درس بعد

صلاة القضاء

درس قبل

صلاة القضاء

درس بعد

درس قبل

موضوع: صلاة القضاء


تاریخ جلسه : ١٤٠٢/٨/١٦


شماره جلسه : ۲۴

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • حمایةٌ عن المحقق النائینيّ حول التنافي

  • نکتةٌ هامةٌ حول الحسنة

  • المانع الثالث من اندارج الجاهل ضمن حدیث لا تعاد

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

حمایةٌ عن المحقق النائینيّ حول التنافي
لقد استحصلنا من المعطیات الماضیة أن المحقق النائینيّ (في الوجه الثاني) قد رفض حکومة حدیث لا تعاد، علی الحسنة، مستنتجاً التعارض المستقرّ ما بینهما، مستدلّاً له باتحاد اللسانین: أعد و لا تعد، و باتحاد الموضوعین أیضاً و هو الجهل، فبالتالي، قد خصّ الحدیث بالناسي و أخرج الجاهل لکي لا یُواجه إشکالَ التعارض المستقرّ.

و نحن أیضاً نُسایر مع المحقق النائینيّ في هذه النقطة إذ التنافي مُتجلٍّ أکیداً، فکما أن التعارض یقع بین التکلفیّین المولویّین، یقع أیضاً بین الإرشادیین، بینما لو صار أحدهما إرشادیاً فلا یتکوّن التعارض، و سرّه أن سنخ التعارض عبارة عن التنافي ضمن مقام الجعل الشرعيّ (لا العقليّ) حتی في جعل الإرشادیات الشرعیة، فإن سنخ الاعتباریات المجعولة مُؤهّلٌ للتعارض و التصادم کأن یشترطَ دلیلٌ جزئیة السورة و یزیلُ دلیل آخر هذا الاشتراطَ، فیقع التصادم بینهما، إذن فالتعارض یتعلّق بالإرشادیین و بالمولویین، و بالتالي، إن مُتّجه المحقق النائینيّ الذي قد أوقع الاصطدام بین الإرشادیین، رافضاً للحکومة، هو الصائب السائد.

نعم لو أرشد المولی نحوَ أمرین عقليّین فلا یتحقّق التعارض في الأحکام العقلیة أساساً، إذ مِیزة العقل هي أنه لا یُؤسّس جعلین متضاربین.

نکتةٌ هامةٌ حول الحسنة
لقد حان الآن وقتُ الإمعان في أن الحسنة قد تحدّثت حول العالم بالموضوع حتماً (عن رَجُلٍ‌ أَصَابَ‌ ثَوْبَهُ‌ جَنَابَةٌ‌ أَوْ دَمٌ‌، فقد علم بالموضوع) إلا أن التسائل هو حول جهله بالحکم أم نسیانه للحکم! فالمحقق النائیني حیث قد حصر موضوع الحسنة في الجاهل، فواجه معضلةَ التعارض المستقرّ مع حدیث لا تعاد (الشامل للجاهل أیضاً)[1] لأنه قد لاحظ عبارة: إن کان علم، و إن لم یعلم، فخصّه بالجاهل: قَالَ‌ إِنْ‌ كَانَ‌ عَلِمَ‌ أَنَّهُ‌ أَصَابَ‌ ثَوْبَهُ‌ جَنَابَةٌ‌ قَبْلَ‌ أَنْ‌ يُصَلِّيَ‌ ثُمَّ‌ صَلَّى فِيهِ‌ (أي عالماً بالموضوع و جاهلاً بالحکم) وَ لَمْ‌ يَغْسِلْهُ‌ فَعَلَيْهِ‌ أَنْ‌ يُعِيدَ مَا صَلَّى.

إلا أن نسخة الشیخ الصدوق لم تطرَح عبارة: وَ إِنْ‌ كَانَ‌ لَمْ‌ يَعْلَمْ‌ بِهِ‌ فَلَيْسَ‌ عَلَيْهِ‌ إِعَادَةٌ‌. و عدم ذکره لا یقدح بالمراد إذ مفهوم الشرط یُغنینا عن ذلک.

