درس بعد

صلاة القضاء

درس قبل

صلاة القضاء

درس بعد

درس قبل

موضوع: صلاة القضاء


تاریخ جلسه : ١٤٠٢/٨/٢٨


شماره جلسه : ۳۰

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • عودٌ علی بدءٍ بضمّ نقدٍ

  • وقفةٌ لدراسة حدیث «رُفِع القلمُ»

  • مواجهة السید الخوئيّ لحدیث رفع القلم

  • صیانةٌ لمقالة المحقق النراقيّ

  • نقطةٌ أخری حول المجنون

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

عودٌ علی بدءٍ بضمّ نقدٍ
لقد تحدّث تحریرُ الوسیلة حول الصبيّ و المجنون بأنه:

لايجب قضاء ما تركه الصبيّ‌ في زمان صباه، والمجنون في حال جنونه، والمغمىٰ‌ عليه إذا لم يكن إغماؤه بفعله، وإلّا فيقضي على الأحوط.[1]

فالمجنون لو أفاق ببرکة تطوّر العلم الحدیث أو شوفي تماماً لما تکلّف بالتکالیف الماضیة، وقد استدلّ صاحب مفتاح الکرامة لعدم وجوب القضاء بضرورة الدین، قائلاً:

قوله (الشرائع) قدس اللّٰه تعالى روحَه: فلا قضاء على الصغير و المجنون. بالضرورة من الدين كما في المفاتيح و بإجماع المسلمين كما في المدارك و بإجماع العلماء كما نقل عن المنتهى و بالإجماع كما في التذكرة و العزية و إرشاد الجعفرية و الروض و الدرة و المعتبر على الظاهر منه و يجب تقييده بكون سبب الجنون ليس من فعله و إلا وجب القضاء كالسكران كما في التحرير و الروض و الروضة و المفاتيح و هو اللازم من عبارة المبسوط و المراسم و الغنية و الإشارة و السرائر كما ستسمع في المغمى عليه، وفي الغنية: الإجماع، و قال في الذكرى: لو زال عقل المكلف بشيء من قبله فصار مجنونا أو سكر فغُطيَ عقلُه أو أغمي عليه بفعلٍ فعلَه وجب القضاء و أفتى به الأصحاب.[2]

فعقیب مشاهدة هذه التنصیصات السامیة، سنَستغني عن الاستدلال لعدم وجوب القضاء.

نعم ثمةَ نقاشٌ بین الأعلام:

1. هل إنکار الحکم الضروريّ یستتبع الکفرَ أو أن تکفیرَه متفرّع علی سرایة الإنکار إلی تکذیب المعصوم ملتفتاً؟

2. هل یمتاز ضروري الدین عن ضروري المذهب أم لا؟ و ما هي شُعب و مصادیق الضروریات، وقد بسطنا الحوار ضمن کتاب الحج مُعنوَناً ب: إنکار الضروريّ.

3. هل هناک انفکاک ما بین شُعب و أقسام الضروریات، إذ ربما نقول بأن ضروري الدین هو أصل المسألة کأصل وجوب الصلاة و لکن استنکارَ متفرّعاته کوجوب قضائه أو رفض وجوب بعض أجزائه المسلّمة، فلا یُعدّ مستنکِفاً و لا کافراً لضروريّ الدین، و ذلک نظراً إلی أن الارتداد یتفرّع علی إنکار أصل العمل المسلّم، فاستِنکافُ الفرعیّات أو أجزاء العمل لا یستتبع الارتدادَ، و خاصةً أن رفض فروعات الموضوع لا یسرُبُ ولا یتعدّی إلی إنکار مقالة المعصوم علیه السلام.

أجل کلُ مقولة أفضَت إلی تکذیب المعصوم فهو یُخرج المرءَ عن الدین و یُدرجه ضمن الارتداد وفقاً لتصریحات السیديِّ الخوئي و الخمیني.

