درس بعد

صلاة القضاء

درس قبل

صلاة القضاء

درس بعد

درس قبل

موضوع: صلاة القضاء


تاریخ جلسه : ١٤٠٢/١٠/٣٠


شماره جلسه : ۵۶

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • تمحیصٌ في مقالةِ السیّد الخوئيّ حول قضاء الحائض

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

تمحیصٌ في مقالةِ السیّد الخوئيّ حول قضاء الحائض
لقد أسلفنا بأنّ الحائضَ لو طهُرت قُبیلَ نهایة الوقت بحیث لو تیمّمت لأدرکتِ الرکعةَ -لأجل ضیق الوقت لا لفقد الماء أو المرض- بینما لو توضّأت لما أدرکتها إطلاقاً، فعندئذ قد أوجبَ المشهور بمرافقةِ السیّد الخوئيّ أیضاً: إدراکَ الرکعة بالتیمّم حیث یری تمامیّةَ التیمّم حتی لأجل ضیق الوقت فإنّها قادرةٌ علی الرکعةِ فبالتالي ستَندرج ضمن القاعدة –من أدرک- ویتوجّبُ الأداءُ إذ الصلاة لا تُترک بحالٍ، إلا أن العُجابَ من السیّد الخوئيّ إذ قد أوجب الأداءَ دون القضاء بحیث لو هیّأتِ الحائض مقدمات الصلاة –مع إمکانیة التیمّم- و لکن قد انقضی أمدُ الأداءِ لما لزِمَها القضاءُ، ثمّ قال بأنّ هذه المسألة تُمثّلَ عدم التّلازم بین الأداء و القضاء اتّکلاً علی الروایة الآتیة، وإلیکَ الآن نصَّ بیاناتِه: [1]

«و العمدة فيها صحيحة عُبَيدِ بن زرارة عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) قال «قال: أيُّما امرأةٍ رأتِ الطُّهر و هي قادرة على أن تغتسل في وقت صلاة ففرّطت فيها حتّى يدخل وقت صلاة اخرى كان عليها قضاء تلك الصلاة الّتي فرطت فيها، و إن رأت الطّهر في وقت صلاة فقامت في تهيئة ذلك (الطهارة) فجاز وقت صلاة و دخل وقت صلاة أُخرى (بسبب ضیق الوقت) فليس عليها قضاء و تصلِّي الصلاة الّتي دخل وقتها»[2]

و هي كما ترى صريحة في أنّ المدار في وجوب القضاء على الحائض أن تكون طاهرةً في وقت تتمكّن فيه من الاغتسال، فإذا تمكّنت منه و لم تغتسل حتّى خرج الوقت قضت صلاتها، و إذا لم تتمكّن من الاغتسال (المائيّ) فلا يجب عليها القضاء، و حيث إنّ الحائض في مفروض المقام طهرت في وقت لا تتمكّن فيه من الاغتسال (إذ قد طرئَها ضیقُ الوقت فلم تتمکن لا للمرض أو فقد الماء) فلو عصت و تركت الصّلاة مع التيمم فضلًا عمّا إذا لم تأت بالصلاة لعذر و نسيان لم يجب عليها القضاء بمقتضى هذه الصحيحة. (فعدم وجوب القضاء هو في مورد ضیق الوقت فقط لا في فقد الماء أو المرض إذ هناک یجب القضاء)

(فربّ قائل یعترضُ علی السیّد بأنه لا قضاءَ حتی في المرض أو فقد الماء أیضاً إذ معیارُکم هو انسلاب التمکّن من الغُسل، ففي هذین العتصرین أیضاً قد عجزتِ الحائض عن الاغتسال، فلماذا لا ترفضون القضاءَ فیهما أیضاً، و قد أجاب السیّدُ قائلاً: ) نعم، إنّ موردها بقرينة قوله (عليه السلام) «ففرطت فيها» و قوله (عليه السلام) «فقامت في تهيئة ذلك فجاز الوقت» إنّما هو فيما إذا كانت المرأة متمكِّنة من الاغتسال إلّا أنّها فرّطت و لم تغتسل، أو أنّها قامت لتغتسل و هيّأت مقدّمات الغسل و لكن الوقت لم يسعها فجاز وقت الصّلاة (إذن فعجزُها نبع عن ضیق الوقت فحسب وفقاً لمورد الروایة) لا أنّها لم تكن متمكّنة من الاغتسال لمرض أو لفقدان الماء (لأنهما لیسا موردا الروایة أساساً ولهذا فتحتّم القضاء فیهما وفقاً لعمومات القضاء) و عليه فتختص الصحيحة (النافیة للقضاء) بما إذا كانت المرأة مأمورة بالتيمم لضيق الوقت بأن كانت قادرة على الاغتسال في نفسها و لكن الوقت لم يسعها لا أنّها لم تتمكّن من الاغتسال لمرض و نحوه.

