درس بعد

صلاة القضاء

درس قبل

صلاة القضاء

درس بعد

درس قبل

موضوع: صلاة القضاء


تاریخ جلسه : ١٤٠٣/٣/٥


شماره جلسه : ۹۶

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • تَنویر أبعاد انحلال الحکم الشّرعيّ

  • المستَندات الرّوائیة للاحتیاط في القضاء

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

تَنویر أبعاد انحلال الحکم الشّرعيّ

لقد توصّلنا إلی القول الثاني الذي قد تَبنّاه رهطٌ من الأعلام کالشّهدین و أصحاب الجواهر و الرّیاض و الحدائق -و نحن برِفقَتِهم أیضاً- و هي أصالة اشتغال الذّمة بالأکثر -المشکوک قضائُه- و هؤلاء الأعاظم أیضاً قد انشقُّوا ثلاثة شُقَق فمنهم:

1. مَن استوجَب تحصیل العلم الیقینيّ کالوحید البهبهانيّ.

2. مَن استَغنی بالعلم العرفيّ الاطمینانيّ کالجواهر.

3. مَن اقتصَر علی غلبة الظنّ بحیث ربما لم تَبلُغ الغلبةُ مبلَغ العلم العرفيّ، و ذلک وفقاً للأکثر کمفتاح الکرامة، و هو الرأي المَنیع.

بینما الذین قد أجرَوا البرائة في الأکثر المشکوک قد زَعموا إمکانیّة انحلال العلم الإجماليّ، و لکنّ النّظرة العرفیّة -وفقاً للأعلام المَزبورین- تَستدعي رفضَ قاعدة الانحلال في المسألة العاشرة بالتّحدید فإنّ العقلاء لو أذعنوا بتکلیف یقینيّ -اقض ما فات- لَما اقتَنعوا بالمقدار الأقلّ أساساً، و هذه النّقطة الفَذّة هي التي قد استظهرها هؤلاء الأکارم.

فرغمَ أنّا -و هم أیضاً- في فنّ الأصول قد انتَهجنا مَنهجة البرائة -عن المشکوک الزائد- في کافّة الدّورانات بین الأقلّ و الأکثر، إلا أنّ المسألة العاشرة قد تَمتّعت بمِیزَة متمیّزة لا تَتقبّل الانحلال أبداً وفقاً للرؤیة العرفیّة فإنّ الانحلال لیس أمراً عقلیاً أو شرعیّاً بل یُعدّ عقلائيّاً بحتاً نظیر خطاب: «إن أقیموا الصلاة» فإنّ العرف سیَحُلّ هذا الخطابَ بعدد المکلّفین بنحو القضیّة الحقیقیّة -المفروض وجودُهم- وفقاً لاتّجاه أشهر الفقهاء کمیّةً -سوی المحقّق الخمینيّ إذ قد تَبنّی بُنیان الخطاب القانونيّ الخمینيّ مُعتقداً بأن الشارع لا یلحظ المکلّفین إطلاقاً کي یَنحلّ الخطاب إلیهم-.

و علی أیّة حالة فإنّ التّفکیر الأصبّ هو أنّ الانحلال یُعدّ عملیّةً عقلائيّةً فیما:

1. لو شککنا منذ البدایة في عدد أصل التّکالیف بحیث نَتسائل هل کُلِّفنا 10 أم 11 تکلیفاً، فوقتئذ سیُطبّق العرفُ البرائة علی الأکثر المشکوک.

2. بینما لو تَحتّم علینا تکلیفيّ یقینيّ موحَّد -اقض ما فات- ثمَّ تردّدنا لاحقاً في حصص المتیقّن بحیث لا تَتبرَّئ ذِمّتنا إلا توخّي الاحتیاط، فإنّ التّفکیر العقلائي لا یَتنحّی عن الأکثر لأجل البرائة في أمثال هذه النّماذج، أجل إنّ الدّقة العقلیة ستَحُلّ هذا التکلیف إلی مختلف التّکالیف البدویّة أیضاً إلا أنّ العقلاء یَرفضون هذا الصّنیع فإنّ الاشتغال الیقینيّ یَستوجب الفراغ الیقینيّ تماماً.[1]

المستَندات الرّوائیة للاحتیاط في القضاء
لقد أسلفنا بأنّ القائلین بالاحتیاط، ربما قد عَدلوا عن الانحلال رکوناً إلی الرّوایات المأثورة نظیر:

1. «إِسْمَاعِيلَ‌ بْنِ‌ جَابِرٍ عَنْ‌ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ قَالَ‌: سَأَلْتُهُ‌ عَنِ‌ الصَّلاَةِ‌ تَجْتَمِعُ‌ عَلَيَّ‌ قَالَ‌ تَحَرَّ وَ اقْضِهَا.»[2]

فإنّ إطلاقها -الصّلاة- یَحتوي الفرائضَ و النوافلَ معاً.