و نلاحظ علی المحقق بأن الروایة لا تتحدّث حول الجهل بل تبدو جلیةً أنها تُبرِز حکم الناسي، إذ قد ورد: ثم صلی فیه و لم یغسله. مما یدلّل علی أن الرجل قد عرف النجاسةَ مسبقاً بالنجاسة ثم ذهل و نسي و لم یغسله، و هذا النمط من التحدّث شائع و شاسع لدی المتعارِف، و بالتالي فإن العلم بالموضوع و الجهل بالحکم یعدّ نادراً ضمن أوساط المتشرّعة (و أما نسیان فرائج) و لهذا فنعتقد بأن الحسنة تتلائم مع النسیان وفقاً للمؤشِّرات الماضیة.

و أما حدیث لا تعاد فإن القدر المتیقّن فیه هو الناسي أیضاً (نظیر الحسنة) بلا شجار، و إنما النقاش حول انضمام الجاهل ضمن الحدیث، وحیث إن الحدیث یحتوي علی حکم الناسي أیضاً فسوف یتم حمل عبارة: علیه أن یعید. علی استحباب الإعادة وفقاً للصناعة الأصولیة لدی اتحاد موضوع الدلیلین و اختلافهما في الحکم، إذ کلمة: لا تعاد ناصة في جوز ترک الإعادة بینما کلمة: أعد، أمرُ ظاهر في الوجوب فیُحمل الظاهر علی النص (أو الأظهر) و نستنبط الاستحباب.

و دعماً و تصویتاً لمُعتقدِنا، نذکر العدید من الأصحاب الذین قد اتّجهوا اتّجاهنا أیضاً، فقد عثرنا علی الشیخ التقي الآملي ضمن مصباح الهدی و کذا الشیخ المرتضی الحائريّ، و...

نعم من لم یعلم بالموضوع و الحکم فلا یستحب له الإعادة (إذ لم یندرج هذا الفرض ضمن الروایة) و لکن لو عرف الموضوع فنسي الحکم لاستَحبت الإعادة في حقه.[2]

فرغم أنه قد ورد: إن کان علم و لم یعلم، فیقابل الجاهل إلا أن الظاهر عدم العلم یشمل الجاهل و الناسي أیضاً إذ یصدق أن الجاهل بالموضوع العالم بالحکم قد نسيَ و لم یغسله.[3]

المانع الثالث من اندارج الجاهل ضمن حدیث لا تعاد
لقد صرّح المحقق النائیني بالمانع الثالث في احتواء الحدیث للجاهل، فقال:

الثالث: أنّ‌ الطهور الذي هو من الخمسة المعادة منها الصلاة إما أن يكون أعم من الطهارة الحدثية و الخبثية (فعلیه الإعادة لأنه مندرج ضمن الاستثناء) و إما أن يكون مجملاً (إذ القرینة المتصلة تسبب الإجمال) لا يدرى أنه يختص بالطهارة الحدثية أو يعم الخبثية أيضاً، و على كلا الفرضين لا يمكن التمسك به في الحكم بعدم وجوب الإعادة على الجاهل (لإطلاق الأدلة المانعیة تجاه الخبثیة في الجهل بالحکم، فلا تعاد لا یحتوي الجهل علی کل حال). 

أما بناء على أنه أعم فلأجل أن صلاة الجاهل فاقدة لطهارة الثوب أو البدن و الإخلال بالطهارة الخبثية مما تعاد منه الصلاة. و أما بناء على إجماله فلأجل كفاية الإجمال في الحكم بوجوب الإعادة على الجاهل بالحكم أو بالاشتراط، و ذلك لأن إجمال المخصص المتصل كالطهور يسرى إلى العام كقوله «لا تعاد» و يسقطه عن الحجية في مورد الإجمال، و معه لا دليل على عدم وجوب الإعادة في مفروض الكلام. و مقتضى إطلاقات مانعيّة النجاسة في الثوب و البدن بطلان صلاة الجاهل القاصر و وجوب الإعادة عليه. [4]

و هذا الوجه و إن كان أمتن الوجوه التي قيل أو يمكن أن يقال في المقام إلّا أنه أيضاً مما لا يمكن المساعدة عليه (فلا یشمل النجاسة الخبثیة)، و ذلك لأنّ‌ الطهور حسبما ذكرناه في أوائل الكتاب من أنه بمعنى ما يتطهر به نظير الوقود و الفطور و السحور و غيرهما مما هو بمعنى ما يحصل به المبدأ، و قد يستعمل بمعنى آخر أيضاً و إن كان أعم حيث إن ما يحصل به الطهارة و هو الماء و التراب غير مقيد بطهارة دون طهارة و بالحدثية دون الخبثية، إلّا أن في الحديث قرينة تدلنا على أن المراد بالطهور خصوص ما يتطهر به من الحدث فلا تشمل الطهارة الخبثية بوجه. 