و الحاصد أنّ انعدامَ القضاء یخُصّ المورد الذي قامت و هیأت ولکنها لم تُدرک الصلاة لضیق الوقت، فلا قضاءَ بحیث إنّ هذه الروایة تُعدّ حاکمةً علی أدلة القضاء بأنه لو نشأ الفوت من ضیق الوقت لأنّها من مصادیق قاعدة الغلبة إذ قد سُلبَ اختیارُها للأداء فلا قضاءَ أیضاً، نعم تسبّب العجزُ عن توفیر المقدمات بسبب المرض أو فقد الماء فیجب القضاء للعمومات، ثمّ یُکمل السیّد حوارَه قائلاً:

و من هنا يختص الحكم بعدم وجوب القضاء على تقدير عدم الإتيان بالصلاة مع الطّهارة في وقتها بما إذا لم تتمكّن المرأة من الاغتسال لضيق الوقت، و أمّا إذا لم تتمكّن من الاغتسال لمرض و نحوه فتركت الصّلاة مع التيمم فهي مكلّفة بالقضاء بمقتضى الأخبار العامّة و الرّوايات الواردة في خصوص المقام (باب القضاء) لأنّها فرّطت في صلاتها و قد فاتتها الفريضة و الوظيفة فيجب القضاء عليها، و فوت الفريضة و الوظيفة و إن كان متحقّقاً في صورة عدم التمكّن من الاغتسال لضيق الوقت أيضاً، إلّا أنّ الصحيحة مخصّصة لما دلّ على وجوب القضاء مع الفوت في خصوص المقام.

و هذه الصورة من أحد الموارد الّتي يجب فيها الأداء و لا يجب فيها القضاء، سواء تركت الصّلاة مع الطّهور عصياناً أم لعذر كنسيان و نحوه، و يؤيّد تلك الصحيحة ما رواه عبيد اللّٰه الحلبي عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) «في المرأة تقوم في وقت الصّلاة فلا تقضي ظهرها حتّى تفوتها الصّلاة و يخرج الوقت أ تقضي الصّلاة الّتي فاتتها؟ قال (عليه السلام): إن كانت توانت قضتها، و إن كانت دائبة في غسلها فلا تقضي»[3] و الوجه في جعلها مؤيّدة أنّها مرويّة بطريق الشيخ إلى‌ ابن فَضّال، و قد عرفت المناقشة في طريقه إليه»

ونعترِض علی السیّد -لأنّه قد حصرَ الصحیحةَ بعنصر الاغتسال دون سائر الطهارات کالماء أو التیمم-:

أولاً: بألّا موضوعیّةَ "للاغتسال" بل إنّه حصةٌ من حصص الطهارات الثلاث، فکان لزاماً علی السیّد أن یُفسّر الاغتسال في هذه الصحیحة بقرینةِ روایات باب التیمم حیث قد عبّر الإمام بالطهارة الترابیّة عوضاً عن الغُسل، وحیث إنّ لفظةَ "الطهارة" في روایات التیمم قد عَنَت مطلقَ الطهارة –نظراً إلی ملاحظةِ أسرة الروایات بأکملِها- لا تهیئة الاغتسال فحسب فبالتالي، سنَتَنتِجُ أنّ ظهورَ الصحیحة لا یخُصُّ الاغتسالَ فحسب إذ الإمام علیه السلام یَودّ إیجابَ توفیرِ کافّة الممهّدات للعبادة کالطهارة سواء بالماء أو بالتیمم و سواءٌ عجزت من أجل الضیق أو المرض أو فقد الماء، فالمیزانُ هو مُجاهدُتها في تحصیل المقدمات و عدمُ کَسَلِها.

