درس بعد

صلاة القضاء

درس قبل

صلاة القضاء

درس بعد

درس قبل

موضوع: صلاة القضاء


تاریخ جلسه : ١٤٠٢/١١/٢٨


شماره جلسه : ۶۸

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • إنهاءُ المسألة الخامسة

  • الغَوص في المسألة السّادسة

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

إنهاءُ المسألة الخامسة
لقد تَوصّلنا إلی نهایةِ المسألة الخامسة:

«و إذا فاتَته فيما يَجِب عليه الاحتياطُ بالجمع بين القصر و التَّمام (نظیرُ مَن سافرَ ثمانیةَ فراسخَ من دونِ أن تَمضِيَ مسیرةُ یومٍ کامل ثمّ عادَ للوطن فیُؤدّي بالتّمام فلو أهملَ الصّلاة للَزِمَه أن) يحتاط في القضاء أيضاً.[1]»

وذلک نظراً إلی أنّ کیفیّةَ القضاء تَتبَعُ کیفیّةَ الأداء -رغم أنّ وجوبَ القضاء لا یُتابِع وجوبَ الأداء- فحیثُ إنّا قد شککنا في التّکلیف الحقیقيّ بین وجوب القصر أو التّمام فسیَتولّدُ العلمُ الإجماليُّ ویَستَوجِبُ الاحتیاطَ في الأداء بأن یُلفِّقَ بینَهما، و کذا سیَتفعّلُ العلم الإجماليّ بشأنِ القضاء أیضاً -بتَلفِیقِهما- لأنّه قد سافرَ و لم یَسِر مَسیرةَ یومٍ کامل ثمّ انقَضَی أمدُ الصّلاة، فنُفتي بالاحتیاطِ بالتّجمیع.

الغَوص في المسألة السّادسة
«(مسألة ٦): لو فاتَتِ الصّلاةُ في أماكن التّخيير (في مساجدِ المکةِ و المدینةِ و الکوفةِ و الحائر الحسینيّ) فالظاهرُ التخيير (لو لم یقصُد الإقامةَ عشَرة أیّام) في القضاء أيضاً إذا قضاها في تلك الأماكن (فحسب) وتعيّن القصرُ على الأحوط لو قضاها في غيرِها (أي الوطن مثلاً).[2]»

لقد طالَ الشّجارُ حول کیفیّةِ قضاء الصّلاة التي قد فاتَت ضمنَ أمکنةِ التخییر:

1. فقد أفتی البعضُ بالتخییر بینَ القصر و التمام علی الإطلاق.

2. و جُلّ الأصحاب قد أفتَوا بالتقصیر علی الإطلاق.

3. بینما صاحب العروةِ قد فَکَّک بین ما لو أرادَ القضاءَ في نفس أمکنةِ التّخییر فیَتخیّرُ و بینَ إرادةِ القضاءِ خارجَها فعلیه التقصیرُ.

و أمّا أدلّة التّخییر -القول الأوّل- فقد استَعرَضَ المحقّقُ الهمدانيّ ثلاثَ أدلّةٍ لها قائلاً:

«و قد استُدلَّ‌ للقول الأوّل بوجوهٍ:

- الأوّل: عمومُ «من فاتَته فريضةٌ فليَقضِها كما فاتته» فإنّ‌ اللفظ المذكور و إن لم يرد في شيء من النصوص[3] لكن ذلك هو مضمونُ نصوص الباب كقوله (عليه السلام) في صحيحة زرارة المتقدّمة آنفاً: «يَقضي ما فاته كما فاته» و حيث إنّ‌ الفائتَ في المقام هي الفريضةُ (الأداءُ) المخيّرُ فيها بين القصر و التمام فكذلك الحال في قضائها (حتی لو عادَ وطَنَه) عملاً بالمماثلة بين الأداء و القضاء المأمور بها في هذه النصوص.»

ونُلاحظ علیه بأنّ أدلةَ الواردة حولَ "أمکنة التّخییر" قد خصَّصَت دلیلَ "المسافر یُقصِّر" حیث إنّ الحکمَ الأوليَّ الواقعيّ هو التخییرُ لمَن سافرَ إلی هذه البِقاعِ المتبرّکةِ وأرادَ الأداءَ وکذا القضاءُ في نفس البِقاعِ، فهو التخییرُ دَوماً فالتخییرُ هو الفائتُ أوّلاً وبالذاتِ لا القصرُ، أجل لو أهملَ الصّلاة في البِقاعِ الطّاهرة فعادَ لوطنِه لاشتَعَلَ النّقاشُ حینئذ.

وأمّا السیّد الحکیم فقد سارَ سِلکاً آخرَ قائلاً:

«أقول:

1. إن بُني على كون التمام أحدَ عِدلَيِ الواجب التخييري -كما هو ظاهر جملة من النصوص- فلا ينبغي التأمل في جواز القضاء تماماً كجوازِه قصراً.