بيان تلك القرينة: أن ذيل الحديث دلّنا على عدم ركنية غير الخمسة في الصلاة، حيث بيّن أن القراءة و التشهّد و التكبير سنّة[5] (و السنة أي النجاسة الخبثیة لا تَنقض و لا تهدم الفریضة الصلاتیة فلا تعاد الصلاة لناسي النجاسة) ثم إنّ‌ الخمسة المذكورة في الحديث هي بعينها الخمسة التي ذكرها اللّٰه سبحانه في الكتاب و قد أشار إلى الركوع بقوله عزّ من قائل وَ أَقِيمُوا الصَّلاٰةَ‌ وَ آتُوا الزَّكٰاةَ‌ وَ ارْكَعُوا مَعَ‌ الرّٰاكِعِينَ‌[6] و في قوله يٰا مَرْيَمُ‌ اقْنُتِي لِرَبِّكِ‌ وَ اسْجُدِي وَ ارْكَعِي مَعَ‌ الرّٰاكِعِينَ‌[7] و في غيرهما من الآيات. و أشار إلى السجود بقوله فَسَبِّحْ‌ بِحَمْدِ رَبِّكَ‌ وَ كُنْ‌ مِنَ‌ السّٰاجِدِينَ‌[8] و في قوله يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ‌ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا وَ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ‌[9] و في قوله يٰا مَرْيَمُ‌ اقْنُتِي لِرَبِّكِ‌ وَ اسْجُدِي وَ ارْكَعِي[10] و غيرها من الآيات، و إلى القبلة أشار بقوله فَلَنُوَلِّيَنَّكَ‌ قِبْلَةً‌ تَرْضٰاهٰا فَوَلِّ‌ وَجْهَكَ‌ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرٰامِ‌[11] و بقوله وَ مِنْ‌ حَيْثُ‌ خَرَجْتَ‌ فَوَلِّ‌ وَجْهَكَ‌ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرٰامِ‌[12] و غيرهما. و أشار إلى الوقت بقوله أَقِمِ‌ الصَّلاٰةَ‌ لِدُلُوكِ‌ الشَّمْسِ‌ إِلىٰ‌ غَسَقِ‌ اللَّيْلِ‌ وَ قُرْآنَ‌ الْفَجْرِ إِنَّ‌ قُرْآنَ‌ الْفَجْرِ كٰانَ‌ مَشْهُوداً[13] و إلى اعتبار الطهارة الحدثية من الغسل و الوضوء و التيمم أشار بقوله يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ‌ آمَنُوا إِذٰا قُمْتُمْ‌ إِلَى الصَّلاٰةِ‌ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ‌ وَ أَيْدِيَكُمْ‌ إِلَى الْمَرٰافِقِ‌ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ‌ وَ أَرْجُلَكُمْ‌ إِلَى الْكَعْبَيْنِ‌ وَ إِنْ‌ كُنْتُمْ‌ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَ إِنْ‌ كُنْتُمْ‌ مَرْضىٰ‌ أَوْ عَلىٰ‌ سَفَرٍ أَوْ جٰاءَ‌ أَحَدٌ مِنْكُمْ‌ مِنَ‌ الْغٰائِطِ أَوْ لاٰمَسْتُمُ‌ النِّسٰاءَ‌ فَلَمْ‌ تَجِدُوا مٰاءً‌ فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّبا.

و بذلك يظهر أن الحديث إنما يشير إلى تلك الخمسة التي ذكرها اللّٰه سبحانه في الكتاب، و الذي ذكره سبحانه إنما هو خصوص الطهارة من الحدث أعني الغسل و الوضوء و التيمم و ليس من الطهارة الخبثية ذكر في الكتاب، فاذا ضممنا إلى ذلك ما استفدناه من ذيل الحديث، فلا محالة ينتج أن الطهور في الحديث إنما هو بمعنى ما يتطهر به من الحدث، و أما الطهارة من الخبث فليست من الأركان التي تبطل الصلاة بالإخلال بها مطلقاً كما هو الحال في الخمسة المذكورة في الحديث (فالحدیث لا یشمل الخبثیة لکي یعیدها الناسي فتدخل النجاسة الخبثیة في المستثنی منه). و لعل ما ذكرناه هو الوجه فيما سلكه المشهور من أصحابنا حيث خصوا الحديث بالطهارة من الحدث مع عمومه في نفسه.