وثانیاً: إنّ المحورَ الرئیسيَّ في وجوب القضاء و عدمه هو عنوانُ التفریط و عدمِ التّفریط وفقاً لظاهر هذه الصحیحةِ أیضاً -فلیس الضابط هو ضیقَ الوقت وعدمَه کما زعمه السیّد الخوئيّ لکي یَخُصّ الاغتسالَ بالغُسل المائيّ و بضیق الوقت- و ممّا یُحکّم ذاک المحورَ أنّ الروایة قد عبّرت بالتهاوُن و التفریط بحیث إنّ الروایةَ قد فسّرت لنا –بالحکومة التّضییقیّة- معنی الفوت المستوجب للقضاء: فلو فرَّطت فیصدُق الفوت فعلیها القضاء، ولکن لو أسرَعت و بادرَت إلی توفیر الطهارة بلا کَسَلٍ فلا فلا فوتَ و لاقضاءَ إذن، کما دلت علیه موثقة الحلبيّ أیضاً، إذن فالمیزانُ في وجوب القضاء هو التّفویت لا محض الفوت، ونظیر هذه الحکومة قد أسلفناها ضمن قاعدة الغلبة حیث إنّ روایاتِها قد حَکَمَت علی أدلة القضاء مُفسّرةً معنی الفوت المستوجب للقضاء، بحیث لو انتسَبَ الفوت إلی غلبة الله تعالی سالباً اختیارَ المکلّف بأکملِه فالله هو الأولی و المعیّن بتعذیر.

ولهذا قد سارَت هذه الصحیحة مسارَ قاعدة الغلبة، فإنّها تُعد حاکمةً علی أدلة القضاء مُفسّرةً لمفهوم الفوت بأنّ القضاء یتوجّب في الفوت التفریطيّ لا مجرد الفوت، فبالتالي، لو بادرَ المکلّف نحوَ المقدمات بلا بَطالةٍ و رغم ذلک لم یُدرک الصلاةَ فلا قضاءَ علیه إذ ضیقُ الوقت من حصص قاعدة الغلبة فإنه مسلوب الاختیار حینَ الأداء، ولم یصدُق الفوتُ التفریطيّ أیضاً.

وعلی امتدادِه لو أمکنَ الحائضَ أن تَتطهّرَ بإحدی الطّهارتین لَتَوجّب الأداء لأنها قادرةٌ علی المبادرةِ و الامتثال، بینما لو فقدتِ الطهارتین إطلاقاً فلا أداء و لا قضاء أساساً نظراً لقاعدة الغلبة، و لا غروَ في استنتاجِنا لهذا الناتِج إذ الإمام الصادق علیه السلام قد صرّح –حول قاعدة الغلبة- بأن هذا من الأبواب التي یُفتَح منها ألف باب، وکذا قد صرّح: ألا أخبرک بشیئ یجمع لک هذه الأشیاء کلّها کلّ ما غلب الله فالله أولی بالعذر، بل نَترقّی لنقولَ بأن القاعدةَ تُعدّ حاکمةً علی دلیل: الصلاةُ لا تُترک بحالٍ، إذ لو افترضنا أنّه من نمط الروایات أولاً، لأجبنا عنه بأنّ المغلوب قد سُلِبَ منه الاختیار بالکامل وقد عذّره الشارع عن القضاء فلا یَصدُق علی المغلوب بأنّه قد ترکَ الصلاةَ کي یؤمَرَ المغلوبُ بأنّ الصلاةَ لا تُترکُ بحال، بل القاعدة قد فسّرت و ضیّقت من نطاقِ معنی "الحال".

-------------------
[1] موسوعة الإمام الخوئي، ج‌7، ص: 448‌ و 449
[2] الوسائل 2: 361/ أبواب الحيض ب 49 ح 1.
[3] الوسائل 2: 364/ أبواب الحيض ب 49 ح 8.

الملصقات :


نظری ثبت نشده است .