وقفةٌ لدراسة حدیث "رُفِع القلمُ"
هل یُسمح للفقیه أن یَعتصم بدلیل: رُفع القلم عن الصبي حتی یحتلم و عن المجنون حتی یُفیقَ و عن النائم حتی یَستیقظ. لکي یَحذف وجوب القضاء عن الصبيّ؟

لقد سرَد المحقق الهمداني[3] عن المحقق النراقيّ ضمن المفاتیح، بأنه لا یُتاح لنا اتّخاذ الحدیث المذکور مستمسکاً لنفي القضاء، لأن ظاهره أنه یُزیح وجوبَ الأداء فحسب (لا القضاء) فإن القلم یعني قلمُ التکلیف الأدائيِّ فلم یتعرّض الحدیث إلی حکم القضاء أساساً، و یدعم ذلک أنه قد رُفع القلم عن النائم حتی یستیقِظَ، بینما قد توجّب علیه التکلیف الأدائيّ و القضائيّ حتماً، إذن فالحدیث یتحدّث حول الأداء، و یبدو أن المحقق الهمدانيّ لم یَستحسِن هذه المقولة فعبّر عنها بأنه: هکذا قیل.

 
مواجهة السید الخوئيّ لحدیث رفع القلم
لقد أخرج السید الصبيّ و المجنون بتِقنیّةٍ أخری، قائلاً:

للإجماع على عدم وجوب القضاء على الصبي و المجنون، بل قد عدّ ذلك من ضروريات الدين، و عليه فيستدلّ‌ لسقوط القضاء بالإجماع و الضرورة، و لا يخفى أنّ‌ الأمر و إن كان كذلك (ضروریاً) إذ لم يُعهد من أحد من الأئمة (عليهم السلام) أو غيرهم أمرُ أولادهم بقضاء ما فاتتهم من الصلوات أيّام الصبا، و لا سيما الفائتة منهم في دور الرضاعة، إلّا أنّ‌ ذلك ليس من باب الاستثناء و تخصيص أدلّة وجوب القضاء (اقض ما فات) كي نحتاجَ في المسألة إلى الاستدلال بالإجماع والضرورة.

بل الوجه في ذلك (الاستدلال بأنه ضروريّ الدین) خروجُها عن موضوع دليل القضاء تخصُّصاً و عدم شموله لهما من الأوّل، فإنّ‌ موضوعه كما أُشير إليه في ذيل صحيح زرارة المتقدّم فوتُ الفريضة و لو أنّها كانت كذلك (بأنها فائتة) بالقوة و الشأن لأجل الاقتران بمانع خارجي كالنوم أو النسيان أو الحيض و نحو ذلك: يحول دون بلوغ مرحلة الفعلية، و (لکن) هذا المعنى غيرُ متحقّق في الصبي و المجنون، لعدم أهليتّهما للتكليف (أساساً) و أنّه لم يوضع عليهما قلمُ التشريع (أداءً و قضاءً) من الأوّل، فلم يفتهما شيء أبداً، فلا مقتضي و لا موضوعَ لوجوب القضاء بالإضافة إليهما، بل الحال كذلك حتّى بناءً‌ على تبعية القضاء للأداء و عدم كونه بأمر جديد إذ لا أمر بالأداء في حقّهما كي يستتبع ذلك الأمر بالقضاء كما هو ظاهر.