2. و ان بني على كونه (التّمام) بدلاً عن القصر لمصلحة اقتضت ذلك نظيرِ الأبدال الاضطرارية التي اقتضاها الاضطرار كما قد يقتضيه (کالتّیمم المُجزي في الأداءِ و القضاءِ)[4] صحيح ابن مهزيار: قد علمتَ -يرحمُك الله- فضل الصلاة في الحرمين على غيرهما، فأنا أحب لك إذا دخلتهما أن لا تقصر و تكثر فيهما من الصلاة»[5] فاللازم تعين القضاء قصرا، لأن موضوع وجوب القضاء فوات الواجب الأصلي لا البدليّ (لأنه یقضي ما فاته کما فاته و هو القصر) و المفروض كونه القصر.

3. و ان أجمِلَ الدليلُ كان المقام من الدوران بين التعيين و التخيير، و المرجع فيه أصالة التعيين، فيتعين القصر. اللهم الا أن يرجع الى استصحاب الاجتزاء بالتمام. و الذي يقتضيه التأمل في النصوص: أنها لو كانت ظاهرة في الوجوب التخييري، فظاهرها مشروعية التمام في ظرف الإتيان به، لا مشروعيته - بقول مطلق (حتی قضاءً) - كالقصر، فمع عدم الإتيان به لا تشريعَ و لا فوات إلا للقصر، و من هنا يشكل القضاء تماما.[6]»

فعُصارةُ مقالتِه هو أنّ أدلةَ التخییر قد انحصرَت في الأداء فحسب، فلا تَتحدّث حول القضاء أساساً، بل هي قاصرةٌ من هذه الجهة.

والحقّ یُرافِق السیّدَ الحکیمَ -خلافاً للمحقّق الهمدانيّ- حیث قد استظهرَ من الأدلة أنّها قد بیَّنَت التّخییرَ للأداء دون القضاء، و أما في االقضاء فسَنَستَعینُ بالقاعدة الأولیّة -المسافر یُقصّر- وهو القصر، فمادامَتِ الصّلاةُ أدائیّةً أو قضائیّةً فیُعدّ مخیّراً في تلک البِقاعِ و لکن لو أراد القضاءَ في وطنه فالقصرُ، ثم یُکمِل السیّد قائلاً:

«التّفصيلُ في مشروعية التمام بين القضاء في تلك الأماكن و غيرها، مبنيٌّ على عموم دليل مشروعيته للأداء و القضاء، نظير دليل الابدال الاضطرارية و لا فلو كان دليل مشروعيته مختصاً بالأداء، فالتفصيل المذكور غير ظاهر، سواء بني على ظهوره في الوجوب التخييري. أم على ظهوره في البدلية، أم على الاجمال، كما أشرنا إليه آنفا، و من ذلك يظهر لك ضعف التفصيل المذكور، لقصور الأدلة عن شمول القضاء. اللهم إلا أن يستفاد من عموم التعليل في الصحيح المتقدم (: قد علمتَ -يرحمُك الله- فضل الصلاة في الحرمين على غيرهما، فأنا أحب لك إذا دخلتهما أن لا تقصر و تكثر فيهما من الصلاة»[7]) و لازمه حينئذ مشروعية التمام في القضاء فيها، و ان كان الفوت في غيرها من الموضع. لكن لا يظن الالتزام به من أحد (فلو انقضَتِ الصلاةُ في وطنِه ثم سافرَ لتلک البِقاع لَما تخیّرَ في القضاءِ بتّاً و کذا العکس بحیث لو انقضَتِ الصلاةُ في تلک البقاع ثم عادَ لوطنِه لما تخیّرَ أیضاً).[8]»

فبالتّالي إنّ أدلة التخییر منصرِفةٌ عن مسألةِ القضاء بل قد رکَّزَت علی کیفیّةِ الأداء فحسب فلو عادَ لوطنِه لَتوَجَّب القصرُ نظراً للقاعدة الأولیّة.

و أما السّید الخوئيّ فقد استَشکَلَ علی المحقق الهمدانيّ، ثمّ تَکفَّلَ الإجابةَ بدَمجِ مقالَتَيِ السّیّدِ الحکیم و المحقِّقِ الهَمَدانيِّ قائلاً:

- «و فيه (الدلیل الأول): أنّ‌ النّظر في المماثلة (کما فاتَ) مقصورٌ على ذات الفائت بحسب ما يَقتضيه طبعُه من قصر أو تمام، لا بلحاظ ما يَطرَأ عليه من الخصوصيات (الأمکنةِ المبارَکة) و الملابسات المستتبعة للحكم الشرعي بالعنوان الثانويّ من زمان أو مكان و نحو ذلك، و لا شكّ في أنّ‌ الفريضة المقرَّرَةَ بالذات (القاعدة الأولیة) في حقّ‌ المسافر إنّما هي القصر، و أمّا جواز الإتمام فهو حكم شرعي آخر نشأَ من خصوصيّة في المكان، و قد أثبَتَه الدليل للصلاة أداءً (باعتباره مخصّصاً) و لم ينهض مثله في القضاء فلا موجب للتعدِّي. (فالفائت لیس هو التخییرَ بل الفائتُ هو العنوانُ الذاتيّ القصريّ، و جواز الإتمام حکم مستجد شرعي بملاحظة المکان فلا یتحدّث حول القضاء) و على الجملة: المماثلة غير ناظرة إلى الخصوصيات اللاحقة و الأوصاف الطارئة على الفعل الزائدة على مقام الذات، فلا تكاد تعمّ‌ مثل المقام (القضاء وفقاً للسیّد الحکیم).

