتضي (دلالة الدلیل علی تکلیفهم) حتى و لو لم يكن هناك إجماع و لا ضرورة، فإنّ‌ المقتضي للقضاء إنّما هو الفوت، و لا فوت هنا أصلاً بعد عدم ثبوت التكليف (الأدائيّ) في حقّه من أصله، فلم يفته شيء كي يتحقّق بذلك موضوع القضاء، إذ لا تكليف له حال الكفر إلّا بالإسلام فقط.

و فوت الملاك و إن كان كافياً في ثبوت القضاء إلّا أنّه لا طريق لنا إلى إحرازه إلّا من ناحية الأمر أو الدليل الخاص القاضي بالقضاء، ليُستكشفَ منه تماميةُ الملاك كما في النائم (الذي قد فاته الملاک) و المفروض هو انتفاء كلا الأمرين في المقام، و لا غروَ في قصور الملاك و عدمِ تعلّق الخطاب به حال الكفر، فإنّه لأجل خِسّته و دَناءته، و كونِه في نظر الإسلام كالبهيمة، و في منطق القرآن الكريم أُولٰئِكَ‌ كَالْأَنْعٰامِ‌ بَلْ‌ هُمْ‌ أَضَلُّ‌...[10] و من هنا ورد في بعض النصوص و إن كانت الرواية غير معمول بها أنّ‌ عورة الكافر كعورة الحمار[11].

و الحاصل: أنّه لأجل اتّصافه بالكفر لا يليق بالاعتناء، و لا يستحقّ‌ الخطاب، فليست له أهلية التكليف، فهو كالصبيّ‌ و المجنون و الحيوان بنظر الشرع، فلا مقتضي للتكليف بالنسبة إليه، و سيظهر لذلك أعني استناد نفي القضاء إلى قصور المقتضي دون وجود المانع ثمرة مهمّة في بعض الفروع الآتية إن شاء اللّٰه. [12]

ونلاحظ علیه:

1. أولاً: بأن الولایة تُعدّ من اُسُسِ الأصول الدینیّة لا من نمط الفروع، و لهذا قد ورد ما مضمونُه أن مَن افتقدَ الولایةَ لافتقدَ التوحید، إذ الأصول الدینیّة مترتّبةٌ طولیّاً بأن یؤمِنَ بالله أولاً ثم برسوله و ثمّ بالولایة، إلا أن حساسیّةَ عنصرِ الولایة قد أدّت إلی أنها لو انعدمت لانعدَم التوحیدُ و شتّی الأصول الأصیلةِ الأخری.

2. و ثانیاً: إن خصوصیّةَ هذا التعبیر الروائيّ المذکور قد وردت لکي تُفرّع الأصول و تُرتّبُها علی نسق طوليّ في مقام الخارج العمليّ کما أوضحناه، فالروایة لم تَحذِف أساسَ التکلیفِ من عاتق الکافر إذ لم تتحدّث أساساً حول تعلّق التکلیف أو انعدامه بل قد صرّحت بعدم إمکانیة تحقّق الولایة من جانب الکافر لأنه یَفتَقِد الإیمانَ بالله و الرسول، فبالتالي، إن الروایة تُنبأُ عن قضیةٍ مستحیلةٍ -و هي تحقّق الولایة بلا إقرار بالله و الرسول- فلم تَستنکرِ الروایةُ أصلَ التکلیف للکافر و لم تُرخّصه في الارتکابات نهائیّاً.

إذن، إن معنی: الناس یؤمرون بالإسلام، لیس بمعنی الأمر التکلیفي لکي یُقالَ بأن الکفار لیسوا مکلفین بالأصول فکیف یُکلّفون بالفروع، بل بمعنی أن علیهم أن یعتقدوا بدایةً من الله تعالی و نهایةً إلی الولایة، فکل ذلک ناظرٌ لمقام الخارج.

التلویح إلی قاعدة الجبّ
نَقفِزُ الآن إلی المرحلة التالیة و هي أنه لو أسلم الکافر، لتفعّلت في حقّه قاعدة: الإسلام یَجُبّ ما قبله.

و أما مستند هذه القاعدة فلم تَتَحدّد بالروایات فحسب بل الآیةُ الشریفة التالیة قد دلت علیها أیضاً: قل للذین کفروا إن یَنتَهوا[13] یُغفر لهم ما قد سلَفَ[14] و إن یَعودوا فقد مَضَت سنةُ الأوّلینَ. [15]

فإنها بقرینة مناسبة الحکم (الغفران) و الموضوع (الانتهاء عن المحرّمات) تُعدّ صریحةً تماماً بأن الکفّار قد تکلّفوا بأوامرَ و نواهٍ مُحدّدة فلو انتهوا عنها و تسالموا مع الإسلام لغفر الله لهم ما اقتحموه بالکامل و ذلک نظراً إلی إطلاق "ما" الموصولةِ، إلا أن السید الخوئيّ قد وجّهَ الآیة إلی وِجهةٍ أخری، قائلاً:

لا يخفي عليك أنّ‌ محلّ‌ الكلام في تكليف الكفّار بالفروع إنّما هي الأحكام المختصّة بالإسلام، و أمّا المستقلات العقلية التي يشترك فيها جميع أرباب الشرائع كحرمة القتل و قبح الظلم و أكل مال الناس عدواناً فلا إشكال كما لا كلام في تكليفهم بها. فما في الحدائق[16] من الاستدلال لتكليف الكفّار بالفروع بقوله تعالى وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ‌ سُئِلَتْ‌. بِأَيِّ‌ ذَنْبٍ‌ قُتِلَتْ‌[17] (حیث إن القاتل هو الکافر و سوف یُسئل عن هذه الجریمة و یُعاقب) ليس كما ينبغي، لكونه خروجاً عمّا هو محلّ‌ الكلام (إذ الکافر یُعدّ مکلّفاً بالمستقلات العقلیة بتاتاً).