و أما تزلزل سندها فلا تَقدَحها أساساً و ذلک نظراً لجَبریّة عمل الفقهاء في حقّها، بینما المحقّق الخوئيّ قد هاجم السّند قائلاً:

«و لكنّها ضعيفة السند بمحمّد بن يحيى المعاذي الذي يروي عنه محمّد بن أحمد بن يحيى، فقد ضعّفه الشيخ (رحمه اللّٰه) صريحاً[3] و استثناه ابن الوليد و تبعه الصدوق و ابن نوح من روايات محمّد بن أحمد بن يحيى[4].»[5]

ثمّ زَلزلَ المحقّق الخوئيّ في دلالتِها أیضاً قائلاً:

«و دلالةً، فانّ‌ قوله: «تجتمع عليّ‌» بصيغة المضارع ظاهر في الدوام و الاستمرار بمعنى جريان العادة من إسماعيل بن جابر على ذلك، و هو بعيد جدّاً، بحيث لا يحتمل في حقّه و هو الثقة الممدوح من أصحاب الصادقين (عليه السلام) أن تفوته الفرائض مكرّراً و على سبيل الاستمرار بمثابة يصبح ذلك عادة له.

فانّ‌ من الظاهر الفرق بين قول القائل: اجتمعت... بصيغة الماضي، و بين قوله: تجتمع... بصيغة المضارع، حيث يكون الثاني ظاهراً في الدوام و الاستمرار.

فلا مناص إذن من أن يكون المراد بالصلاة فيها النوافل خاصّة، و لا مانع من تكرّر فوتها منه عدة مرّات في الأُسبوع أو الشهر، كما يتّفق ذلك كثيراً لغالب الأشخاص، و عليه فلا تدلّ‌ الرواية على كفاية التحرّي و هو الأخذ بالأحرى، أي الظنّ‌ بالنسبة إلى الفرائض أيضاً، بل الصحيح أن الظنّ‌ حينئذ إمّا غير كافٍ‌ أو غير لازم حسبما عرفت.»[6]

و نجیبه بأنّه من المحتمل العقلائيّ أنّ التعبیر «تجمتع عليّ» قد صدرت لأجل سائر الأصحاب المُتسائلین عن هذه المسألة فاستخدم الصیغة المضارعیّة لکي یُنبأ عن وقوع هذه الظّاهرة کثیراً بین النّاس، فقد تَکاثرت الرّوایات في أمثال مثل هذه الحوادث التي لا تَتعلق بنفس الرّاوي بل هو وسیطُ السّائلین.

2. و الروایة الثّانیة:

«[7] مُحَمَّدُ بْنُ‌ عَلِيِّ‌ بْنِ‌ الْحُسَيْنِ‌ بِإِسْنَادِهِ‌ عَنْ‌ عَبْدِ اللَّهِ‌ بْنِ‌ سِنَانٍ‌ عَنْ‌ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ قَالَ‌: قُلْتُ‌ لَهُ‌ أَخْبِرْنِي عَنْ‌ رَجُلٍ‌ عَلَيْهِ‌ مِنْ‌ صَلاَةِ‌ النَّوَافِلِ‌ مَا لاَ يَدْرِي مَا هُوَ مِنْ‌ كَثْرَتِهَا كَيْفَ‌ يَصْنَعُ‌ قَالَ‌ فَلْيُصَلِّ‌ (بمقدارٍ) حَتَّى لاَ يَدْرِيَ‌ كَمْ‌ صَلَّى مِنْ‌ كَثْرَتِهَا فَيَكُونَ‌ قَدْ قَضَى بِقَدْرِ عِلْمِهِ‌ مِنْ‌ ذَلِكَ‌»

و أمّا الجواهر فقد نقله و استشکل علیه:

- أوّلاً: بأنها تَخُصّ النوافل نظراً لتصریح الرّوایة.

