درس بعد

صلاة القضاء

درس قبل

صلاة القضاء

درس بعد

درس قبل

موضوع: صلاة القضاء


تاریخ جلسه : ١٤٠٢/١٢/١٤


شماره جلسه : ۷۳

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • التّحَرِّي في عبارةِ التّحریر

  • تحدیدُ مصداقیّةِ النافلة في الرّوایات

  • تفاوُتُ تعبیرِ بعضِ الفقهاء مقارنةً مع الروایاتِ

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

التّحَرِّي في عبارةِ التّحریر
لقد أسلفنا عبارةَ التحریر القائل:

يُستحَبُّ‌ قضاءُ النوافل الرَّواتب (المعیَّنةِ) ويُكرَه أكيداً تركُه إذا شغله عنها جمعُ الدنيا.

فإنّه قد رکَّز التأکیدَ علی الکراهةَ دون الاستحباب بینما صاحبُ الرّیاض و صاحب العروة و المحقّق الخوئيّ قد أکَّدوا الاستحبابَ فحسب -وفقاً للإجماع و تَشجیعِ الروایات- من دون أن یَتعرَّضوا إلی کراهةِ ترکِ القضاء، فهنا سیَنطَرِحُ التّسائلُ التّالي: هل الروایاتُ قد أکَّدتِ الاستحبابَ أم الکراهةَ أم کلَیهِما؟

فلو لاحظنا الرِّوایات لشاهدنا التعبیرَ التّاليَ: «إِنَّ‌ الْعَبْدَ يَقُومُ‌ فَيَقْضِي النَّافِلَةَ‌ فَيُعجِبُ‌ الرَّبُّ‌ مَلاَئِكَتَهُ‌ مِنْهُ‌ فَيَقُولُ‌ مَلاَئِكَتِي عَبْدِي يَقْضِي مَا لَمْ‌ أَفْتَرِضْهُ‌ عَلَيْهِ‌.[1]» فإنّ هذه المباهاةَ و أقرانَها لا تُدلِّلُ علی تأکُّد الحکم، و کذلک العِتابُ الواردُ: «وإِلاَّ (فلو لم یَقضِها) لَقِيَ‌ اللَّهَ‌ وَ هُوَ مُسْتَخِفٌّ‌ مُتَهَاوِنٌ‌ مُضَيِّعٌ‌ لِحُرْمَةِ‌ رَسُولِ‌ اللَّهِ‌ صَلَّى اللَّهُ‌ عَلَيْهِ‌ وَ آلِهِ‌» لا تُسجِّل لنا تأکّدَ الکراهةِ أساساً، ولهذا فالإجابةُ الوحیدةُ لتبریر "تأکُّدِ الکراهةِ" أن نُقرَّ بالملازمَةِ ما الاستحبابِ المؤکّد و بین الکراهةِ المؤکّدةِ حیث إنّ العرفَ یَلحظُ المولی لدی تأکیدِه علی حکمٍ محدّدٍ فیَستَنبِطُ منه کراهةَ ترکِه أیضاً بلا استیحاشٍ أساساً، فبالتّالي إنّ مقالةَ المحقّق الخمینيّ قد رَسَخت ببرکةِ هذا التّلازمِ فحسب لا عبرَ الظهورِ الرّوائيّ في الکراهة إذ أمثالُ هذه المُباهاة بمفردِها -کما في صلاة اللیلِ- لا تُرشدُنا نحوَ التّأکید عرفاً.[2]

تحدیدُ مصداقیّةِ النافلة في الرّوایات
و أما لفظة "النوافل" فتَحتَملُ مصداقَینِ:

1. النافلةُ التي لم تَتحدَّد بوقتٍ خاصٍّ کصلاة جعفر الطیار، فوقتَئذٍ لا معنَی لإطلاقِ لفظةِ "القضاء" علی النوافلِ التي لا تَمتَلِکُ أمداً مُحدّداً لأنها تُعدّ أدائیّةً دوماً.

2. النافلة التي قد تَحدّدت بأمدٍ محدود و لکنّها لیست من الرَّواتِب المعیّنة، کصلاة أوّلِ الشّهر و صلواتِ أیّام شهرِ رمضانَ و... فحینئذٍ سیُطلَقُ القضاءُ علیها کوِزانِ الرّواتِب.

بیدَ أنّ المحقّق الخمینيَّ لم یَتحدَّث حول استحبابِ قضاءِ غیرِ الرَّواتب بحیث یَبدو أنّه قد استَنبَطَ الاستحبابَ للرَّواتِب فحسب -أي أنّ کلمةَ "النوافِل" تَنصرِفُ إلی الرّواتِب دون سائر الصّلواتِ المستحبّة کما هو المُسدَّد-

و قد صرّحَ صاحبُ الجواهر بهذا الانصرافِ أیضاً قائلاً:

«و لعلَّ المرادَ بها (النّوافل) الرَّواتبُ خاصَّةً، فلا يَقضى غيرَها و إن وَقَّتَ الشّارع لها وقتاً: لعدم دليل على مشروعيّته (قضاء غیر الرّواتب) لظهور اختصاص النّص (و انصرافِها في القضاء) و الفتوى بها (الرواتب) بل في بعضها [3] التصريح بالتقييد بها (الرّواتِب) استحباباً مؤكَّداً.[4]»

- السیّدُ الحکیمُ -وفقاً لصاحب العروةِ- قد ضربَ الانصرافَ هاتِفاً:

«و دعوى الانصراف الى الرَّواتب -كما ترى- ممنوعةٌ، مع أن الاستصحاب (لاستحباب تلکَ الأیّام المعیَّنةِ) كافٍ في إثبات الاستحباب (و قد أسلفنا تمامیّةَ الاستصحابِ المذکور في طلیعةِ بحث قضاءِ الصلاة).[5]»

فمن هذا المُنطَلَق قد صرّح صاحب العروة أیضاً قائلاً:

«بل لا يبعد استحباب قضاء غير الرواتب من النوافل الموقّتة، دون غيرها، و الأولى قضاء غير الرواتب من الموقّتات بعنوان احتمال المطلوبية.[6]»

و لکن رُبَّ قرینةٍ تُعینُنا علی تسجیل "الانصرافَ" و هي أنّ البدلیّةَ الواردة -بمدّ عن الرکعتینِ- حول النّوافل النهاریة و اللیلیة یُشیرُ إلی أنّ المُستهدَف من لفظةِ "النّافلة" هي الرّواتِب فحسب حیث قد وردَ أنّه یُستحبُ قضاءُ نافلةِ اللیل في وقتِ النهار و کذا العکس، فبالتّالي:

1. إنّ قرینةَ البدلیّةِ -بمدّ- تُلوّحُ إلی أنّ المُبدَلَ منه هي النّوافِلِ الرّواتبِ المختصّةِ باللیل أو النّهار بخلافِ غیرِها التي لم تَتَحدَّد باللیل أو النّهار فنَستَکشِف أنّ الإمامَ لم یَلحَظ غیرَ الرّواتِب، إذن لا قضاءَ فیها.

2. إنّ استعمالَ لفظةِ النوافل ضمن الروایات غَزیرةٌ جدّاً.

 
تفاوُتُ تعبیرِ بعضِ الفقهاء مقارنةً مع الروایاتِ
لقد نَقَل مفتاحُ الکرامة بیاناتِ بعض القُدامی و التي تَمتازُ عن تعبیر الروایات، فقال:

«أما استحباب قضاء النوافل الراتبة فقد نقل عليه الإجماع في الخلاف و المعتبر و المنتهى و التذكرة و الذكرى و كشف الالتباس و الروض و في -النهاية و المبسوط و الوسيلة و التذكرة- أنه إن عجز تصدق عن كل ركعتين بمد فإن تعذر فعن كل يوم بمد، و في -نهاية الإحكام- أنه إن تعذر فعن كل ركعتين بمد (لأنّ الروایة قد عبّرت: بقدر طَوله) فإن تعذر فعن كل يوم (بمدّ) فإن تعذر فمد لصلاة الليل و مد لصلاة النهار فإن تعذر فمد لهما للرواية. انتهى (فلم یتحدثوا بالمد عن أربع رکعات»

و قد استَند هؤلاءِ الأعاظِم إلی الروایة التّالیة: وَ أَدْنَى ذَلِكَ‌ مُدٌّ لِكُلِّ‌ مِسْكِينٍ‌ مَكَانَ‌ كُلِّ‌ صَلاَةٍ‌ قُلْتُ‌ وَ كَمِ‌ الصَّلاَةُ‌ الَّتِي يَجِبُ‌ فِيهَا مُدٌّ لِكُلِّ‌ مِسْكِينٍ‌ قَالَ‌ لِكُلِّ‌ رَكْعَتَيْنِ‌ مِنْ‌ صَلاَةِ‌ اللَّيْلِ‌ مُدٌّ وَ لِكُلِّ‌ رَكْعَتَيْنِ‌ مِنْ‌ صَلاَةِ‌ النَّهَارِ مُدٌّ فَقُلْتُ‌ لاَ يَقْدِرُ فَقَالَ‌ مُدٌّ إِذاً لِكُلِّ‌ أَرْبَعِ‌ رَكَعَاتٍ‌ مِنْ‌ صَلاَةِ‌ النَّهَارِ (وقد وردَ: مُدٌّ لِكُلِّ‌ أَرْبَعِ‌ رَكَعَاتٍ‌ مِنْ‌ صَلاَةِ‌ اللَّيْلِ‌) قُلْتُ‌ لاَ يَقْدِرُ قَالَ‌ فَمُدٌّ إِذاً لِصَلاَةِ‌ اللَّيْلِ‌ وَ مُدٌّ لِصَلاَةِ‌ النَّهَارِ وَ الصَّلاَةُ‌ أَفْضَلُ‌ (من التصدّق) وَ الصَّلاَةُ‌ أَفْضَلُ‌ وَ الصَّلاَةُ‌ أَفْضَلُ‌.[7]»