و مما يدلنا على أن الطهارة من الخبث ليست كالطهارة الحدثية من مقومات الصلاة حتى تبطل بفواتها، أنه لا إشكال في صحة الصلاة الواقعة في النجس في بعض الموارد و لو مع العلم به كموارد الاضطرار و عدم التمكن من استعمال الماء، و كذلك الأخبار الواردة في صحة الصلاة في النجس في الشبهات الموضوعية كما نوافيك عن قريب حيث إنها لو كانت مقومة للصلاة كالخمسة المذكورة في الحديث لم يكن للحكم بصحة الصلاة مع الإخلال بها وجه صحيح. و كيف كان، فما ذكرناه من القرينة مؤيداً بما فهمه المشهور من الحديث كاف في إثبات المدعى، و عليه فالحديث يعم الجاهل القاصر و الناسي كليهما و تخصيصه بالناسي تخصيص بلا وجه. [14]

-------------------
[1] و لهذا التجأ المحقق النائینيّ إلی حصر موضوع حدیث لاتعاد في الناسي لکي لا یعارض الحسنة المتحدّثة حول الجاهل.
[2] و هذا الجمع الحکمي یتم لو اتحد موضوع الحدیث و الحسنة، بینما لو قلنا بأن موضوع الحدیث أعم من الجاهل و الناسي و أن الحسنة تخص الناسي فقط، لتشکّلت نسبة العام و الخاص بینهما، فیخرج موضوع الناسي عن عدم وجوب الإعادة فیتحتّم علیه الإعادة لأنه أخص من حدیث لا تعاد، فلا یصح کلام الأستاذ، و خاصةً أن القدر المتیقن في الحدیث هو النسیان (حتی لدی المحقق النائینيّ أیضاً) فلا یُمکن للخاص (الحسنة) أن یُخرج القدر المتیقن و هو الناسي من وجوب الإعادة و یحکم باستحبابها بل إن استثناء لا تعاد قد استوجب الإعادة للناسي حتماً فلا یتخصّص الحدیث.
[3] و مما یدعم تفسیر الأستاذ هي روایة زُرَارَةَ‌ قَالَ‌: قُلْتُ‌ أَصَابَ‌ ثَوْبِي دَمُ‌ رُعَافٍ‌ أَوْ غَيْرِهِ‌ أَوْ شَيْ‌ءٌ‌ مِنْ‌ مَنِيٍّ‌ فَعَلَّمْتُ‌ أَثَرَهُ‌ إِلَى أَنْ‌ أُصِيبَ‌ لَهُ‌ الْمَاءَ‌ فَأَصَبْتُ‌ وَ حَضَرَتِ‌ الصَّلاَةُ‌ وَ نَسِيتُ‌ أَنَّ‌ بِثَوْبِي شَيْئاً وَ صَلَّيْتُ‌ ثُمَّ‌ إِنِّي ذَكَرْتُ‌ بَعْدَ ذَلِكَ‌ قَالَ‌ تُعِيدُ الصَّلاَةَ‌ وَ تَغْسِلُه
[4] خوئی، سید ابوالقاسم. ، موسوعة الإمام الخوئي، جلد: ۳، صفحه: ۳۲۱، 1418 ه.ق.، قم - ایران، مؤسسة إحياء آثار الامام الخوئي
[5] الوسائل ٤٧١:٥ /أبواب أفعال الصلاة ب ١ ح ١٤.
[6] البقرة ٤٣:٢.
[7] آل عمران ٤٣:٣.
[8] الحجر ٩٨:١٥.
[9] الحج ٧٧:٢٢.
[10] آل عمران ٤٣:٣.
[11] البقرة ١٤٤:٢.
[12] البقرة ١٤٩:٢.
[13] الإسراء ٧٨:١٧.
[14] خوئی، سید ابوالقاسم. ، موسوعة الإمام الخوئي، جلد: ۳، صفحه: ۳۲۳، 1418 ه.ق.، قم - ایران، مؤسسة إحياء آثار الامام الخوئي.


الملصقات :


نظری ثبت نشده است .