· و نجیب بأنّا قد استَقینا «الفَحوی» منها فحینما الإمام قد أمره بقضاء النوافل التي تُعدّ مرخَّصة -و أخفّ- في الامتثال فبطریق أولی سیَتحتّم الاحتیاط -لإدراک الواقع- في الفرائض التي لم تُرخَّض إطلاقاً، فالأشدیّة تُعدّ ملاک الأولویّة حیث لا تختلف الملاکات بین النوافل و الفرائض لدی الجهل بالقضاء.

- و ثانیاً: إنّها واردة في مَن لم یَتمکّن من العلم و لا دلالةَ للاکتفاء بالظنّ.

· و نجیبه بأن الرّوایة قد صرّحت بأنّه لا یَمتلک العلم بحیث تدلّ علی عدم إمکانیة توفیر العلم أیضاً فإنه قد جَهل المقدار فمن أین یَستوفي العلم، و لهذا قد أمره بالإمام بالقضاء حَتَّى لاَ يَدْرِيَ‌ كَمْ‌ صَلَّى من كَثْرَتهَا بحیث‌ سیَقَضَى بقَدر علمه الظنّيّ و هو نفس‌ غلبة الظنّ.

3. و الروایة الثّالثة:

«خبر مُرازم أنّ إسماعيل بن جابر سأل الصادق (عليه السلام) عن النوافل الفائتة التي لا يمكن إحصاؤها فقال: تَوخَّ (أي اسعَ و اطلُب العمل)»[8]

فإنّ القیاس الأولويّ المذکور فعّال تجاه هذه الرّوایة أیضاً، و قد استّنبطه الجواهر أیضاً قائلاً: قد استنبط الأولویة قائلاً: «الذي دعوى أولويةِ الفريضة منه (نسیان النافلة) بذلك أوضحُ (إذ قضاء الفریضة بقدر ما یری و یعلم الزائد یعدّ أولی و أهمّ من النافلة)»

4. و الروایة الرابعة:

عن عليِّ بن جعفر عن أخيه موسى (عليه السلام) «سألته عن الرجل ينسى ما عليه من النافلة و هو يريد أن يقضيَ كيف يقضي‌؟ قال: يقضي حتى يرى (و یعلم) أنه قد زاد على ما عليه و أتمّ».[9]

فرغمَ أن موردها هي النوافل إلا أنّ الفحوی المزبور سیُصحِّحه، بل نعتقد بأنّ هناک اندماجاً ما بین حدیث عليّ بن جعفر مع خبر مرازم فإنّ راوي القضیّتَین -نوع السّؤال- و الرّوایتَین موحَّد و هو اسماعیل بن جابر.

فالرّوایات لم تَتصادم مع بعضها کما زعمه البعض -کما لا تصادم بین أصالة عدم الزیادة و النقیصة فیها- إذ المناط -التوخي و التحرّي- متواجِد في کلیهما تماماً.

---------------------------
[1] و قد علّق الأستاذ ضمن الجلسة الدراسیّة علی بعض التّسائلات قائلاً: فرغمَ أنّ کلّ یوم یَحظی بأمر جدید و لکنه لا یُکثّر التّکالیف کي تَنحلَّ إذ هناک تمایز ما بین تعدّد الأمر و تکثّر التکلیف.
ثمّ قال: بأنّا نَتردّد في إثبات العقاب لکلّ صلاةٍ -في الأکثر- قد ترکَها فربما یَترتّب العقاب علی العنوان الکليّ لترک الصلاة لا لآحاد الصلوات المتروکة إذ لا تتکرّر التکالیف نظراً لعدم الانحلال.
و لکنّه کلام متزعزع تماماً و مخدوش بکلّ وضوح.
[2] تفصیل وسائل الشیعة إلی تحصیل مسائل الشریعة. Vol. 4. ص79 قم - ایران: مؤسسة آل البیت (علیهم السلام) لإحیاء التراث.
[3] رجال الطوسي: ٦٢٦٣/٤٣٨، و قد صرّح بضعفه في ترجمة رقم ٦٢٦٧.
[4] كما ذكره النجاشي في رجاله: ٩٣٩/٣٤٨.
[5] خوئی سید ابوالقاسم. 1418. موسوعة الإمام الخوئي. Vol. 16. ص159 قم - ایران: مؤسسة إحياء آثار الامام الخوئي.
[6] نفس المصدر.
[7] الفقيه ١-٥٦٨-١٥٧٣.
[8] الوسائل - الباب - ١٩ - من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث ١.
[9] الوسائل - الباب - ١٩ - من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث ٣.



الملصقات :


نظری ثبت نشده است .