بینما هذه الروایةِ لم تَتحدّث بإعطاءِ المدّ عن کلّ یومٍ -بینما الشیخ قال: لکل یوم مدٌّ- ولهذا قد علّقَ مفتاح الکرامة قائلاً:

«وكأن مكان قوله عن كل يوم (هو) عن كل أربع (رکعات ولهذا:) و السهو من قلم الناسخ و بذلك أفتى الشهيدان و جماعة ممن تأخر عنهما و قالوا إن الصلاة أفضل عكس ما يأتي في المريض و أما عدم تأكد القضاء في حق المريض فهو مذهب الأصحاب كما في الذكرى و به صرح في المعتبر.[8]»

فبالتّالي إنّ عبارةَ التحریر تُطابق الرّوایةَ تماماً بخلاف هؤلاءِ الأعلام.

· و النقطةُ الّلافِتة هي أنّ صاحبَ العروة قد أضافَ فرعاً لم تَطرَحها الرّوایاتُ حیث قال: «و ان لم يتمكن فعن كل أربع ركعات بمد و إن لم يتمكن فمد لصلاة الليل و مد لصلاة النهار، و ان لم يتمكن فلا يبعد مد لكل يوم و ليلة (مجموعاً و هذا لم یَرِد في الروایة) و لا فرق في قضاء النوافل -أيضاً- بين الأوقات.[9]»

و إنّآ نُبرّرُ مقالتَه بأنّ العروةَ قد اقتَبَسَ ذلک -عن کل یوم و لیلة- عن مقالةِ الشیخ الطوسيّ -فإن تعذر فعن كل يوم (بمدّ)-

و لهذا قد علّق السیدُ الحکیم قائلاً:

«هذا ذكره الأصحاب (لكل يوم و ليلة) كما في الحدائق مرتبة ثانية بعد الاولى و اقتصروا عليهما. و من البعيد جدا: أن لا يكون به رواية،ٌ و الجمع بينها و بين ما سبق: جعلها مرتبة رابعة، كما في المتن.[10]»

و لکنّا أغنیاءُ عن الرّوایة إذ المحقّق الخمینيّ قد مَنَحنا الضابطَ العامّ و هو أنّ بدلَ کلِّ رکعتَینِ مدٌّ و عن أربعٍ مدٌ و عن کلِّ صلاةٍ نهاریة مدٌّ و عن کلّ صلاة لیلةٍ مدّ، فیُنتِجُ أنّ الذي قد عجزَ عن قضاءِ الصلواتِ في النهار و اللیل إطلاقاً سوف یُستحَبُّ له إعطاءُ المدِّ للیوم الکامل، فرغمَ أنّ الإمام لم یُصرّح بالمدّ لکل یوم و لیلیة ولکنّه یُرافِق القاعدةَ تماماً حیث إنّ الإمام قد جعل قانونَ البدلیّةَ علی نسقِ هذا التّرتیب بحیث یَحتوي المدَّ عن الأسبوع و الأسبوعین و... ، ولهذا قد رأینا أنّ الشیخ الطوسيّ أیضاً قد التَقَطَ الملاکَ من روایةِ عبد الله بن سنان المذکورة.

-----------------------
[1] تفصیل وسائل الشیعة إلی تحصیل مسائل الشریعة. Vol. 4. قم - ایران: مؤسسة آل البیت (علیهم السلام) لإحیاء التراث.
[2] ولکنّ صاحب الکفایة و غیرُه قد أقرّوا بأنّ الجمل الخبریةَ تعدّ أوسَع تأکیداً في إلقاء الحکم و حیث إنّ أمثال هذه التغابیر جملٌ خبریّة في مقام الانشاء فسیَتَجلّی التأکیدُ بکلّ وضوح بلا مناقشة.
[3] الوسائل - الباب - ١٨ - من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث ٢.
[4] صاحب جواهر محمدحسن بن باقر. n.d. جواهر الکلام (ط. القدیمة). Vol. 13. بیروت - لبنان: دار إحياء التراث العربي.
[5] حکیم محسن. 1374. مستمسک العروة الوثقی. Vol. 7. قم - ایران: دار التفسير.
[6] خوئی سید ابوالقاسم. 1418. موسوعة الإمام الخوئي. Vol. 16. قم - ایران: مؤسسة إحياء آثار الامام الخوئي.
[7] تفصیل وسائل الشیعة إلی تحصیل مسائل الشریعة. Vol. 4. قم - ایران: مؤسسة آل البیت (علیهم السلام) لإحیاء التراث.
[8] حسینی عاملی محمدجواد بن محمد. n.d. مفتاح الکرامة في شرح قواعد العلامة (ط. القدیمة). Vol. 3. بیروت - لبنان: دار إحياء التراث العربي.
[9] حکیم محسن. 1374. مستمسک العروة الوثقی. Vol. 7. قم - ایران: دار التفسير.
[10] حکیم محسن. 1374. مستمسک العروة الوثقی. Vol. 7. قم - ایران: دار التفسير.



الملصقات :


نظری ثبت نشده است .