و بهذا البيان تظهر صحة الاستدلال للحكم المذكور (خروجهما تخصّصاً عن أصل التکلیف) بحديث «رُفع القلم عن الصبي حتّى يحتلم، و عن المجنون حتّى يفيق»[4] و لا يتوجّه عليه ما أورده المحقّق الهمداني قُدّس سرّه، عليه من أنّ‌ الحديث ناظر إلى سقوط التكليف بالأداء (فحسب) حال الصغر و الجنون، و لا يدلّ‌ على نفي القضاء بعد البلوغ و الإفاقة الذي هو محلّ‌ الكلام، و لا ملازمةَ بين الأمرين (رفع قلم تکلیف الأداء و عدم وجوب القضاء) كما في النائم و هو ممّن رفع عنه القلم حتى يستيقظ، حيث يجب عليه القضاء.[5] و ذلك لأنّ‌ الاستدلال (بخروجهما تخصّصاً عن القضاء) إنّما يكون بالمدلول الالتزامي للحديث، فانّ‌ لازم ارتفاع قلم الأداء عن الصبي و المجنون هو عدم فوت شيء منهما، فلم يَبق موضوعٌ لوجوب القضاء. فهذا الحديث بمثابة المخصّص لأدلّة التكاليف الأولية (أقیموا الصلاة و أمثاله) و يكشف (هذا الحدیث) عن اختصاصها (بأن الأدلة الأولیة موجّهة إلی غیر الصبي و المجنون) بغيرهما، فحيث لا تكليف لهما فلا فوت أيضاً. فالاستدلال بالحديث في محلّه. [6]

صیانةٌ لمقالة المحقق النراقيّ
و نعلّق علی مقالة السید الخوئيّ صوناً لمقالة المحقق النراقيّ بأنه لو لاحظنا إطلاقاتِ الأدلة: أقیموا الصلاة و أتموا الصیام و... لألفیناها ظاهرةً و منحصرةً بالبالِغینَ، فتُصبح أدلةُ رفع القلم مُخصّصةً لکافة الأدلة الأولیة و هذا صائب لا شائبة فیه، إلا دلیل رفع القلم، یتمتّع بالإطلاق أعني: أنه قد رفع قلم التشریع الأدائي و القضائيّ بالدلالة المطابقیة الإطلاقیة، فلا نلتجأ إلی الدلالة الالتزامیة، مضاداً لمُعتقد الشیخ الأعظم بأنه رفع قلم المؤاخذة و خلافاً للآخوند أیضاً بأنه رفع جمیع الآثار، بل الصواب إطلاق السید الخوئيّ بأنه رفع قلم التشریع المستوعب لارتفاع الحکم الأدائي و القضائيّ معاً، ولکن بالدلالة المطابقیة لا الالتزامیة بنحو العلة و المعلول: لا فوت فلا قضاء.

بل إن المحقّق النراقي یعتقد بأن الرابطة بین الحکم و الموضوع هي علیة و معلولیة اعتباریة فإن الشارع ربما اعتبر الفوت للصبيّ و لکن قد محی عنه القضاء، عکساً للنائم حیث اعتبر له الفوتَ و القضاءَ معاً. إذن فصیاغة رفع القلم تعدّ صیاغةً إطلاقیة وسیعة تحتوي التشریع الأدائي و القضائيّ إلا أن هناک روایاتٍ قد خصّصتها بوجوب قضاء النائم.

بل نترقّی و نقول بأنه وفقاً للخطابات القانونیة یعد الصبي مکلّفاً أیضاً (فیصح الفوت في حقه) لأنها قد أسّست قانوناً بنحو القضیة الحقیقیة لا للمکلّفین فحسب، بل لقاطبة الأنام في أيّة بُرهة من الزمان، حیث لاحظت أن الدین أبديّ ونهائيٌّ فخاطبت کافة البشر کالصبي و المجنون أیضاً، و نظراً لهذه الخطابات لا تنطرح مسألةُ توجّه الخطاب للحاضرین فقط أم للغائبین أیضاً.