كما أنّ‌ استدلاله لذلك[18] -و قد تبعه على ذلك في الجواهر[19] أيضاً بقوله تعالى قُلْ‌ لِلَّذِينَ‌ كَفَرُوا إِنْ‌ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ‌ مٰا قَدْ سَلَفَ‌- في غير محلّه، إذ المراد بالموصول في الآية هو ذنب الكفر (فلو أسلم لزال موضوعُ الکفر) لا ترك الفروع كي يدلّ‌ على تكليفهم بها كما لا يخفى. و لتحقيق الكلام محلّ‌ آخر لا يسعه المقام. [20]

و نلاحظ علیه:

1. أولاً: بأن قاعدة الجب تُعدّ قاعدةً امتنانیّةً في التکالیف التي أهملها، فلا تُفسَّر الآیة کما فسّره السید، إذ وفقاً لتفسیره -بأنه لو تاب لذهب موضوع الکفر عنه- یؤدّي إلی ضروریة القضیة بشرط المحمول، -کما یقال: لو علم زید فقد خرج عن الجهل- إذ من المحتوم أن الإسلام یُبیدُ الکفرَ نهائیاً، فلا حاجة إلی البیان، بینما نعتقد بأن الآیة قد منّت علی الکفّار برفع قاطبة الأحکام الواردة أداءً -وفقاً للعمومات- و کذا قضاءً -وفقاً للعمومات- ببرکة قاعدة الجبّ، و إلا وفقاً لتفسیر السید لما أصبحتِ الآیةُ مانّةً في حقّه.

فبالتالي، من تقبّل قاعدةَ الجب فعلیه أن یَعترِفَ بتکلیف الکفار بالفروع لکي یتحقق المَنّ في حقّهم، و لا عکسَ إذ ربما یقبل الفقیهُ تکلیفَ الکفار و لا یَقبل قاعدةَ الجب لأجل قصور أدلتها -مثلاً-.

2. و ثانیاً: إن من أقوی البراهین علی القاعدة هي السیرة النبویة حیث لم یأمر النبيّ -صلوات الله علیه و آله- أيّ أحدٍ من الکفارِ الذين أسلموا بالقضاء و تدارک الأعمال.

و جمیع هذه البراهین تنحدرُ إلی المرتد أیضاً فلو کفر المسلمُ ثم أسلم ثانیةً لاندرج ضمن قاعدة الجبّ وفقاً للصناعة، إذ المحور هو تحقّق الإسلام المتعقّب للکفر فهو الذي یرفع القضاء، إلا أنه حیث نهض الإجماع علی وجوب قضاء المرتد، فنَحکمُ بوجوب القضاء أیضاً وفقاً للمشهور رغمَ أنه دخلَ ضمن الإسلام مُجدّداً، و لهذا نُشاهد السید الخمینيّ قد احتاط وجوبیاً تجاه قضاء المرتدّ وفقاً للمشهور، حیث قال:

المرتدّ، فإنّه يجب عليه قضاء ما فاته في حال ارتداده بعد توبته، وتصحّ‌ منه وإن كان عن فطرة على الأصحّ‌، [21]

------------------------
[1] التعليقة الاستدلالية علی تحرير الوسيلة (مشکینی)، جلد: ۱، صفحه: ۴۳۶.
[2] ولا علی الکافر الأصلي إذا أسلم بعد خروج الوقت بالنسبة إلی ما فات منه حال کفره.
[3] سورة البقرة، الآیة 21.
[4] سورة التوبة، الآیة 119.
[5] سورة القیامة، الآیة 31.
[6] سورة فصّلت، الآیة 6و7.
[7] سورة یس، الآیة 47.
[8] لم نعثر عليه، نعم ذكر مضمونه في الكافي ٣/١٨٠:١.
[9] الوسائل ١١٨:١ /أبواب مقدمة العبادات ب ٢٩.
[10] الأعراف ١٧٩:٧.
[11] الوسائل ٣٥:٢ /أبواب آداب الحمام ب ٦ ح ١.
[12] خوئی، سید ابوالقاسم. ، موسوعة الإمام الخوئي، جلد: ۱۶، صفحه: ۹۵، 1418 ه.ق.، قم - ایران، مؤسسة إحياء آثار الامام الخوئي
[13] أي و یقبلوا النهي عن الکفر و یُسلموا بتنفیذ الأوامر و التنحّي عن النواهي.
[14] من الأعمال الواجبات الفائتات و الجرائمِ المرتَکَبات المحرّمات.
[15] الأنفال ٣٨:٨.
[16] [لم نعثر عليه. ثم إنّ‌ صاحب الحدائق (قدس سره) ممن يرى عدم تكليف الكفار بالعبادات، راجع الحدائق ٣٩:٣، ٢٨١:٦].
[17] التكوير ٩٨:٨١.
[18] لاحظ الحدائق ٢٨١:٦، ٣:١١.
[19] لاحظ الجواهر ٦٢:١٥.
[20] خوئی، سید ابوالقاسم. ، موسوعة الإمام الخوئي، جلد: ۱۶، صفحه: ۹۶، 1418 ه.ق.، قم - ایران، مؤسسة إحياء آثار الامام الخوئي
[21] التعليقة الاستدلالية علی تحرير الوسيلة (مشکینی)، جلد: ۱، صفحه: ۴۳۶.


الملصقات :


نظری ثبت نشده است .