- هذا، مضافاً إلىٰ‌ أنّ‌ مقتضى إطلاق موثّق عمار قال: «سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السلام) عن المسافر يمرض و لا يقدر أن يصلّي المكتوبة، قال: يقضي إذا أقام مثل صلاة المسافر بالتقصير»[9] وجوب التقصير في قضاء الفائت حال السفر، سواء أ كان الفوت في مواطن التخيير أم لا.[10]»

فعصارَةُ مقالتِه هي أن دلیل "اقض ما فات" لا یُسجّل المماثلةَ بین الأداء و القضاء علی الإطلاق بل یشیر إلی کیفیةِ نفس الصلاة: قصراً و تماماً و إلی الجهر و الإخفات، فلم یُسري عوارضَ الصلاةِ الأدائیّةِ کملاحظة المکان إلی القضاء أیضاً إذ لا یَتحدّث الدلیل حول الخصوصیات المکانیة تجاهَ القضاء لکي یسريَ التخییر إلی القضاء أیضاً.

و لکن نلاحظُ علی صدر مقالةِ السیّد الخوئيّ -و کذا علی السیّد الحکیم- بأنّه رُبَّ قائلٍ یَدّعي إطلاقَ "اقض ما فات کما فاتَ" بحیث یُدلّلُ علی التخییر في القضاء أیضاً نظراً إلی إطلاق المشابَهَةِ، و إلی أنّ أدلةَ الواردة حولَ "أمکنة التّخییر" قد خصَّصَت دلیلَ "المسافر یُقصِّر" فأصبَح الحکمُ الأوليُّ الواقعيّ لمَن سافرَ إلی هذه البِقاعِ المتبرّکةِ وأرادَ الأداءَ -وکذا القضاءُ في نفس البِقاعِ أو في الوطن- هو التخییرَ -کما استَشکَلنا علی المحقق الهمدانيّ بدایةً- فالتخییرُ هو الفائتُ أوّلاً وبالذاتِ لا القصرُ، فلماذا حصرَتمُ دلیلَ القضاء علی القصر فحسب، بل التخییر فعّالٌ تجاهَ القضاء أیضاً حتی لو عاد لوطنِه.

أجل حیث إنّا و إیّاکم قد استَظهرنا اختصاصَ أدلةِ التخییر بالأداء، فلأجلِ هذه النّقطةِ لا یدلُّ دلیلُ القضاء علی التخییر لا أنّ دلیل القضاءِ قاصرٌ عن التخییر إذ عموم ما فات کما فاتَ راسخٌ تماماً، فعلینا أن نَحصُرَ التخییرَ علی الأداء فحسب کي لا یَجري دلیلُ القضاء من أساسِه.[11]

------------------
[1] تحریر الوسیلة. Vol. 1. تهران - ایران: مؤسسة تنظیم و نشر آثار الإمام الخمینی (قدس سره).
[2] تحریر الوسیلة. Vol. 1. تهران - ایران: مؤسسة تنظیم و نشر آثار الإمام الخمینی (قدس سره).
[3] كما تقدم في ص ١٢٢.
[4] لعل الوجه في التعبير المذكور هو احتمال صدور الرواية تقية. كما يقتضيه صدرها فلاحظ.
[5] الوسائل باب: ٣٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ٤.
[6] حکیم محسن. 1374. مستمسک العروة الوثقی. Vol. 7. قم - ایران: دار التفسير.
[7] الوسائل باب: ٣٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ٤.
[8] حکیم محسن. 1374. مستمسک العروة الوثقی. Vol. 7. قم - ایران: دار التفسير.
[9] الوسائل ٢٦٩:٨ /أبواب قضاء الصلوات ب ٦ ح ٥.
[10] خوئی سید ابوالقاسم. 1418. موسوعة الإمام الخوئي. Vol. 16. قم - ایران: مؤسسة إحياء آثار الامام الخوئي.
[11] فالأستاذُ وفقاً للسیدینِ الحکیمِ و الخوئيّ یَعتقِدُ بأنّ الحکم الواقعيّ للمسافر في تلک البقعة هو التخییر للأداءِ فحسب ولهذا لا تجري أدلة القضاءِ موضوعاً إذ أدلة التخییر في البقاع منحصِرة في الأداء و أما القضاء فیلزَمه القضاء قصراً



الملصقات :


نظری ثبت نشده است .