نقطةٌ أخری حول المجنون
إن کافة المعطیات الماضیة قد تحدّثت حول المجنون الذي قد جُنّ تلقائیاً کما لو ضرب ضرباً علی مخّه، و لکن لو جُنّ من قِبل نفسه کابتلاع الحبوب مثلاً، فإن هذا النمط من الجنون یعدّ عارضياً و اختیاریاً، فیندرج ضمن عمومات القضاء، و ذلک وفقاً لتصریح مفتاح الکرامة، قائلاً:

و قد يقال: إن تردد الذخيرة في محله فيما إذا لم يكن له تقصير فيه لأنه المتبادر من الدليل و لعدم الفرق بينه و بين ما إذا لم يكن من فعله أصلا لأن الجنون العارض قلما يكون بغير مدخلية فعله لأن مقتضى الطبيعة استواء الخلقة لو خليت و طبعها فليتأمل جيدا و أما ما كان بتقصير منه فإنه يطلق عليه عرفا أنه فوت الصلاة أو فاتته فيدخل تحت العمومات للفرق بين عدم طلب الشيء كالصلاة قبل دخول وقتها و الصلاة من الصغير و طلبه من المكلف إلا أنه لا يمكن تحقق المطلوب منه لنوم أو سكر فإنه يصدق في الثاني الفوات دون الأول لأنه يصدق عليه أنه فوت هذه الفريضة و الفضيلة العظيمة على نفسه و ليس هو أمر غلب اللّٰه عليه فيكون مسقطا لقوله عليه السلام في الصحيح ما غلب اللّٰه عليه فهو أولى بالعذر إذ مفهوم العلة يقتضي القضاء إذا كان بفعل المكلف مع أنه مع انتفاء العلة يدخل في عموم من فاتته و أيضا يظهر منه أن الأصل في الإخلال بالفريضة ثبوت القضاء و التدارك إلا أن يكون اللّٰه سبحانه غلب عليه و أن الأصل في كل ما غلب اللّٰه تعالى عليه عدم وجوب القضاء و هو أوفق بالاعتبار و لهذا قيد الفقهاء الإغماء المسقط و الجنون بما إذا لم يكن من فعله كما ستسمع و بهذا كله يندفع ما ذكره شيخنا الفاضل في الرياض من أن شمول عموم ما دل على قضاء الفائتة لما نحن فيه غير معلوم إذ موضوعه من صدق عليه الفوت و ليس إلا من طولب بالأداء و هذا و المغمى عليه من قبل نفسه غير مطالب به أصلا فلا يصدق الفوت كما لا يصدق على الصغير و المجنون انتهى و أنت قد عرفت الحال فالراجح في النظر أن الجنون العارض بعد التكليف بتقصير منه من قبيل الثاني و كيف كان فلا ريب في أن و المغمى عليه الأحوط القضاء و إن لم يكن مقصرا وفاقا للأصحاب في ظاهرهم و قد تقدم في مباحث الأوقات تمام الكلام في المقام [7]

--------------------
[1] مشکینی اردبیلی، علی. محقق حیدر وائلی, و مرتضی سید ابراهیمی. نويسنده خمینی‌, روح الله، رهبر انقلاب و بنیان گذار جمهوری اسلامی ایران. ، التعليقة الاستدلالية علی تحرير الوسيلة (مشکینی)، جلد: ۱، صفحه: ۴۳۶، 1390 ه.ش.، قم - ایران، مؤسسه علمی فرهنگی دار الحديث. سازمان چاپ و نشر
[2] مفتاح الکرامة في شرح قواعد العلامة (ط. القدیمة)، جلد: ۳، صفحه: ۳۷۷، ، بیروت - لبنان، دار إحياء التراث العربي
[3] مصباح الفقیه ج15 ص 379
[4] الوسائل ٤٥:١ /أبواب مقدمة العبادات ب ٤ ح ١١.
[5] مصباح الفقيه (الصلاة): ٥٩٨ السطر ٣١ مع الهامش.
[6] خوئی، سید ابوالقاسم. ، موسوعة الإمام الخوئي، جلد: ۱۶، صفحه: ۸۵، 1418 ه.ق.، قم - ایران، مؤسسة إحياء آثار الامام الخوئي
[7] مفتاح الکرامة في شرح قواعد العلامة (ط. القدیمة)، جلد: ۳، صفحه: ۳۷۷، ، بیروت - لبنان، دار إحياء التراث العربي



الملصقات :


نظری ثبت نشده است .